خيارات أكراد سوريا بعد التحولات الأخيرة

34

يتساءل كثيرون عن المصير الذي سيؤول إليه أكراد سوريا بعد إبرامهم اتفاقا قضى بدخول قوات النظام السوري إلى مناطقهم شمالي البلاد، بموازاة اتفاق آخر بين أنقرة وواشنطن يتم بموجبه سحب قوات سوريا الديمقراطية إلى العمق السوري، مقابل وقف الحملة العسكرية التي بدأتها أنقره قبل أكثر من أسبوع.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتهم قوات حماية الشعب الكردية، الفصيل الأبرز بقوات سوريا الديمقراطية، بأنها امتداد لحزب العمال الكردستاني ويقول إن لديهم نزعات انفصالية.

وعلى غرار كردستان العراق، نجح أكراد سوريا بعد اندلاع الحرب الأهلية، في إقامة إدارة ذاتية لهم، وازدادوا قوة خلال قتالهم لسنوات مع الأميركيين ضد داعش.

ذلك الأمر أثار مخاوف الأتراك الذين شنوا قبل أيام حملة عسكرية ضد معاقل الأكراد في شمال سوريا، بعد انسحاب الأميركيين من المنطقة. وقال أردوغان إن الهدف منها إنشاء منطقة آمنة تسمح بإعادة اللاجئين السوريين في تركيا.

انسحاب الأميركيين من المنطقة عدّه كثيرون بمثابة ضوء أخضر للهجوم التركي وتخل عن حليفهم الكردي، رغم نفي واشنطن لذلك.

الكرد وفي ظل اشتداد المعارك ضدهم اضطروا للتحالف مع النظام السوري برعاية روسية للتصدي لتركيا.

الاتفاق مع دمشق وحسب مراقبين، غير واضح المعالم، ففيما قيل إنه يسمح للقوات السورية بالدخول للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد بالشمال السوري، يتحدث الكرد فقط عن انتشار القوات السورية على الحدود.

وأيا يكن، الواضح على الأرض هو أن القوات السورية دخلت مدنا رئيسة كانت تحت سيطرة الكرد مثل كوباني ومنبج.

أما الهجوم التركي فقد نجحت واشنطن في وقفه بعد انتزاع اتفاق مع أنقرة تحت طائلة التعرض لعقوبات.

ووافق الأكراد على اتفاق أنقرة رغم أنهم لم يكونوا طرفا فيه، ويقضي بفقدان الكرد مزيدا من أراضيهم عبر الانسحاب إلى عمق 20 ميلا من الحدود التركية، مما قد يشكل ضربة لإنشاء حكم ذاتي في شمال شرقي سوريا.

وبنظر مراقبين، فإن الكرد هم الحلقة الأضعف في كلا الاتفاقين والكاسبون هم الأتراك، والنظام السوري وحليفه الروسي بل حتى الإيراني.

ويقول الناشط الكردي سردار ملا درويش إن واشنطن بانسحابها من شمال سوريا تركت كرد سوريا “بين فكي الأسد وروسيا، أو تركيا”.

وأضاف: “خيارنا الأساسي الأول هو البقاء في التحالف الدولي بقيادة الأميركيين”، وقد أعلن الجنرال مظلوم عبدي إعادة العمليات ضد داعش بالتعاون مع التحالف بعد تعليق العملية التركية.

“وإذا تخلى التحالف عن الأكراد، فسيكون أمامهم بديلان وفي كليهما سيكونون خاسرين لكنهم سيقبلون بهما حقنا لدماء ثلاثة ملايين كردي سوري وللمحافظة على الوجود الكردي وديموغرافية المنطقة، وبعد سنوات قد تتبدل الأحوال.”

البديل الأول، حسب درويش، هو البحث عن صيغ للتعامل مع النظام السوري، والثاني وهو “الأمرّ”، مع تركيا، وفي كلا الحالتين يمكن استخدام نفوذ الروس للتوصل إلى صيغة مرضية.

واختتم بأن البديل الأخير لهذه الخيارات هو “الحرب للدفاع عن حقوقهم المشروعة”.

من جهته يرى حسن منيمنة مدير مكتب بدائل الشرق الأوسط أن الأكراد سوف يجدون أنفسهم “مرغمين على مواصلة التعاون الميداني مع واشنطن، ومع الروس كذلك باعتبارهم القوة المنطقية التي يمكن أن تضع حدا للطموح التركي في مناطقهم”.

ورغم ذلك يرى مراقبون أن موافقة الكرد على الاتفاقين مع أنقرة ودمشق، تكتيكية، في انتظار حدوث تبدلات مستقبىلية.

أما مدير مركز الشرق للبحوث سمير تقي فيرى أن أردوغان “قدم هدية للنظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين تتمثل في دخول قوات الأسد لمناطق سيطرة الأكراد ومن ثم الانتشار على كامل الشريط الحدودي مع تركيا”.

ويرى تقي في حديث لموقع “الحرة” أن انتشار قوات النظام السوري في مناطق جديدة سيقوي موقف الأسد عسكريا وسياسيا خلال المفاوضات مع قوى المعاوضة الرامية لإيجاد حل للازمة السورية.

ويتوقع مدير مركز الشرق للبحوث أن “تسيطر قوات النظام السوري على مناطق جديدة في منطقة الجزيرة السورية بدعم من الإيرانيين الذين بدأوا بالفعل نشر قواتهم في مناطق دير الزور والرقة وغيرها من المدن الخارجة عن سيطرة الأسد”.

المصدر:: الحرة

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.