إيران وميليشياتها في أيلول: الميليشيات تتدخل في أحداث شرق الفرات وتتمدد في بادية حمص.. وتحقيقات المرصد السوري تواصل إرباك الحرس الثوري وحزب الله وتجعلهما بحالة تخبط
المرصد السوري يطالب الجهات الدولية بالعمل الجاد على إخراج إيران وميليشياتها من سورية وتقديم المتورطين بقتل وتهجير السوريين إلى محاكم عادلة
تواصل إيران وميليشياتها فرض هيمنتها المطلقة على معظم مناطق نفوذ النظام السوري وتتغلغل في عمق البلاد، غير آبهة لأحد، فلا الاستهدافات الجوية المتكررة من قبل إسرائيل أو التحالف الدولي يعيق من تواجدها ويحد منه، ولا حربها الباردة مع الروس ولا أي شيء من هذا القبيل استطاع إعاقة تحركاتها.
بل على العكس من ذلك تشهد معظم المناطق السورية تحركات يومية للإيرانيين والميليشيات التابعة لها، عبر سعي متواصل لترسيخ وجودها بأساليب عدة، وخطة ممنهجة لتغيير ديمغرافية المناطق، ويسلط المرصد السوري في التقرير الآتي الضوء على الأحداث الكاملة التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر التاسع من العام 2023.
الخسائر البشرية
وثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 5 من الميليشيات التابعة لإيران ضمن الأراضي السورية خلال الشهر التاسع من العام 2023، قتلوا جميعاً باستهدافات برية متفرقة، وجاءت التفاصيل على النحو الآتي:
– 1 من جنسية غير سورية باستهداف جوي إسرائيلي
– 2 من الجنسية السورية باستهداف من قبل “مسيّرة إسرائيلية”
– 1 من جنسية غير سورية باقتتال داخلي
– 1 بعملية اغتيال
المرصد السوري يربك الميليشيات الإيرانية مجدداً
عمدت ميليشيا الحرس الثوري الإيراني بتاريخ 9 أيلول إلى تركيب كاميرات مراقبة على جدران مبنى صوامع القمح والحبوب بمدينة الميادين بالإضافة لتركيب كاميرات في محيط المبنى أيضاً، حيث يتواجد هناك منصات إطلاق صواريخ تابعة للحرس الثوري.
جاء ذلك بعد نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان لتحقيق خاص مرفق بصور خاصة تثبت استغلال الميليشيات الإيرانية للأملاك العامة الخاصة بأبناء الشعب السوري لمصالحها الشخصية وتعريضها لخطر الاستهدافات عبر نصب منصات إطلاق صواريخ فيها.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن الميليشيا امتنعت عن تغيير أماكن المنصات على غير العادة، حيث تسعى لمعرفة كيفية اختراق عدسة المرصد السوري وتصوير المنصات في كل مرة وكشفها، وسط استياء كبير في صفوف قيادة الميليشيات ومعلومات عن استدعاء عناصر محليين للتحقيق معهم حول الأمر.
وفي 11 أيلول، شهدت منطقة الميادين الخاضعة لنفوذ الميليشيات التابعة لإيران بريف دير الزور الشرقي، اجتماعاً لقيادات من الحرس الثوري الإيراني خلال يوم أمس الأحد، ووفقاً لمصادر المرصد السوري فإن الاجتماع جرى ضمن منطقة المزارع بأطراف الميادين وبحراسة أمنية مشددة، وتمحور حول الاختراق المتواصل للميليشيات وفضح تحركاتهم وانتهاكاتهم لاسيما من قبل المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي كان قد نشر قبل أيام صور خاصة وحصرية لمنصات إطلاق صواريخ إيرانية الصنع موجودة بمنطقة صوامع الحبوب والقمح بالميادين.
وأضافت مصادر المرصد السوري، أن القيادات المجتمعة أوعزت بتكثيف المراقبة حول مواقع المنصات ومستودعات السلاح والذخيرة، وتزامن الاجتماع مع حملة أمنية للحرس الثوري الإيراني وتحويل 8 من المحليين المنضمين للميليشيا للتحقيق معهم بقضية الصور التي نشرها المرصد السوري.
ويؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنه سيواصل فضح جميع انتهاكات الميليشيات التابعة لإيران في دير الزور وعموم الأراضي السوري لحين خروجها من البلاد.
تحركات متصاعدة غرب الفرات
شهدت مناطق نفوذ الميليشيات التابعة لإيران بمحافظة دير الزور على الضفة الغربية لنهر الفرات، تحركات متصاعدة خلال شهر أيلول لتلك الميليشيات، حيث تقوم بإجراء تدريبات دورية ومكثفة بشكل شبه يومي، تشرف عليها ميليشيا الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وتتركز التدريبات العسكرية على استخدام الصواريخ والطيران المسير وضرب أهداف وهمية بالإضافة لمناورات بالذخيرة الحية والأسلحة الثقيلة، وذلك في مناطق الميادين والبوكمال ومناطق أخرى قرب الحدود السورية-العراقية، في عمليات تحاكي استهداف قواعد التحالف الدولي على الضفة الأخرى للنهر.
وفي 17 أيلول أجرت ميليشيات “الحرس الثوري” الإيراني تدريبات عسكرية في بادية البوكمال قرب الحدود السورية-العراقية.
ودوت انفجارات في منطقة الحسيان ببادية البوكمال بريف دير الزور، تزامنا مع تحليق طائرة مسيرة مجهولة في أجواء المنطقة.
واستخدمت الميليشيات المدفعية والأسلحة الثقيلة، خلال التدريبات العسكرية التي تواظب على إجرائها في المنطقة.
الميليشيات تتمدد في الريف الحمصي..
أفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن ميليشيا الحرس الثوري الإيراني تسعى للتمدد أكثر فأكثر ضمن مطار التيفور العسكري الواقع بين تدمر والقريتين على الطريق الدولي ببادية حمص الشرقية، فعلى الرغم من السيطرة شبه المطلقة للحرس الثوري على المطار، والذي يتواجد ضمنه قوات روسية وقوات النظام وطائرات سوخوي وميغ، إلا أن الحرس الثوري يسعى للتوسع داخل المطار ذات المساحة الكبيرة وجلب مزيد من السلاح والذخائر والقوات إليه.
وتعد الطائرات المسيّرة الإيرانية من نوع “شاهد 86” أبرز أسلحة الحرس الثوري الإيراني الموجودة ضمن مطار التيفور والتي سبق وأن أطلقتها باتجاه قاعدة التحالف الدولي في منطقة التنف، حيث تنطلق من هناك وتحلق في أجواء المحطة الثالثة والمحطة الثانية ثم عند الحدود السورية-العراقية بالبادية ومنها إلى أهدافها، بالإضافة لوجود محطات تجسس إيرانية.
وتمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان عبر مصادره من رصد مطار التيفور العسكري بالصوت والصورة، كما رصدت عدسة المرصد السوري هنغارات وغرف تعد بمثابة غرفة عمليات خاصة بميليشيا الحرس الثوري الإيراني متواجدة ضمن المطار أيضاً.
وفي 11 أيلول، أجرت ميليشيا حزب الله اللبناني وميليشيا الحرس الثوري الإيراني تدريبات عسكرية ضمن مطار تدمر العسكري ببادية حمص الشرقية، حيث يجري تدريب مقاتلين من جنسيات إيرانية ولبنانية على استخدام الطائرات المسيّرة من قبل مختصين من قيادات الحزب والحرس السوري.
الميليشيات الإيرانية تستغل أحداث شرق الفرات
حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على تفاصيل جديدة حول ملف المساعي الإيرانية لاستقطاب أبناء العشائر في دير الزور وتجنيدهم لصالح ميليشياتها سواء ضمن مناطق نفوذهم غرب الفرات أو على الضفة الأخرى ضمن مناطق الإدارة الذاتية، حيث تُسند ميليشيا الحرس الثوري الإيراني إدارة هذا الملف إلى لواء سابق ضمن قوات النظام يدعى أحمد الحسن الملقب بأبو مهند وهو من أبناء مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، كان يشغل منصب إدارة الحرب الالكترونية وإدارة الاستطلاع، ويجيد اللغة الفارسية وله علاقات قوية مع شيوخ ووجهاء عشائر كُثر بدير الزور.
وعلى خلفية علاقاته مع شيوخ ووجهاء عشائر بدير الزور، أسندت ميليشيا الحرس الثوري الإيراني مهمة بناء قوة عشائرية لمحاربة أميركا وزعزعة أمن واستقرار منطقة شرق الفرات، وتجنيد أبناء العشائر ضمن صفوف الحرس الثوري غرب الفرات، وكان له دور ويد بخلق فتنة شرق الفرات لإشعال المنطقة بما يخدم المصالح الإيرانية، حيث يعد الحسن أحد أبرز رجال إيران بالمنطقة.
وفي الثلث الأول من أيلول شدد “هاشم مسعود السطام” قائد ميليشيات “أسود العكيدات” الموالية لإيران والمدعومة من قبلها، على تعزيز مستوى الأمان في محيط منزله، عبر تركيب كاميرات لمراقبة التحركات في محيط منزله، خوفا من اغتياله.
ويتهم “التحالف الدولي” السطام” باستهدافه لجنودهم، بعد أن ظهر بشريط مصور.
وينحدر “هاشم مسعود السطام” من بلدة ذيبان ويسكن في الميادين، ويتمتع بنفوذ واسع في مناطق غربي الفرات.
وظهر “هاشم مسعود السطام” قائد ما تعرف باسم ميليشيات “أسود العكيدات” الموالية لإيران والمدعومة من قبلها، بشريط مصور في ضفة نهر الفرات الشرقية، وهو يوجه دعوة للعشائر العربية في المنطقة للمشاركة في قتال قوات سوريا الديمقراطية خلال المعارك التي دارت بين الأخيرة ومسلحين محليين.
واجتمع قيادات في قوات النظام وقادة من ميليشيا الحرس الثوري الإيراني بخصوص الشيخ “نواف راغب البشير” لبحث أسباب فشل الهجوم الذي تدخل فيه “نواف راغب البشير” بشكل مباشر والذي كان خلال أواخر آب وأوائل أيلول على قوات سوريا الديمقراطية في مناطق ريف دير الزور، وسط حالة توتر واحتمال تأزم الوضع بحال عدم وجود حلول.
ووففاً للمصادر، فإن كميات من الأسلحة دخلت إلى ريفي دير الزور الشرقي والغربي وجرى بيعه في المنطقة ما يعني عملية تذخير للمسلحين المحليين بحال كانت هناك حملات واشتباكات جديدة في الأيام القادمة.
وحصلت الاجتماعات في كل من مقر لواء الباقر في في حي الفيلات بمدينة دير الزور، وفرع المخابرات العسكرية بالمدينة، والمربع الأمني في مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي
من المحمية الإيرانية إلى منطقة “بوتين-أردوغان”
أوعزت ميليشيات الحرس الثوري الإيراني بإخلاء مقرات العناصر الأفغان ضمن صفوفها في البوكمال والميادين “عاصمة الميليشيات الإيرانية بشرق سورية”، والتوجه إلى شمال غرب سورية لتعزيز مناطق قوات النظام مقابل مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام.
وغادر مئات المقاتلين على دفعات، من منطقة الميادين والصالحية، إلى سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي وريف اللاذقية الشمالي وريف حلب، وتمركزت القوات في جورين بريف حماة، وناحية سلمى والزويقات بريف اللاذقية، ومقرات الإيرانيين في نبل والزهراء وريف حلب الغربي.
وحصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على صور وشريط مصور حصرية بالمرصد من منطقة الصالحية تظهر مقرات عسكرية للمقاتلين الأفغان فارغة دون تواجد أي مظاهر مسلحة.
استباحة متواصلة من قبل إسرائيل
تواصل إسرائيل استباحة الأراضي السورية، حيث شهد شهر أيلول 4 استهدافات من قبل إسرائيل تسببت بسقوط قتلى وجرحى وخسائر مادية، وجاءت التفاصيل الكاملة وفقاً لتوثيقات المرصد السوري على النحو التالي:
– 13 أيلول، قتل 3 عسكريين، هم 1 من جنسية غير سورية من الميليشيات التابعة لإيران، و2 من الجنسية السورية، نتيجة الضربات الإسرائيلية على مستودعات السلاح التابعة لـ “حزب الله” اللبناني قرب قريتي الجماسة- دير الحجر بريف طرطوس، كما أصيب 8 آخرين بينهم 5 ضباط من الدفاع الجوي، نتيجة استهداف قاعدة الدفاع الجوي في قرية كرتو تبعد عن موقع الاستهداف الأول 10 كيلومتر، وعلم المرصد السوري أن شاحنات تابعة لحزب الله وصلت قبل الاستهداف بيوم إلى مستودعات ضمن قاعدة لـ”الدفاع الجوي” قرب قريتي الجماسة- دير الحجر في ريف طرطوس، التي تستخدمها ميليشيا “حزب الله” لتجميع الأسلحة ونقلها إلى الجانب اللبناني.
– 13 أيلول، استهدفت غارات إسرائيلية مستودعات سلاح للميليشيات الإيرانية يتواجد ضمنها أسلحة مطورة بمنطقة البحوث العلمية، كما طالت بطارية دفاع جوي ضمن الكتيبة 624 دفاع جوي بالمنطقة ذاتها بريف حماة، حيث اندلعت النيران في الكتيبة واندلعت أيضاً ضمن غابة محيطة بالمكان، ما أدى لسقوط جرحى دون معلومات عن قتلى.
-21 أيلول، قتل 2 من حركة الجهاد الإسلامي باستهداف جوي من قبل طائرة مسيّرة إسرائيلية، في منطقة بيت جن بريف دمشق الغربي قرب الحدود مع الجولان السوري المحتل.
-21 أيلول، استهدفت دبابات إسرائيلية مراصد مؤقتة لمسلحين موالين لقوات النظام تشرف على الجولان المحتل والمنطقة المنزوعة السلاح في منطقة عين التينة بريف القنيطرة، وأسفر الاستهداف عن تدمير نقطتين.
وفي سياق متصل، سمع دوي انفجار هزّ أركان مدينة دير الزور بتاريخ 5 أيلول، ناجم عن استهداف طائرة مسيرة مجهولة المصدر قد تكون “إسرائيلية أو لقوات “التحالف الدولي”، منزلاً تتخذه الميليشيات الإيرانية لتخزين أسلحتها في حي العمال بمدينة دير الزور، مما أدى لتدميره بالكامل، وسط هرع سيارات الإسعاف إلى المكان، وحتى الآن لم ترد معلومات عن قتلى أو جرحى.
ويؤكد المرصد السوري بأن إيران لا تستطيع الرد على إسرائيل لأن الموازين ستنقلب حينها، حيث تكتفي في بعض الأحيان بإطلاق بعض القذائف باتجاه الجولان السوري المحتل عن طريق ما يعرف بـ“المقاومة السورية لتحرير الجولان” المدعومة من “حزب الله” اللبناني وإيران.
وفي ذات الوقت، تقصف إسرائيل المواقع الإيرانية بضوء أخضر روسي من أجل تحجيم دور إيران في سورية، أما الجانب الأمريكي فيبرر الموقف الإسرائيلي بحق تل أبيب في الدفاع الشرعي عن نفسها ومصالحها تجاه التهديد الإيراني لها، إضافة إلى عدم رغبتهم في التواجد الإيراني بسورية.
وعلى ضوء ما سبق، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان، يطالب بتحييد المدنيين والمناطق السورية عن الصراعات الإقليمية، فالمنشآت والمناطق المستهدفة هي ملك للشعب السوري وليست لإيران ولا لميليشياتها.
ويشدد المرصد السوري على ضرورة إخراج إيران وميليشياتها من سورية بشتى الطرق والوسائل، شريطة ألا تهدد تلك الوسائل حياة المدنيين وتلحق الضرر بالممتلكات العامة التي هي لأبناء الشعب السوري.