التحالف في 4 سنوات من مشاركته…سيطر على عشرات آلاف الكيلومترات المربعة…قواعد عسكرية ضخمة…أكثر من 3330 شهيد مدني من ضمن نحو 12 ألف قتلتهم ضرباته

41

يستكمل التحالف الدولي اليوم الـ 23 من أيلول / سبتمبر من العام الجاري 2018، العام الرابع على التوالي من مشاركته العسكرية على الأراضي السورية، هذه المشاركة التي تركزت على دعم أطراف بعينها، والبحث عن حلفاء ذوي نفوذ يمكن توسعته، فمنذ الغارة الأولى والضربة الصاروخية الأولى للتحالف الدولي، عمد التحالف الدولي لدعم أطراف عسكرية عاملة ضمن الجغرافية السورية، فتحولت المشاركة الجوي والصاروخية، إلى مشاركة عسكرية برية، لحين توسعة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، لتواجده وتواجد الاقوى المدعومة منه، ليشمل مساحات واسعة من الأراضي السورية، كما أن التحالف واجه خصومه بتوجيه ضربات عسكرية لهم، فمن قصف تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى قصف جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) إلى قصف المجموعات الجهادية وصولاً لاستهدافات طالت قوات النظام وحلفائها والقوات الإيرانية.

المرصد السوري لحقوق الإنسان تابع خلال 4 سنوات تحركات التحالف الدولي من عمليات عسكرية وميدانية، وعمليات أخرى لوجستية تمثلت ببناء قواعد عسكرية أو توسعة نطاق سيطرته أو تقديم الدعم في جوانب مختلفة، فيما تجلت مشاركة التحالف في العمليات العسكرية من خلال المساحة الجغرافية التي تمكن التحالف من دعم القوات البرية المتحالفة معه أو المدعومة منه للسيطرة عليها، فالتحالف الدولي والقوى المدعومة منه المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردي عمادها، تسيطر اليوم على مساحة 52528 كلم مربع من الأراضي السورية، بنسبة بلغت 28.2% من الجغرافية السورية، حيث تشمل كامل منطقة منبج وريفها في غرب نهر الفرات، وكامل منطقة شرق الفرات باستثناء الجيب الأخير لتنظيم “الدولة الإسلامية” عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، وعدة مناطق تسيطر عليها قوات النظام وحلفاؤها في شرق الفرات قبالة مدينة دير الزور، فيما تسيطر فصائل المعارضة السورية المقاتلة المدعومة منها على 3543 كلم مربع بنسبة 1.9% من مساحة الأراضي السورية، في حين كانت تسيطر هذه القوات المدعومة من التحالف الدولي قبل دخول الأخير على خط العمليات العسكرية في سوريا، على 12624 كلم مربع بنسبة 6.8% قبل تاريخ الـ 23 من أيلول من العام 2014، وشملت مناطق ضمن محافظة الحسكة وهي المناطق الممتدة في مثلث حدود العراق وتركيا – مدينة الحسكة – أطراف ريف الرقة بالإضافة لمدينة عين العرب (كوباني) التي كانت تشهد أعنف هجوم لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

هذا التقدم العسكري جرى عبر 3 طرق مباشرة، الأول هو الدعم الجوي المكثف للتحالف الدولي عبر ضربات مركزة مبنية على عمليات استخباراتية قتلت العشرات من القادة البارزين للتنظيم، والضربات المرافقة للعمليات العسكرية التي قتلت الآلاف، والمشاركة البرية المباشرة عبر إشراك قوات من التحالف في جبهات القتال، فيما تمثلت الطريقة الثالثة عبر تقديم العسكري من أسلحة وذخائر ومعدات واتصالات والمشاركة في إعداد الخطط العسكرية، فيما رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان تصاعد عمليات تعزيز تواجد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، منذ ما بعد النصف الثاني من العام 2018، إذ جاء تعزيز التواجد بعدد من الوسائل المختلفة التي رصدها المرصد السوري، حيث رصد المرصد قيام التحالف الدولي بإقامة 18 قاعدة مختلفة على الأقل، في مناطق بشرق الفرات ومنطقة منبج في القطاع الشمالي الشرقي من ريف حلب، عند الضفة الغربية للنهر، ومن ضمن هذه القواعد 6 قواعد كبرى، وتوزعت هذه القواعد في منطقة عين العرب (كوباني)، خراب عشك، منبج في محافظة حلب، وعين عيسى، الرقة، الطبقة بمحافظة الرقة، والشدادي والهول وتل تمر وتل بيدر ورميلان في محافظة الحسكة، وحقل العمر النفطي والبحرة في ريف دير الزور، وتتضمن القواعد الكبرى مطارات لهبوط وإقلاع الطائرات، كما أقيمت بعضها على شكل قواعد صغيرة، وأكدت المصادر كذلك للمرصد السوري أن القواعد يتم حمايتها بشكل متواصل، من خلال المراقبة الجوية المتمثلة بتحليق طائرات عسكرية في سماء منطقة تواجد القاعدة، وعبر سيارات تتجول في محيط القواعد، بالإضافة لنقاط مراقبة ثابتة منتشرة في محيط القواعد والمطارات، لحمايتها من أية هجمات فردية أو جماعية من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” أو أية خلايا أخرى تسعى لاستهداف المنطقة، كذلك تعمدت قوات التحالف الدولي، عبر لجانها المتواجدة على الأرض في شرق الفرات، إلى تنفيذ جولات دورية، وعقد اجتماعات بين الفترة والأخرى، بهدف تطوير المؤسسات المتواجدة في شرق الفرات، حيث تقوم هذه اللجان، بتقديم الدعم اللوجستي والدعم المادي وتقديم لمعدات للجان التي تقدم طلباتها للحصول على مساعدات معينة، كما تشرف هذه اللجان على عملية تسيير أمور الكثير من الجهات الخدمية والإدارية، بشكل غير معلن، وتقدم مساهماتها في تطوير الإدارة الخدمية وتنظيم عمل المؤسسات المشرفة على مناطق شرق الفرات.

كذلك رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان دخول آلاف الشاحنات التي تحمل على متنها معدات لوجستية وعسكرية وآليات وعربات مدرعة، منذ بدء مشاركة التحالف الدولي في العمليات العسكرية داخل الأراضي السورية، وبالمقابل رصد المرصد السوري عمليات للتحالف الدولي تمكنت خلالها من نقل العشرات من عملائها من جنسيات سورية وغير سورية، كانوا يعملون ضمن مناطق سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”، حيث جرت عمليات تهريبهم عن طريق عمليات إنزال جوي بطائرات مروحية، ومن ثم نقلهم إلى مقار تابعة للتحالف في شرق نهر الفرات.

عمليات التحالف العسكرية، لم تكن عمليات محصنة ضد المدنيين، بل كانوا مرة أخرى -أي المدنيين- هم الضحايا الأوائل لهذه التحركات العسكرية أو عمليات القصف الجوي والبري من قبل التحالف الدولي، إذ رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان قتل التحالف لآلاف المدنيين، فيما لا يزال الآلاف يعانون من جراحهم نتيجة الضربات ذاتها، بينما يواصل الغموض لفه لمصير العشرات من المفقودين الذين لم يعلم مصيرهم إلى الآن.

ضربات التحالف الدولي خلفت آلاف الشهداء والقتلى والصرعى، ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مواطنين في وقت استشهادهم، فيما وثق آخرين بعد انتشالهم وقسم آخر بعد سحب جثثهم وتكشُّف مصيرهم، ليوثق بذلك المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ الـ 23 من أيلول / سبتمبر من العام الفائت 2014، وحتى اليوم الـ 23 من أيلول / سبتمبر من العام 2018، إلى 11846 شخصاً استشهدوا وقضوا وقتلوا جراء غارات التحالف الدولي وضرباته الصاروخية، والتي أسفرت كذلك عن إصابة الآلاف بجراح متفاوتة الخطورة، وبعضهم تعرض لإعاقات دائمة وبتر أطراف، مع تدمير مبانٍ وممتلكات مواطنين ومرافق عامة.

من ضمن المجموع العام للخسائر البشرية 3177 شهيداً مدنياً سورياً، بينهم 758 أطفال دون سن الثامنة عشر، و558 مواطنة فوق سن الـ 18، في محافظات الحسكة والرقة وحلب وإدلب ودير الزور، بينهم 58 شخصاً ضمنهم 6 أطفال ومواطنة و19 لا يزالون مجهولي الهوية في ضربات استهدفت مركز دعوي في قرية الجينة بريف حلب الغربي، وأكثر من 64 ضمنهم 12 طفلاً استشهدوا في قصف لطائرات التحالف على منطقة التوخار بريف منبج الشمالي، و64 مواطناً تم توثيق استشهادهم في المجزرة التي ارتكبتها طائرات التحالف العربي – الدولي، ليل الخميس – الجمعة، (30-4 // 1-5) 2015، بقرية بير محلي الواقعة قرب بلدة صرين في جنوب مدينة عين العرب (كوباني) بمحافظة حلب، وتوزع الشهداء على الشكل التالي:: 31 طفلاً دون سن الثامنة عشر هم 16 طفلة و15 طفلاً ذكراً، و19 مواطنة فوق سن الثامنة عشر، و13 رجلاً فوق سن الـ 18، وفتى في الثامنة عشر من عمره.

كذلك وثق المرصد السوري 154 شخصاً من عوائل تنظيم “الدولة الإسلامية” هم 68 طفلاً دون سن السادسة عشر، و57 مواطنة و29 رجلاً قضوا في ضربات للتحالف الدولي على مبنى في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، و42 سجيناً استشهدوا جراء ضربات للتحالف الدولي على منزل أبو عبد الله النعيمي وهو قيادي سابق في جبهة النصرة “تنظيم القاعدة في بلاد الشام”، والذي أعدمه تنظيم “الدولة الإسلامية” سابقاً واستولى على منزله، وحوله إلى سجن يتبع للجهاز الأمني للتنظيم، ليحوله إلى قسمين رئيسيين أحدهما خاص بالسجناء المدنيين، والقسم الثاني يخص السجناء من عناصر التنظيم، وزوجة قيادي مع 4 من أطفالها، في قصف لطائرات حربية تابعة للتحالف على منطقة دابق بريف حلب الشمالي، وزوجة قيادي كازخي قضت بضربات على ريف دير الزور

أيضاً وثق المرصد السوري مقتل 8024 على الأقل من عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”، غالبيتهم من جنسيات غير سورية من ضمنهم عشرات القياديين من جنسيات سورية وعربية وأجنبية، أبرزهم أبو عمر الشيشاني القيادي العسكري البارز وأبو الهيجاء التونسي وأبو أسامة العراقي “والي ولاية البركة” وعامر الرفدان “الوالي السابق لولاية الخير” والقيادي أبو سياف وأبو جندل الكويتي وأبو سفيان العمراني وأبو حذيفة الأردني وعدد آخر من القادة البارزين في الصفين الأول والثاني للتنظيم.

كما وثق المرصد السوري ما لا يقل عن 141 مقاتلاً من جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حالياً) ممن قضوا، جراء ضربات صاروخية نفذها التحالف العربي – الدولي وغارات لطائراته، أبرزهم القيادي في تنظيم القاعدة محسن الفضلي وأبو همام -القائد العسكري في جبهة النصرة والقيادي أبو عمر الكردي والقياديان أبو حمزة الفرنسي وأبو قتادة التونسي وأبو الأفغان المصري

فيما قضى 10 مقاتلين من جيش السنة جراء قصف لطائرات التحالف الدولي على مقرهم في منطقة أطمة بريف إدلب، كما استشهد مقاتل من لواء إسلامي كان معتقلاً لدى تنظيم “الدولة الإسلامية” جراء قصف لطائرات التحالف الدولي على مقر لتنظيم “الدولة الإسلامية” في ناحية معدان بريف مدينة الرقة، كذلك قتل إعلامي في وكالة إعلامية تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” جراء ضربات نفذتها طائرات حربية يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي على مناطق في قرية تل بطال بريف حلب الشمالي.

أيضاً قتل التحالف الدولي 169 على الأقل من عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، باستهدافها لكتيبة المدفعية ومواقع أخرى في جبل الثردة في محيط مدينة دير الزور، ولمطار الشعيرات العسكري بريف حمص ولمنطقة قرب التنف في البادية السورية ولمناطق في ريف دمشق وريف حمص ومحيط العاصمة دمشق

فيما قضى 157 على الأقل من المجموعات الجهادية، في القصف من قبل الطائرات التابعة للتحالف الدولي على محافظة إدلب وريف حلب الغربي، من بينهم عشرات القياديين البارزين والميدانيين و”الجهاديين العالميين”، كذلك قتل 12 على الأقل من قياديي وعناصر جيش خالد بن الوليد المبايع لتنظيم “الدولة الإسلامية” في قصف لطائرات مجهولة لا يعلم ما إذا كانت تابعة للتحالف الدولي، على منطقة جملة المحاذية للحدود مع الجولان السوري المحتل، وأماكن أخرى في حوض اليرموك بالريف الغربي لدرعا

ويعتقد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنَّ الخسائر البشرية، في صفوف عناصر تنظيم “الدولة الاسلامية” وفصائل إسلامية أخرى، هي أكبر من العدد الذي تمكن المرصد من توثيقه حتى الآن، وذلك بسبب التكتم الشديد من قبل الأطراف المستَهدَفة على خسائرها البشرية، فيما لا تزال عمليات البحث عن المفقودين مستمرة، وعمليات انتشال الجثامين مستمرة من قبل القوى المسيطرة على المناطق التي تعرضت للقصف الصاروخي والجوي للتحالف الدولي خلال الأربع سنوات الأخيرة

إننا في المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومع استشهاد أكثر من 3330 مدنياً بينهم حوالي 1450 طفلاً ومواطنة في ضربات التحالف الدولي الجوية والصاروخية، على مناطق سورية عدة، نعرب مجدداً عن استنكارنا وتنديدنا، بسقوط هذا العدد الكبير من الخسائر البشرية من المدنيين السوريين، والذي جرى بسبب صمِّ التحالف الدولي آذانه عن دعوات المرصد السوري المستمرة، لتحييد المدنيين عن عملياته العسكرية، وعدم استهدافهم نهائياً، تحت أي ذريعة كانت، فوجود أي عنصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” أو من “المجموعات الجهادية” في منطقة مدنية، لا يبرر ولا بأي شكل قصف هذه المنطقة، لأن الشعب السوري لا ينقصه الموت، حتى يتم استهدافه بمزيد من الطائرات الحربية والمروحية والمسيرة من دون طيار، فقد استشهد وجرح وشرد من أبناء هذا الشعب الملايين نتيجة القصف الذي استهدف مناطق تواجدهم، فيما يواصل المجتمع الدولي صمته المرعب، تجاه آلام الشعب السوري وآماله في الوصول إلى دولة العدالة والمساواة والديمقراطية والحرية، وتقديم قتلتهم إلى المحاكم المختصة لينالوا هم وآمريهم والمحرضين عليهم عقابهم.

رابط الدقة العالية لخريطة المقارنة بين مناطق سيطرة القوى المدعومة من التحالف الدولي ومناطق انتشار الأخير بين عامي 2014 و2018

http://www.mediafire.com/convkey/bd1f/997ifzijeanfuauzg.jpg