أنقرة تهدد بإنهاء مسار «أستانة» في حال استمرار الهجمات على «إدلب»
هددت تركيا لأول مرة، أمس، بإنهاء مسار «أستانة» مع روسيا وإيران في حال استمرار الهجمات على مناطق خفض التصعيد في محافظة إدلب السورية والذي يأتي – حسب محللين أتراك – في إطار الضغط الروسي على أنقرة في ظل غضب موسكو من الاتفاق التركي الأمريكي في محافظة منبج شمالي سوريا.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو طالب في مؤتمر صحافي، الخميس، روسيا وإيران بوقف الهجمات المتواصلة على منطقة خفض التصعيد في إدلب، التي أنشأت تركيا فيها 12 نقطة مراقبة بموجب تفاهمات «أستانة» بين الدول الثلاث الضامنة «روسيا وإيران وتركي».ولأول مرة هدد الوزير التركي بإنهاء مسار أستانة في حال استمرار هجمات روسيا والنظام السوري على إدلب، وقال: «لدينا 12 نقطة مراقبة في إدلب، ونقول لروسيا وإيران إذا وقعت هجمات على هذه المنطقة فإن هذا يعني نهاية المحادثات السياسية.. أنتم ضامنون للنظام، وحصول الهجمات يعني انتهاء مسار أستانة وكذلك مسار جنيف»، وبينما أقر بوجود «إرهابيين انتقلوا من حلب إلى إدلب»، شدد على ضرورة وقف الخروقات لاتفاق مناطق خفض التصعيد.
التهديد التركي غير المسبوق جاء بعد أن صعد النظام السوري وروسيا هجماتهم على إدلب وسط مخاوف من تحضيرهم لهجوم واسع على المدينة وهو ما أثار مخاوف كبيرة لدى السكان المدنيين ودفع الأمم المتحدة للتحذير من احتمال تهجير 2.5 مليون من سكان المحافظة إلى تركيا في حال توسيع الهجوم العسكري عليها.
ويأتي تكثيف هجمات روسيا والنظام على إدلب بالتزامن مع تطبيق الاتفاق الأمريكي التركي «خارطة الطريق» في منطقة منبج شمالي سوريا وهو ما رأي فيه أتراك محاولة من قبل روسيا للضغط على تركيا للحد من تعاونها مع واشنطن وخاصة فيما يتعلق بالشأن السوري.
وأمس الخميس كشف أوغلو أن الوحدات الكردية سوف تنسحب من منبج اعتبارًا من 4 تموز/يوليو المقبل، عقب مرحلة تحضير تمتد بين 4 حزيران/يونيو و4 تموز/يوليو، وفق خريطة الطريق مع الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة ستستردّ الأسلحة من التنظيم كما أعطته إياها، وقال: «الطرفين التركي والأمريكي سيحددان معًا الجهات التي ستشارك في إدارة المنطقة وقوات الأمن فيه».
إلى جانب ذلك، تسعى موسكو للضغط على تركيا من أجل تسريع إقامة نقطة المراقبة الأخيرة في المحافظة التي تم التوافق عليها في مباحثات أستانة واتفاق مناطق خفض التصعيد، حيث ترى موسكو أن أنقرة تأخرت في إقامة نقاط المراقبة وبدء الحملة العسكرية على هيئة تحرير الشام المنبثقة عن جبهة النصرة في إدلب.
ورغم عدم وجود نص اتفاق معلن بين روسيا وتركيا وإيران حول المرحلة المقبلة في إدلب، لكن التطورات تشير إلى وجود توافق سابق يتعلق بإنهاء تواجد جبهة النصرة في المحافظة، لكن في الوقت الذي تريد فيه تركيا تنفيذ ذلك بطريقة سلمية وبعمليات عسكرية «جراحية» تتجه روسيا لتنفيذ هجوم واسع وهو ما يوقع مئات القتلى المدنيين وخشية من تهجير مئات الالاف وهو ما تعارضه أنقرة بقوة.
وتسعى تركيا للتخلص من جبهة النصرة من خلال إعادة تشكيل فصائل المعارضة في المحافظة وسحب العناصر غير المتشددة من التنظيم تدريجياً والقيام لاحقاً بعمليات محددة ضد التنظيم، وهو ما لم يرض روسيا التي اتجهت لتنفيذ هجمات جوية دموية على المدينة.
كما أن تصريحات الوزير التركي تعيد توضيح الموقف التركي عقب تصريحات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في أول أيام عيد الفطر والتي اعتبرت غامضة وحملت إشارات «مخيفة» لسكان المدينة.
وكان اردوغان رد على سؤال حول احتمال حصول موجات هجرة كبيرة من إدلب بتحميل «الإرهابين مسؤولية التصعيد»، مشيراً إلى قيام روسيا والنظام السوري «بعمليات محددة ضد الإرهابيين في إدلب»، وهي الهجمات التي أوقعت قبيل العيد عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، ولم يتطرق إلى أن هجمات روسيا تعتبر خرقاً لاتفاق أستانة.
لكن وزير الخارجية عاد، أمس، للتأكيد إلى التأكيد أن ما يحدث يهدد بانهيار مسار أستانة، مشيراً إلى أن المجموعات المتطرفة تمارس القمع والاضطهاد بحق أهالي إدلب، وقال: «تركيا تعمل على تطهير إدلب من العناصر الإرهابية من جهة، والحيلولة دون حدوث انتهاكات لاتفاق مناطق خفض التوتر»، لافتاً إلى أن بلاده على تواصل مع المجتمع الدولي بخصوص التطورات في إدلب، وتوجه تحذيراتها إلى إيران وروسيا، وتدعو الجميع إلى الالتزام بالتفاهمات حول المنطقة.
المصدر: القدس العربي