إيران وميليشياتها في آب: شحنات الأسلحة تتدفق إلى غرب الفرات ومحاولات للتغلغل في الحسكة والضربات الإسرائيلية تتواصل
لاتزال إيران وميليشياتها تفرض هيمنتها على معظم مناطق نفوذ النظام السوري وتتغلغل في عمق البلاد، غير آبهة لأحد، فلا الاستهدافات الجوية المتكررة من قبل إسرائيل أو التحالف الدولي يعيق من تواجدها ويحد منه، ولا حربها الباردة مع الروس ولا أي شيء من هذا القبيل أستطاع إعاقة تحركاتها، بل على العكس من ذلك تشهد معظم المناطق السورية تحركات يومية للإيرانيين والميليشيات التابعة لها، ويسلط المرصد السوري في التقرير الآتي على الأحداث الكاملة التي شهدتها تلك المناطق خلال شهر آب/أغسطس 2021.
استقطاب الأطفال وتدفق شحنات الأسلحة تتصدر المشهد غرب الفرات..
الجانب العسكري: قامت ميليشيا حرس الثوري الإيراني مطلع شهر آب، بنصب رادار” كاشف للطيران ضمن منطقة المزارع أكبر تجمع للإيرانيين بأطراف مدينة الميادين ضمن القطاع الشرقي من ريف دير الزور، ووفقاً لمصادر المرصد السوري فإن خبراء عسكريين من الجنسية الإيرانية أشرفوا على عمليات تركيب الرادار وتشغيله ضمن المنطقة، يذكر أن منطقة المزارع تملك أهمية استراتيجية كونها مرتفعة وتشرف على مدينة الميادين ومناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف شرق الفرات.
وشهد السابع من الشهر استنفار كبير لميليشيا “الحرس الثوري الإيراني” في أطراف مدينة الميادين شرقي دير الزور، تزامناً مع نقلها لأكثر من 20 آلية محملة برشاشات ثقيلة مضادة للطيران “م.ط” إلى محيط مزار عين علي بأطراف المدينة، ولم يعلم حتى اللحظة أسباب هذا الاستنفار فيما إذا كان احترازي أو هناك معلومات لدى الميليشيا بهجوم محتمل من قبل إسرائيل أو التحالف على مواقعه ونقاطه في المنطقة.
في حين عمدت الميليشيات التابعة لإيران إلى إدخال شحنتين من الأسلحة إلى منطقة غرب الفرات خلال شهر آب، الأولى بتاريخ 11 الشهر حين وصلت شحنة من الصواريخ الإيرانية محملة بشاحنات نقل الخضار، قادمة من العراق إلى الميليشيات التابعة لإيران بمدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، ووفقًا للمصادر فإن سيارات شحن مخصصة لنقل الخضار، توجهت نحو سوق الهال في المدينة للتمويه، ومن ثم توجهت نحو منطقة آثار الشبلي عند أطراف المدينة وأفرغت حمولتها داخل الأنفاق التي أنشأتها الميليشيات لتخزين الأسلحة هناك، دون أن تتعرض لمعوقات.
أما الثانية فكانت في 31 آب، حين دخلت شحنة صواريخ من نوع أرض – أرض متوسطة المدى، من العراق واتجهت إلى مواقع الميليشيات الإيرانية في محيط مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن الصواريخ مكتوب عليها باللغة الفارسية “بركان – اتش 2″جرى إدخالها عبر شاحنات لنقل الخضار.
وفي 24 آب، أشار المرصد السوري إلى قضية غاية في الأهمية تكمن بأن الميليشيات الإيرانية تسعى لإنشاء جيل جديد من المقاتلين في مناطق نفوذها لحمل أفكارها العقائدية، والدفاع عنها حتى الموت، وتتشابه الميليشيات الإيرانية مع أساليب تنظيم “الدولة الإسلامية”، فالأخيرة أطلقت اسم “جنود الخلافة” على تشكيل عسكري يضم الأطفال المجندين لـ”التنظيم”.
وتستقطب الميليشيات الإيرانية، الأطفال بطرق مختلفة، عبر النشاطات الدعوية والثقافية والترفيهية التي يقوم بها المركز الثقافي الإيراني والمراكز الدعوية للميليشيات التي تنشط في المدارس الابتدائية والإعدادية والحدائق العامة والأسواق وأماكن الرحلات الترفيهية التي تقوم بها العوائل، حيث يتم توزيع الهدايا والحلويات وعرض أفلام قصيرة تمجد الميلشيات الإيرانية وتثني على أعمالهم في تحرير الشعوب من الإرهاب، وتحمل على عاتقها واجب الجهاد المقدس وهو تحرير فلسطين.
وتعول الميليشيات على الأطفال من خلال وسائل تواصلها مع المجتمع، كما توزع منشورات دعوية على الأطفال تدعوهم للانتساب إلى مراكزها مرفقة بالعناوين وأرقام الهواتف.
وتلقى تلك المراكز اقبالًا من قبل هؤلاء الأطفال، وخاصة الذين سبق وكانوا ضمن تنظيم “الدولة الإسلامية” تحت مسمى “أشبال الخلافة”، في حين يدفع الأهالي أطفالهم للانتساب إلى تلك الميليشيات، ضمانًا لعدم ملاحقتهم من قبل الأفرع الأمنية التابعة للنظام، حيث توفر لهم الميليشيات حصانة أمنية.
ويخضع المنتسبون من الأطفال فور انتسابهم إلى معسكرات تتضمن دورة عقائدية مغلقة مدتها 25 يومًا، ودورة عسكرية مغلقة مدتها 25 يومًا في منطقة المزارع ضمن بادية الميادين بريف دير الزور.
وبعدها يتم فرزهم إلى نقاط ومقرات الميليشيات في المنطقة.
وتعتبر منطقة المزارع في بادية الميادين مركزًا لتجمع فصائل الميليشيات الإيرانية، وكل ميليشيا لها معسكر تدريب خاص بها في تلك المنطقة.
وتتنافس الميليشيات الإيرانية على تجنيد الأطفال بعد أن أوعزت القيادة العامة لتلك للميليشيات الإيرانية التركيز وتكثيف عمليات تجنيد أطفال المنطقة، وتعتبر أبرز الميليشيات المتنافسة على تجنيد الأطفال، ميليشيا فاطميون التي يشرف على معسكرها الحاج علي طالبي من الجنسية الأفغانية، وحركة النجباء التي يشرف على معسكرها مهدي الموسوي من الجنسية العراقية، وقيادي محلي يدعى روبين الوهيبي يشرف على معسكر ميليشيا أبو الفضل العباس المحلية، وقيادي محلي يدعى أبوعلي الضويحي يشرف على ميليشيا السيدة زينب المحلية.
ترسيخ الوجود: عمدت ميليشيا الحرس الثوري الإيراني صادرت عشرات الأراضي الزراعية في ريف دير الزور الشرقي، حيث بدأ الأمر بقيام إدارة الميليشيا بإبلاغ أصحاب الأراضي الزراعية في منطقتي حاوي والمجري بأطراف الميادين شرقي دير الزور، بمراجعة مقر الميليشيا في المربع الأمني ضمن حي التمو وإبراز إثبات ملكية الأراضي، لتقوم الميليشيا بعد ذلك بمصادرة جميع الأراضي التي لم يحضر أصحابها وغالبيتهم العظمى متواجدين خارج دير الزور، وأضافت مصادر المرصد السوري، بأن الميليشيا قامت بتأجير الأراضي المصادر إلى أقارب وذوي عناصر محليين منتسبين لها وإلى أشخاص مقربين من الميليشيا لاستثمارها وزراعتها.
كما قام المركز الثقافي الإيراني في مدينة الميادين بتاريخ 3 آب، بتوظيف عدد من أهالي المدينة برواتب شهرية، مهمتهم توزيع منشورات بالشوارع والأسواق تروج للنشاطات والندوات الثقافية التي يقوم بها المركز الثقافي.
في حين أحيت الميليشيات الإيرانية المتواجدة في ريف دير الزور الشرقي، ذكرى عاشوراء بتاريخ 19 آب، في حي التمو بمدينة الميادين وذلك بحضور قيادات ورجال دين من المذهب “الشيعي”، حيث تجمهر المئات مساء اليوم، وسط إجراءات أمنية مشددة داخل ومحيط الحي، وأثناء الاحتفال رفع عناصر الميليشيات الإيرانية الرايات السوداء وعلت أصوات اللطميات الشيعية في المنطقة.
العاصمة دمشق وذكرى عاشوراء..
ألصق موالون للميليشيات الإيرانية في أوائل شهر آب، منشورات ورقية على الأماكن العامة والمساجد والمدارس في أحياء العاصمة السورية دمشق، تدعو المواطنين للمشاركة بمسيرات عاشوراء، وعليها شعار “لن تسبى زينب مرتين”، إضافة إلى تعليق رسومات وعبارات مكتوب عليها “ياحسين” و”المظلوم الحسين با أبا عبد الله” و”لبيك يازينب الكبرى” و”يا رقية” و”يا أبا الفضل العباس”.
كما وزع موالون محسوبون على الميليشيات الإيرانية مناشير ورقية ذات طابع “شيعي” على المارة والمواطنين وقرب المقاهي.
وتركز التوزيع على المارة في حي المزة والمزرعة وركن الدين والمرجة والمهاجرين ومشروع دمر.
وتنتشر في العاصمة السورية دمشق، ملصقات وصور ذات صبغة “شيعية” تُظهر مدى سيطرة الميليشيات الإيرانية على أحياء دمشق القديمة.
محاولات لترسيخ النفوذ في الحسكة رغم هزيمة القامشلي..
أفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في العاشر من آب، بأن مسؤول مكتب إيران في مطار القامشلي بريف الحسكة، رفع المرتبات الشهرية لعناصر “الدفاع الوطني” بنسبة 200 بالمئة، لتبلغ 150 ألف، بدلًا من 50 ألف ليرة سورية.
وأكدت المصادر بأن الحاج علي وهو مسؤول مكتب إيران في مطار القامشلي عمل على نقل عناصر الدفاع الوطني المطرودين من حي الطي إلى منازل في منطقة الفيلات الملاصقة للمطار، وتجاوز عدد هؤلاء 60 عنصرًا.
وتأتي تلك التطورات بعد رفع النظام يده عن ميليشيا “الدفاع الوطني” بطلب روسي، طردهم من المدينة.
وتعد المنازل والفلات التي تم الاستيلاء عليها فارغة من سكانها منذ سنوات، لخوفهم من السكن فيها بعد ما أصبح المطار والمناطق المحيطة بها منطقة عسكرية.
ويتواجد الإيرانيون و”حزب الله” في نقطتين بالقامشلي إحداها بمطار القامشلي والأخرى بجانب سكة القطار جنوب المطار.
ويبلغ عددهم نحو 10 أشخاص، مهمتهم استشارية وتنظيمية، يفرضون سلطتهم على تشكيلات الأمن العسكري والدفاع الوطني وأنصار أمن الدولة وأنصار الأمن العسكري.
وفي خضم الحديث عن التواجد الإيراني في سورية، لابد من ذكر إسرائيل وضرباتها المستمرة على مواقع تابعة للميليشيات العاملة تحت إمرة إيران، فقد استهدفت إسرائيل سورية مرتين خلال شهر آب، الأولى كانت في 17 آب، حين أطلقت 3 صواريخ إسرائيلية، على تلة قرص النفل غرب بلدة حضر في ريف القنيطرة الشمالي، ما أدى لاندلاع حريق في موقع عسكري تابع لقوات النظام والميليشيات الإيرانية.
أما المرة الثانية، فكانت في 19 آب، حيث وثق المرصد السوري حينها مقتل 4 عناصر من ميليشيات تابعة لـ “حزب الله” اللبناني بشكل أو بآخر، هم اثنان من الجنسية السورية وشخص عراقي وآخر إيراني، قتلوا جميعاً بغارات إسرائيلية على تجمعات لـ”حزب الله” اللبناني، في منطقة قارة بريف دمشق قرب الحدود السورية مع لبنان، كما تسبب القصف بحدوث خسائر مادية.