تركيا تلوِّح بحرب شوارع طويلة الأمد في سوريا

27

عاد التصعيد العسكري ليعم محافظة إدلب وريف حلب الغربي شمال غرب سوريا، بعد هدوء ووقف لإطلاق النار في المنطقة بموجب تفاهم تركي – روسي، لم يصمد سوى لأكثر من أسبوعٍ واحد فقط.
استثمرت تركيا مطلب روسيا بعقد مفاوضات بين اللواء الليبي «خليفة حفتر» و حكومة الوفاق، واشترطت على موسكو أنها تريد هدنة في إدلب مقابل وساطتها لإقناع «فايز السراج» قائد المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق الحضور إلى المفاوضات، وبالفعل تم إقرار هدنة شاملة لكل من إدلب السورية وطرابلس الليبية على التوالي، حيث أن أنقرة وموسكو باتتا أبرز الفاعلين في هذين الملفين.

فصائل المعارضة

في الخامس عشر من شهر كانون الثاني / يناير الجاري عقد مسؤولون أمنيون أتراك اجتماعاً مع قادة فصائل المعارضة السورية المعتدلة التي تواجه الحملة الروسية في إدلب، وأبلغوهم بنتائج اجتماعهم الأمني مع روسيا و «علي مملوك» نائب بشار الأسد للشؤون الأمنية، حيث أكد المسؤولون الأتراك أن نظام الأسد ومن خلفه روسيا لا يفكرون سوى بـ «الحل العسكري»، وأن قضية فتح الطرقات الدولية لم تعد محل اهتمام بالنسبة للطرف الآخر، وطالبوهم بالاستعداد للمعارك المقبلة مع تطمينات بمساندتهم ودعمهم لوجستياً وسياسياً في وجه الهجوم.
وبعيد اللقاء بين المسؤولين الأتراك وقادة فصائل المعارضة السورية لوح وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو» بالرد على ما حصل من خروقات لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب، وهدد روسيا بشكل مبطن بحرب استنزاف طويلة في حال ظلت مصرة على الحسم العسكري قائلاً:» النظام السوري يؤمن بالحل العسكري في إدلب، وفي حال تحول الصراع إلى حرب شوارع فإن الحرب لن تنتهي».

عمليات دفاعية وهجومية

وأشار الوزير التركي في تصريحاته لقناة «سي إن إن تورك» أنه «يجب على المعارضة السورية حماية نفسها من هجمات النظام»، وبالنظر إلى سياق التصريح كاملاً فإن المقصود منه ليس التخلي عن المعارضة السورية، وإنما إطلاق يدها من أجل شن عمليات دفاعية وهجومية رداً على الخروقات من طرف نظام الأسد وروسيا، وتهديداً بسحب تركيا ليدها من تعهداتها وضمانها أن تلتزم المعارضة بالتهدئة وخفض التصعيد، مما يعني توسع نطاق المعارك وإيقاف المسار السياسي واللجنة الدستورية، وفتح الباب أمام تدخلات دولية عديدة، خاصة وأن التسريبات تتحدث عن لقاءات تجريها قادة فصائل من المعارضة السورية مع المبعوثين الأمريكيين إلى سوريا في أنقرة.
التهديد التركي أتى جراء قراءة دقيقة للموقف روسيا التي ترغب بإنهاء المعارك بأسرع وقتٍ ممكن من أجل جني المكاسب السياسية عن طريق حل سياسي تجميلي، يتيح لها إعادة تعويم النظام السوري الجديد دولياً، ورفع العقوبات الاقتصادية عنه، وبالتالي استعادة موسكو لما أنفقته على الحرب، وضمان تثبيت نفوذها، وكل هذا سيصبح مهدداً في حال اندلعت حرب عصابات طويلة الأمد.

الوضع الإنساني

تراهن روسيا ونظام الأسد في حسم معركة إدلب على مفاقمة الوضع الإنساني وزيادة معاناة السكان فقط، وذلك من خلال تكثيف قصف المشافي والبنى التحتية والأحياء السكنية ودفع السكان إلى النزوح باتجاه الشريط الحدودي مع تركيا، ويدرك الطرفان أن هذه هي أقوى الأوراق التي يمتلكانها لحسم ملف إدلب لصالحهما، على اعتبار أن الحلول العسكرية لا تزال إلى اليوم تصطدم بصخرة مقاومة من فصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة، ولا تقل العقبات السياسية التي تعترض روسيا ونظام الأسد في إدلب عن العقبات العسكرية، فمن الملاحظ مؤخراً تصاعد النبرة الأمريكية وتهديد واشنطن باتخاذ كافة الإجراءات لوقف الهجوم على إدلب، وتأكيد الاتحاد الأوروبي أن الأوضاع في إدلب على رأس أولويته.

الكاتب:فراس فحام   – المصدر:القدس العربي