روسيا تشن أولى غاراتها في سورية وتشكيك غربي بأهدافها

22

عواصم – دخلت روسيا أمس على خط النار في سورية بعد شن طائراتها بالتعاون مع الطيران الحربي السوري أولى ضرباتها الجوية ضد مواقع قالت إنها تابعة لتنظيم “داعش”، الأمر الذي شكك فيه الغرب، فيما سارعت الولايات المتحدة إلى التأكيد أن الضربات الروسية لا تستهدف التنظيم المتطرف، قبل أن يدعو البيت الأبيض إلى “التريث قبل الحكم”.
وأعلن التلفزيون السوري الرسمي ان القصف الروسي استهدف “أوكار مسلحي داعش” في مناطق عدة في محافظتي حماة وحمص”.
وقال مصدر امني “شنت طائرات روسية وسورية ضربات جوية عدة الأربعاء، استهدفت مواقع للإرهابيين في محافظتي حماة وحمص (وسط)”.
وأوضح أن الضربات الجوية التي استهدفت محافظة اللاذقية (غرب) شنها الطيران السوري وليس الروسي، كما اعلن في وقت سابق، ولكن بمساعدة من الطيران الروسي في عملية “تحديد الأهداف”.
وحقق القصف الجوي وفق المصدر “نتائج مباشرة وإصابة دقيقة للأهداف” من دون تحديد حصيلة القتلى، مضيفا “سبق هذه الغارات طلعات لطيران الاستطلاع (فوق المناطق المستهدفة) عبر طائرات من دون طيار، روسية الصنع”.
وأوضح مصدر عسكري في دمشق انه ما من حصيلة لقتلى الضربات الجوية الروسية، مضيفا “نحاول إحصاء القتلى لكن الأكيد ان هناك عددا كبيرا من القتلى وتحديدا في صفوف متزعمي الإرهابيين في الضربات التي استهدفت مقرات لتنظيم داعش”.
ونقل التلفزيون الرسمي السوري من جهته عن مصدر عسكري انه “تنفيذا للاتفاق بين سورية وروسيا لمواجهة الأرهاب الدولي والقضاء على تنظيم داعش وبالتعاون مع القوى الجوية، نفذ الطيران الروسي اليوم (الأربعاء) عدة ضربات جوية استهدفت أوكار إرهابيي داعش”.
وأشار إلى أن هذه الضربات استهدفت مناطق الرستن وتلبيسة والزعفرانة ودير فول الواقعة في محافظة حمص، ومناطق تلول الحمر وعيدون ومحيط السلمية في محافظة حماة.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان اعلن ظهر أمس مقتل 27 مدنيا في قصف جوي استهدف مدينتي الرستن وتلبيسة بالإضافة إلى بلدة الزعفرانة في ريف حمص الشمالي.
وتسيطر جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سورية) على معظم المناطق التي استهدفها القصف الروسي في محافظة حمص،حيث تسيطر قوات النظام على مدينة حمص مركز المحافظة باستثناء حي الوعر، وعلى مناطق أخرى في المحافظة، فيما يسيطر تنظيم الدولة الاسلامية على مناطق واسعة في الريف الشرقي أبرزها مدينة تدمر الأثرية.
أما المناطق التي طالها القصف في حماة، فمعظمها تحت سيطرة فصائل إسلامية واخرى “معتدلة”، فيما تسيطر جبهة النصرة وفصائل مبايعة لتنظيم داعش على بعضها الآخر.
ودعت الخارجية السورية أمس من يقاتلون الإرهاب في سورية بحاجة للتعاون والتنسيق مع الحكومة.
وعقب تشكيك دولي بأهداف القصف الروسي، سارع الرئيس فلاديمير بوتين أمس إلى التأكيد أن على روسيا ان تتحرك بشكل استباقي لضرب المتشددين في سورية قبل ان يصلوا إلى بلاده.
ودعا بوتين الرئيس السوري بشار الاسد ليكون مستعدا لتسوية مع المعارضة السورية المعتدلة.
وقال في تصريحات متلفزة “الطريقة الوحيدة الصحيحة لقتال الإرهاب الدولي هي التصرف بشكل استباقي وقتال المقاتلين والإرهابيين على الاراضي التي يسيطرون عليها والقضاء عليهم، وعدم انتظاروصولهم الينا”. وأضاف “الجميع يعلمون ان ما يعرف بتنظيم داعش يعتبر روسيا منذ زمن بعيد عدوته”.
وأكد بوتين ان التدخل العسكري الروسي في سورية يقتصر على الضربات الجوية دعما للقوات الحكومية السورية، مستبعدا في الوقت الراهن ارسال قوات على الارض.
وأضاف “تم ابلاغ كافة شركائنا بالمخططات والتحركات الروسية في سورية”، داعيا “كافة الدول المهتمة بمكافحة الإرهاب” الانضمام إلى مركز التنسيق الذي انشأته سورية وايران والعراق وروسيا في بغداد.
وبحسب بوتين فان التدخل الروسي في سورية مطابق للقانون الدولي بما انه يستند إلى طلب مساعدة رسمي من الرئاسة السورية التي اكدت أمس انها بعثت رسالة للرئيس الروسي بهذا المعنى والخيار الاخر هو قرار صادر عن مجلس الامن الدولي.
وأضاف “ليس لشركائنا في سورية لا الشرط الاول ولا الثاني” (موافقة الحكومة او تفويض من الامم المتحدة).
وتابع “للنزاع في سورية جذور عميقة وتعود اسبابه لعدة عوامل (…) تفاقمت مع التدخل الوقح من الخارج في شؤون المنطقة” في اشارة واضحة للدعم الاميركي للمتمردين المعارضين للاسد.
وقال بوتين الداعم الثابت للاسد، انه يامل في ان يقبل الرئيس السوري بـ “تسوية”.
وأضاف “التسوية النهائية والدائمة للنزاع في سورية ممكنة فقط على اساس اصلاح سياسي وحوار مع القوى السليمة في البلاد”. وبين “اعرف ان الرئيس الاسد يتفهم ذلك وانه مستعد لمثل هذه العملية”.
وفي وقت لاحق، اكدت الرئاسة السورية ان ارسال قوات جوية روسية إلى سورية تم بموجب طلب مباشر من الرئيس بشار الاسد عبر رسالة وجهها إلى الرئيس بوتين.
وقالت الرئاسة السورية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك ان “ارسال القوات الجوية الروسية إلى سورية تم بطلب من الدولة السورية عبر رسالة أرسلها الرئيس الاسد للرئيس بوتين تتضمن دعوة لإرسال قوات جوية روسية في إطار مبادرة الرئيس بوتين لمكافحة الاٍرهاب”.
وفي واشنطن أعلنت وزارة الخارجية الاميركية أمس ان الضربات الروسية في سورية لن تغير شيئا في المهمات الجوية التي تقوم بها الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد تنظيم داعش في هذا البلد.
وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية جون كيربي لصحافيين على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، “سيواصل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة طلعاته فوق العراق وسورية كما هو مخطط له لدعم مهمتنا الدولية لاضعاف وتدمير داعش”.
وفي توضيح لسير الاحداث قال كيربي ان “مسؤولا روسيا في بغداد ابلغ موظفي السفارة الاميركية صباح اليوم (الأربعاء) ان طائرات الجيش الروسي ستبدأ القيام بمهمات ضد داعش فوق سورية (..) وطلب كذلك ان تتجنب الطائرات الاميركية المجال الجوي السوري خلال هذه المهمات”.
من ناحية اخرى صرح مسؤول اميركي بارز للصحافيين ان الولايات المتحدة لم تعتبر هذا الابلاغ الروسي الموجز متماشيا مع وعد موسكو بالتواصل مع القوات الاميركية لمنع التصادم جوا في مناطق القتال لمنع وقوع اية حوادث عرضية.
وتحدث وزير الخارجية الاميركي جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف المتواجد في نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة وابلغه باحتجاج واشنطن على ذلك.
وقال المسؤول ان كيري “اوصل الرسالة اننا لن نغير عملياتنا وان هذا الاعلان الروسي يتعارض مع جهودهم المعلنة بعدم تضارب العمليات، كما انه غير مفيد في هذه الجهود، واوضح مرة اخرى انه يجب بدء محادثات فورا لمنع اي تصادم عرضي بين الطائرات”.
وفيما قال مسؤول أميركي إن الضربات الجوية الروسية في سورية لا تستهدف فيما يبدو المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو داعش وهو أمر حاسم قد يعوق أي تعاون محتمل مع الولايات المتحدة في الحرب.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه إن روسيا تنفذ الضربات في المنطقة المحيطة بحمص وربما أيضا مناطق أخرى في سورية. ولاحظ أن كل المعلومات الأميركية عن النشاط الروسي لا تزال أولية.
وبين أن أميركا تعتبر تحركات روسيا في سورية خطيرة ولم تكن هناك محادثات بشأن “عدم تعارض” العمليات، وأن موسكو ربما نفذت ضربة جوية في محافظة حماة في منطقة لا تسيطر عليها داعش، فيما أشار البيت الأبيض إلى أنه من المبكر تحديد المواقع التي استهدفتها الغارات الروسية في سورية.
وأضاف البيت الأبيض “روسيا لن تنجح في فرض حل عسكري في سورية”. وسرعان ما ردت وزارة الدفاع الروسية على ذلك بالقول إنها لم تقصف بنية تحتية مدنية أو مناطق قريبة منها.
الا ان فرنسا سرعان ما تحفظت على الضربات الروسية في حال لم تكن تستهدف تنظيم داعش. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في تصريح صحافي من نيويورك أمس “هناك اشارات تفيد بان الضربات الروسية لم تستهدف داعش”، مضيفا بانه “لا بد من التحقق من الاهداف” التي ضربتها الطائرات الروسية.
إلى ذلك، صرح مسؤول اسرائيلي ان موسكو ابلغت اسرائيل أمس بأنها على وشك ان تشن غارات جوية في سورية قبل تنفيذها.
وصرح مسؤول اسرائيلي طلب عدم الكشف عن هويته ان روسيا ابلغت اسرائيل مسبقا بالعملية.
بدوره، قالت الخارجية البريطانية إن التحركات الروسية المؤيدة للحكومة السورية “لا تتوافق مع التنفيذ الفعال للحرب على داعش”، مطالبة موسكو بالتأكد من أن الضربات الجوية استهدفت التنظيم المتطرف.
وقال وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند “من المهم جدا أن تتمكن روسيا من تأكيد أن العمل العسكري الذي قامت به في سورية موجه لتنظيم داعش والأهداف المرتبطة بتنظيم القاعدة وحسب لا المعارضين المعتدلين لنظام الأسد”.
وأعلنت موسكو أمس أنها ستتقدم في الامم المتحدة بمشروع قرار لمكافحة الإرهاب، يرمي إلى “قيام تنسيق بين كل القوى التي تواجه تنظيم داعش والبنى الاخرى الإرهابية”.
وفي ذات السياق، قال زعيم المعارضة السياسية السورية المدعومة من الغرب إن الضربات الجوية الروسية في سورية قتلت ما لا يقل عن 36 مدنيا واستهدفت مناطق لا وجود فيها لمقاتلي تنظيم داعش والمقاتلين المرتبطين بالقاعدة.
وكتب خالد خوجة رئيس الائتلاف الوطني السوري ومقره تركيا في حسابه على تويتر قائلا “كل الأهداف في الغارة الجوية الروسية على شمال حلب كانت مدنيين. قتل 36 مدنيا في مناطق لا وجود فيها لتنظيم داعش والقاعدة”.
من جانبه، قال قائد جماعة معارضة ان الضربات الجوية الروسية في شمال غرب سورية التي تقول موسكو انها استهدفت مقاتلي داعش أصابت جماعة معارضة يدعمها معارضون للرئيس بشار الاسد.
وقال ان المقاتلين تعرضوا لضربات في ريف محافظة حماة حيث يقع مقر الجماعة.
وقال الرائد جميل الصالح الذي انشق على الجيش السوري في عام 2012 ان ريف حماة الشمالي ليس به وجود لداعش على الاطلاق ويخضع لسيطرة الجيش السوري الحر. يشار إلى أن الولايات المتحدة نفذت ضربة جوية أمس ضد أهداف تابعة لتنظيم داعش في محيط مدينة حلب السورية.
من جهة ثانية طالب رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة أمس باقامة “مناطق امنة” في سورية لحماية المدنيين الفارين من البراميل المتفجرة التي يلقيها النظام السوري، ومن هجمات تنظيم داعش.
ودعا داود اوغلو إلى التحرك العاجل لتحقيق “الامان للسوريين النازحين داخل بلدهم، واقامة منطقة امنة خالية من القصف الجوي الذي ينفذه النظام والهجمات البرية التي يقوم بها داعش وغيره من المنظمات الإرهابية”.-(وكالات)

 

المصدر: الغد الاردني