العاصفة الرملية تمثل أول اختبار لانعكاسات الحظر الجوي في سوريا على تقدم المعارضة

40

مدير المرصد السوري طالب بإنشاء «منطقة آمنة» في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام بشارالأسد

شكلت العاصفة الرملية التي ضربت سوريا خلال الأيام الماضية، أول اختبار لنتائج الحظر الجوي على الميدان السوري في حال تحققه، إذ حيّدت الظروف المناخية، سلاح الجو النظامي من المعركة، ما أدى إلى سيطرة قوات المعارضة على مطار أبو الظهور العسكري في ريف محافظة إدلب الشرقي في شمال سوريا، وذلك نظرًا لـ«عجز قوات النظام عن صد الهجمات في حالات الالتحام الميداني، من دون غطاء جوي»، كما قال معارضون.
وفي حين لم يشر نظام الرئيس السوري بشار الأسد صراحة إلى تحييد سلاح الجو، بفعل العاصفة الرملية، عن المشاركة في المعركة العسكرية ضد قوات المعارضة، تكفل محللون موالون له بالإشارة إلى أن سقوط المطار، أسهمت فيه العاصفة التي منعت سلاح الجو من المشاركة، ما أدى إلى سقوط المطار بأيدي قوات المعارضة. وتشير الواقعة، بحسب مصادر المعارضة السورية، إلى «تضعضع القوة المقاتلة في صفوف القوات النظامية، وفقدان الحاضنة الشعبية لها في مناطق واسعة»، بدليل «عجز قوات النظام عن الانسحاب، إذ لم يسجل وصول أي من الجنود الذين كانوا يرابطون في المطار، إلى مناطق سيطرته»، بحسب ما قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط».
وأوضح عبد الرحمن أن النظام «بات عاجزًا عن الاستمرار بمعاركه من غير سلاح الجو، باستثناء مناطق نفوذه في الساحل ودمشق، حيث يتمتع بحاضنة شعبية واسعة، ويمتلك قوات مدربة وقادرة على خوض المعارك». وأشار إلى أن سلاح الجو «انحسر استخدامه إلى حد كبير في أيام العاصفة، حيث لم تسجل طلعات إلا قليلاً في الغوطة الشرقية ودرعا واللاذقية».
وتمثل العاصفة، اختبارًا لما ستكون عليه الأمور في حال فرضت منطقة حظر جوي، تطالب المعارضة المجتمع الدولي بتطبيقها منذ ثلاث سنوات. وقال خالد الناصر، عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف الوطني السوري» المعارض لـ«الشرق الأوسط» إن «حسابات الدول هي المعوّق الأساسي لقيام هذه المنطقة، وليس هناك أي سبب آخر يمنع قيامها»، مشيرًا إلى أن الحسابات الدولية نفسها «تمنع المعارضة أيضًا من امتلاك رشاشات ثقيلة ومضادات للطائرات من شأنها تعديل موازين القوى»، وأردف «لو فرضت منطقة حظر جوي، لكانت الأمور حُسِمت منذ وقت طويل لصالح المعارضة».
كذلك ذكر الناصر أن «الطرف الدولي الغربي الصديق للشعب السوري، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية، هي من يعرقل قيام منطقة حظر جوي بالدرجة الأولى، على ضوء حسابات سياسية دولية». وعن تطمينات حاولت المعارضة تقديمها للغرب بشأن تطبيق هذه المنطقة، أسوة بليبيا، قال الناصر «لقد قدمنا كل التطمينات المطلوبة، كما قدمنا ضمانات بأن هذه الأسلحة لن يكون من الممكن أن تتسرب لأيدي منظمات إرهابية، لكن لم يغير ذلك أي شيء.. المسؤولية أولا وأخيرًا تقع على عاتق الأميركيين، فقد سلحوا الجيش العراقي في وقت سابق، وذهبت كل الأسلحة إلى أيدي (داعش) بعد سيطرته على الموصل.. لذلك، عليهم هم أن يكونوا واعين لمن تذهب الأسلحة الاستراتيجية أو النوعية».
في هذا الصدد، طالب رامي عبد الرحمن، بإنشاء «منطقة آمنة» في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام: «لا يوجد فيها مسلحون موالون أو معارضون، وتضم مدنيين حصرًا، وتجري حمايتها من الغارات الجوية والصواريخ»، وتابع: «لا مانع من مشاركة روسيا بها، بغرض تفعيل منطقة الأمان، وحمايتها من الخروقات». أما الناصر فقال إن قضية سقوط مطار أبو الظهور العسكري «تعد أبرز مثال على فاعلية الحظر الجوي التي ستؤدي حكمًا إلى إسقاط النظام»، موضحًا أن «قوى الجيش النظامي، وصلت إلى أدنى حدودها، وبات عددها أقل من 25 في المائة مما كانت عليه، وهو دليل على أن القاعدة العسكرية تضعضعت، ولا يمكن حمايتها إلا بالإسناد الجوي والتغطية الجوية، وبمجرد حجبها فإن النظام سيسقط». وقال إن قوات النظام «ورغم الدعم من المقاتلين الأجانب وسلاح الطيران، تخسر، بدليل سقوط أريحا وإدلب وأخيرًا مطار أبو الظهور، وقرب سقوط مدينة دير الزور إثر هجوم داعش».
وكان تنظيم داعش، بالموازاة، أطلق هجومًا على مطار دير الزور العسكري، مستغلاً تحييد العاصفة الرملية لسلاح الجو السوري، إضافة إلى تقدمه وسيطرته على قرية جزل وحقل النفط فيها، قبل أن تستعيد القوات النظامية أول من أمس الحقل النفطي، بحسب ما أفاد ناشطون.

 

نذير رضا

المصدر : الشرق الاوسط