سوريا في 2019: فوضى متصاعدة وانعدام للأمن في مختلف مناطق السيطرة.. وعقلية “النظام” الأمنية لا تزال تحكم الوضع.. وإيران تواصل تغلغلها في المجتمع السوري.. وتنظيم “الدولة الإسلامية” يتحول إلى “خلايا نائمة”.. وواقع معيشي وإنساني كارثي يهدد حياة السوريين

130

المرصد السوري لحقوق الإنسان

ديسمبر/كانون الأول 2019

عام جديد يطوي صفحاته والأوضاع في سوريا لا تزال غير مستقرة، حيث لا يكاد يمر يوم واحد دون أن تقع تطورات جديدة تغير من خريطة المشهد عسكريا وسياسيا وتبدل من مناطق النفوذ والسيطرة والتحالفات، ليبقى المدنيون السوريون وحدهم الضحية الرئيسية لصراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل سوى أنهم طالبوا بالحرية من نظام احترف القتل والتعذيب والقمع بحق مواطنيه. ومع نهاية عام وبداية عام جديد، تتعقد الأوضاع في سوريا بشكل أكبر مع التطورات الأخيرة التي شهدتها الأشهر القليلة الماضية، فلم يكد السوريون يتنفسون الصعداء بإعلان القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية”، حتى فوجئوا بتطورات جديدة كان أبرزها التدخل العسكري التركي في شمال شرق سوريا تحت مسمى عملية “نبع السلام”، في وقت بات واضحا فيه أن صفقة ما جرت بين روسيا وتركيا لتسليم مناطق “نبع السلام” إلى “أنقرة” في مقابل عملية عسكرية عنيفة على إدلب لتسليم مناطق جديدة فيها إلى “موسكو”، وما بين هذا وذاك، يتساقط المدنيون السوريون يوما تلو الآخر وسط صمت وتعامي دولي عما يحدث من انتهاكات لحقوق الإنسان والمواثيق والأعراف الدولية من جانب جميع الأطراف المنخرطة في النزاع السوري سواء داخليا أو خارجيا، ليبقى السوريون وحدهم ضحية ما بين قتلى ومصابين ونازحين ولاجئين وفارين إلى العراء بحثا عن مأوى ينقذهم من جحيم الحرب.

ولم يكن العام الماضي، من الحادي والثلاثين من ديسمبر/كانون الأول 2018 إلى الحادي والثلاثين من ديسمبر/كانون الأول 2019، مختلفا عن سابقيه من الأعوام التي سُفكت فيها دماء السوريين بشكل متواصل لا ينقطع تقريبا، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان على مدار تلك الفترة، استشهاد ومقتل 11215 شخصاً، من بينهم 3473 شهيدا مدنيا بينهم 1021 طفلا و508 مواطنة، إضافة إلى مقتل 1592 من المقاتلين السوريين من الفصائل الإسلامية والفصائل المقاتلة وحركات وتنظيمات أخرى، ومقتل 1005 من قوات سوريا الديمقراطية، و3 منشقين عن قوات النظام، و1523 من قوات النظام، و1241 من عناصر اللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني والمسلحين الموالين للنظام من الجنسية السورية، إضافة إلى مقتل 7 من “حزب الله” اللبناني و188 من المقاتلين الموالين للنظام من جنسيات غير سورية غالبيتهم من الطائفة الشيعية، و61 قتيلا مجهول الهوية، و2096 مقاتلا من الفصائل الإسلامية المقاتلة وتنظيم “الدولة الإسلامية” وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وجيش المهاجرين والأنصار والحزب الإسلامي التركستاني من جنسيات غير سورية، إضافة إلى مقتل 22 جنديا تركيا و4 من قوات التحالف الدولي لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

دمشق وريفها.. توترات متصاعدة مع استمرار حملات النظام الأمنية واعتقال المواطنين

على الرغم من تراجع وتيرة الحرب إلى حد ما في بعض المناطق السورية، فإن النظام السوري لا يزال ينتهك حقوق مواطنيه ويحترف ارتكاب أفظع الانتهاكات التي تصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية وحقوق الإنسان، حيث بات واضحا أن “النظام” لم يتعلم درسا مريرا ألقت السنوات التسع الماضية بظلاله على الأراضي السورية، وبدلا من إدراك خطأ القمع والانتهاكات بحق المواطنين، واصلت أجهزة النظام الأمنية انتهاك حقوق السوريين، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان تصاعد التوترات في مختلف أنحاء دمشق وريفها، بسبب عمليات الاعتقال والمداهمات المتواصلة التي يتعرض لها السوريون. ورصد “المرصد السوري” في 7 يناير/كانون الثاني 2019، حملة مداهمات واعتقالات نفذتها مخابرات النظام والأجهزة الأمنية التابعة له، أسفرت عن اعتقال ما يزيد على 150 شخصاً من قيادات ومقاتلين سابقين لدى الفصائل ممن أجروا “تسويات ومصالحات”. كذلك، رصد “المرصد السوري” استمرار قوات النظام في التنصل من تعهداتها أمام المواطنين القاطنين في مناطق سيطرتها، حيث أصدرت قوائم بأسماء آلاف المطلوبين للخدمة الاحتياطية، على الرغم من التعهدات التي أبرمتها قوات النظام بعدم استدعاء المطلوبين وفقا لاتفاقات المصالحة والتسوية في عدد كبير من المدن السورية. وفي الوقت نفسه، لا تزال الفوضى الأمنية منتشرة إلى حد كبير في مناطق سيطرة النظام في دمشق وريفها، حيث وقعت عدة انفجارات منذ شهر يناير/كانون الثاني 2019 وحتى شهر ديسمبر/كانون الأول 2019، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى. وفي 8 أبريل/نيسان 2019، أصدرت سلطات النظام السوري أصدرت قراراً بإعدام عدد من أبناء الغوطة الشرقية والمعتقلين لديها منذ سنوات، والذين كان لهم مشاركة كبيرة في الحراك المعارض لها في المنطقة. وفي 29 يوليو/تموز 2019، صادرت أجهزة النظام الأمنية منازل عشرات المهجرين من أهالي جنوب “دمشق” خلال الأسبوع الجاري، وأبلغت ساكنيها بضرورة إخلائها بسبب تحولها لأملاك تابعة للنظام.

كما أصدرت سلطات النظام قوائم تضم آلاف المطلوبين للخدمة الاحتياطية على الرغم من التعهدات التي سبق وأن قدمتها لأهالي المناطق التي أجرت توسيات ومصالحات، كما أن غوطة دمشق الشرقية تعاني أوضاعا كارثية في ظل سيطرة قوات النظام والمليشيات الموالية عليها، حيث تنتشر حالة من الفوضى وعدم الاستقرار والانفلات الأمني المتصاعد، إضافة إلى انتشار عمليات السرقة والتعفيش الممنهجة والابتزاز المالي والرشاوى والإتاوات التي تفرضها قوات النظام على أهالي مدن وبلدات الغوطة الشرقية. ورصد “المرصد السوري” ابتزاز حواجز تابعة لـ”قوات النمر” لأهالي المدينة بشكل متواصل لإجبارهم على دفع إتاوات مالية مقابل تسهيل أوراق أمنية تسمح لهم بالتنقل من وإلى حرستا. كما تنتشر حالة من الغضب الشعبي تجاه قوات النظام، حيث عمد مجهولون في غير مرة إلى تمزيق صورة لرأس النظام السوري بشار الأسد، وكتابة عبارات مناهضة لـ”النظام” من بينها: “الشعب يريد إسقاط النظام.. ارحل.. حرية للأبد”. ولا تتوقف الفوضى عند هذا الحد، بل رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان في 26 يوليو/تموز 2019، اشتباكات متقطعة بين مجموعات تابعة لـ”حزب الله” اللبناني من جهة وقوات “الدفاع الوطني” الموالية لـ”النظام” من جهة أخرى، بسبب الخلاف على إقدام قياديي الحزب على تهريب مطلوبين لـ”النظام” عبر الجرود، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 3000 و5000 دولار أمريكي للشخص الواحد، لإدخاله إلى داخل الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية.

ريف حمص الشمالي.. حملات أمنية ومصالحات وتسويات تفضي إلى مئات الاعتقالات

لا تختلف منطقة ريف حمص الشمالي في حالها عن حال باقي المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام، حيث بسطت قوات النظام سيطرتها على تلك المنطقة عبر عمليات عسكرية بمؤازرة حلفائها أو عبر “مصالحات وتسويات”، وتعيش مدن وبلدات وقرى الريف الحمصي الشمالي حملات أمنية لمخابرات النظام والأجهزة الأمنية التابعة لها. ورصد “المرصد السوري” على مدار الأشهر الاثنى عشر الماضية، حملات أمنية متصاعدة في معظم الريف الحمصي الشمالي التي جرى فيها “مصالحات وتسويات”، أسفرت عن مئات حالات الاعتقال، فيما كان لمدينة “الرستن” النصيب الأكبر منها. ورصد “المرصد السوري” تزايد عمليات الاختطاف والسلب بشكل ملحوظ، مع انتشار عصابات تشليح وابتزاز. وفي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، رصدت مصادر موثوقة حملة اعتقالات في بلدات ريف حمص الشمالي اعتقلت خلالها عشرات الشبان. ووفقا لمصادر “المرصد السوري”، أقدمت استخبارات النظام على اعتقال نحو 20 شخصا من أبناء مدينة الحولة بريف حمص الشمالي، على خلفية اتهام بعضهم بعملية قتل أحد عملاء النظام في بداية أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، بينما اعتقل آخرون على خلفية قضايا قتل عناصر من النظام السوري، إبان سيطرة الفصائل على مناطق ريف حمص الشمالي.

مخيم الركبان.. الهروب من جحيم الحرب لا يعني الهروب من جحيم الموت في مخيمات غير آدمية

على الرغم من أن البعض يعتقد أن الهروب من ويلات الحرب إلى مخيمات اللاجئين قد يقيه من جحيم الموت، فإن الحقيقة مغايرة تماما لهذا، حيث إن الموت يلاحق السوريين في أنحاء المخيمات المتناثرة في مختلف مناطق الأراضي السورية، ومن بين تلك المخيمات التي تحصد أرواح السوريين، مخيم الركبان الواقع في أقصى جنوب شرق سوريا بالقرب من الحدود السورية-الأردنية، حيث تنتشر الأمراض والأوضاع الإنسانية السيئة. ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، منذ الـ31 من ديسمبر/كانون الأول 2018 وحتى الـ31 من ديسمبر/كانون الأول 2019، تفاقم الأوضاع الإنسانية في مخيم الركبان، وسط انعدام الرعاية الطبية وتردي الأوضاع الإنسانية والصحية لعشرات الآلاف من النازحين إلى المخيم. وفي الحادي عشر من يناير/كانون الثاني 2019، علم “المرصد السوري” برفض نازحو مخيم “الركبان” التفاوض للخروج إلى منطقة تخضع لسيطرة النظام، مطالبين بنقلهم إلى الشمال السوري بحماية التحالف الدولي، إلا أنه تحت وطأة شح المواد الغذائية وتردي الأوضاع الإنسانية، اضطر 17900 مدني، إلى المخاطرة بحياتهم والخروج من المخيم نحو مناطق سيطرة قوات النظام عبر “تسوية أوضاعهم” بوساطات شخصية لعرابين في المنطقة، حيث جرت عملية الخروج مقابل مبالغ مادية تصل إلى 200 ألف ليرة سورية تدفعها العائلة الراغبة بالخروج إلى السيارة التي ستنقلها إلى مناطق سيطرة قوات النظام، وهناك يدفعون مبلغا آخر متفاوت مقابل إجراء التسوية، حيث تبدأ من 50 ألف ليرة سورية وصولا إلى 300 ألف ليرة سورية.

“التحالف الدولي”.. انسحابات وإعادة انتشار.. وتخلي عن “قسد”.. وتراجع إلى “آبار النفط والغاز”

حملت الأشهر الاثنى عشر الماضية تغييرات عدة بعد إعلان هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” في مارس/آذار 2019، حيث قلبت تلك التغييرات خرائط السيطرة ومناطق النفوذ والتحالفات في الأزمة السورية حتى باتت روسيا الرابح الأكبر من كل التطورات التي جرت، فمنذ ديسمبر/كانون الأول 2018 وحتى نهاية الشهر ذاته عام 2019، تبدلت خريطة النزاع السوري بالكامل في منطقة شمال شرق سوريا، وبعد أن كان التحالف الدولي يسيطر على نحو ثلث الأراضي السورية بموجب شراكته مع قوات سوريا الديمقراطية، خسر التحالف نصف تلك الأراضي ولم يعد يسيطر سوى على أجزاء قليلة تتمثل أساسا في المناطق التي تحتوي على آبار النفط والغاز في “دير الزور”. وفي السادس من أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي عن سحب القوات الأمريكية بالكامل من القواعد العسكرية المنتشرة في شمال شرق سوريا، وهو ما كان بمثابة ضوء أخضر للعملية العسكرية التركية المسماة بـ”نبع السلام”، والتي أفضت إلى سيطرة تركيا على مساحة تزيد على 4875 كيلومتر مربع من الأراضي السورية من رأس العين إلى تل أبيض بعمق 32 كيلومترا (9.2% من إجمالي مناطق سيطرة قسد قبل بدء العملية التركية)، وفقا للاتفاق الروسي-التركي الذي نتج عن اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في “سوتشي”. ومنذ ذلك اليوم، رصد المرصد السوري انسحاب التحالف الدولي من قواعده العسكرية في مناطق مختلفة من الشمال السوري، حيث انسحب من قاعدة “خراب عشك” قرب عين العرب (كوباني) وقاعدة القليب التي كانت تحتوي مدرجا لطائرات النقل العسكري والحوامات في منطقة “تل بيدر” بريف الحسكة، إضافة إلى الانسحاب من “منبج” و”عين عيسى” و”صرين”، قبل أن تفرض القوات الروسية سيطرتها على عدد من القواعد التي انسحبت منها القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي، فيما عمدت القوات الأمريكية إلى تدمير عدد من القواعد التي انسحبت منها عبر غارات جوية على تلك القواعد.

وفي أعقاب التغييرات الأخيرة، وحتى الحادي والثلاثين من ديسمبر 2019، تبدلت الأوضاع في أعقاب التدخل العسكري التركي، حيث لم يتبق لـ”قسد” سوى 29220 كم2 بنسبة 15.7% من إجمالي مساحة الأراضي السورية، مع سيطرة “النظام” على 133262.8 كم2 بنسبة 72% من الأراضي السورية، إضافة إلى سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على 3283 كم2 بنسبة 1.8%، فيما تسيطر الفصائل المختلفة المدعومة أمريكيا وتركيا والفصائل المقاتلة على نسبة 10.5% من إجمالي الأراضي السورية بما يعادل 19414.2 كم2.

وعلى الرغم من دخول أطراف مختلفة إلى مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية، فإن الانفلات الأمني بتلك المناطق لا يزال مستمرا، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل واستشهاد 416 شخص، من بينهم اغتيال خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” لـ135 مدنيا من بينهم 6 أطفال و5 مواطنات في ريف دير الزور الشرقي وريف الحسكة ومدينة الرقة وريفها ومنطقة منبج، إضافة لاغتيال 277 مقاتلاً من قوات سوريا الديمقراطية بينهم قادة محليين في المناطق ذاتها، فيما قضى 4 من عناصر التحالف الدولي. كما أحصى “المرصد السوري” سقوط عشرات الجرحى جراء عمليات الاغتيال تلك.

تنظيم “الدولة الإسلامية”.. “الخلافة” المزعومة تتحول من “دولة” إلى “خلايا نائمة”

كان عام 2019 عاما حاسما بالنسبة لتنظيم “الدولة الإسلامية” كونه العام الذي شهد إعلان الهزيمة العسكرية للتنظيم على أيدي قوات سوريا الديمقراطية بالتعاون مع التحالف الدولي لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”، بعد المعركة الأخيرة التي خاضها التنظيم في “الباغوز” في دير الزور. وعلى مدار الفترة من 29 ديسمبر/كانون الأول 2018 وحتى 29 ديسمبر/كانون الأول 2019، شهدت مناطق عدة تصاعدا في أنشطة تنظيم “الدولة الإسلامية”، بداية من عمليات الاختطاف لطلب الفدى المالية مرورا بالاغتيالات ووصولا إلى الابتزاز والتهديد بالقتل وفرض إتاوات مالية على المواطنين تحت مسمى “الزكاة”. وقد شهد مطلع العام المنصرم لحظة حاسمة ونقطة تحول لمسيرة “دولة الخلافة” البالغة من العمر 5 سنوات، والتي أسسها تنظيم “الدولة الإسلامية”، حيث تحقق الهدف الرئيسي للتحالف الدولي لمواجهة التنظيم، والمتمثل في إنهاء سيطرة التنظيم على أغلب الأراضي السورية وإعلان القضاء على “دولة الخلافة” في مارس/آذار الماضي، بعد معارك عنيفة دامت عدة أشهر في منطقة “الباغوز” في دير الزور. ولم تكتف قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية” بالقضاء على “دولة الخلافة”، بل عملا على استهداف قادة التنظيم، وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول، رصد “المرصد السوري” خروج 8 طائرات من مطار “صرين” في ريف مدينة عين العرب (كوباني)، لاستهداف زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” أبوبكر البغدادي في قرية “باريشا” بريف إدلب. وبحسب المعلومات التي حصل عليها المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن بقايا جثة “البغدادي” بعد أن فجر نفسه، نُقلت إلى قاعدة “عين الأسد” العراقية. وبحسب ما علمت مصادر “المرصد السوري”، فإن العملية التي نفذها التحالف الدولي أسفرت أيضا عن مقتل أبوحسن المهاجر المتحدث باسم تنظيم “الدولة الإسلامية”، إضافة إلى حوالي 9 أشخاص آخرين من بينهم عدد من قيادات التنظيم الأخرى، حيث كان من بين القتلى الـ9 امرأتين وطفل، بينما المنزل المستهدف جرى شراءه من قيادي جهادي قبل أيام وعرّف عن نفسه أمام أهالي المنطقة أنه حلبي. وفي 28 أكتوبر، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عملية جديدة لـ”التحالف” نفذت خلالها عملية إنزال جوي فوق منطقة “الحاوي” في “جرابلس” غربي نهر الفرات، حيث جرى ضبط إحدى العائلات التي يرجح أن تكون عراقية ويشتبه في انتمائها لتنظيم “الدولة الإسلامية” من المنطقة، وبعدها غادرت المروحية مرة أخرى.

وعلى الرغم من انقضاء ما يسمى بـ”دولة الخلافة” وإعلان هزيمة التنظيم في سوريا، فإن تنظيم “الدولة الإسلامية” لا يزال ينتشر على مساحة تقدر بنحو 4000 كيلومتر مربع، أي ما يعادل 1.8% من إجمالي مساحة سوريا، حيث لا يزال التنظيم مستمرا في نشاطه في البادية السورية غرب نهر الفرات في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات الموالية لها من جنسيات سورية وغير سورية، عبر هجمات وكمائن متواصلة في بادية السويداء والرقة ودير الزور وحمص. وبحسب إحصاءات المرصد السوري لحقوق الإنسان، يسيطر التنظيم حاليا على منطقة تنطلق من جبل أبورجمين في شمال شرق تدمر، وصولا إلى بادية دير الزور وريفها الغربي. كما يتواجد التنظيم في بادية السخنة وفي شمال الحدود الإدارية لمحافظة السويداء.

ومع انقضاء ما يسمى بـ”دولة الخلافة”، تحولت الأنظار إلى أزمة جديدة تعد من إرث التنظيم، والتي تتمثل في مخيم الهول للاجئين والنازحين، والذي بات أشبه بـ”دويلة” لعناصر وعائلات التنظيم، وهي أزمة تسعى معظم دول العالم إلى تجاهلها والتغاضي عنها تجنبا لاستعادة مواطنيها الذين انضموا إلى عناصر التنظيم، حيث تنتشر الفوضى والانفلات الأمني بصورة كبيرة داخل المخيم الذي يعد بمثابة قنبلة موقوتة تهدد بعودة ظهور “الدولة الإسلامية” أو تنظيم أشد خطرا منه، حيث إنه وفقا لإحصاءات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن مخيم الهول يضم ما لا يقل عن 68607 شخص، هم: 8450 عائلة عراقية تشمل 30765 شخصا من الجنسية العراقية، و7809 عائلة سورية تشمل 28069 شخصا من الجنسية السورية، فيما البقية –أي 9773 شخص- من جنسيات أوربية وآسيوية وأفريقية وغيرها ضمن 2824 عائلة. وضمن الفوضى المنتشرة في أرجاء المخيم، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سيدة من الجنسية “التركستانية” في مخيم الهول بريف الحسكة الشرقي، في 8 ديسمبر/كانون الأول، حيث جرى قتل السيدة خنقاً من قبل نساء من عوائل تنظيم “الدولة الإسلامية” المحتجزين في مخيم “الهول” بريف الحسكة، لعدم التزامها باللباس الشرعي، وفقا لآراء منفذات العملية.

ولا تتوقف أزمة مخيم “الهول” عند حد التطرف والتشدد الذي يسيطر على القاطنين بداخله، بل إن الأوضاع الإنسانية الكارثية تكاد تعصف بالمخيم، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ بداية العام وحتى اللحظة، وفاة 485 شخصاً على الأقل، من بينهم 426 طفلا، نتيجة الظروف الإنسانية الكارثية التي يعيشها سكان المخيم وعدم توافر الاحتياجات الصحية والغذائية واحتياجات الشتاء، وسوء الأوضاع الإنسانية عموما.

النفوذ الإيراني.. “طهران” تبسط أذرعها على الأراضي السورية عبر التشيع والمعونات

مع تطورات الأحداث في سوريا، انشغلت وسائل الإعلام المحلية والدولية بمتابعة تطورات الوضع في الشمال السوري والعملية العسكرية التركية “نبع السلام”، بينما انشغلت إيران بمسعاها إلى تنفيذ مخططاتها داخل سوريا من خلال نشر التشيع وزيادة عدد الموالين لها في مناطق سور ية عدة، حيث تواصل القوات الإيرانية ووالمليشيات الموالية لها عمليات التجنيد السرية لصالحها في الجنوب السوري والضفاف الغربية لنهر الفرات، عبر عرابين تابعين لها أو مواقع جرى تحويلها لمراكز للتشيع، مثل “سرايا العرين” التابع للواء 313 في شمال درعا، بالإضافة إلى مراكز في منطقة اللجاة ومناطق أخرى بريف درعا ومدينة الميادين وباديتها وضواحيها ومنطقة البوكمال وغيرها بريف دير الزور غرب نهر الفرات. وبحسب مصادر “المرصد السوري”، فإن عمليات التشيع تلك تجري مقابل السخاء المادي واللعب المتواصل على الوتر الديني والمذهبي، حيث أكدت المصادر تزايد أعداد المتطوعين في الجنوب السوري إلى أكثر من 4620 متطوع، فيما ارتفع عدد الشبان والرجال السوريين من أعمار مختلفة ممن جرى تجنيدهم في صفوف القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها مؤخراً بعد عمليات “التشيُّع” إلى نحو 2870، ضمن منطقة غرب نهر الفرات في ريف دير الزور، إذ تعمد المليشيات الإيرانية لتكثيف عمليات التجنيد، تزامنا مع انشغال الجانب الروسي بالعمليات العسكرية والاتفاقات الأخيرة مع تركيا فيما يتعلق بشمال سوريا.

ووفقا لمعلومات جديدة حصل عليها “المرصد السوري”، فإن القوات الإيرانية والموالين لها لا يزالون يواصلون عمليات نشر التشيع والفكر الشيعي وجذب المزيد من المتطوعين عبر المراكز الثقافية والشيعية في مختلف المناطق السورية، حيث رصدت مصادر موثوقة تأسيس القوات الإيرانية المزيد من المراكز التي تعمل على استقطاب المزيد من السوريين في مدينة القنيطرة، حيث يجري في الفترة الراهنة تأسيس “جمعية الدير” في مركز المدينة، من أجل محاولة ضم المزيد من شباب المنطقة مقابل مبالغ مادية ضخمة، إضافة إلى إنشاء مركز جديد لشيعة إيران في بلدة “خان أرنبة” بالمدينة، في مشاهد تعيد للأذهان تأسيس “جمعية البستان” من قبل في مركز المدينة، ناهيك عن أن انتشار الشيعة تحت مسميات مختلفة في “القنيطرة” بعد أن بسط النظام سيطرته عليها. ولا تتوقف محاولات إيران للتغلغل في نسيج المجتمع السوري عند حد ضم المزيد من العناصر المقاتلة إلى صفوفها، بل إنها تعمد إلى نشر المذهب الشيعي في أوساط السوريين عبر ضم المزيد من السكان في مختلف المناطق السورية إلى المذهب الشيعي، من خلال دفع الأموال أو تقديم المعونات أو حل القضايا العالقة بين السكان. كما أن “المرصد السوري” رصد عمليات تطوع في صفوف الفصائل الموالية لإيران، من جانب المنشقين السابقين عن قوات النظام والراغبين بـ”تسوية أوضاعهم”، بالإضافة إلى مقاتلين سابقين في صفوف خصوم النظام ومواطنين آخرين من محافظة “دير الزور” قالت مصادر إن القسم الأكبر منهم من منطقة القورية بريف مدينة الميادين، كما أن عملية إغراء المواطنين والمتطوعين تأتي عبر راتب شهري، وتخيير في عملية انتقاء مكان الخدمة بين الذهاب للجبهات أو البقاء في مركز التدريب بغرب نهر الفرات، بالإضافة إلى الحصانة من قوات النظام ومن الاعتقال، فيما تجري عملية التطوع مقابل مبالغ مالية ترصد لهم كرواتب كشهرية، وتتفاوت الرواتب من غرب الفرات إلى الجنوب السوري، حيث تبدأ الرواتب من 150 دولار أمريكي إلى مبلغ نحو 300 دولار أمريكي، تبعاً لقربها من الحدود السورية مع الجولان السوري المحتل، فكلما باتت المسافة أقرب ازداد الراتب للعناصر المتطوعين.

ووفقا لما رصده “المرصد السوري”، فإن روسيا تسعى إلى سحب البساط من تحت أقدام الإيرانيين بشتى الوسائل، ومن بينها التحالفات مع تركيا والاتفاقات التي تبرمها هنا وهناك. وكان الخلاف بين الجانبين الروسي والإيراني قد تجلى بشكل واضح حول منطقة “تل رفعت”، حيث كانت روسيا وعدت تركيا بتسليمها تل رفعت مقابل فتح طريقي دمشق-حلب الدولي وحلب-اللاذقية الدولي، الأمر الذي ترفضه إيران لوجود نبل والزهراء ذوي الأهمية المذهبية والرمزية لها في المنطقة. كذلك، تجلى نفور روسيا من التحركات الإيرانية من خلال القرار الروسي باستبدال حواجز الميليشيات الموالية لإيران والنظام في محيط منطقة اتفاق “بوتين-أردوغان” بشأن المنطقة منزوعة السلاح، بعناصر من قوات الفيلق الخامس الموالي لروسيا والمدعوم منها. كذلك، عملت روسيا على كف يد إيران داخل الأراضي السورية من خلال إبعادها عن الحلول الداخلية والمشاركة فيها، على الرغم من التمدد الإيراني العسكري وعلى مستوى المفاوضات، حيث أوقفت روسيا العملية العسكرية لقوات النظام وحلفائها عقب السيطرة على مطار أبوالضهور العسكري واكتفت بما تقدمت إليه قوات النظام عقب تمكنها من السيطرة على عدد كبير من القرى في القطاعين الشرقي والجنوبي الشرقي من ريف إدلب، وامتنع الروس والنظام عن التقدم لفك الحصار عن بلدتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب الشمالي الشرقي اللتين كانا يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية مع آلاف المقاتلين من أبناء البلدتين، وهو ما دفع إيران وحلفائها إلى الامتناع عن المشاركة في عملية الغوطة الشرقية. وبحسب مصادر موثوقة، فإن “روسيا لم تعمد لبدء عمليات الجنوب، إلا بعد توافق روسي-إقليمي على عودة إيران وحزب الله اللبناني لمسافة 40 كلم عن الشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتل. وبعد انسحابها بشكل عسكري، بدأت عملية السيطرة على الجنوب السوري”.

الغارات الإسرائيلية.. “تل أبيب” تستغل الفوضى السورية بحجة “مواجهة إيران” وتقتل وتصيب المئات خلال العام

على مدار الفترة من 31 ديسمبر 2019 إلى 31 ديسمبر 2019، شهدت الأراضي السورية تصاعدا كبيرا في الضربات الإسرائيلية بحجة استهداف مناطق النفوذ الإيراني ومنع “طهران” من إنشاء خط إمدادات بري إلى “حزب الله” اللبناني. وفي 12 يناير/كانون الثاني، رصد “المرصد السوري” عدة ضربات إسرائيلية استهدفت محيط مطار دمشق الدولي ومناطق أخرى في ريف دمشق الجنوبي، ما أسفر عن تدمير مستودعات وأسلحة تابعة لـ”طهران” و”حزب الله”. وفي 20 يناير، هزت انفجارات عنيفة ضواحي العاصمة “دمشق”، تبين أنها ناتجة عن إطلاق صواريخ الدفاعات الجوية لاعتراض صواريخ يرجح أنها إسرائيلية على الضواحي الجنوبية للعاصمة. وفي 21 يناير، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان قصفاً إسرائيلياً هو الأشمل والأعنف على قوات النظام وحلفائها من حيث الخسائر البشرية، حيث نفذت القوات الإسرائيلية عشرات الضربات الصاروخية براً وجواً عبر طائراتها وصواريخ أرض–أرض بعيدة المدى، في قصف امتد لأقل من 60 دقيقة واستهدف مناطق ممتدة من ريف دمشق الجنوبي الغربي حتى مطار الثعلة العسكري بريف السويداء الغربي، جرى خلاله تدمير مواقع ونقاط ومستودعات تتبع للقوات الإيرانية وحزب الله اللبناني في كل جمرايا ومحيط مطار دمشق الدولي ومنطقة الكسوة ومحيط مطار الثعلة ومناطق ثانية، بالإضافة لاستهداف مراكز دفاع جوي تابعة لقوات النظام، فيما خلفت الضربات 21 قتيلا. وتكررت الغارات الإسرائيلية على مدار العام، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد 6 مدنيين بينهم 3 أطفال ومواطنة، بعد قصف إسرائيلي في الأول من يوليو/تموز 2019. وفي التاسع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، نفذت إسرائيل عدة غارات جديدة على دمشق وريفها، أسفرت عن مقتل 21 من بينهم 5 من قوات النظام بينما البقية من فيلق القدس والميليشيات الموالية لإيران، وغالبيتهم من الجنسيات غير السورية. وفي 23 ديسمبر، تكررت الغارات الإسرائيلية ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص على الأقل من جنسيات غير سورية، بعد سقوط صاروخ إسرائيلي على المنطقة الواقعة بين السيدة زينب وعقربا جنوب العاصمة السورية.

“نبع السلام”.. تركيا تقضم منطقة جديدة من الأراضي السورية بحجة “محاربة الإرهاب”.. والنتيجة: “تغيير ديمغرافي” على قدم وساق

في السادس من أكتوبر/تشرين الأول، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته من الشمال السوري، ولم تكد تمر أيام معدودة حتى أعلنت تركيا انطلاق عمليتها العسكرية “نبع السلام” في التاسع من أكتوبر، لتفضي إلى سيطرة تركيا على مساحة تزيد على 4875 كيلومتر مربع من الأراضي السورية من رأس العين إلى تل أبيض بعمق 32 كيلومترا (9.2% من إجمالي مناطق سيطرة قسد قبل بدء العملية التركية). وعلى الرغم من ادعاءات تركيا بشأن نيتها إنشاء “منطقة آمنة” في المناطق التي خضعت لسيطرتها، فإن مصادر “المرصد السوري” رصدت عمليات انتهاكات واسعة ضد من تبقى من السكان، حيث يتعرض المدنيون لاعتداءات وعمليات سلب ونهب واختطاف وابتزاز مقابل المال، فيما علم “المرصد السوري” أن تلك الانتهاكات تجري بأمر من الاستخبارات التركية، بهدف إجبار من تبقى من السكان على الرحيل من مناطقهم من أجل إحداث عملية تغيير ديمغرافي في المنطقة، وهو ما رصدت مصادر موثوقة انطلاقه بالفعل، حيث وثق “المرصد السوري” في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، توطين عوائل من إدلب جرى استقدامها من مناطقها إلى منازل المدنيين في “رأس العين”، من أجل إحداث عملية تغيير ديمغرافي في المنطقة. وقالت المصادر: “لا تزال الانتهاكات مستمرة، بداية من السلب والسطو والاختطاف، مرورا بتلفيق الاتهامات للمدنيين بالانتماء لمؤسسات الإدارة الذاتية وإلقاء القبض عليهم، وحتى طلب مبالغ مالية ضخمة من أجل إخلاء سبيلهم”. وبحسب ما رصدت مصادر “المرصد السوري”، فإنه لا تزال هناك خلافات بين من يتم توطينهم في المدينة، سواء بالترغيب أو الترهيب أو الإرغام بحسب ما كشفت مصادر موثوقة أمس، حيث “هناك خلافات بين من تم توطينهم والفصائل الموالية لتركيا وصلت إلى درجة توجيه السباب والشتائم فيما بينهم، وقد اندفعت بعض الفصائل المسلحة إلى إلقاء القبض على عدد من المستوطنين الوافدين إلى المنطقة، واتهامهم بعدة تهم من بينها بث الفتنة وتشويه صورة الجيش الوطني، وغيرها من الاتهامات”.

عفرين.. انتهاكات متواصلة وسرقة آثار وعملية تغيير ديمغرافي لا تنقطع

على الرغم من مرور نحو عامين على سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها على منطقة “عفرين”، فإن الانفلت الأمني وانعدام الأمن والانتهاكات وعمليات سرقة الآثار والتغيير الديمغرافي الذي تسعى تركيا لإحداثه بالمنطقة لا تزال مستمرة، حيث يشكل السلاح المنتشر بيد العناصر الموالية لتركيا خطراً على السكان، ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، استياءًا بين المواطنين جراء اشتباكات بالأسلحة الفردية والرشاشات، بين عناصر من فصيلي الشرقية وأحرار الشام في منطقة “جنديرس” بريف عفرين شمال حلب. ولفتت مصادر موثوقة، لـ”المرصد السوري”، في 16 ديسمبر/كانون الأول، إلى أن عناصر من فصيل “الحمزات” المدعوم من قبل تركيا تواصل عمليات البحث عن آثار في قرية جوقة الواقعة بريف منطقة عفرين شمال غرب حلب، حيث يعمد الفصيل منذ مطلع شهر ديسمبر الفائت إلى حفر ونبش مواقع عدة في المنطقة، منها “مزار شيخ جمال الدين” الواقعة بين قريتي جوقة وكوكان، وأضافت المصادر أن الفصيل نقل عدة أكياس لم يُعرف محتواها إلى مدينة عفرين، وذلك في إطار استمرار الفصائل تشويه الحضارة السورية عبر سرقة وتدمير المواقع الآثرية. وكان المرصد السوري رصد استمرار عناصر من الفصائل الموالية لتركيا في انتهاكاتها بحق أهالي “عفرين” شمال حلب، وذلك عبر التضييق على المزارعين لدفع رشاوى مالية.

منطقة “خفض التصعيد”.. تصعيد مستمر وأزمة كهرباء ووقود وتمرد على “تحرير الشام” وأوضاع اقتصادية صعبة

على الرغم من الهدوء النسبي الذي شهدته مناطق “خفض التصعيد” في شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، فإن شهري نوفمبر وديسمبر جاءا ليحملا معهما تصعيدا هائلا بمئات الغارات الجوية وآلاف الضربات البرية كالتصعيد الذي جرى خلال الفترة بين نيسان/أبريل وآب/أغسطس، حيث وثق “المرصد السوري” خلال عام 2019 استشهاد ومصرع ومقتل 6004 شخصًا في مناطق الهدنة الروسية – التركية، وهم: 1684 مدنيا بينهم 441 طفلا و318 مواطنة قضوا في القصف الجوي الروسي والقصف الصاروخي من قبل قوات النظام والفصائل، ومن ضمن حصيلة المدنيين 120 بينهم 34 طفلا و20 مواطنة استشهدوا بسقوط قذائف أطلقتها الفصائل على مناطق تخضع لسيطرة قوات النظام، بالإضافة إلى 2246 مقاتلاً قضوا في ظروف مختلفة ضمن المنطقة منزوعة السلاح منذ اتفاق بوتين – أردوغان، من ضمنهم 1472 مقاتلاً من “الجهاديين”، و2074 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.

وفي مناطق سيطرة الفصائل وهيئة تحرير الشمال، لا يزال الفلتان الأمني مستمرا إلى حد كبير، حيث تشهد مناطق إدلب استهداف مجهولين عناصر بالفصائل ومواطنين ومباني تابعة لـ”الفصائل” بالقنابل اليدوية، ما تسبب في مقتل واستشهاد وإصابة العشرات. وشهدت مدينة “كفرتخاريم” تطورات كبيرة خلال شهري نوفمبر وديسمبر، حيث رصد “المرصد السوري” احتجاجات واسعة في المدينة تطورت إلى طرد عناصر هيئة تحرير الشام، حتى باتت خالية من أي تواجد لـ”الهيئة”، عقب نقض الهيئة العامة للزكاة الاتفاق مع أهالي كفرتخاريم، والذي يلزمها بتوزيع زكاة الزيتون ضمن مدينة كفرتخاريم فقط. ولا تتوقف حالة الاستياء التي تشهدها محافظة إدلب عند حد “كفرتخاريم”، بل إن قرارا أصدرته وزارة الاقتصاد فيما يعرف بـ”حكومة الإنقاذ” أثار موجة استياء واسعة، حيث يقضي القرار بخفض وزن كيس الخبز من 800 غرام إلى 760 غراما بعدد 9 أرغفة بسعر ثابت 200 ليرة سورية، بداية من نوفمبر/تشرين الثاني. وفي 3 نوفمبر الماضي، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان تظاهر عشرات المواطنين في مدينة إدلب، رفضاً للقرارات التي أصدرتها “حكومة الإنقاذ” الموالية لـ”تحرير الشام”، والتي تقضي بتخفيض عدد ساعات الاشتراك بخدمة الكهرباء، حيث هتف المتظاهرون ضد “حكومة الإنقاذ” و”هيئة تحرير الشام”، بعد أن أصدرت قراراً يقضي بتخفيض عدد ساعات الاشتراك بخدمة الكهرباء في محافظة إدلب، حيث خفضت عدد ساعات الاشتراك إلى 3 ساعات، وبسعر 3500 ليرة سورية للأمبير الواحد.

وعلى الرغم من استعادة النظام السيطرة على ما يقارب 115 منطقة في حماة وإدلب، فإن عودة السيطرة تلك كانت مصحوبة بأوضاع معيشية مزرية للغاية يعاني منها السوريون في تلك المناطق وجميع المناطق الخاضعة لنفوذ النظام السوري في حقيقة الأمر، وهو ما حاول النظام إخفائه من خلال آلته الإعلامية. ورصدت مصادر موثوقة في مناطق سيطرة النظام، عن تفاقم الأوضاع الاقتصادية هناك، حيث يزداد طول الطوابير من أجل الحصول على الخدمات يوما بعد يوم، حتى باتت حياة المواطنين السوريين مجرد طوابير طويلة للحصول على الخدمات المختلفة، بداية من طابور الخبز إلى طابور الغاز مرورا بطوابير الباحثين عن حليب ومستلزمات الأطفال، وحتى طوابير المستلزمات الأساسية للمعيشة، وسط محاولات من جانب سلطات النظام للتنصل من المسؤولية والإلقاء بها على جشع التجار. وبحسب تقارير اقتصادية مختلفة، انخفضت قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الأزمة، حيث بلغ سعر صرف الدولار 900 ليرة سورية، ووفقا لمصادر موثوقة، تصاعدت حالة الاستياء الشعبي وسط مطالبات بتحسين الواقع المعيشي وإحداث انفراجة في حياة السكان، وسط مطالبات باستتقالة حكومة النظام التي يقودها عماد خميس بسبب فشله في حل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تعصف بوضوع المواطن السوري.

محافظة درعا.. عودة الانتفاضة الشعبية ضد النظام السوري وحلفائه في ظل تصاعد متوصل بالفلتان الأمني

رصد “المرصد السوري” ما يشبه “انتفاضة شعبية” في درعا، احتجاجا على ما تشهده إدلب وما يتعرض له المدنيون من قصف وتهجير، فيما طالب المتظاهرون بالإفراج عن المعتقلين في سجون النظام، إضافة إلى التنديد بسياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقصف الطائرات الروسية على ريف إدلب، حيث تشهد محافظة درعا انتفاضة شعبية في عدد من المدن والبلدات، تنادي بذات المطالب. وعلى مدار النصف الأول من شهر ديسمبر/كانون الأول، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان تصاعد حدة المظاهرات. ولم يسلم الروس من انتفاضة درعا، حيث كان “المرصد السوري” رصد في 29 نوفمبر/تشرين الثاني، طرد أهالي من محافظة درعا للوفد الروسي الذي حضر للمشاركة في تشييع القيادي السابق بفصائل المعارضة، والذي اغتيل قبلها بيوم برصاص مجهولين غرب درعا. وتأتي تلك المظاهرات تزامنا مع استمرار تردي الوضع المعيشي والأمني في محافظة درعا، حيث لا يزال الفلتان الأمني متواصلا بشكل كبير.

وتشهد محافظة درعا أيضا انفلاتا أمنيا كبيرا، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الفترة الممتدة من يونيو/حزيران الماضي وحتى يومنا هذا، أكثر من 232 محاولة اغتيال، فيما وصل عدد الذين استشهدوا وقتلوا إثر تلك المحاولات خلال الفترة ذاتها إلى 163، وهم: 25 مدنيا بينهم 3 مواطنات وطفلين، إضافة إلى 86 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها والمتعاونين مع قوات الأمن، و29 من مقاتلي الفصائل ممن أجروا “تسويات ومصالحات” وباتوا في صفوف أجهزة النظام الأمنية من بينهم قادة سابقين، و16 من المليشيات السورية التابعة لـ”حزب الله” اللبناني والقوات الإيرانية، بالإضافة إلى 6 مما يُعرف بـ”الفيلق الخامس” الذي أنشأته روسيا.

شهداء تحت التعذيب.. أقبية النظام تواصل حصد أرواح السوريين دون حساب

على مدار عام 2019، واصل المرصد السوري لحقوق الإنسان توثيق استشهاد المواطنين السوريين على أيدي النظام السوري في معتقلاته التي باتت أشبه بـ”أقبية الموت”، بعد سنوات من الاعتقال المتواصل، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد 87 معتقلا من الرجال والشباب في الفترة ما بين الحادي والثلاثين من ديسمبر 2018 إلى الحادي والثلاثين من ديسمبر 2019. وبحسب ما وثقه “المرصد السوري”، فإن عدد الذين استشهدوا في سجون النظام ارتفع إلى 16152 مدني وثقهم “المرصد السوري” بالأسماء، هم: 15964 رجلاً وشاباً و125 طفلاً و64 مواطنة منذ انطلاقة الثورة السورية، من أصل 104 آلاف علم “المرصد السوري” أنهم فارقوا الحياة واستشهدوا في المعتقلات، حيث كان “المرصد السوري” حصل على معلومات من عدد من المصادر الموثوقة، عن أنه جرى إعدامهم وقتلهم واستشهادهم داخل معتقلات وسجون قوات النظام ومخابراتها، من ضمنهم أكثر من 83% جرى تصفيتهم وقتلهم ومفارقتهم للحياة داخل هذه المعتقلات في الفترة الواقعة ما بين شهر آيار/مايو 2013 وشهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2015، فيما أكدت المصادر كذلك أن ما يزيد عن 30 ألف معتقل منهم قتلوا في سجن صيدنايا سيئ الصيت، فيما كانت النسبة الثانية الغالبة هي في إدارة المخابرات الجوية.

إن الأوضاع الكارثية التي تشهدها سوريا تهدد أرواح السوريين وتنذر بكارثة ليس لها في الأفق حلا، وهو ما يتطلب تدخلا عاجلا من قبل المجتمع الدولي والمنظمات المعنية من أجل إنقاذ أرواح السوريين الأبرياء الذين يتساقطون يوما تلو الآخر هباءًا دون أن تتحقق مآربهم في الوصول إلى سوريا ديمقراطية تقبل الجميع باختلاف مكوناتهم وتوجهاتهم. إن المرصد السوري لحقوق الإنسان يؤكد أنه كان بإمكان المجتمع الدولي منذ اليوم الأول للأحداث السورية تجنب ويلات الحرب التي عانى منها السوريون وتفجرت تداعياتها في أنحاء الشرق الأوسط بأكمله، كما يؤكد “المرصد السوري” أن الفرصة لا تزال متاحة للمجتمع الدولي لاحتواء ما جرى خلال الأعوام الماضية من خلال الضغط على الأطراف كافة لوقف نزيف دماء السوريين في مختلف مناطق السيطرة. ويناشد “المرصد السوري” المنظمات الدولية المعنية بضرورة التدخل لإغاثة السوريين الذين يتضورون جوعا وبردا في ظل أجواء البرد القارصة التي تجتاح سوريا مع دخول فصل الشتاء في وقت يعيشون فيه في العراء بعد أن فروا من منازلهم وتركوا أعمالهم وباتوا مشردين داخل وخارج سوريا.

انفوجرافيك حصيلة الخسائر البشرية لعام 2019 رابط دقة عالية:

مقارنة نسب السيطرة وتوزع النفوذ ما بين ديسمبر 2018 وديسمبر 2019 رابط دقة عالية:

مخطط بياني لتوزع الخسائر البشرية حسب الأشهر لعام 2019 رابط دقة عالية:

مخطط بياني لتوزع الشهداء المدنيين حسب الأشهر لعام 2019 رابط دقة عالية:

مخطط بياني تفصيلي لتوزع الخسائر البشرية حسب الاشهر لعام 2019 رابط دقة عالية: