“المرصد السوري” يبحث في ظاهرة انتشار المقالع العشوائية في ريف إدلب الشمالي: مصدر قلق وإزعاج للسكان وتهديد للبيئة

45

شهدت الفترة الماضية انتشارا واسعا لعشرات المقالع في ريف إدلب الشمالي، حيث باتت تشكل مصدر قلق وانزعاج بالنسبة للمدنيين في المنطقة، خصوصا أن تلك المقالع تنتشر على أطراف العديد من البلدات، مثل بلدات أرمناز وكفرتخاريم حارم وسلقين ودير حسان وغيرها، حيث إن تلك المقالع تؤثر سلبا على البيئة وتدمر الغطاء الحيوي النباتي، وتسهم في نقص عدد المناطق الخضراء، إضافة إلى التغيير الواضح في تضاريس الطبيعة وتدمير المظهر العام للمنطقة. وفي إطار محاولة تسليط الضوء على تلك الظاهرة، حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على شهادة أحد المهندسين الزراعيين، من بلدة معرة حرمة في ريف إدلب الجنوبي، عن مضار ومساوئ هذه الظاهرة، وتأثيرها على حياة المدنيين في شمال إدلب، قائلا: “انتشرت وبشكل لافت خلال السنوات الأخيرة الكثير من المقالع في شمال إدلب، والتي يتم فيها قطع الصخور من الجبال وطحنها وإنتاج الرمل الذي يستخدم في أعمال البناء، ولهذه المقالع أضرار كبيرة ونتائج سلبية تنعكس على الواقع، حيث تضر بشكل كبير الناحية الزراعية وتتسبب بإعطاب وتلف بعض أنواع المحاصيل الزراعية والمزروعات الواقعة بالقرب منها، مثل أشجار الزيتون والتين والرمان بسبب الغبار الناجم عنها، والذي يمنع انتعاش الأشجار وتغذيتها بشكل كافي، كما أنها تسبب لتصحر، ولا يمكن حصر السلبيات الناتجة عن هذه المقالع فقط في الناحية الزراعية، بل إنها تتعدى ذلك بكثير، فهي مصدر إزعاج للسكان، وهناك احتمالات متزايدة بحدوث انهيارات صخرية ناتجة عن تفجير الصخور، خاصة أن تلك المقالع هي عشوائية بامتياز ولا تخضع لشروط السلامة العامة”.
المهندس الزراعي حذر، في شهادته لـ”المرصد”، من اتساع رقعة هذه الظاهرة، مؤكدا: “يجب وضع قوانين صارمة وشروط للحد منها، بالإضافة لتقييد المقالع المتواجدة في الوقت الراهن بعدد من شروط السلامة، ما يضمن الحد من مخاطرها، فقد انتشرت تلك المقالع بطبيعة الحال نتيجة لوجود حاجة ملحة لمواد البناء، بسبب كثافة الإعمار الجاري في الشمال السوري، ونتيجة تقلص مساحة المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة، ما قلص من الأماكن التي تجري فيها عمليات إنتاج الرمل، ومع كل ذلك نهيب بوجوب تجنب مخاطرها والتحذير من المشاكل الناتجة عنها”.
في السياق ذاته، حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على شهادة أحد سكان بلدة دير حسان في ريف إدلب الشمالي، تحدث فيها عن مدى تأثر المدنيين في البلدة بوجود أكثر من 20 مقلع في محيط البلدة، وقال: “ينتشر في محيط بلدة دير حسان أكثر من 20 مقلع. هذه المقالع باتت تشكل مصدر إزعاج كبير لدى المدنيين هنا وهي مظهر غير حضاري. أصبحت بلدة دير حسان غير مرغوب بها حتى للسكن، ووصل بها الحال أن كانت الوجهة الأخيرة للنازحين بسبب الغبار الكثيف الذي يغطي كل شيء هنا، والأصوات الناتجة عن تفجير وتكسير الصخور التي لا يمكن احتمالها، دون وجود أي رادع يمنع هؤلاء من القيام بعملهم، غير مبالين بحال المدنيين المتواجدين في المنطقة. أصبحنا ننتظر يوم الجمعة وهو عطلة معظم هذه المقالع للارتياح من ضجيجها. نطالب الجهات المسؤولة والمعنية، بوقف انتشار هذه الظاهرة السيئة والحد من مخاطر عشرات المقالع المنتشرة هنا، وإخضاعها لشروط صارمة تقي المدنيين من مخاطرها ومتاعبها التي لم تعد تطاق، وممن يتأثر بها بشكل كبير هم النازحون في مخيمات دير حسان، حيث يعانون في خيامهم من الغبار والاصوات، حتى أن بعضهم بدأ يبحث عن مكان آخر للنزوح، هربا من هذه المقالع، كما نطالب بوضع ساعات عمل معينة على أقل تقدير، ومراعاة ظروف السكان وشعورهم تجاه هذه الظاهرة السلبية”.