وسط تعامي القوات التركية…فصيل مدعوم تركياً يجري عملية تنقيب على الآثار بريف مدينة عفرين بهدف سرقتها وبيعها

30

تواصل الفصائل الموالية للأتراك والمنضوية ضمن عملية “غصن الزيتون” مزيداً من الانتهاكات في عفرين عبر محو تاريخ المنطقة، من خلال التنقيب على الآثار وسرقتها وبيعها في تركيا حيث يكسب المنفذون المال من عائدات بيع الآثار وما يعثر عليه من مواد أثرية، وفي سياق ذلك رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان قيام عناصر مسلحة تابعة لفصيل “السلطان مراد” الموالي لتركيا بعمليات حفر وتجريف للتربة بناحية بلبل في ريف عفرين شمال شرق حلب، وفي التفاصيل التي حصل عليها المرصد السوري تقوم العناصر منذ صباح اليوم بعمليات تنقيب من خلال حفر وتجريف التربة على التل الواقع بين قرى بيباكا – قوشا – شرقا التابعة لناحية بلبل بريف عفرين بحثاً عن الآثار مستخدمين آليات ثقيلة من التركسات و الباكر بالإضافة لاقتلاع المئات من أشجار الزيتون تحت مرأى ومسمع القوات التركية المتواجدة بالمنطقة.

ونشر المرصد السوري في الـ 16 من شهر آذار / مارس من العام الجاري، أن تغيير ديموغرافي، وسيطرة، تحكم بالموارد الاقتصادية، وتهجير، وإطلاق يد الفصائل في النهب والسلب والسرقة والاعتقالات والاختطاف والاعتداء وفرض الأتاوات والاستيلاء على الممتلكات، كل هذا لم يشبع نهم تركيا ولا جوعها في توسعة سيطرتها بذريعة “أمنها القومي” الذي وضع كامل الشمالي السوري في منطقة غرب الفرات، تحت سيطرتها بعد تحويل موالاة الفصائل لنفسها، ولأن ذلك لم يشبع الفجع التركي، فقد تعمدت تركيا لنوع جديد من الانتهاك ضمن مناطق سيطرتها في منطقة عفرين، حيث أكدت المصادر الموثوقة في ريف عفرين الجنوبي الغربي، أن آليات تركية ومعدات وأجهزة، شوهدت على تلة جنديرس، حيث عمدت الفرق التركية المتواجدة على التلة لحفر التلة والبحث عن دفائن وآثار من خلال التنقيب عنها بالأجهزة والمعدات التي جلبت إلى التلة مع فرق متخصصة في البحث عن الآثار، وأضافت المصادر الموثوقة للمرصد السوري أنه الطرق القريبة من التلة والواصلة إليها جرى إغلاقها بشكل كامل من القوات التركية، ورصد المرصد السوري صوراً للآليات التي عمدت للتنقيب عن الآثار في منطقة تلة جنديرس، فيما حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على معلومات من مصادر أخرى أن عمليات تنقيب تجري في ريف ناحية معبطلي، بالقطاع الغربي من ريف عفرين، حيث جرت عمليات التنقيب والحفر في منطقتي تل علي عيشة وتل زرافكة عبر استقدام معدات وبأسلوب مشابه لما يجري في منطقة جنديرس من تنقيب وقطع للطرقات إلى المنطقة.

تركيا كانت تحولت خلال الأشهر والسنوات الأخيرة لسوق تصريف للذهب والآثار التي عثر عليها عبر مئات ورشات التنقيب ضمن مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة والإسلامية ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني وتنظيم “الدولة الإسلامية” والفصائل “الجهادية”، إذ كان جرى تهريب لقى ومخطوطات نقلت من شرق دمشق إلى الشمال السوري، نحو الأراضي التركية، إذ كان حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان سابقاً على معلومات من عدد من المصادر الموثوقة أن عمليات النهب للآثار التي تحتويها منطقة عفرين، في القطاع الشمالي الغربي مستمرة، لا تزال مستمرة مشعلة استياء سكان منطقة عفرين ونازحيها، وبث البعض استياءهم بشكل متهكم قائلين:: “جاءوا بادعاءات تحرير عفرين وحمايتها فبات حاميها حراميها”، وأكدت مصادر موثوقة للمرصد السوري أن قيادياً في فيلق الشام الإسلامي المقرب من السلطات التركية، يعمد لتنفيذ عمليات تنقيب عن الآثار في منطقتي ميدانكي والنبي هوري، حيث تجري عمليات نهب الآثار التي يجري العثور عليها أثناء عملية البحث، وسط تعامي تركي مقصود لإطلاق يد الفصائل لتغيير تاريخ المنطقة بعد أن جرى تحويل حاضرها ومستقبلها، وبات سكان المنطقة الذي يبلغ تعدادهم مئات الآلاف نازحين في مخيمات بشمال حلب، فيما منازلهم تنهب وتسلب ويستولى عليها من قبل فصائل قوات عملية “غصن الزيتون”، التي سيطرت على عفرين في أواخر الثلث الثاني من آذار / مارس الفائت من العام 2018.

المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر في الثالث من تشرين الأول / أكتوبر من العام 2018، أن انتهاكات القوات التركية وقوات عملية “غصن الزيتون”، وصلت من النهب وإمحاء آثار تواجد سكان المنطقة فيها، إلى محو تاريخ المنطقة، عبر عمليات نهب عن سابق إصرار وترصد، يعمد فيها المحرضون على تحقيق غايات التغيير الديموغرافي ومحو التاريخ، كما جرى في مناطق سورية مختلفة، فيما يكسب المنفذون المال من عائدات بيع الآثار وما يعثر عليه من مواد أثرية، لتتضاءل الآثار وتقل نسبتها يوماً بعد الآخر نتيجة استباحتها من قبل الجانب العسكري المسيطرة على المنطقة، ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان بالصوت والصورة عمليات سرقة ونهب يقوم بها فصيل عسكري عامل في منطقة عفرين، وفي التفاصيل التي حصل عليها المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن الفيلق الأول التابع للجيش الوطني، والذي يقوده العقيد المنشق عن قوات النظام معتز رسلان، والعامل تحت إمرة السلطات التركية، عمد لسرقة آثار في منطقة قلعة النبي هوري، حيث تمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان من رصد عملية الحفر والسرقة والنهب التي تجري في المنطقة الواقعة في الريف الشمالي لعفرين على مقربة من الحدود السورية – التركية، وأكدت المصادر الموثوقة للمرصد السوري أن قائد الفيلق هو من يشرف على عملية الحفر ونهب الآثار، ضمن حلقة جديدة في سلسلة نهب الآثار في المناطق السورية، حيث تجري عمليات بيعه في السوق المحلية والإقليمية ومن ثم نقله إلى مناطق أخرى، على غرار ما جرى في محافظة إدلب ومحيطها، خلال السنوات الفائتة من قبل الفصائل المسيطرة على المنطقة، وهذه السرقات والنهب لآثار منطقة النبي هوري في عفرين، تأتي بعد انتهاكات كبيرة شهدتها منطقة عفرين بحق المدنيين ومزارع الزيتون وممتلكات المواطنين والبنى التحتية، إذ كان المرصد السوري رصد قصف الطائرات الحربية منذ بدء عملية “عاصفة الزيتون” في الـ 20 من كانون الثاني / يناير من العام الجاري 2018، على 3 مواقع أثرية، هي منطقة دير مشمش الأثرية في جنوب شرق عفرين، ومنطقة النبي هوري في شمال شرق عفرين، كما أغارت على منطقة عين دارة الأثرية في جنوب عفرين، وتسببت الضربات في أضرار مادية بمنطقتي النبي هوري ودير مشمش، فيما خلفت دماراً كبيراً في موقع عين دارة الأثري، وأثارت عملية استهداف المواقع الأثرية من قبل الطائرات التركية، سخط الأهالي الذين اتهموا القوات التركية بمحاولة محو آثار وتاريخ المنطقة، وأنها تتعمد استهداف هذه الآثار التي تدل على الحضارات التي شهدتها منطقة عفرين.

أيضاً فإن المرصد السوري نشر في الثامن من أيار / مايو من العام 2018، أن خلافات ظهرت في الشمال السوري بين مجلس جوبر المحلي وفيلق الرحمن، على مخطوطات قديمة وآثار كانت في عهدة قيادة فيلق الرحمن في جوبر، وفي التفاصيل التي تمكن المرصد السوري من توثيقها، فإن المجلس المحلي لحي جوبر قبل عملية التهجير، استأمن فيلق الرحمن على آثار ومخطوطات يهودية، كانت متواجدة في الكنيس اليهودي ضمن الحي الدمشقي، الواقع في القسم الشرقي من العاصمة، وعند تنفيذ عملية التهجير في أواخر آذار / مارس الفائت، ومطلع نيسان / أبريل الفائت من العام الجاري 2018، عمد فيلق الرحمن لنقل الآثار والمخطوطات معه إلى وجهته في الشمال السوري، وعند مطالبة المجلس بعد الوصول إلى الشمال السوري، لقيادة الفيلق بتسليمها “الأمانات”، أنكر الأخير توجدها لديه، الأمر الذي خلق توتراً كبيراً بين الطرفين، كذلك رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان إجراء الطرفين المعنيين بالمشكلة، لقاءات متتالية، بهدف التوصل إلى حل، فيما أصر فيلق الرحمن على إنكاره لوجود الآثار والمخطوطات لديه، ما دفع المجلس وبعض المقاتلين المنحدرين من حي جوبر، والمنضوين تحت قيادة الفيلق، إلى اتهام فيلق الرحمن متمثلاً بقائده عبد الناصر شمير، بـ “سرقة المخطوطات والآثار التي كانت موجود في الكنيس اليهودي”، ما صعَّد الوتر بين الطرفين بشكل أكبر، حيث أكدت المصادر الموثوقة للمرصد السوري أن الآثار المتواجدة ثمينة جداً.

كما نشر المرصد السوري في وقت سابقا أنه قام بسلسلة من الجولات على مدار أشهر متواصلة، وتمكن من جمع معلومات هامة مع صور وأشرطة مصورة، تؤكد عمليات النهب هذه، فمحافظة إدلب، تعد واحدة من أغنى المحافظات بالآثار، والتي تعود لحقب زمنية تتبع لحضارات متلاحقة عايشتها المنطقة، بعضها يصل للألف الخامس قبل الميلاد، بدءاً من العصر الحجري الحديث “النيوليت”، مروراً بمملكة إيبلا والحقب الحثية والآرامية والآشورية واليونانية والرومانية والبيزنطية، وصولاً للعصر الإسلامي بمختلف مراحله حتى العهد العثماني، حيث تحتضن محافظة إدلب، أكثر من 400 موقع أثري من ضمنها 200 على الأقل، من التلال الأثرية، وتنتشر الآثار في محافظة إدلب ومحيطها، ضمن مناطق بابسقا وباب الهوى جسر الشغور ومعرة النعمان وريفها وباب النيرب وقميناس وسهل الغاب، بالإضافة لمناطق أخرى متناثرة داخل المحافظة، كما أن هذه المواقع تراوحت ما بين محفوظ بشكل كامل وبين قرى لم تبق منها سوى أطلال، بالإضافة لقلاع أو أوابد متناثرة، ومع بدء تبعثر الأمن الاجتماعي وتناثر المسؤولية بين طرفين تمثلا بالمعارضة والنظام، وغياب مسؤولية الطرف الأسبق وهو النظام، بدأت المواقع الأثرية هذه تتعرض للسرقة والنهب والتنقيب، دون رقابة أو سلطة لأحد، على من يمارسون هذه الأعمال، إذ كانت البداية مع أساليب بدائية في الحفر والتنقيب، حيث جرى نهب قطع أثرية ونقلها إلى تركيا، وبيعها لتجار مختصين بمثل هذا النوع من العمليات الربحية، فيما بدأت تتطور -مع مرور الأيام وتصاعد وتيرة التنقيب، وتوسع قاعدة الباحثين عن هذه الآثار- أساليب البحث والتنقيب عن الآثار، فتحولت من قضبان نحاسية وقراءة العلامات الموجودة على الصخور المجاورة للمواقع الأثرية، إلى أجهزة تنقيب حديثة، وأجهزة بحث عن معادن مدفونة، وفرض هذا الفلتان وعدم القدرة على ضبط عمليات التنقيب عن الآثار، استشراء هذه الأعمال بين سكان محافظة إدلب، وبات العاطلون عن العمل، يشغلون أنفسهم بالبحث عن لقى أثرية أو كنوز أو قطع أثرية مهمة، فيما لم يعتري أي أحد من المنقبين الخوف، من البحث عن هذه الآثار، لغياب الرقابة