إيران وخراب المنطقة
اعتراف إيران الأخير بمقتل 1000 من جنودها في سوريا يحمل أكثر من دلالة، فهو يشير صراحة إلى دور إيراني غير محدود في سوريا، ناهيك عن تورط عسكري كبير في هذا البلد العربي الذي يغوص شيئاً فشيئاً في دوامة الصراع الدامي الدائر فيه منذ خمس سنوات.
لا شك أن لإيران دوراً مهماً وكبيراً في مسار الصراع في الدول المجاورة لها، ولا ينكر أحد هذا الدور، بخاصة أن الإيرانيين أنفسهم لا ينكرونه، بل في بعض الأحيان يتباهون به، فإيران حاضرة في كل الأزمات القائمة في كل من سوريا، العراق، لبنان وليس انتهاء في اليمن، التي تتباهى بأن صنعاء صارت العاصمة العربية الرابعة التي تقع تحت قبضتها، ثم تولول باكية على اليمن وترى في التدخل العربي لنصرة الشرعية فيها انتهاكاً لحقوق الإنسان، لكنها لا تلتفت إلى ما تقوم به من مشاركة فعلية في الحرب في سوريا والعراق، بدليل أنها أعلنت قبل أيام أن ألفاً من جنودها سقطوا في المعارك التي تشارك فيها بسوريا، بعضهم قادة كبار في الحرس الثوري.
إيران آخر دولة يمكنها الحديث عن تدخل الآخرين في الشؤون العربية، لأنها أول من أرست هذا النهج في الصراع الجاري منذ اندلاع ثورات ما يسمى «الربيع العربي» العام 2011، وحتى ما قبلها، ويمكن القول إن الدولة الوحيدة التي استفادت من الفوضى القائمة في دول عربية عدة بفعل هذه الأحداث هي إيران، فقد انشغل العرب بمشاكلهم، وانشغلت إيران بصب مزيد من الزيت في نار أزماتهم المتزايدة.
1000 قتيل إيراني في سوريا عدد ليس قليلاً أبداً، وهو دليل على تورط إيراني كبير وواضح في الأزمة السورية، تماماً كما هي مشاركة أطراف أخرى في هذه الحرب، والدور الإيراني الكبير في سوريا، إضافة إلى مشاركة البقية ساعد في إطالة أمد هذا الصراع.
بصمة إيران في أزمات العرب ليست خافية على أحد، والدعم الذي تقدمه للأنظمة التي تؤيدها واضح وبيّن، وعندما يحذر كثيرون من الدور الإيراني في المنطقة إنما يأتي انطلاقاً من إدراك للدور السلبي الذي تلعبه إيران في زيادة الاحتقان الطائفي والمذهبي والسياسي، بخاصة في كل من العراق وسوريا واليمن، وتمويل الأطراف المؤيدة لها بما يكفي من وسائل لاستمرار الصراع الجاري في هذه البلدان.
الدور الإيراني السلبي تجاه البلاد العربية لن يتوقف، بل إنه سيزيد أكثر في المستقبل القريب، بخاصة في ظل الانقسام الحاصل في هذه البلدان، والسؤال هو عن الوقت الذي سيحتاجه العرب ليصحوا من غفوتهم من تجاهل الدور الإيراني المتعاظم الذي يتغلغل بشكل أكبر في شؤونهم الداخلية دون أن يكون لديهم القدرة على وقفه، ومثلما كان لإيران وحرسها الثوري دور واضح في سوريا لن نتفاجأ إذا ما تكرر هذا الدور في بقية البلاد العربية التي تتفاخر بوقوعها تحت نفوذها.
صادق ناشر
المصدر: الخليج