بالتزامن مع تعامي المجتمع الدولي عن مأساتهم…أوضاع إنسانية كارثية يعيشها نحو 700 ألف مدني في منطقة عفرين التي تحاصرها القوات التركية

115

يوم جديد تشهده منطقة عفرين، إلا أنه بوجع مشابه ومأساة مماثلة، يتصاعدان مع كل يوم يمر على مئات آلاف المدنيين ممن يعانون من هذه الأوضاع التي يتفاقم سوءها يوماً بعد الآخر، مع استمرار العملية العسكرية التركية التي أطلقتها في الـ 20 من كانون الثاني / يناير من العام الجاري 2018، هذا كله والمجتمع الدولي صامت، يصم آذانه عن صرخات أبناء منطقة عفرين، ويتعامى عن كل ما يجري من جرائم وانتهاكات وأوضاع إنسانية كارثية ومأساوية تشهدها هذه المنطقة التي تتعرض لهجوم تركي مترافق مع قصف جوي ومدفعي يومي خلف مئات الشهداء والجرحى ودمر مئات المنازل والمساكن وممتلكات أخرى لمواطنين من سكان المنطقة، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان بدء الطائرات الحربية عمليات قصف مكثف منذ قرابة الساعة الثالثة من فجر اليوم الأربعاء الـ 14 من آذار / مارس من العام الجاري 2018، استهدفت قرى تابعة لناحية بلبلة وقرى أخرى قريبة من مدينة عفرين، وسط اشتباكات عنيفة بين وحدات حماية الشعب الكردي وقوات الدفاع الذاتي من جانب آخر، والقوات التركية والفصائل المقاتلة والإسلامية من جانب آخر، على محاور في الريف الغربي والشمالي الغربي ومحاور أخرى بالقرب من مدينة عفرين، ترافقت مع استهدافات مكثفة ومتبادلة على محاور القتال بين الطرفين، وسط معلومات مؤكدة عن سقوط مزيد من الخسائر البشرية من الجانبين.

المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد استمرار الاتصالات والمياه والكهرباء في الانقطاع عن منطقة عفرين، نتيجة قطعها المتعمد من قبل القوات التركية، لليوم التاسع على التالي، في أعقاب سيطرتها على سد ميدانكي “17 نيسان” الواقع على بحيرة ميدانكي في الريف الشمالي لمدينة عفرين، وتزامن انقطاع الماء والتيار الكهربائي والاتصالات عن منطقة عفرين، مع تناقص حاد في مادتي الطحين والوقود في منطقة عفرين، الأمر الذي أدى لتصاعد أزمة الخبز نتيجة تزاحم المواطنين على الفرن الوحيد العامل في المدينة، بعد أن خرجت معظم الأفران عن العمل بسبب القصف التركي السابق على المدينة، بالإضافة لتناقص توفر الوقود، لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية.

هذه الأوضاع الإنسانية المأساوية دفعت مدنيين في مدين عفرين والقرى المتصلة بها، إلى النزوح إلى بلدتي نبل والزهراء عبر السير مسافات طويلة على الأقدام، للوصول إلى مناطق في البلدتين الواقعتين بريف حلب الشمالي، حيث أكد أهالي للمرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات التركية تعمد لاستهداف أي تحرك للمدنيين من مدينة عفرين والقرى المتصلة معها والبالغ عددها نحو 90 قرية وبلدة واحدة، نحو بلدتي نبل والزهراء وتمنعهم من الخروج، في محاولة لإجبارهم على الفرار إلى مناطق سيطرة قوات عملية “غصن الزيتون” في ريف عفرين.

المرصد السوري لحقوق الإنسان وثق استشهاد 215 مدنياً بينهم 32 طفلاً و26 مواطنة، من المواطنين الكرد والعرب والأرمن، ممن قضوا في القصف الجوي والمدفعي والصاروخي التركي، وفي إعدامات طالت عدة مواطنين في منطقة عفرين، منذ الـ 20 من كانون الثاني / يناير من العام 2018، كما تسبب القصف بإصابة مئات المواطنين بجراح متفاوتة الخطورة، في حين تعرض بعضهم لإعاقات دائمة، كما ارتفع إلى 438 على الأقل من عناصر القوات التركية والفصائل المقاتلة والإسلامية بينهم 71 جندياً من القوات التركية، ممن قتلوا وقضوا في الاشتباكات مع القوات الكردية في منطقة عفرين، فيما ارتفع إلى 406 عدد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي وقوات الدفاع الذاتي، ممن قضوا في القصف والاشتباكات بريف عفرين وذلك منذ بدء عملية “غصن الزيتون”، كما كان قتل 81 على الأقل من عناصر قوات النظام الشعبية في القصف التركي منذ بدء دخولهم في الـ 20 من شباط / فبراير من العام الجاري 2018

كذلك فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان وردت إليه نسخة من شريط مصور قام أحد عناصر عملية “غصن الزيتون” بتصويره، قال في الشريط المصور أنه في بلدة الشيخ حديد، الأمر الذي أكدته مصادر للمرصد السوري، وقال المقاتل في الشريط المصور “”هذه الشيخ حديد محررة بالكامل خالية من الإرهابيين الانفصاليين، والأخوة من تهجروا من الرقة والطبقة والمناطق التي أخذوها الانفصاليين الخونة، كل واحد تهجر ليأتي إلى عفرين ويأخذ أحلى بيت مع أرض زيتون”، وياتي هذا الشريط المصور في أعقاب أشرطة مصورة أخرى، وردت نسخ منها إلى المرصد السوري لحقوق الإنسان، والتي تظهر مقاتلين من قوات عملية “غصن الزيتون” يتوعدون قاطني عفرين، موجهين رسالتهم عبر أحد المقاتلين الذي قال:: إلى الملاحدة الأكراد نقول لهم والله إن تبتم وعدتم إلى الله فاعلموا أنتم أخواننا، وإن أبيتم إنا نرى رؤوسكم قد أينعت وقد حان لنا قطافها”، وأشارت مصادر للمرصد السوري أن الشريط المصور من المرجح أنه في منطقة الشيخ حديد الواقعة في الريف الغربي لعفرين، من إحدى القرى التي جرى السيطرة عليها من قبل القوات التركية والفصائل الإسلامية والمقاتلة، كذلك كانت شهدت عفرين دعوات مشابهة من آخرين لتوطين النازحين والمهجرين السوريين من المحافظات السورية الأخرى داخل هذه القرى، في حين أنه من جانب آخر حذرت وحدات حماية الشعب الكردي في بيان لها من الاقتراب من ممتلكات المدنيين في القرى التي سيطرت عليها القوات التركية وفصائل عملية “غصن الزيتون”، معتبرة كامل ما سيطرت عليه القوات التركية إلى الآن مناطق عسكرية مستهدفة من قبلها، وجاء في البيان:: “”إننا في وحدات حماية الشعب YPG، نؤكد أن جميع المناطق التي تهدف الفاشية لتحويلها إلى مستوطنات كانت ولا تزال مناطق عسكرية وساحة حرب تشهد بشكل يومي عمليات عسكرية، ونحذر جميع المتورطين من الاقتراب منها، حيث سيكونون هدفاً مشروعاً لمقاتليننا، كما ندعو الذين تمّ استقدامهم إلى عدم الانجرار إلى الألاعيب التركية ونحذرهم من التعاون مع الفاشية التركية في تحقيق أهدافها العدوانية بحق شعوب المنطقة، حيث سيكون استيطانهم في تلك المنطقة إجباراً بدون مستند قانوني أو صفة شرعية بالنسبة لنا، وخرقاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني واحتلالاً سيكون من حق مقاتلينا استهدافه””.