“رأس العين”.. فرار جماعي للسكان بسبب انتهاكات “الجيش الوطني”.. ونهب صوامع “عالية”.. وتغيير اسم مشفى “روج” إلى “مشفى رأس العين”

175

المرصد السوري لحقوق الإنسان

لا تزال المناطق التي سقطت تحت سيطرة القوات التركية والفصائل السورية المعارضة لها تشهد أوضاعا كارثية، في ظل الانتهاكات المستمرة التي ينفذها عناصر “الجيش الوطني السوري” ضد من تبقى من أهالي تلك المناطق، لا سيما مدينة “رأس العين” التي تشهد انتهاكات متعددة ضد المواطنين من المدنيين، سعيا إلى بث الرعب والفزع في قلوب من تبقى من الأهالي لإجبارهم على الرحيل. ولا يزال المرصد السوري لحقوق الإنسان يعمل على توثيق تلك الانتهاكات، أملا في أن تلقى آذانا صاغية في المجتمع الدولي من أجل وقف الانتهاكات التي ترتكب بحق السوريين، والتي تأتي ضمن قائمة لا تنتهي من الانتهاكات تعرض لها السوريون على مدار سنوات الأزمة الثماني الماضية.

وفي محاولة من القوات التركية والفصائل الموالية لها إحكام سيطرتها على كافة المناطق التي خضعت لسيطرتها، تجري عملية انتهاكات مكثفة ضد المدنيين في “رأس العين” والقرى الغربية المحيطة بالمدينة، فلا يكاد يمر يوما واحدا حتى تنفذ تلك الفصائل الموالية ضغوط وانتهاكات بحق من تبقى من السكان الأصليين للمدينة، بغية تهجيرهم وإجبارهم على الرحيل. وعلم “المرصد السوري” من مصادر موثوقة، أن الفصائل الموالية لتركيا تعمل على مصادرة منازل المهجرين الذين فروا من جحيم الحرب في المنطقة، ولم تكتف تلك الفصائل بتلك الانتهاكات، بل إنها عمدت إلى مصادرة المشاريع الزراعية للمدنيين، ومصادرة وسرقة الجرارات الزراعية وصهاريج المازوت، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة لـ”المرصد السوري”.

ورصد “المرصد السوري” عملية فرار جماعي لسكان قرية “أم عشبة” في ريف رأس العين الشرقي، نتيجة الانتهاكات غير الآدمية التي يمارسها عناصر فصيل “صقور الشمال” الذي يقوده “أبوليلى الحمصي”، حيث أشارت مصادر إلى أن عمليات ضرب ونهب واعتقال تجري بحق رجال القرية، ضمن الانتهاكات التي تنفذها تلك الفصائل، فيما رصد “المرصد السوري” كذلك عملية نهب نفذها فصيل “فرقة الحمزات”، على صوامع قمح منطقة “عالية” في ريف رأس العين، حيث عمد ذلك الفصيل إلى نقل ما نهبه من القمح إلى تركيا، ما أدى إلى انعدام شبه كامل لمادة الخبز في المدينة. في الوقت ذاته، علم المرصد السوري لحقوق الإنسان عبر مصادر موثوقة، أن الفصائل الموالية لتركيا عمدت إلى تغيير اسم مشفى “روج” في رأس العين إلى “مشفى رأس العين”، حيث عمدت إلى طمس كل ما له علاقة بالاسم القديم للمشفى ورفع لافتات جديدة عليه.

ورصدت مصادر “المرصد السوري” عمليات انتهاكات متواصلة بحق المدنيين، حيث أكدت المصادر أن الهدف من تلك العمليات هو إجبار من تبقى في المنطقة على تركها، خصوصا مع انتشار ظاهرة الاعتقال دون أسباب وتحت ذرائع واتهامات كيدية، إضافة إلى انتشار ظاهرة خطف المواطنين من أجل إجبار ذويهم على دفع فدى مالية مقابل إطلاق سراحهم، على غرار ما يجري في “عفرين” من انتهاكات متواصلة بحق المدنيين منذ أن سقطت “عفرين” تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها في إطار عملية “غصن الزيتون” التي أطلقتها تركيا في يناير/كانون الأول 2018. وبحسب ما علمت مصادر “المرصد السوري”، فإن المنازل التي تعرضت للمصادرة من قبل الفصائل الموالية لتركيا، شهدت استقدام بعض عوائل العناصر التي جاءت إلى المنطقة، في محاولة لتوطينهم محل السكان الأصليين للمدينة.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد، عبر مصادر موثوقة، تواجد مسلحين من “جيش الإسلام” شوهدوا خلال مشاركتهم في العملية العسكرية التركية “نبع السلام” ضمن فصائل “الجيش الوطني”، حيث رصدت المصادر عناصر الفصيل يتجولون بدعم وحماية تركية في بلدة “رأس العين” في شمال شرق سوريا، بينما كانوا يوجهون السخرية والاستهزاء بصاحب محل تجاري صغير لا يزال في البلدة ولم ينزح منها. وأكدت المصادر أن “عناصر الفصيل استولوا على المحل، والهدف من كل ذلك هو إخافة وزرع الفزع في قلوب سكان القرية”.

ووفقا لمصادر موثوقة، فإن “راس العين تشهد حالات كارثية من الانتهاكات، ولم يعد هناك بيت واحد لم يتأثر بتلك الانتهاكات والفظائع التي ترتكب بحق المدنيين ممن بقوا داخل المدينة. حتى فرق الصليب الأحمر السوري باتت ممنوعة من الدخول إلى المدينة لتقديم المساعدات رغم أنها وصلت إلى منطقة قريبة، كما أن هناك أزمة كبيرة في مياه الشرب، حيث بات المواطنون يشترون المياه بمبالغ هائلة”. وبحسب ما علم “المرصد السوري”، فإن “محطة علوك في بلدة رأس العين، تغطي عدد كبير من المناطق بالمياه الصالحة للشرب من بينها مدينة الحسكة التي تكتظ بالنازحين الهاربين من العملية العسكرية التركية، إلا أن المحطة توقفت عن العمل، وكذلك اعتُقل ثلاثة من المهندسين الذين كانوا يشرفون عليها من قبل فصائل (الجيش الوطني)، وهو ما أدى إلى مشكلة كارثية في مدينة الحسكة، تعمل الإدارة الذاتية في المدينة على حلها من خلال تفعيل مياه السدود، إلا أنها غير صالحة للشرب لعدم توافر أجهزة تعقيمها، ما أجبر الأهالي على تعبئة المياه من خلال شرائها بمبالغ باهظة”.

ورصد “المرصد السوري” سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبتها الفصائل الموالية لتركيا، من بينها سرقة فصيل “فرقة الحمزة” عشرات الأطنان من مادة الطحين في الصوامع التي سيطروا عليها. وبحسب مصادر مطلعة، فإن “الفصيل يحاول تهريب ذلك الطحين إلى تركيا بهدف بيعه في الأسواق التركية بسعر زهيد، في وقت يعاني فيه سكان مدينة رأس العين من فقدان الطحين بشكل شبه كامل، ما ترتب عليه فقدان مادة الخبز تماما، كما أن فصائل (الجيش الوطني) يستغلون تلك الأزمة، من أجل جلب الخبز من مدينة تل أبيض وبيعه بأسعار باهظة إلى السكان المتبقين في مدينة رأس العين”.

وكان “المرصد السوري” نشر، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، أنه علم أن فرقة “المعتصم” المشاركة في عملية “نبع السلام”، ترتكب جملة من الانتهاكات في مدينة رأس العين بريف محافظة الحسكة. وأفادت مصادر لـ”المرصد السوري” أن عناصر من “فرقة المعتصم” تستولي على منازل المواطنين وشوهدت عبارات مكتوبة على أبواب المنازل “محجوز”، كدليل لبقية الفصائل حتى لا تقع في إشكاليات تقاسم الغنائم. ونشر “المرصد السوري”، في 2 تشرين الثاني/نوفمبر، تسجيلا صوتيا حصل عليه يتحدث فيه عنصر في صفوف الفصائل الموالية لتركيا عن سلب ونهب منازل المواطنين في المناطق التي خضعت لسيطرتهم، قائلا: “نحن نتحدث عن جيش يسمي نفسه (وطني) ولكنه بعيد كل البعد عن الوطنية، ومن قبلها كان اسمه الجيش الحر وهو بعيد تماما عن أن يكون (حر)، نحن نتحدث عن معركة، وبالتالي كان من الواجب أن يتحدث وزير الدفاع مع الحليف التركي لتوضيح بعض النقاط، منها أسرى المعركة التي يجب أن يكونوا أسرى الجيش الحر ولا يسمح للحليف أن يتدخل فيما يتعلق بشأنهم. أما بهذا الشكل فالآمر يشبه المرتزق الذي يقاتل فقط ولا يحق له الحديث. هناك نوعين من المرتزقة، مرتزق يقاتل من أجل المال ومرتزق يقاتل مقابل سرقة أهله.. هذه هي مرحلة الدناءة.. مرتزق يكون ارتزاقه من سرقة منازل أهله التي يسميها غنائم. لن يمر أسوأ من هذا على تاريخ الارتزاق في العالم كله.. وهذا لا يقع على عاتق وزير الدفاع وحده، وإنما على قادة الفصائل أيضا، لأنه بدلا من أن يوضحوا النقاط على الحروف ظلوا يتحدثون فقط عن إمكاناتهم ويكتبون تقارير ضد بعضهم البعض، وهناك أشخاص استشهدوا من الفصائل التي كتبت بحقها تقارير. المسألة ترتبط بقادة الفصائل ووزير الدفاع ورئيس الحكومة”.

وفيما يعد اعترافا بسلسلة الانتهاكات التي ارتكبها عناصر الفصائل الموالية لتركيا، علم المرصد السوري لحقوق الإنسان أن “وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة” تشرف على تشكيل محكمة عسكرية في رأس العين، لضبط المناطق التي تمت السيطرة عليها ضمن عملية “نبع السلام”. وكانت “وزارة الدفاع” في “الحكومة السورية المؤقتة” شكلت “لجنة المتابعة” لملاحقة مرتكبي الاعتداءات، في 13 أكتوبر/تشرين الأول، برئاسة “نائب وزير الدفاع”، ووعدت بنشر “الشرطة العسكرية” التابعة لـ”الجيش الوطني” في المناطق التي خضعت لسيطرتها ضمن عملية “نبع السلام” للمساعدة على ملاحقة مرتكبي أعمال السلب والسرقة وغيرها من الاعتداءات. وقالت مصادر، لـ”المرصد السوري”، إن “لجنة المتابعة التي تشكلت تهدف إلى حماية المدنيين وممتلكاتهم وأعراضهم من الممارسات الفردية، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وفق القانون السوري، والالتزام التام باتفاقيات جنيف 1949 والقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات ذات الصلة”.

ويجدد المرصد السوري لحقوق الإنسان مناشداته للمجتمع الدولي والمنظمات المعنية بالتدخل على الفور لإنقاذ من تبقى من أهالي “رأس العين” في منازلهم، ووقف سلسلة الانتهاكات التي ترتكبها الفصائل المنضوية ضد “الجيش الوطني السوري” بحق الشعب السوري في المناطق التي سقطت تحت سيطرة فصائل عملية “نبع السلام” الموالية لتركيا. كما يجدد “المرصد السوري” دعوته للمنظمات المعنية للتحقيق في الانتهاكات التي جرت بحق المدنيين، بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية ومعاهدات النزاعات الدولية.