عفرين تحت الاحتلال (49): الاستمرار في نهب كنوز المواقع والتلال الأثرية…اعتقالات واسعة واستيلاء على المنازل

49

في خطى نشر أفكار “العثمانية الجديدة” لا تنفك حكومة العدالة والتنمية برئاسة أردوغان عن الترويج لما تسمى بأمجاد وأفضال العثمانيين وحقهم في بلاد (العالم الإسلامي)، الجدد منهم خاصةً، عبر خطابات ودروس رجال الدين وأئمة المساجد وأنشطة مختلف المؤسسات والمنظمات التابعة لها، وبالاعتماد على موالين لها من أبناء شعوب غير تركية، لا سيما سوريون كُثُر، ارتضوا أن يقدموا البيعة والطاعة لـ “سلطانهم الجديد” تحت جنح منافع آنية وعقائد متزمِّتة، وإن كان على حساب مصالح وكرامة سوريا دولةً وشعباً وبجميع مكوناتها. وهكذا يتم تبرير أنشطة تركيا السيادية وممارساتها المنافية لحقوق الإنسان والشعوب ضمن مناطق نفوذها – شمال سوريا، ويُطْلَق خطاب الكراهية ضد الكُـرد عموماً، وتُنْشَر مقاطع فيديو مصورة في منطقة عفرين تتضمن أقذع العبارات والتلفيقات نحو أهاليها، كما يُبَرَر تغيير هوية المنطقة وتدمير وسرقة ممتلكاتها الثقافية من قبل تركيا ومرتزقتها، التي تستمر في نبش وجرف المواقع والتلال الأثرية، إذ تجري منذ عشرة أيام أعمال الحفر بالآليات الثقيلة في تل أثري شمالي قرية مروانية تحتاني- جنديرس وحوله بين حقول الزيتون، وقبل حوالي ثلاثة أشهر تم حفر تل جرناز الأثري غربي قريتي سنارة وآنقلة- شيخ الحديد، وقبل حوالي شهر تم الحفر بين حقول الزيتون غرب وجنوب قرية آنقلة، وهناك أنباء عن أعمال حفر جديدة- الأسبوع الفائت- في تل جرناز وإخراج ونقل كميةٍ من كنوزه الدفينة، ومنذ ١٧ آب تقوم مجموعة مسلحة بالحفر بين حقول الزيتون في موقع “بازارية” بين قريتي قزلباش ودرويش- ناحية بلبل. ويُذكر أنه لدى اجتياح قوات الاحتلال التركي وميليشياتها لقريتي سنارة وآنقلة- آذار 2018، تم جرف مزار “علي دادا” الإسلامي ومقبرته الواقعة بين القريتين، فأُزيل المرقد وحوالي /300/ قبرٍ من الوجود، وأُنشئت في مكانها قاعدة عسكرية التي ألغيت فيما بعد.

“تل جرناز الأثري قبل الحفر والجرف”

وفي مجال الاختطاف والاعتقالات، فَحَدِّث ولا حَرج، اختفاءٌ قسري وابتزازٌ للأهالي على دفع فدى مالية كبيرة، وهناك قلق كبير على حياة المختطفين، إضافةً إلى تكرار عمليات الاعتقال بحق نفس الأشخاص ودفعهم لغرامات مالية في كل مرّة، وترافق عمليات الاعتقال مصادرة الهواتف الخليوية وإهانة وتعذيب الضحايا؛ فقد تعرضت قرية شيخ بلال- راجو بتاريخ 17 آب لحملة اعتقالات طالت حوالي /15/ شخصاً للمرة الثانية بعد اعتقالهم أوائل شهر آب، وأُطلق سراح بعضهم بعد عدة أيام ودفع مبالغ مالية، ولايزال خمسة منهم قيد الاحتجاز، وفي يومي 17- 18 آب تم اعتقال حوالي /8/ أشخاص من قرية جقلمة- راجو.

وبتاريخ 20 آب في قرية قوتا- بلبل تم اعتقال المواطنين (قادر سيدو، بشير محمد سيدو وزوجته- معلمة مدرسة، والمدرس المتقاعد عبدو قوتا) وشخص آخر، حيث أُفرج عن المرأة في ذات الليلة وعن الآخرين بتاريخ 22 آب.

وبتاريخ 21 آب في ناحية معبطلي، تم اعتقال المواطنين (محمد علي خليل حمو، لقمان محمد حمو، رفاعي حكمت إبراهيم حمو، حسن رشاد حمو، فوزي عبد القادر حمو، عنايت حمو) من قريتي كوبكيه وكوليكا، والمواطن صبري حمو من قرية آفراز المجاورة، للمرة الخامسة والسادسة لبعضهم، ولايزال مصيرهم مجهولاً، حيث أن ميليشيات لواء الشمال حاولت تنصيب أبراج شبكة الأنترنت على سطوح بعض المنازل في قرية كوبكيه، ولكن أصحابها اعترضوا على ذلك.

وبتاريخ 18 آب، تم اختطاف المواطنين (صبري ايبش، عبدالله حنان، خبات حنان، فريد رشو) من قرية جولاقا- ناحية بلبل، وأُفرج عن اثنين منهما بعد دفع فدى مالية، ويُطالب الخاطفون ذوي الآخرين بفدى مالية كبيرة لقاء تركهما.

لا يتردد مسلحو الميليشيات عن إهانة أهالي عفرين لأتفه الأسباب والحجج، فخلال الأسبوع الفائت أطلق مسلح والد طفلٍ غرق بقدر الله في مياه سد ميدانكي عبارات نابية وشتائم بحق الكُـرد، وتهجم على أطفالهم المتواجدين وأطلق الرصاص بين أرجلهم، كما قام مُسلح آخر بتهديد المواطن الكردي رشيد سيدو وإطلاق الرصاص على المنزل الذي يسكنه في بلدة ميدانكي، ليجبره على ترك المنزل العائد لمواطن من البلدة، وليتسنى له الاستيلاء عليه، ولكن سيدو لم يُخليه ولازال ساكن فيه. هذا وتتوسع عمليات الاستيلاء على منازل السكان الأصليين وتوطين المستقدمين الجدد فيها، في ظل ازدياد أعداد النازحين الفارين من مناطق شمال حماه وجنوب إدلب التي شهدت أعمال قتالية حامية. ففي محاولات متكررة طالبت مؤخراً ميليشيات لواء الشمال من عائلات كردية لم تستطع العودة لقراها ومنازلها لإبرام عقود آجار بالمنازل التي اضطرت للسكن فيها بقرى آفراز وكوبكيه وكوليكا وشيخ كيلو- ناحية معبطلي، لكي تقوم بقبض الآجار، حيث هناك عائلة كردية وبعض العوائل من الذين تم توطينهم تُجْبَر على دفع آجار شهرية لتلك الميليشيات، بحجة استيلائها على منازل الغائبين وحقها في استثمارها.

هذا، وقد بدأت عمليات النهب والسرقة لموسم الجوز في منطقة عفرين، إلى جانب السرقات للمواسم الأخرى وبشكل متواصل دون أي رادع أخلاقي أو أمني أو قانوني.

في ظل التعتيم الإعلامي الذي يُخيم على منطقة عفرين والتغاضي العام عن الانتهاكات والجرائم المرتكبة فيها، وعدم اكتراث المجتمع الدولي بها، خاصةً المعنية منه بشكل مباشر بالأوضاع السورية، يَشْعُرُ أهالي عفرين المتبقين فيها وفي خارجها بالخذلان لطالما كانوا على الدوام من مناهضي الإرهاب ومحبي الإنسانية وأسس العيش المشترك، ومن المتمسكين بالقيم الوطنية والديمقراطية.

24/8/2019

المكتب الإعلامي-عفرين

المصدر: حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

 

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد