أذرع إيران في دير الزور داخل مجلس الشعب السوري.. تاريخ أسود وحاضر فاسد

582

عملت الميليشيات الإيرانية على تقديم دعم كبير لعدة شخصيات موالية لها بهدف إيصالهم إلى مقاعد مجلس الشعب السوري. وتكفلت تلك الميليشيات بتمويل حملاتهم الانتخابية، ساعية إلى تعزيز نفوذها في سوريا، وإضفاء طابع قانوني على وجودها من خلال تسهيل استحواذها على القرار السوري، وذلك دون مخالفة القوانين المبرمة وفق الدستور. هؤلاء الأعضاء الموالين لها يعتبرون أدوات بيد إيران، ويعملون على خدمة مصالحها في سوريا.

تصدّر مدلول العزيز، وهاشم مسعود، وفراس جهام المعروف بـ”العراقية”، وخليفة محمد الحمد (المرسومي)، وغيرهم، قائمة المرشحين الموالين لإيران في انتخابات مجلس الشعب. انتهت الانتخابات بفوز العديد منهم، إلا أن تاريخهم السابق يحمل العديد من الإشارات التي تستحق تسليط الضوء عليها، وفقاً لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

خليفة محمد الحمد (المرسومي):

ينحدر خليفة من بلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي، وينتمي إلى قبيلة المرسوم. هو شقيق فرحان المرسومي، الذي نصب نفسه شيخاً على القبيلة، وكلاهما مقربان من الميليشيات الإيرانية. يدير خليفة وشقيقه شركة المرسومي للمقاولات، وقد ساهم خليفة في تجنيد العديد من الشبان لصالح الحرس الثوري الإيراني “الفوج 47″، بالإضافة إلى امتلاكهم ميليشيا مسلحة مستقلة. يمتلك خليفة ديوانية في دمشق تحمل اسم عشيرة المرسوم، وهي مقر دائم للشيوخ والقياديين الموالين لإيران. ورغم الثروة التي يتمتع بها، يقيم ولائم يومية بملايين الليرات في دمشق، بينما يعاني أهالي منطقته من الفقر والجوع.

مدلول العزيز:

ينتمي إلى عشيرة العبيدات من قبيلة البكارة. كان في الفترة بين 2012 و2015 أحد قادة تنظيم جبهة النصرة الذي سمي لاحقاً بهيئة تحرير الشام في دير الزور، وارتكب العديد من الجرائم ضد السوريين خلال تلك الفترة.
بعد دخول تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى دير الزور، هرب مدلول العزيز إلى دمشق وأجرى مصالحة مع المخابرات الجوية. ثم أسس ميليشيا من عشيرته لصالح المخابرات الجوية، ضمت بعض أعضائها السابقين في “جبهة النصرة” الذين تم تنسيق مصالحتهم مع قوات النظام. مدلول العزيز كان يسيطر على عدة حواجز في دير الزور وريفها تحت اسم حواجز “أبو ذباح”، حيث اشتهروا بابتزاز المواطنين، تشليحهم، وتجارة العملات المزورة المحلية والأجنبية.
من خلال أعمال السرقة والابتزاز، تمكن مدلول العزيز من جمع ثروة ضخمة مكنته من الترشح لانتخابات مجلس الشعب في النظام السوري، حيث استخدم الأموال لشراء أصوات الناخبين وذمم مراقبي الصناديق. حصل على دعم من “حاج علي”، قائد ميليشيات الحرس الثوري الإيراني في دير الزور، ومن نواف البشير، شيخ قبيلة البكارة التي ينتمي إليها مدلول العزيز.
متورط في عمليات قتل وخطف واعتقال وطلب الفديات والاغتصاب من دمشق إلى تدمر، مروراً بالمنطقة الشرقية مثل دير الزور والميادين والبوكمال. بعد أن تراكمت ثروته من أنشطة غير مشروعة، دخل مجال الأعمال وأسس شركة “شام العزيز”، التي تتخصص في استيراد وتصدير مواد البناء والأدوات اللازمة للبناء، فضلاً عن توزيع المشتقات.

فراس الجهام (العراقية):

فراس ذياب الجهام، المعروف بـ “فراس العراقية”، هو شخصية بارزة في دير الزور، على الرغم من أنه ليس عسكرياً ولا يحمل شهادات علمية. وُلد عام 1982 في مدينة دير الزور ويعود أصله إلى بلدة البحرة في الريف الشرقي. قبل الثورة السورية، كان يمتلك حانة يقدم فيها القمار والمشروبات الكحولية والمخدرات.
كان “فراس العراقية” يعيش في منزل والديه بحي الجورة في دير الزور، لعدم قدرته على شراء منزل خاص، على الرغم من أنشطته غير القانونية. مع انطلاق الثورة السورية، استغل “الجهام” مقتل شقيقه محمد كفرصة للتقرب من مسؤولي النظام، وتطوع في المخابرات العسكرية ثم قاد مليشيا “الدفاع الوطني” في دير الزور.
استفاد “الجهام” من الثورة لتحقيق مكاسب مالية هائلة عبر السرقة والتعفيش والابتزاز، بالإضافة إلى استخدام مليشياته لترويج المخدرات. أصبح يمتلك عدة ممتلكات، بما في ذلك مبانٍ في حي الجورة، من بينها فيلا قرب ملاعب زياد، وشقة في حي المالكي بدمشق، ومنزل في حي الرصافة بدير الزور، إضافة إلى السيارات والمجوهرات. مؤخراً، اشترى منزلاً لأم زوجته بقيمة 60 مليون ليرة سورية، ولديه مقلع بحص في بلدة عياش بإيرادات يومية تتجاوز 3 ملايين ليرة.
يفرض على قادة القطاعات دفع مبلغ شهري قدره 50 مليون ليرة سورية، بينما لا يتلقى عناصر المليشيا رواتب من قيادة المليشيا، حيث تُسجل جداولها مبلغ 50 ألف ليرة فقط لكل عنصر. كما يدير “الجهام” مؤسسة خيرية تُدعى “مؤسسة شهيد”، التي تقدم الدعم لعائلات عناصر وقياديي المليشيا، كنوع من التغطية على أنشطته المشبوهة.

ويجدر بالذكر، أن هذه الانتخابات السورية الشكلية كما يصفها الكثير من أبناء الشعب السوري، هي الرابعة من نوعها منذ بداية أحداث الثورة السورية، وجاءت في ظل تدهور الاقتصاد ووجود عشرات الميليشيات والتنظيمات وجيوش دول واحتلالات وانقسام مناطقي في سوريا وانسداد الحل الجذري للقضية السورية.