إردوغان وبوتين وروحاني يعقدون في أنقرة قمة خامسة حول سوريا

28

استضاف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة الإثنين قمة لبحث الاوضاع في سوريا بمشاركة نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، وقد تعهّد القادة الثلاثة بالتعاون لتفادي تفاقم الأزمة الإنسانية في إدلب، آخر معقل للمعارضة في البلاد.

وعقد الرؤساء الثلاثة محادثات منفصلة في العاصمة التركية قبيل قمة هي الخامسة بينهم حول النزاع في سوريا منذ العام 2017.

وبينما دعمت إيران وروسيا بشدة الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أن تركيا دعت مرّات عدة للإطاحة به ودعمت فصائل مسلحة في المعارضة.

لكن مع تمكّن الأسد من تعزيز وضعه، تحوّلت أولويات تركيا إلى منع تدفق اللاجئين بشكل كبير من إدلب الواقعة في شمال غرب البلاد.

وكانت التصريحات الصحافية مقتضبة، وقال إردوغان إن المحادثات كانت “بناءة” وإن القادة الثلاثة اتّخذوا “قرارات هامة”.

وقال إردوغان في تصريح متلفز لدى افتتاح القمة “نحن متّفقون تماما في سعينا إلى التوصل لاتفاق سياسي يحفظ الوحدة السياسية لسوريا وسلامة أراضيها”.

وتشعر أنقرة بالقلق من تقدم قوات النظام السوري في المنطقة، مدعومة بغطاء جوّي روسي، رغم سلسلة اتفاقات لوقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها.

وتنشر تركيا 12 نقطة مراقبة في إدلب ومحيطها في تطبيق لاتفاق سوتشي الذي تم التوصل إليه قبل عام ونصف عام على إقامة منطقة منزوعة السلاح في المحافظة لمنع عملية عسكرية سورية واسعة.

لكن تواجه نقاط المراقبة التركية مخاطر متزايدة إذ انفصلت إحداها عن باقي أجزاء إدلب عندما تقدمت قوات النظام الشهر الماضي.

وتواصلت الضربات الجوية الروسية في المنطقة رغم اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين أنقرة وموسكو الذي أبرم في 31 آب/اغسطس.

وقال بوتين في افتتاح القمة إن “منطقة خفض التصعيد يجب ألا تشكل ميدانا للاستفزازات المسلّحة”.

وتابع الرئيس الروسي “علينا اتّخاذ تدابير إضافية لتدمير التهديد الإرهابي الآتي من منطقة إدلب تدميرا كاملا”.

– “حل سياسي دائم” –

وجاء في البيان الختامي للقمة أن القادة الثلاثة “قلقون من خطر حصول مزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية في (إدلب) وجوارها نتيجة التصعيد المستمر، ومتّفقون على اتّخاذ خطوات ملموسة للحد من الخروق”.

كذلك أعلنوا أنهم توصلوا لاتفاق حول تشكيلة اللجنة الدستورية التي طال انتظارها والتي ستتولى الإشراف على المرحلة المقبلة من التسوية السياسية في سوريا.

وقالت المحللة لدى مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة إن تشكيل اللجنة الدستورية يشكل أولوية لروسيا التي تريد تحقيق انتصار سياسي يضاف إلى انتصاراتها العسكرية في سوريا.

وقالت لفرانس برس إنه حتى وإن تم الاتفاق على الجهة التي ستشكل اللجنة، “تبقى هناك مسائل جوهرية لم يتم التعاطي معها تتعلق بمستقبل العملية السياسية بما في ذلك قدرة ورغبة النظام على القيام بأي إصلاح سياسي”.

وكان الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين سعوديتين في نهاية الأسبوع حاضرا بقوة في القمة.

واتّهمت واشنطن إيران بشن الهجوم، مما فاقم التوترات ودفع بالمنطقة نحو مزيد من التصعيد.

وتلعب إيران دوراً مهماً على أرض المعركة في سوريا إلا أنها حدّت من علنية دورها في الأشهر الأخيرة.

وقال روحاني في افتتاح القمة إن “وجود القوات الأميركية في بلد مستقل وعضو في الأمم المتحدة مثل سوريا يهدد سلامة اراضيه وسيادته الوطنية”.

وأضاف “يجب أن تخرج القوات الأميركية حالا” من سوريا.

وتطرّق البيان الختامي بشكل جزئي لهواجس إيران التي اعتبرت أن الهجمات التي تشنّها إسرائيل في سوريا تؤدي إلى مزيد من “الزعزعة” وتنتهك سيادة سوريا.

كذلك تطرّق البيان لهواجس تركيا في ما يتعلّق بتعزيز قدرات القوات الكردية في شمال سوريا.

وفي إشارة واضحة إلى الأكراد جاء في البيان أن محاولات جماعات “فرض واقع جديد على الأرض” وطرح “مبادرات حكم ذاتي غير مشروعة” غير مقبولة.

وهددت تركيا مراراً بإطلاق عملية عبر الحدود ضد الفصائل الكردية السورية، التي ترى أنها متحالفة مع مقاتلين أكراد في أراضيها.

وتوترت على إثر ذلك العلاقات بين تركيا وحليفتها في حلف شمال الأطلسي الولايات المتحدة، التي تدعم الفصائل الكردية في سوريا — أبرز قوة مقاتلة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وتعهدت الولايات المتحدة بالعمل مع تركيا لإبعاد القوات الكردية عن حدودها، لكن أنقرة تشير إلى أن التقدم كان “شكليًا” حتى الآن وسط احتمالات بأن تطلق عملية في سوريا نهاية الشهر الجاري.

ونفّذت أنقرة عمليتين عسكريتين في سوريا في السابق، الأولى ضد تنظيم الدولة الإسلامية في 2016 والثانية ضد وحدات حماية الشعب الكردية في 2018.