إعادة فتح معبر أبو الزندين: تطبيع واضح قد يُعرقل الحل السياسي وصفعة للفصائل الموالية لتركيا
رافق فتح معبر أبو الزندين، جدلاً واسعاً ورفضاً شعبياً ومن المعارضة في مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، وخرجت احتجاجات رافضة لإعادة تشغيله، خاصة وأن الفتح يفسر قبول التطبيع بين النظامين السوري والتركي.
وحذرت جهات من الاحتجاجات المناوئة لرفض تشغيل المعبر التجاري ومن توسعها لعرقلة عبور الشاحنات.
ويذكر أن أهمية المعبر تكمن في ربطه بين مناطق سيطرة النظام في ريف حلب الشرقي، ومدينة الباب، على الحدود مع تركيا، الواقعة ضمن مناطق سيطرة المعارضة السورية.
ووافقت الحكومة المؤقتة على إعادة فتح المعبر المذكور بضغط تركي، بعد الاتفاق مع روسيا، واشترطت وضع المعبر تحت إدارة مدنية، وتخصيص جزء من واردته لإعادة إعمار البنية المدمَّرة في مدينة الباب.
وعلق القيادي بهيئة التنسيق، يحيى عزيز، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، على إعادة فتح المعبر الذي رافقته الاحتجاجات الشعبية معتبراً أن سر الغضب السوري من خطوة فتح المعبر غير مبررة بل يخدم ذلك القرار السوريين في التنقل الحر انسانياً واقتصادياً.
وحول مدى دفع هذه الخطوة بالتقارب التركي- السوري، قال عزيز إنه لايزال شائكاً ويحتاج إلى زمن لتعبيد طريق الاتفاق والتوافق بينهما رغم الإستعداد بينهما للسير باتجاه تسوية بينهما، لكن الفجوة واسعة وكبيرة لحل الخلافات بينهما.
وتابع،” وفي سياق ذلك لابد من معرفة موقف الإدارة الأمريكية من هذه التسوية وأثرها على مصالحها الراهنة والإستراتيجية، في نفوذها بالملف السوري وفي عملية التحكم به “.
واعتبر المحلل السياسي، وائل علوان، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن هناك تجييش شعبي كبير وتحريض واسع ساهم في استمرار الحراك الشعبي في مناطق المعارضة ضد قضية فتح المعبر، جزءً من هذا التحريض الإعلامي متأثر بموقف سلبي من التصريحات التركية حول التطبيع مع النظام السوري التي تزامنت مع موضوع فتح المعبر، معتقداً أن التحريض الأكبر تقف خلفه جهات متضررة من فتح المعبر بشكل رسمي وبإشراف ورقابة معلنة من المعارضة السورية، الأمر الذي يلحق الضرر بهذه الجهات التي تستثمر في معابر التهريب وفي الوضع الراهن القائم على الفوضى.
وأضاف علوان،”طبعاً هذا ليس اتهاماً بحال من الأحوال للحراك الشعبي الذي يندفع من حس وطني تجاه التعامل مع النظام المجرم القاتل، لكن جزء من الذي يدير الإعلام والتحريض ويستثمر بالحس الشعبي الوطني هم المنتفعون من عدم فتح المعبر”.
ويعتقد أن فتح معبر أبو الزندين غير متصل بشكل مباشر بملف التطبيع السياسي بين تركيا والنظام السوري، فالتطبيع التركي بدأ قبل فتح موضوع المعبر، كما أن المعبر كان مفتوحاً في السابق حتى عام 2021 ولم يكن وقتها أي حديث عن تقارب أو تطبيع تركي مع النظام، لكن فعلياً يرتبط ملف فتح المعابر بين المعارضة والنظام بملف التضييق على قسد ووصول تركيا إلى تفاهمات تغلق معابر النظام مع قسد ومعابر المعارضة مع قسد وحتى خطوط التهريب بين المعارضة وقسد.
وأفاد بأنه على العكس تماماً، قد يكون فتح معبر أبو الزندين فرصة لتمكين مؤسسات المعارضة الرسمية بما في ذلك الحكومة المؤقتة ووزارة الدفاع التابعة لها، لكن هناك تخوف محق أيضاً في عدم قدرة المعارضة على الضبط، وعلى أن تنتقل إلى المؤسساتية التي تحتاجها مناطق المعارضة السورية.
وقال العميد المنشق أحمد رحال، للمرصد السوري لحقوق الإنسان، بشكل مقتضب، إن “فتح المعبر يعني تطبيع”.
بدوره أكد صالح مسلم، الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنه منذ الحوار مع النظام السوري تحاول تركيا فتح شريان التصدير التركي إلى الخليج، ومعبر الزندين أصبح جزءً من هذا الشريان، “كذلك هو مصدر دخل للنظام، أي جزء من التطبيع. وهذا هو سبب غضب السوريين لأن النظام لم يقم بأي إصلاح ويحصل على التنازلات وتركيا تتاجر بالسوريين بينما المعارضة لا حول لها ولا قوة وهي مهمشة أصلاً”.
وتطرق الشيخ رياض درار الرئيس المشترك للمكتب الاستشاري في مجلس سوريا الديمقراطية، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى فتح المعبر الذي كان بدافع تركي ودعم روسي، لافتاً إلى أن المعارضة السورية والثوار يرفضان المصالحة بين تركيا وسوريا وفتح المعبر، لكن البعض يفكر أن يديره لصالحه، أما الحكومة المؤقتة عبر الشرطة العسكرية والفصائل الموالية لتركيا فهي من تشرف الآن على أبو الزندين، “مسألة المعبر فيها المتضرر والمستفيد من فتحه، وفي الطرف السوري تمثل الفرقة الرابعة المتضرر لأنها مستفيدة من المعابر غير الرسمية وهي مثلها مثل بقية الفصائل المسلحة تتغذى من كل شيء بعيداً عن الرقابة، ولا تريد فتح معبر رسمي تتحرك عبره الحركة التجارية وتدفع فيها الإتاوات”.
وأكد درار أن الجميع مرتهن من الرافض للموافق وما ترسمه تركيا ينفذ ولا يمكن الاعتراض ضده، وأن حصل الرفض فهو شكلي.
وأشار إلى أن محاولات غلق المعبر ستستمر بأشكال مختلفة وبالعنف، ولكن سيتحقق ماتريده أنقرة خاصة بالتزامن مع الخطوات المتقدمة التي يسير نحوها التطبيع.
وعلق المحلل السياسي حسين عمر، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن الغضب الذي رافق فتح معبر أبو الزندين، مؤكدً أن الطرفين من نظام ومعارضة سيستفيدون منه، مرجعا قلق المعارضة من تشغيل المعبر لامكانيات اقصائها مستقبلاً، خاصة وأن تركيا سيصبح تعاملها مباشرة مع النظام السوري من خلال هذا المعبر ودون وسيط، علماً وأن المعابر الأخرى كباب الهوى وباب السلامة وغيرهما تمسك وتتحكم بهم الجماعات المسلحة وجزءً آخر تسيطر عليه تركيا، مفسراً “الأمر يختلف في معبر أبو الزندين حيث سيكون بين تركيا والنظام بشكل مباشر، لذلك انزعجت المعارضة من فقدان عديد الامتيازات من وراء فرض الإتاوات على الناس والتجار وغيرها، لو تم تسليم المعبر للمسلحين ودمشق ماكنا سجلنا الغضب والرفض، ونحن نعلم أهمية المردود الاقتصادي للمعابر”.
واعتبر عمر أن الغضب قادم من المجموعات المسلحة وعبد الرحمان مصطفى لاعتبار عدم الحصول مستقبلا على استفادة من العائدات الاقتصادية الضخمة وأيضا من اقصائهم عملياً وسياسياً.