أنباء عن عمليات اغتيال وخطف.. ماذا يحدث في إدلب؟
بينما يروج النظام السوري لعملية عسكرية يقول إنها حاليا على قائمة أولوياته العسكرية للسيطرة على إدلب (شمال غربي سوريا)، باعتبارها آخر معاقل الفصائل المعارضة السورية وهيئة تحرير الشام؛ تعيش المحافظة تدهورا في المشهد الأمني عنوانه الأبرز تفجيرات واغتيالات وعمليات خطف لا يُعلم حتى الآن الجهة التي تقف وراءها.
ويجد سكان إدلب أنفسهم في مواجهة خطر انعدام الاستقرار الداخلي الذي يوصف “بالفوضى” الأمنية التي تتحمل مسؤوليتها -بحسب البعض- الفصائل المقاتلة المهيمنة على الأرض، التي تحمّل بدورها مسؤولية ما يقع لخلايا تابعة للنظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ أواخر أبريل/نيسان الماضي مقتل 270 شخصا، بينهم 55 مدنيا، في عمليات اغتيال متنوعة، معظمها لا يتم تبنيها، واستهدفت قياديين ومقاتلين في هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى في إدلب وريفي حماة الشمالي (وسط) وحلب الغربي (شمال) المحاذيين لها.
وعزا ناشطون ومحللون هذه “الفوضى” بشكل أساسي إلى اقتتال داخلي بين الفصائل، أو إلى “خلايا خارجية” تستفيد من زعزعة الأمن، وأخرى تتبع تنظيم الدولة.
وأفاد المرصد السوري وناشطون في إدلب بإطلاق مجهولين الرصاص بشكل منتظم على مقاتلين من فصائل مقاتلة، وتفجير سيارات مفخخة وعبوات ناسفة. وأسفرت بعض هذه العمليات عن مقتل مدنيين.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، بينما تتواجد فصائل إسلامية ينضوي معظمها في إطار “الجبهة الوطنية للتحرير”، وبينها حركة أحرار الشام، في بقية المناطق، وتنتشر قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي.
وقال ناشط إعلامي في ريف إدلب الجنوبي لوكالة الأنباء الفرنسية -طلب عدم الكشف عن اسمه خشية الملاحقة- إنه “كلما أردت أن أخرج بسيارتي أتفقدها جيدا للتأكد من عدم وجود أي عبوة مزروعة فيها”، مضيفا “وحين أمرّ قرب مستوعب قمامة، أقود السيارة مسرعاً خشية انفجار عبوة داخله”.
وخلال الصلاة في الجامع، يختار الناشط -الذي تواصل مع الوكالة عبر تطبيق واتساب- الوقوف في الصفوف الأمامية أبعد ما يمكن عن المدخل خشية حصول انفجار سيارة أو دراجة نارية في الخارج، على حد قوله.
وفي شهادة أخرى، صرح ناشط آخر من بلدة معرة النعمان للوكالة نفسها بأنه “إذا رأيت كرتونة أو كيسا بلاستيكيا على الطريق، أحيد عنهما وأحيانا أتصل وأبلغ الجهات المعنية خشية وجود عبوات”، وتحدث عن خوف السكان لمجرد رؤية ملثمين يجوبون الشوارع.
واعتبر تقرير صادر عن مركز عمران للدراسات الإستراتيجية -ومقره إسطنبول– أن تزايد عمليات الاغتيال خلال العام الجاري في إدلب يفضح “حالة الفوضى الأمنية”.
ويعود ذلك لأسباب عدة؛ بينها تعدد الفصائل وتنافسها، فضلا عن أن المحافظة “تضمّ بؤرا لخلايا أمنية سواء لتنظيم الدولة أو للنظام”.
وشهدت محافظة إدلب على مرحلتين في عام 2017 ثم بداية 2018 اقتتالا داخليا بين هيئة تحرير الشام من جهة وحركة أحرار الشام وفصائل متحالفة معها من جهة ثانية.
ونتيجة تدهور المشهد الأمني بالمحافظة، أعلن أطباء وصيادلة بمدينة إدلب في يونيو/حزيران الماضي إضرابا عن العمل ثلاثة أيام احتجاجاً على “حالة الفوضى وانعدام الأمن”. وعددوا أسماء أطباء وعاملين في القطاع تعرضوا لحوادث أمنية، لافتين إلى “الكثير من حوادث الخطف”.
وفي أغسطس/آب الحالي، تعرض مدير الصحة في مديرية الساحل العاملة في مناطق المعارضة بين جنوب غرب إدلب وشمال اللاذقية خليل أغا للخطف على أيدي ملثمين، وتم الإفراج عنه بعد أسبوع مقابل مئة ألف دولار، وفق المسؤول الإعلامي للمديرية محمود الشيخ.
وعن الجهة التي تتحمل المسؤولية، رأى الناشط الإعلامي في ريف إدلب الجنوبي أن هيئة تحرير الشام هي المسؤول الأساسي لحالة انعدام الأمن، حيث إنها القوة الأقوى المسيطرة على الأرض، وبالتالي من مسؤوليتها ضمان الأمن.
ونفذت الهيئة وفصائل أخرى خلال الأيام الماضية مداهمات في إدلب اعتقلت خلالها عشرات الأشخاص بتهمة “التخابر مع النظام”، وفق المرصد.
كما شنّت مداهمات ضد خلايا نائمة لتنظيم الدولة الذي تبنى حتى منتصف يوليو/تموز اغتيالات عدة ضد مسؤولين ومقاتلين في الهيئة والفصائل، استخدم فيها إطلاق الرصاص أو العبوات الناسفة أو الكمائن.
وقال المسؤول في هيئة تحرير الشام خالد العلي للفرنسية -عبر تطبيق واتساب- “لدى النظام خلايا تعمل على إثارة الوضع في إدلب، والقصد من ذلك أن تكون لديه ذريعة لشن عمل عسكري”، مشيرا إلى أن الهيئة جادة في القضاء على ما تبقى من خلايا تنظيم الدولة والنظام.
المصدر: الجزيرة