أوباما والحسم في سوريا وإيران

22

مسؤول غربي بارز عائد الى باريس من واشنطن بعد محادثات مع بعض أركان الإدارة الأميركية شدّد على ان الرئيس باراك أوباما ينوي بعد انتخابه لولاية ثانية اعطاء الاولوية لانجاز المهمتين السورية والايرانية مما يؤدي الى التعجيل في اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد والى وضع حد للتهديد الكبير الذي يشكله احتمال امتلاك ايران السلاح النووي، وسيتعامل مع المنطقة على اساس انها “بالغة الاهمية بالنسبة الى المصالح الاستراتيجية والحيوية والامنية للولايات المتحدة”، ومصدر خطر حقيقي على الامن والسلم الدوليين، نتيجة تفاعلات الازمتين السورية والايرانية وتداعياتهما. واوضح المسؤول الغربي ان تشكيل “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” جزء أساسي من جهد دولي – اقليمي مكثّف جديد من اجل انهاء المأساة السورية ولذلك دعمته الدول الغربية والاقليمية المؤثرة بقوة واعترفت به المجموعة العربية “ممثلاً شرعياً لتطلعات الشعب السوري” الساعي الى تغيير الاوضاع جذرياً في بلده.

وأفاد ان تعامل ادارة اوباما مع الأزمة السورية سيرتكز على الامور الاساسية الآتية:

اولاً – اسقاط نظام الاسد مصلحة اميركية واقليمية ودولية، لكن واشنطن لن تتدخل عسكرياً مباشرة لأن ذلك مرفوض لدى السوريين ويزيد الاوضاع تعقيداً، ولأن الحرب ليست ضرورية لاحداث التغيير الجذري في سوريا، ذلك ان النظام يتفكك وينهار ويعاني إنهاكاً حقيقياً يجعله أضعف من أي وقت مضى، اذ ان تفوّقه العسكري لم يمنحه القدرة على سحق الثورة الشعبية وضبط الاوضاع، بل ان حربه المتواصلة تلحق الكوارث والدمار والخراب بالبلد من غير ان تحقق له اي مكاسب.

ثانياً – ستواصل إدارة أوباما الحوار مع القيادة الروسية من أجل اقناعها بالتعاون جدياً معها ومع دول غربية واقليمية مؤثرة لاقامة دولة ديموقراطية تعددية في سوريا على اساس اتفاق جنيف ودفع الاسد الى التنحي عن الحكم لان دعمها له لم يحقق اي مكاسب لها، ويستحيل وقف الحرب وضمان انتقال سلمي للسلطة قبل رحيل الرئيس السوري. بل ان الدعم الروسي للأسد أفرز أوضاعاً تتخوّف منها موسكو وهي بلوغ الازمة مرحلة الحرب الاهلية وانتشار الفوضى الامنية وتزايد أعداد الجهاديين ووجود خطر جدي لتحوّل سوريا “صومال أخرى” وزعزعة الامن والاستقرار في دول مجاورة.

ثالثاً – تنوي ادارة اوباما اتخاذ اجراءات وخطوات أشد فاعلية لتغيير الاوضاع جذرياً في سوريا ومنها التعاون مع دول غربية واقليمية مؤثرة من اجل تقوية القدرات السياسية والعسكرية والمالية للمعارضين والثوار بهدف تعزيز وجودهم وامكاناتهم وتصعيد حرب الاستنزاف للنظام والتعجيل في سقوطه واقناع روسيا والصين بأنه ليس ممكناً وقف الحرب من غير تحقيق المطالب المشروعة للثورة الشعبية. وترى واشنطن ان احتمال حصول انقلاب عسكري يطيح الاسد والمجموعة المرتبطة به وارد لأن الرئيس السوري فشل في حسم الموقف لمصلحته ووصل الى طريق مسدود وليس قادراً على تسجيل أي انتصار.

بالنسبة الى ايران، قال المسؤول الغربي بناء على ما سمعه في واشنطن “إن المسؤولين الاميركيين يؤكدون ان اوباما ليس معارضاً لكل انواع الحروب وان اميركا لم تلق السلاح نهائياً بل ان الرئيس الاميركي يؤمن بوجود حروب ضرورية وهو مستعد لخوض حرب جديدة اذا كانت المصالح الحيوية والاستراتيجية للولايات المتحدة مهددة جدياً. ويرى اوباما ومستشاروه ان امتلاك ايران السلاح النووي أشد خطورة من غزو صدام حسين للكويت عام 1990 والذي كان يهدف الى فرض سيطرة العراق على منطقة الخليج، الامر الذي دفع واشنطن الى انشاء تحالف دولي – اقليمي كبير وخوض الحرب من اجل تحرير الكويت. فإيران المسلحة نووياً تشكّل، بالنسبة الى واشنطن، تهديداً مباشراً لمنطقة الخليج وللدول العربية المعتدلة وتفتح باب السباق الى التسلح النووي في الشرق الاوسط وتعرّض للخطر امن الولايات المتحدة ومصالحها الحيوية وامن اسرائيل، وليس ممكناً احتواؤها والتعايش معها. وتنوي ادارة اوباما اعطاء فرصة اخيرة لانجاز التسوية السلمية للنزاع النووي مع ايران على اساس وقف كل النشاطات التي تمنح القيادة الايرانية القدرة على امتلاك السلاح النووي. واذا فشل هذا الخيار، فإن أوباما ينوي استخدام القوة العسكرية ضد ايران من اجل احباط خططها النووية التسلحية ووقفها على أساس ان الحرب أقل كلفة من مواجهة اخطار القنبلة النووية الايرانية”.

ولفت المسؤول الغربي الى ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يرى في مجالسه الخاصة ان احتمال شن حرب على ايران “وارد جدياً” خلال 2013 اذا رفضت القيادة الايرانية العروض والاقتراحات الاميركية والدولية التي تسمح لها بامتلاك برنامج نووي سلمي وتمنعها من انتاج السلاح النووي.

 

 

عبد الكريم أبو النصر

المصدر: صحيفة النهار اللبنانية