اعتقالات واغتيالات وخطف ونهب وتعفيش وتجنيد قسري…انتهاكات النظام تأتي على الأخضر واليابس في مناطق سيطرته…استياء وتوتر بين السكان…ومحاولات لجذب الانتباه

42

على مدار الأشهر القليلة الماضية، تراجعت وتيرة الحرب في سوريا إلى حد ما.. استعاد النظام سيطرته على مناطق كثيرة متفرقة، وظن سكانها أنهم سيكونون بمأمن أخيرا من ويلات الحرب التي دمرت حياتهم على مدار السنوات الثماني الماضية، لكن تأتِ الرياح بما لا تشته السفن، فقد كانت استعادة النظام سيطرته على الأراضي السورية فصلا جديدا في سلسلة الويلات والأزمات التي يعاني منها السوريون، بداية من عمليات القتل المتواصلة مرورا بالانفلات الأمني وصولا إلى انتهاكات النظام المتكررة بحق سكان المناطق التي استعاد السيطرة عليها، وهو ما زاد من حدة توتر الأجواء في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، بشكل جعل عمليات الاغتيالات والقتل شبه يومية، وسط مخاوف من تزايد الفلتان الأمني والانتهاكات.

وعلى مدار الأسابيع والأشهر الماضية، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان عددا لا يحصى من الانتهاكات التي تُرتكب ضد المواطنين السوريين في مناطق سيطرة النظام، لعل أبرزها الاستياء من الأوضاع المعيشية وعمليات القتل والاغتيالات والتشبيح، إضافة إلى استهداف من أجروا المصالحات في محيط العاصمة والجنوب السوري وغيرها من المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام. ويبدو أن تلك الأحداث ترجع إلى تعدد القوى المسيطرة على مناطق سيطرة النظام، فضلا عن ظهور مسلحين مجهولين باسم “المقاومة الشعبية” اختاروا السلاح تعبيرا عن رفضهم لعودة النظام السوري إلى محافظة “درعا”، فيما يواصل المدنيون رفضهم لوجود النظام وحلفائه عبر كتابات مناوئة على جدران الطرقات والمدارس. وتُعد “درعا” هي المسرح الرئيسي لتصفية الحسابات الشخصية والاستهدافات المتكررة، حيث لا يكاد يمر يوم واحد دون محاولة اغتيال أو هجوم أو تفجير.

الاغتيال والتفجيرات والخطف.. عقوبة التعاون مع النظام في مناطق سيطرته
لا تزال مناطق المصالحات والمناطق الواقعة تحت سيطرة النظام أرضا خصبة لنشاط المجموعات المناهضة للنظام وميليشياته، وهو ما يعزز من عمليات الثأر والقتل في ظل موجة الفلتان الأمني التي تجتاح المنطقة. ووثق المرصد السوري، في 17 أغسطس/آب الجاري، اغتيال مجهولين لإمام وخطيب مسجد في بلدة “علما” بريف درعا الشرقي، بسبب تعاونه مع النظام، حيث أكدت مصادر موثوقة لـ”المرصد السوري”، أن الإمام القتيل كان يحمل بطاقة أمنية وكان يرافقه حرس شخصي. وقبلها بيومين فقط، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عملية اغتيال أخرى في ريف درعا الغربي، حيث أقدم مجهولون على إطلاق النار على عنصرين من “الفرقة الرابعة” ضمن قوات النظام في بلدة “نهج”، ما تسبب في مقتلهما على الفور. وكانت مصار موثوقة كشفت لـ”المرصد السوري” عن إطلاق مسلحان مجهولان يستقلان دراجة نارية، النيران على عنصر من قوات النظام في بلدة “الشيخ سعد” في ريف درعا الغربي، ما أدلى إلى مقتله على الفور.

وفي السادس عشر من أغسطس، كشفت مصادر لـ”المرصد السوري” عن العثور على جثة شخص مجهول الهوية تحمل آثار تعذيب، بين قرية “سليم” “ريمة حازم” في ريف السويداء الشمالي، في إطار الفلتان الأمني لاذي ينتشر في عموم محافظة السويداء، بعد يومين من هجوم مسلحين مجهولين على آليات تابعة لما يُعرف بـ”قوات شيخ الكرامة” في جنوب محافظة السويداء على الطريق الواصل بين مدينتي “السويداء – صلخد”. وأشارت مصادر لـ”المرصد السوري”، إلى أن قوات النظام تسعى إلى جر المنطقة إلى فلتان أمني من خلال الشبيحة والخلايا التابعة لها، لإجبار أبناء السويداء على الانخراط في القتال ضمن صفوف النظام السوري. وكانت “قوات شيخ الكرامة” التي تضم مسلحين محليين من السويداء وريفها والموالية لقوات النظام، عمدوا في الخامس والعشرين من شهر مايو/آيار الماضي، إلى إعدام 3 أشخاص بتهمة اغتيال أحد قادة تلك القوات في بلدة “صلخد” مطلع الشهر الجاري.

وشهدت مدينة السويداء، في 18 يونيو/حزيران الماضي، توترات كبيرة على خلفية اختطاف ناشط مدني معارض للنظام، حيث وجه النشطاء أصابع الاتهام إلى مخابرات النظام، وأكدوا أن المخابرات هي من اختطفت الناشط المدني. ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان وقفة احتجاجية نفذها العشرات أمام مبنى محافظة السويداء، حيث رفع المحتجون لافتات “الحرية للمعتقلين قسريا” و”الحرية لمعتقلي الرأي” و”الحرية للناشط السلمي مهند شاب الدين” و”مهند ليس بمجرم أو إرهابي أو تاجر مخدرات كي ينتهي بالمعتقل”.

وفي الحادي عشر من أغسطس الجاري، انفجرت عبوة ناسفة زرعها مجهولون على طريق المشفى في مدينة “جاسم” شمال غرب درعا، حيث استهدفت تلك العبوة عناصر من قوات النظام، ما أدى لوقوع عدة جرحى في صفوفهم. ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل عنصر وإصابة آخر من قوات حرس الحدود التابعة لجيش النظام، خلال إطلاق مسلحين مجهولين النيران عليهما على الطريق الحربي بين بلدة “نصيب” والجمرك القديم. وفي العاشر من الشهر نفسه، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عملية اغتيال جديدة طالت عنصر من قوات الحرس الجمهوري التابعة للنظام، حيث أقدم مجهولون على إطلاق النار على عناصر من الحرس الجمهوري بمدينة نوى شمال غرب درعا، ما أسفر عن مقتل عنصر وإصابة اثنين آخرين بجراح مختلفة.

ومن بين عمليات الاغتيال والقتل المتواصلة نتيجة الفلتان الأمني في منطقة سيطرة النظام، اغتيال “مخبر” للأمن العسكري بعد إطلاق النار عليه من قبل مجهولين في مدينة “الصنمين”، خلال وقفة احتجاجية استنكارا للفوضى التي تتصاعد يوما بعد يوم في المدينة وفي عموم محافظة درعا. وفي التاسع من أغسطس، هز انفجار بلدة “طفس” في ريف درعا الغربي، وعلم المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الانفجار ناجم عن استهداف بقذيفة “آر.بي.جي”، ما أدى إلى إصابة مواطنين من عائلة واحدة بجروح متفاوتة. ورصدت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان كذلك إطلاق مجهولين النيران على 3 عناصر ممن أجروا “مصالحات وتسويات” وأصبحوا ضمن صفوف قوات النظام، في الحي الغربي لمدينة الصنمين، ما أدى إلى إصابتهم بجراح متفاوتة.

ووثق “المرصد السوري” كذلك عملية اختطاف أحد مخبري قوات النظام بالقرب من مدينة “درعا”، في إطار الفوضى التي تعيشها المحافظة. وفي الثامن من أغسطس، رصدت مصادر “المرصد” اشتباكات بين مسلحين يُرجح أنهم من “المقاومة الشعبية” التي يتزايد نشاطها في محافظة درعا، وعدد من قوات النظام، خلال هجوم لـ”المقاومة” على أحد حواجز النظام في بلدة “تسيل” في ريف درعا الغربي، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية. وفي اليوم نفسه، اغتال مجهولون عنصرا من قوات “الحرس الجمهوري” في بلدة “تل شهاب” بريف درعا الغربي. وقبل تلك العملية بساعات معدودة، اغتال مسلحون عنصرين من مقاتلي فصائل “التسوية” في “درعا البلد” بمدينة “درعا”، بعد أن كانوا أجروا مصالحات وتسويات في وقت سابق وانضموا إلى صفوف قوات الفرق الرابعة ضمن قوات النظام.

وفي الرابع من أغسطس، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان اغتيال شابين من عائلة واحدة على أيدي مجهولين، حيث عُثر على الجثتين عند الطريق الحربي جنوب غرب مدينة “درعا”، فيما كانت اشتباكات قد وقعت بين قوات النظام ومسلحين في الثالث من الشهر، في الحي الشمالي من المدينة، واستمرت لعدة ساعات دون أن ترد معلومات عن خسائر بشرية لدى أي من الطرفين. كما رصد المرصد السوري كذلك اغتيال مسلحين يرجح أنهم تابعين لـ”المقاومة الشعبية”، أحد الأشخاص العاملين مع “حزب الله” اللبناني بشكل سري في بلدة “ناحتة” في ريف درعا الشرقي.

وفي 31 من يوليو/تموز الماضي، ررصد المرصد السوري لحقوق الإنسان اغتيال مسلحين مجهولين رئيس بلدية بلدة “جلين” في ريف درعا الغربي، إضافة إلى اغتيال عنصرين من المخابرات الجوية التابعة للنظام السوري بالقرب من مقبرة “برق” جنوب بلدة “تسيل”. وفي 29 من الشهر نفسه، هاجم مسلحون مجهولون حاجزا ومواقعا لقوات النظام والميليشيات الموالية لها في المنطقة الواصلة بين “الجبيلية” و”غدير البستان” في ريف درعا الغربي، في حين اغتال مجهولون أحد عملاء النظام ويشغل منصب “رئيس شعبة حزب البعث” في بلدة “جاسم”، في السابع والعشرين من الشهر نفسه.

اعتقالات ومداهمات وتجنيد قسري.. النظام السوري يواصل انتهاكاته بحق السوريين
لا حصر للانتهاكات التي ترتكبها قوات النظام في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وهو ما تسبب في حالة من التوتر داخل تلك المناطق، وسط تصعيد من جانب القوى الأمنية وقوات النظام والمسلحين الموالين لها، حيث عمدت تلك قوى النظام إلى نهب المواطنين وانتهاك حقوقهم وفرض الإتاوات وتضييق الخناق عليهم، إضافة إلى التجنيد الإجباري للمدنيين ضمن صفوف قوات النظام. ومع تواصل انتهاكات النظام، يحاول البعض التعبير عن غضبهم من خلال استهدافات مراكز ومقار قوات النظام ومخابراتها، إضافة إلى كتابة عبارات مناهضة للنظام وتمزيق صورة رأس النظام بشار الأسد. ورصد “المرصد السوري”، خلال الأيام الأخيرة، تمزيق صورة لرئيس النظام في ساحة منطقة “قدسيا” بضواحي العاصمة “دمشق”، مترافقا مع كتابة عبارات مناهضة للنظام على جدران مختلفة في البلدة، مثل “الشعب يريد إسقاط النظام.. ارحل.. حرية للأبد”، أعقبه توتر في البلدة واستنفار للبحث عن الفاعلين لاعتقالهم، كما جرت عمليات إزالة العبارات من الجدران التي كتبت عليه.

وفي إطار انتهاكاتها المتواصلة، وبشكل يعيد إلى الأذهان سيناريو “درعا” الشهير، عمد حاجز “تسيل” التابع للمخابرات الجوية غرب محافظة درعا، إلى اعتقال 5 أطفال دون سن الثمانية عشر من أبناء بلدة “طفس”، دون معلومات عن أسباب الاعتقال، وسط استياء شعبي ومطالب بالإفراج عنهم، فيما قالت مصادر موثوقة لـ”المرصد السوري”، إن قوات النظام عمدت إلى شن حملة أمنية ضد سائقي الدراجات النارية في بلدة “داعل” بالقطاع الأوسط من ريف درعا، وصادرت عددا كبيرا من تلك الدراجات، على خلفية حوادث استهداف لقوات النظام باستخدام الدراجات النارية. وفي الخامس من أغسطس الجاري، علم المرصد السوري من مصادر موثوقة أن فرع “الأمن الجنائي” التابع لقوات النظام في مدينة “أزرع” بريف درعا، اعتقل 13 شابا خلال استخراجهم أوراق رسمية من السجل المدني. وفي 14 أغسطس، كشفت مصادر موثوقة لـ”المرصد السوري”، عن شن أجهزة النظام الأمنية حملة مداهمات واعتقالات في بلدة “الشيخ سعد”، ما أسفر عن اعتقال 5 مواطنين من منازلهم واقتيادهم إلى جهة مجهولة دون توضيح أسباب الاعتقال.

وفي الحسكة، كشفت مصادر موثوقة لـ”المرصد السوري”، في 14 يوليو الماضي، عن استنفار قوات النظام وسط مخاوف من اندلاع اشتباكات بين قوات النظام وميليشيا “المقنعين” الموالية للنظام، على خلفية عدم انصياع الميليشيا لأوامر أجهزة النظام الأمنية في المدينة. وشهد ريف دمشق الجنوبي، وتحديدا بلدة “يلدا”، في 22 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي 2018، توترات مترافقة مع مواصلة قوات النظام التشديدات الأمنية فيها على خلفية رفض اتفاق “المصالحة مع النظام”. كما شهدت البلدة تمزيق مجهولين لصورة رأس النظام السوري بشار الأسد، ما تسبب في حملة اعتقالات ومداهمات واسعة بحثا عن منفذي العملية.

وواصلت أجهزة النظام انتهاكاتها أمام أعين الضامنين، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عمليات مداهمة نفذتها قوات النظام ضد مقاتلين في فصائل “المصالحة” ومدنيين في مناطق في ريف درعا، تزامنا مع فرض الإتاوات والتعفيش لممتلكات ومحتويات منازل قرى وبلدات في ريف درعا، ما تسبب في حالة استياء واسعة بين الأهالي نتيجة الانتهاكات اليومية للنظام بحق المدنيين، من إهانات واعتقالات وعمليات سلب ونهب وفرض إتاوات، ناهيك عن تعمد قوات الشرطة العسكرية الروسية، صم آذانها عن هذه التجاوزات والانتهاكات.

ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان نقل قوات النظام العشرات من مقاتلي الفصائل السابقين الذين أجروا “مصالحات وتسويات” مع قوات النظام في محافظة درعا، إلى جبهات القتال في محافظة “إدلب”، كما رصد إرسال الفصائل الخاصعة لـ”المصالحة” مع قوات النظام، عشرات المقاتلين، للقتال إلى جانب قوات النظام ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في بادية ريف دمشق عند الحدود الإدارية مع ريف السويداء، بعد قتالهم سابقاً إلى جانب قوات النظام ضد جيش خالد بن الوليد المبايع لتنظيم الدولة، في حوض اليرموك بالقطاع الغربي من ريف درعا.

ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، خلال الأسابيع والأشهر الماضية، حملة تجنيد واسعة تجريها قوات النظام للشبان في المناطق التي جرى فيها التوصل إلى “مصالحات”، وإجبارهم على حضور دورات تدريبية عسكرية ومن ثم نقلهم إلى جبهات القتال. وحتى 20 أغسطس 2018، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان تجنيد قوات النظام لنحو 53500 منذ مطلع شهر أبريل/نيسان 2018، من المناطق التي عادت إلى سيطرة النظام وفقا لصفقات تغيير ديموغرافي عبر تهجير الرافضين للاتفاقات التي جرت بين الفصائل وممثلين عن المنطقة والنظام بضمانات روسية في محافظتي القنيطرة ودرعا ومن جنوب العاصمة “دمشق” وبلدات ومدن غوطة دمشق الشرقية وريف دمشق الجنوبي والقلمون الشرقي وسهل الزبداني ومضايا ووادي بردى وريف دمشق الغربي ومنطقة التل في ريف العاصمة. وكشفت مصادر موثوقة، لـ”المرصد السوري”، أن عمليات التجنيد في تلك المناطق جرت بطلب من القوات الروسية، وسط تخوفات ضباط ومجموعات داخل قوات النظام، من الهدف الروسي من عمليات التهجير وكسب ود السكان المتبقين في مناطق “التسوية والمصالحات”.

وعلى الرغم من حملات المصالحات والتسويات، لم تنفك مخابرات النظام تواصل اعتقالاتها وحملاتها العشوائية في عموم المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، حيث رصد المرصد السوري اعتقال أجهزة النظام قيادي سابق من الفصائل ممن أجروا “مصالحة وتسوية” إذ جرى اعتقاله من منزله في بلدة “جباب” بريف درعا. وفي غوطة دمشق الشرقية، علم المرصد السوري لحقوق الإنسان من عدة مصادر موثوقة، أن الأجهزة الأمنية التابعة لمخابرات النظام عمدت إلى اعتقال 7 نساء يعملن في مجال “الدعوة الإسلامية” في مدينة “دوما” شمال شرق العاصمة “دمشق”. وبحسب مصادر المرصد السوري، جرت عمليات الاعتقال تلك في توقيتات مختلفة على مدار الأيام والأسابيع القليلة الماضية، ولم تقتصر عمليات ملاحقات الداعيات على اعتقالهن فقط، بل امتدت لابتزاز بعضهن. ووفقا لمعلومات موثوقة، جرى ابتزاز ناشطة دعوية كانت معتقلة لدى “فرع الخطيب” في العاصمة “دمشق”، على أيدي ضباط النظام، للحصول على مبالغ مالية مقابل إغلاق ملفها لدى الفرع وعدم استدعائها مجددا للتحقيق.

وفي 21 أبريل الماضي، علم المرصد السوري من عدة مصادر أن أجهزة أمن النظام نفذت حملات اعتقال في مدينة “التل” شمال العاصمة “دمشق”، أسفرت عن اعتقال مواطن وزوجته و3 شباب آخرين من أبناء المدينة، على أيدي فرع المخابرات الجوية التابعة لقوات أمن النظام. وفي شهر يوليو، رصد “المرصد السوري” عبارات تهدد من أجروا مصالحات وتسويات مع قوات النظام في بلدة “الغارية الشرقية” بريف درعا الجنوبي الشرقي، جاء فيها: “لمن باع ضميره وكرامته ودينه، نحن نراكم والقادم أدهى وأمر.. ثورة حتى النصر”.

أوضاع معيشية صعبة.. ومحاولات لجذب الانتباه
لا تتوقف انتهاكات النظام في المناطق الواقعة تحت سيطرته عند حد عمليات القتل والفلتان الأمني والاغتيالات والاعتقالات والمداهمات، حيث إن الأوضاع الإنسانية التي يعيشها المدنيون ضمن مناطق سيطرة النظام، دفعت العديدين إلى محاولة التعبير عن غضبهم من سوء الأحوال المعيشية، وهو ما دفع مسنا حمويا لمحاولة الانتحار في مدينة “حماة” في 15 يناير/كانون الثاني 2019، حيث ألقى بنفسه في مجرى نهر العاصي بمنطقة “أم الحسن” في مدينة “حماة”. وبحسب معلومات المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكد المقربون منه أن محاولة الانتحار جاءت على خلفية سوء أحواله المعيشية. وقبلها بيوم واحد، علم المرصد السوري لحقوق الإنسان، من مصادر موثوقة، أن حالة الاستياء تزايدت في مناطق سيطرة قوات النظام البالغة أكثر من 60% من مساحة الأراضي السورية، بسبب التوترات بين السكان والسلطات القائمة عليهم، وسط أزمة في الحصول على مواد التدفئة والغاز المنزلي. ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، تحول الاستياء إلى حالة تعبير واضحة وبطريقة صارخة، حيث أظهر شريط مصور مقاتلا سابقا في صفوف قوات النظام كان قد تعرض لإصابة خلال خدمته في صفوف النظام، يدعو لإسقاط نظام “الأسد” من وسط مدينة “طرطوس” التي لم تفلت من سيطرة النظام طوال السنوات الماضية.

وعلم المرصد السوري، عبر مصادر موثوقة، أن حالة الاستياء تفاقمت داخل مناطق سيطرة النظام، وسط مخاوف من قيام قوات النظام بالانتقام من مؤيديه وحاضنته بدلا من إيجاد حلول شاملة تنهي الأزمة الخانقة الجارية في مناطق سيطرته، وشهدت حالة الاستياء تلك تضامن فنانين ومثقفين وفعاليات مختلفة، طالبت رئيس النظام والحكومة التابعة للنظام بالتدخل الفوري لحل الأزمة، فيما هدد أحد العاملين في المجال الطبي في مناطق سيطرة النظام بالانتحار في 18 يناير من العام الجاري.

واستطلع المرصد السوري لحقوق الإنسان آراء سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بشأن قدرته على إحداث أي تغيير في حياة السكان المعيشية، حيث أكدوا أن “النظام يعمل على افتعال الأزمات من خلال تجار الحرب لتحقيق ربح أكبر والبيع بأسعار مضاعفة، وما يجري ليس إلا افتعالا للأزمات، فبعد أن نهبوا الأخضر واليابس لم يبقَ لهم بعد التعفيش سوى رواتب الموظفين وأجور العمال ليشبعوا بها جشعهم… رأينا كيف أن المسؤولين الكبار في سلطات النظام لم يتمكنوا من إيقاف عمليات التعفيش، بل كان مصير المنتقدين هو الإسكات بطرق مختلفة، واليوم نرى هذه الأزمة تجري بعيداً عن اهتمام المسؤولين المكتفين من كل شيء”.
وما يؤكد أن النظام يفتعل الأزمات في المناطق الخاضعة لسيطرته لإحكام قبضته على تلك المناطق، هو ما نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان في 23 مايو/آيار الماضي، حيث حاصرت قوات النظام مدينة “الصنمين” لمدة 8 أيام متواصلة، من خلال قطع الطرقات المؤدية للمدينة ومنع الخروج والدخول إليها ومنع إدخال المواد الغذائية.

ولا تتوقف محاولات لفت الانتباه إلى سوء الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرة النظام عند ذلك الحد، ففي 30 يوليو الماضي، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان تعبير مواطنين ومجهولين عن رفضهم لوجود قوات النظام والمليشيات الموالية لها في محافظة “درعا”، من خلال عبارات على جدران المدارس والبلدات والقرى في مناطق متفرقة من المحافظة، مون بينها: ” يسقط النظام وكل جنوده وثورة حتى النصر”، و”أهل إدلب أهلنا”. وعلى جدران بلدة “الكرك الشرقي”، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عبارات مناهضة لقوات النظام والتواجد الإيراني وتواجد “حزب الله” اللبناني، جاء فيها “قادمون يا كلاب إيران وحزب اللات… سرايا الجنوب”، و”حزب البعث حزب خاين والانتساب إليه جريمة… سرايا الجنوب”.

وشهدت بلدة “داعل” بالقطاع الأوسط من ريف درعا، حالة استياء واسعة على خلفية شح المحروقات في البلدة، ورصد المرصد السوري كتابات مناوئة للمصالحة ولقوات النظام، إذ أقدم مجهولون على كتابة عبارات “الخدمة الإلزامية قتال في سبيل الكفار” و”التسويات مذلة قبل الموت”. وفي “درعا البلد”، رصدت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، عبارات خطها مجهولون، جاء فيها: “آلامنا في لقمة عيشنا لن تنسينا معتقلينا، وكرامتنا فوق قبضتكم الأمنية، ونرفض خيمة العار”، و”يسقط حزب البعث وبدنا المعتقلين يا بشار اللعين، ولا للخدمة الإلزامية”.