20 يوما من “نبع السلام”: أعداد الشهداء المدنيين في تزايد مستمر.. وارتفاع أعداد قتلى أطراف المعارك.. وترقب قبيل ساعات من انتهاء مدة وقف “إطلاق النار” وفقاً للاتفاق التركي – الروسي

60

المرصد السوري لحقوق الإنسان

على الرغم من أنه لم يتبقى سوى ساعات معدودة على انتهاء المهلة الروسية لوقف إطلاق النار وانسحاب قوات سوريا الديمقراطية من المناطق الحدودية وفقا للاتفاق الروسي-التركي في “سوتشي”، فإن عمليات إطلاق النار لا تزال مستمرة وسط معارك عنيفة رصدها المرصد السوري لحقوق الإنسان على محاور عدة ضمن المنطقة الواصلة بين تل تمر ورأس العين (سري كانييه)، بين قوات النظام من جانب والقوات التركية والفصائل الموالية لها من جانب آخر، في هجوم متواصل من قبل الأخيرة لقطع طريق أبو رأسين-تل تمر، والتقدم جنوب وشرق مدينة رأس العين، من خلال قصف مكثف وعنيف بعشرات القذائف الصاروخية من قبل القوات التركية والفصائل، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة التركية التي تستهدف محاور القتال.

في السياق ذاته، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان استمرار قوات النظام في استكمال انتشارها على طول الشريط الحدودي الواصل بين عامودا والدرباسية، بالإضافة لـ”ظهر العرب” و”كسر” شرق مدينة رأس العين، حيث انتشرت قوات النظام بمخافر حدودية واقعة بالمنطقة أنفة الذكر، وفقاً للاتفاق الروسي – التركي واتفاق قوات النظام مع قوات سوريا الديمقراطية، في ظل استمرار انسحاب “قسد” من المنطقة هناك.

وفيما يتعلق بالقوات الروسية، رصد “المرصد السوري” وصول دورية عسكرية تابعة للقوات الروسية إلى معبر الدرباسية الحدودي مع تركيا بريف الحسكة، حيث رافق الدورية الروسية وفد إعلامي ومدنيز وقالت مصادر موثوقة، لـ”المرصد السوري”، إن القوات التركية المنتشرة عند المعبر أطلقت قذيفة لم يعلم طبيعتها حتى اللحظة، ما أدى لإصابة 5 أشخاص من الوفد المدني المتواجد هناك، وسط أنباء عن إصابة عسكريين روس، عقبه اجتماع الدورية الروسية مع القوات التركية بعد إبعاد المدنيين والإعلاميين عن المنطقة، وجرى الحديث بين الطرفين حول آلية تسيير الدروريات الروسية – التركية المشتركة في المنطقة التي من المفترض أن تبدأ يوم غد الثلاثاء، حيث من المقرر أن تنتهي المهلة الروسية لوقف إطلاق النار وانسحاب “قسد” مساء اليوم. ونشر “المرصد السوري”، منذ ساعات، أنه رصد توجه آليات ثقيلة ودبابات تابعة لقوات النظام من مدينة عين العرب (كوباني) باتجاه قرى واقعة بريف المدينة الغربي، كما أبلغت مصادر “المرصد السوري” أن دورية روسية وصلت عند مغيب شمس يوم أمس الاثنين، إلى قرية الجوادية (جل آغا) الواقعة بريف المالكية (ديريك)، إلا أن قوى الأمن الداخلي “الآسايش” منعتها من التوقف وأجبرتها على العودة، موضحة أن منطقة شرق القامشلي إلى المالكية ليست ضمن الاتفاق مع الروس ولا يحق لهم التوجه لهناك.

300 ألف نازح في مختلف مناطق الشمال السوري.. و130 شهيدا مدنيا في 20 يوما.. وأوضاع إنسانية وصحية كارثية

منذ الساعات الأولى لصباح يوم الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عمليات نزوح للمدنيين من مناطق متفرقة في منطقة شرق الفرات، فرارًا من العملية العسكرية التركية على المنطقة. وبحسب إحصاءات “المرصد”، فإن عدد النازحين تجاوز 300 ألف مدني نزحوا من بلداتهم ومدنهم وقراهم، حيث تتواصل حركة نزوح المدنيين من مناطقهم في تل أبيض ورأس العين والدرباسية وعين العرب وعين عيسى ومناطق أخرى شرق الفرات عند الشريط الحدودي مع تركيا، ووفقا لإحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، تجاوز عدد النازحين 300 ألف مدني نحو عمق المنطقة، وسط أوضاع إنسانية صعبة تعيشها المنطقة من التصاعد الكبير في أعداد النازحين ووجهتهم.

وعلى مدار تلك الفترة، سقط 130 شهيدا مدنيا ضحية للقذائف العشوائية والقصف والمعارك التي تشنها تركيا على شمال سوريا. ووفقا لما وثَّقه “المرصد السوري”، ارتفع عدد الشهداء المدنيين الذين سقطوا منذ انطلاق العملية العسكرية التركية إلى 130 شهيدا، وهم: 33 جراء غارات جوية تركية استهدفت مدينة رأس العين ومحيطها وريفها الشرقي وقرية الريحانية بريف المالكية بينهم مواطنة واثنان من طاقم صحفي محلي، و28 جرى توثيق استشهادهم بقصف واستهدافات على مدينة رأس العين، إذ جرى دفن الجثث بوقت سابق بسبب الحصار المطبق على المدينة، و38 بينهم طفل ومسؤولة حزبية ومواطنتان جراء استهدافهم بالرصاص وإعدام ميداني من قبل فصائل موالية لتركيا على الاتستراد جنوب مدينة تل أبيض ومناطق شمال عين عيسى وبلدة سلوك بينهم 4 من الفرق الطبية، و7 بينهم اثنان من موظفي الإدارة الذاتية بالقصف البري على محيط تل أبيض، و6 بينهم طفل ومواطنة ورجلان مسنان جراء قصف صاروخي استهدف أحياء البشيرية وقدروبك والزيتونية بمدينة القامشلي، و5 بينهم طفل في القصف على محيط وريف منطقة رأس العين بريف الحسكة، و4 جراء ضربات جوية تركية على قرية الباجية بمنطقة تل أبيض، و3 جراء عمليات قنص على قرى تابعة لتل أبيض، وطفلة في قصف استهدف ريف القحطانية، ورجل جراء استهدافه بقناص القوات التركية في مدينة الدرباسية، ومواطنة برصاص قناص تركي في مدينة القامشلي، ورجل جراء قصف صاروخي تركي على أطراف قرية قصر ديب بريف المالكية، بالإضافة إلى استشهاد 2 في قصف فصائل موالية لتركيا على قرية الفارات شمال مدينة منبج، وطفلة جراء قصف صاروخي من قبل التركية على أحد قرى بلدة عين عيسى شمال مدينة الرقة.

وبحسب ما رصده المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الوضع الصحي والإسعافي في مناطق شمال وشمال شرق سوريا يشهد أوضاعا كارثية من حيث التحركات والدعم الموجه لهم في ظل الاستهداف المتواصلة لهم منذ بدء عملية “نبع السلام”، حيث قدم الهلال الأحمر الكردي وهيئة الصحة ضمن مناطق سيطرة “قسد” 4 شهداء حتى الآن جراء العملية العسكرية التركية (3 من هيئة الصحة جرى إعدامهم ميدانيا من قبل الفصائل الموالية لتركيا بمنطقة سلوك شمال الرقة، والأخير تابع للهلال الأحمر الكردي قضى بقصف على ريف مدينة رأس العين)، بالإضافة إلى إصابة 5 آخرين منهم بالقصف والاستهدافات. ووثق “المرصد السوري” تعرض الأطقم الطبية لمحاولات من جانب الفصائل الموالية لتركيا، لعرقلة عملهم في إسعاف الجرحى ونقل الجثث جراء الاستهدافات المتواصلة، على غرار ما جرى في محاولتهم لنقل الجرحى والجثث من مدينة رأس العين، إبان حصارها من قبل الفصائل الموالية لتركيا.

انعدام للأمن والاستقرار.. وارتفاع حصيلة القتلى.. والفصائل الموالية لتركيا تأسر عددا من قوات النظام.. وانتهاكات بحق المدنيين

منذ لحظة انطلاق العملية العسكرية التركية، علم “المرصد السوري” أن الفصائل الموالية لتركيا تمكنت من تحقيق تقدمات عدة تمثلت بالسيطرة على مضبعة وباب الخير وجان تمر وتل بيدر وعباه ومريكيس وتل قرطل ومواقع أخرى في المنطقة، وسط استمرار الهجوم العنيف منذ ساعات الصباح الأولى، حيث سيطرت القوات التركية والفصائل الموالية لها بغطاء جوي وبري مكثف في إجمالي مساحة تقدر بـ3412 كم2 (6.4% من إجمالي مساحة المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية)، أي ما يعادل ربع مساحة لبنان، تتمثل في: مدينة تل أبيض وبلدة سلوك ومزرعة الحمادي وأبو قبر ومزرعة المسيحي وحميدة والمهيدة والدادات واليابسة والمشرفة وتل فندر وبئر عاشق والتروازية ولزكة وحويران والواسطة والغجير وشوكان والخالدية والعريضة والنبهان وأم الجرن وغزيل والحاوي وطبابين والصواوين وجاموس فليو والزيدي والدروبية وعين العروس وتل عنتر والبديع وجاسم العلي في محور تل أبيض، بالإضافة إلى بلدة مبروكة وقرى الكنطري ووضحة وتويجل وعلوك وكشتو وأقصاص وتل خنزير والعزيزية والبالوجة وأبو الصون وحويش الناصر والنعيم والصالحية والليبية وتل البنات وكاجو والمدائن وناح في محور رأس العين، بالإضافة إلى 44 قرية ومنطقة ضمن المنطقة الواقعة بين بلدة تل تمر ومدينة رأس العين، والمنطقة الواقعة بين ريف تل أبيض وبلدة عين عيسى.

وعلى مدار 20 يوما من الاشتباكات والقصف والاستهدافات المتبادلة، بلغ تعداد القتلى في صفوف قوات سوريا الديمقراطية والمجالس العسكرية وقوى الأمن الداخلي جراء قصف جوي وبري تركي واشتباكات مع القوات التركية والفصائل الموالية لها منذ بدء العملية العسكرية التركية عصر الأربعاء إلى 283، فيما وثق “المرصد السوري” مقتل 19 عناصر من قوات النظام وإصابة آخرين جراء استهداف صاروخي نفذته القوات التركية والفصائل الموالية لها على محاور شمال غرب منبج وشرق بلدة عين عيسى في مواقع انتشار قوات النظام. بينما بلغ تعداد قتلى الفصائل السورية الموالية لـ”أنقرة” وقتلى الخلايا الموالية لتركيا خلال استهدافات واشتباكات مع “قسد” خلال الفترة ذاتها إلى 215 من بينهم 21 من خلايا موالية لـ”أنقرة” قتلوا في اشتباكات مع “قسد”، بالإضافة إلى مقتل 10 جنود أتراك حتى الآن خلال الاشتباكات والاستهدافات وسط معلومات عن قتلى أتراك آخرين على الحدود، في حين علم “المرصد السوري” أن الفصائل الموالية لتركيا تمكنت من أسر عدد من عناصر قوات النظام، كما أن تعداد الذين قتلوا مرشح للارتفاع لوجود عشرات الجرحى بعضهم في حالات خطرة.

ولا تزال المنطقة تشهد حالة من الحذر والترقب، حيث وجه عدد من أهالي “رأس العين” استغاثة إلى المرصد السوري لحقوق الإنسان، لتسليط الضوء على التعنت والمعاناة التي يواجهونها من قبل الفصائل الموالية لتركيا، حيث أكد الأهالي في استغاثتهم، أنهم حاولوا العودة إلى منازلهم وقراهم، إلا أن الفصائل الموالية لتركيا استوقفتهم عند حاجز “تل حلف” ومنعتهم من العبور ووجهت لهم أسئلة بشأن ما إذا كانوا كردا أم عربا، وسط معلومات عن تهجير قسري للاجئين السوريين من تركيا إلى المناطق التي تسيطر عليها فصائل عملية “نبع السلام”. ويطالب المرصد السوري لحقوق الإنسان كافة الأطراف الفاعلة بالضغط على تركيا لضمان عدم إجراء عملية تغيير ديمغرافي في المنطقة التي تسيطر عليها فصائل “نبع السلام”، إضافة إلى ضمان عدم سرقة ونهب ممتلكات السكان في المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل الموالية لتركيا، في ظل الأنباء المتواترة عن عمليات السلب والنهب التي تجري في المنطقة.

ووفقا لما أكدته مصادر أهلية موثوقة لـ”المرصد السوري”، فإن الفصائل الموالية لتركيا ارتكبت عدة انتهاكات ضمن مناطق سيطرتها، حيث عمدت تلك الفصائل إلى سرقة المنازل وتعفيش محتوياتها بعد تهجير أهلها وحرقها بعد تعفيشها، كما تجري عملية سرقة المواشي، لتعيد للأذهان ممارسات الفصائل أثناء عملية السيطرة على “عفرين” وحتى اللحظة هناك. وانطلاقا من دوره، يواصل المرصد السوري لحقوق الإنسان توثيق انتهاكات الفصائل الموالية لتركيا، حيث عمدت إلى اختطاف مواطنة مسنة وزوجها وطفل بقرية “جاعدة” في منطقة تل أبيض، وطلب الخاطفون فدية مالية قدرها 10 مليون ليرة سورية، كما سبق للفصائل أن عمدت إلى تصفية 5 أشخاص من عائلة المسنة في المنطقة. وفي “رأس العين”، كشفت مصادر لـ”المرصد السوري” عن أن عناصر فرقة الحمزة الموالية لتركيا، اختطفت شابا يدعى محمد العبود في منطقة “تل حلف”، بعد أن رفض تسليم دراجته النارية وهاتفه الجوال إلى عناصر الحاجز، ويجري احتجازه حاليا في منزل بجوار “كازية الحسن”، حيث إن هذا المنزل هو مقر فوق الحمزة. وكشفت مصادر “المرصد” كذلك عن انتهاك آخر لفرقة الحمزة في “رأس العين”، حيث سرق عناصر الفصيل الموالي لتركيا سيارة مملوكة للمواطن حمد الخلف، إضافة إلى سرقة أكثر من جوال. وبحسب المصادر، فإن “الخلف” مدني ليس له أي نشاط سياسي أو عسكري، كما أنه عربي وليس كردي، ورغم ذلك جرى حرق منزله.

وفي السياق ذاته، حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على شهادة مصادر أهلية مطلعة على الأوضاع في مدينة “رأس العين” بعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية منها وسيطرة الفصائل الموالية لتركيا عليها. وبحسب المصادر، فإن “عمليات النهب والسلب مستمرة في كل شيء، حيث يتم سرقة كل المقتنيات وبيعها في سوق في (تل حلف). حتى المواد الغذائية والهواتف الجوالة تتعرض للسرقة. وقد أكد بعض التجار أن الشرفاء لا يشترون المواد المسروقة في سوق (تل حلف)، لكن هناك آخرون يشترونها. كذلك، هناك سوق آخر إنشائه في قرية بعد (تل حلف) تسمى قرية (العزيزية)، حيث هناك ما يشبه سوق لبيع المواد المسروقة من مواد غذائية أو أي مواد مسروقة لها سعر كبير يمكن أن تباع مقابله”.