تركيا و”قسد” تتبادلان الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار

28

تعهّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سحق رؤوس مقاتلي “قسد”، ما لم يخرجوا من المنطقة العازلة في شمال شرقي سوريا، فيما اتّهمت “قسد” قوّات بلاده بمنع مقاتليها من تنفيذ الانسحاب من مدينة رأس العين المحاصرة. وتبادل الطرفان الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار، الذي توصّلت إليه واشنطن الخميس مع أنقرة، التي وافقت على تعليق هجومها العسكري مشترطةً انسحاب “قسد” من المنطقة الحدوديّة خلال 5 أيّام. وشهدت جبهات القتال في مدينة رأس العين الحدوديّة، هدوءاً نسبيّاً، خرقه اطلاق الفصائل الموالية لأنقرة قذائف متفرّقة، فيما تعرّضت قرى في ريفها لقصف كثيف، وفق ما أفاد “المرصد السوري”.

وفي حين حذّر أردوغان في خطاب، “قسد”، من أنّه “إذا لم يتمّ الانسحاب بحلول مساء الثلثاء، فسنستأنف القتال من حيث توقّفنا وسنُواصل سحق رؤوس الإرهابيين”، اتّهم قائد “قسد” مظلوم عبدي، أنقرة، بمنع قوّاته من تنفيذ الانسحاب. وقال لوكالة “فرانس برس”: “الأتراك يمنعون انسحاب قوّاتنا والجرحى والمدنيين من سري كانيه (رأس العين)”، المحاصرة من قبل القوّات التركيّة وحلفائها. وحذّر بدوره من أنّه “إذا لم يتمّ الالتزام بوقف اطلاق النار، سنعتبر ما حصل لعبة بين الأميركيين وتركيا، إذ من جهة يمنعون انسحاب قوّاتنا ومن جهة أخرى يدّعون أنّها لم تنسحب، سنعتبرها مؤامرة ضدّ قوّاتنا”، وهو ما نفته أنقرة لاحقاً.

كما دعت “قسد” إلى إرسال مراقبين دوليين من أجل الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار. وطالبت المجتمع الدولي وفي مقدّمه واشنطن بصفتها راعياً لاتفاق وقف إطلاق النار، بتحمّل المسؤوليّة تجاه الانتهاكات التركيّة، في حين أعلنت وزارة الدفاع التركيّة في بيان أنّ قوّاتها المسلّحة تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، لافتةً إلى أنّه “على الرغم من ذلك، نفّذ الإرهابيّون في المجمل 14 هجوماً في الساعات الـ 36 الماضية”. وأوضحت الوزارة أن 12 من الهجمات جاءت من رأس العين، وواحدة من تل أبيض وأخرى من منطقة تل تمر، مشيرةً إلى أنّه “تمّ استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والثقيلة، بما في ذلك الصواريخ”.

وبحسب “المرصد السوري”، لم تُخلِ “قسد” أيّاً من مواقعها في مدينة رأس العين المحاصرة تماماً من القوّات التركيّة. لكن تمكّنت في المقابل قافلة طبّية من إجلاء عدد من الجرحى بعد محاولات عدّة خلال الأيّام الماضية. وأفاد مصدر كردي بأنّ القافلة المشتركة بين اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر والهلال الأحمر الكردي، نقلت الجرحى إلى مستشفيات الحسكة والقامشلي للعلاج. كما أجلت القافلة ثلاثين جريحاً، غالبيّتهم مقاتلون، بالإضافة إلى أربع جثث من مستشفى رأس العين، وفق المرصد. وكانت “قسد” قد طالبت في بيان الجمعة، أنقرة، بفتح ممرّ آمن لإخراج الجرحى والمدنيين المحاصرين في مدينة رأس العين.

وينصّ اتفاق انتزعه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس في أنقرة، على “تعليق” كلّ العمليّات العسكريّة خلال 120 ساعة في شمال شرقي سوريا، على أن ينسحب مقاتلو “قسد” من “المنطقة العازلة” التي تسعى تركيا إلى إنشائها بعمق 32 كيلومتراً. وجاء الهدوء النسبي أمس، غداة مقتل 14 مدنيّاً في قصف جوّي ومدفعي للقوّات التركيّة وحلفائها على قرية شرق بلدة رأس العين الحدوديّة، هذا فضلاً عن 9 عناصر من “قسد”.

وفي سياق متّصل، نشرت صحف بريطانيّة اتهامات وجّهها محقّقون دوليّون إلى أنقرة بضلوعها في تنفيذ هجمات باستخدام “الفوسفور الأبيض” المحظور دوليّاً ضدّ المدنيين الأكراد. وكشفت التحقيقات، التي نشرت تفاصيلها في صحف بريطانيّة، من بينها “التايمز” و”الغارديان”، أدلّة على استخدام تركيا للفوسفور الأبيض، المصنّف في لوائح الأسلحة الكيماويّة، في هجماتها ضدّ المدنيين خلال عمليّتها العسكريّة في الشمال السوري.

توازياً، أعلنت المتحدّثة باسم وزارة الخارجيّة الروسيّة ماريا زاخاروفا، أن أهداف واستراتيجيّة التواجد العسكري الأميركي في سوريا ليست مفهومة وغير واضحة، في وقت وصف زعيم كتلة الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل بـ”الكابوس الاستراتيجي”، قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوّات الأميركيّة من سوريا. وكتب ماكونيل في مقال في صحيفة “واشنطن بوست” أن “سحب القوّات الأميركيّة من سوريا كان خطأ استراتيجيّاً فادحاً”، مضيفاً أن “ذلك سيجعل الشعب الأميركي وأرضه أقلّ أماناً، وسيُشجّع أعداءنا ويُضعف تحالفات مهمّة”.

إلى ذلك، كشف وزير الخارجيّة القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أنّه بحث آخر التطوّرات في سوريا والمنطقة، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول، في حين حذّر قاضي التحقيق دافيد دوبا، وهو منسّق قسم مكافحة الإرهاب في محكمة باريس، في مقابلة مع وكالة “فرانس برس”، من أن عدم إعادة الجهاديين الفرنسيين المحتجزين في سوريا “يُشكّل خطراً على الأمن العام في فرنسا”. ولدى فرنسا حوالى 200 شخص و300 طفل في المخيّمات والسجون الخاضعة لسيطرة “قسد” في سوريا. وباريس ترفض إعادتهم على غرار عدد من الدول الأخرى، بسبب استياء الرأي العام، وترغب في أن تتمّ محاكمتهم في أقرب مكان إلى مواقع جرائمهم.

المصدر: تداء الوطن