بل الأسوأ لم يحدث في سوريا بعد

48

يقول الرئيس التركي عبد الله غل إن ما يحدث في سوريا «أسوأ سيناريو يتم تنفيذه»، موضحا أن ذلك يؤثر على تركيا التي تقوم بالإجراءات «المناسبة»، ومضيفا أن الشعب السوري «يعاني من ويلات»، مع تحذيره من النهج المتبع الآن، خصوصا أنه – أي الرئيس التركي – يرى أن «التغيير مقبل». فهل ما يحدث هو الأسوأ فعلا؟ المؤكد أن سير الأحداث في سوريا، ومنذ الثورة، كان ينزلق للأسوأ، لكن الأوضاع لم تستقر في القاع إلى الآن، فالأحداث في سوريا مرشحة لمزيد من السوء، والبلاد كلها معرضة لمزيد من التدمير، وهو ما حذر منه الرئيس التركي في حديثه أمس. والسبب واضح وبسيط، وهو تعامل المجتمع الدولي برعونة مرعبة مع الثورة السورية، ولا يكفي هنا إلقاء اللوم على الروس والصينيين الذين عطلوا صدور أي قرار مجد في مجلس الأمن. بل كان، ولا يزال، بمقدور المجتمع الدولي فعل الكثير لإنقاذ سوريا والسوريين. فالواضح، ومنذ أول يوم في عمر الثورة السورية، أن نظام الأسد يكذب، ويمارس القتل، لكن كان هناك تساهل واضح مع جرائم الأسد، إذ واصل العالم الصمت، والمقصود هنا الأفعال، وليس التصريحات الفضفاضة. ففي سوريا لا يتعامل المجتمع الدولي مع تباين في وجهات نظر طرفين، بل إن القصة أكثر وضوحا. فهناك نظام يقتل، وهناك شعب ثائر، وهناك نظام يستعين بالروس والإيرانيين، وحزب الله، لقتل شعبه الأعزل الذي لا يزال يستجدي العون من المجتمع الدولي الذي لم يفعل شيئا يذكر. وكأن التاريخ يعيد نفسه، وتحديدا بقصة يوغسلافيا حيث أهملها المجتمع الدولي تحت ذرائع كثيرة إلى أن اضطر للتدخل متأخرا، وخارج مظلة مجلس الأمن، وهذا ما يبدو أن الأحداث تسير إليه في سوريا. وبالطبع لا يمكن أن تلام تركيا على كل ذلك، بل الجميع، لكن هل الوقت الآن وقت تلاوم، أم وقت عمل؟ أعتقد أنه وقت الأفعال، لا الأقوال، فتركيا مثلا، في حالة حرب حقيقية مع الأسد، والسوريون أيضا في حالة حرب مع الأسد وإيران وحزب الله، والعالم كله في حالة شلل مع الانتخابات الأميركية. والرئيس التركي يقول إن بلاده لا تريد إراقة مزيد من الدماء السورية، أو تحويل سوريا إلى دولة مدمرة. وهذا كلام لا غبار عليه، لكن الحقائق على الأرض تقول لنا إن الدماء السورية تراق كل يوم بلا رحمة، وليس من قبل الأسد وحده، بل ومن حزب الله الذي يصف قتلاه في سوريا بـ«الشهداء»، هكذا بلا حياء، وسوريا كلها تدمر، حجرا وبشرا، ونسيجا اجتماعيا، فعلى ماذا الانتظار؟ وقد يقول قائل: وكيف لم نصل للأسوأ إذن؟ الإجابة بسيطة، فكلما تأخر الحسم في سوريا، طال الحريق الجيران بكل تأكيد، وتحديدا لبنان، والتأخير يعني تأصيل التطرف في المنطقة، والطائفية، وهذا الأمر سيقود إلى حريق كبير. ولذا فالمطلوب هو تسليح المعارضة، ودون انتظار نتائج الانتخابات الأميركية، فما يحدث في سوريا حرب، وحلفاء الأسد يواصلون دعمه وتسليحه، بينما السوريون العزل بلا عون، وهذا هو الخطأ القاتل، والذي سيقود سوريا، والمنطقة كلها، للأسوأ. “طارق الحميد ” المصدر: ميدل ايست