أين تقلق إيران وأين تتساكن في سوريا؟
في المقابل فان العوامل التي تخفف القلق في هذا الاطار تتصل بمعطيات عدة في رأي المراقبين قد يكون ابرزها ان الولايات المتحدة تنخرط راهنا في سوريا انما بعدما اصبحت روسيا هي القوة الاكثر تأثيرا في الوضع السوري حيث لن يتم التوصل الى اي شيء من دون موافقة روسيا او مشاركتها. ثم ان الدخول الاميركي الى منبج محصور بمحاربة تنظيم داعش وتحييد تركيا وليس تقديم الدعم للمعارضة المعتدلة في وجه نظام الاسد او دعم من بقي من هذه المعارضة، وهو امر يتلاقى مع اهداف ايران. وقد تولت الولايات المتحدة بنفسها توضيح ذلك من اجل وضع تدخلها في الاطار الذي لا يسمح بتكهنات او تفسيرات ابعد.. ولو انه من غير المستبعد مبدئيا ان تنسجم ايران مع الرئيس السوري في اعتباره ان اي قوات لم تدخل الى سوريا بالاتفاق مع النظام انما تخرق سيادة سوريا او هي قوات غازية وفق ما قال وبالاستناد الى مواقف سابقة لايران في هذا الاتجاه. وتدرك ايران ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يهمه التفاهم مع روسيا وان كان يسعى الى توجيه رسالتين بالتدخل في منبج. والرسالتان موجهتان الى الداخل الاميركي في شكل اساسي احداهما ان هذا التدخل العسكري هو من اجل محاربة الارهاب والقضاء عليه في الرقة بعد الموصل حيث يتمركز تنظيم الدولة الاسلامية ما يجعل منه بطلا في محاربة الارهاب. والتدخل من اجل الرقة ليس من خلاف عليه. والرسالة الثانية موجهة تحديدا الى الكونغرس الاميركي المستنفر في وجه مرونته ازاء روسيا وهي ان التدخل الاميركي من شأنه ان يحول دون سيطرة روسيا على الرقة ما يجعلها تستأثر كليا بالوضع في سوريا، علما ان المراقبين الديبلوماسيين يعتقدون ان الضغوط التي يواجهها ترامب وتراجعه عن بعض شعارات تحت وطأة المؤسسات الاميركية لا ينفي اقتناعه بضرورة التفاهم مع روسيا. لكن حتى لو كانت هذه الاهداف لا تتعارض مع اهداف ايران فان الدور الايراني يتقلص لمصلحة لاعبين آخرين مؤثرين على الساحة السورية.
انما هناك في الوقت نفسه من يعتقد انه على تحسس ايران من تدخل الولايات المتحدة في سوريا فهي تعايشت مع هذا التدخل في العراق واستفادت منه وربما ستفعل في سوريا ما دام لا يمس بمصالحها الحيوية المباشرة. وهذا ليس واضحا حتى الان في استراتيجية الادارة الاميركية ازاء طهران على رغم موقفها العالي السقف تجاهها.
روزانا بومنصف
المصدر: النهار