استمرار الجمود والعطالة في الملف السوري بدون حل سياسي قد يؤدي إلى خروج الملف السوري عن السيطرة والتحكم

228

ترى المعارضة السورية أن القرارات السورية التي تم إصدارها من قبل الهيئات الدولية لا يمكن أن تسقط بالتقادم ولا بالمماطلة لاكتسابها الشرعية الدولية، معتبرة أن التعطيل الحاصل نتيجته اللامبالاة الدولية بالملف السوري الذي لم يعد أولوية قصور منذ بداية الحرب على أوكرانيا وبعدها على غزة.

وتتمسك المعارضة بضرورة تنفيذ القرارات وترفض رفضا قطعيا العودة لما سبق 2011، وتؤكد على أهمية المضي نحو تغيير النظام وتنفيذ فحوى القرارات الأممية التي تعبر عن ثورة الشعب السوري وتطلعاته وطموحاته.

وقال فايز سارة، القيادي السابق في الائتلاف الوطني لقوى الثورة، حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قرارات الشرعية الدولية لا تتغير إلا إذا أٌتخذ قرارا بتغييرها، لكن يقف التنفيذ على حجم القوى التي تقف وراء القرار،  معتبرا أن قرار مجلس الأمن 2254 لما تم إقراره كان وراءه قوة مشتركة لو حافظت تلك القوة عليه لنُفذ لكنها لم تعمل على تطبيقه ولا إلغائه. 

وتابع” مجلس الأمن الذي أقر ذلك القرار يختلف أعضائه على تنفيذه لوجود تفسيرات مختلفة، وهو أمر لايتعلّق بملف سوريا فقط بل أيضا  القضية الفلسطينية المستمرة منذ 75 عاما،  أي أنه إذا توافق هؤلاء يتم تنفيذ القرار أو وضعه تحت البند السابع بما يعني واجب التنفيذ ولو بالقوة، لكن اليوم المعادلات الدولية ووضع إسرائيل وأصدقائها لايساعد على التطبيق ولا تغييره”.

 ولفت إلى أن القرارات الخاصة بسوريا بها شرعية ولا يمكن إسقاطها من قبل أي طرف لاعتبار مصدرها مجلس الأمن والجمعية العامة، ويتوقف التطبيق على حجم القوة السياسية والدول  والمنظمات التي تسند القرارات” فإذا أرادت ووجدت التوازنات يطبق “.

وأكد محمد علي صايغ – عضو المكتب التنفيذي ، وعضو اللجنة الدستورية،  في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، أن جميع القرارات التي تصدر عن المجتمع الدولي عن طريق مجلس الأمن الدولي ،  تبقى موجودة ڤي أرشيف الأمم المتحدة ، ولا ترى الضوء أو لا يتم تنفيذها ، إلا إذا كان خلفها قوى كبرى ، أو كان هناك إجماع أو توافق دولي لفرض تنفيذها.

وأفاد بأن القرارات الدولية التي صدرت خلال النزاع في سوريا وعلى رأسها القرار 2254 / 2015 بإجماع الدول ليس في نصوصها أوامر ملزمة لطرفي النزاع ، كما أن صياغتها فيها فجوات عديدة تمنح الأطراف الداخلية والدول النافذة بالملف السوري تفسيرها بما يخدم مصالحها أو بما يخدم اللعب على الزمن وامتداده إلى حين تجد الدول النافذة أن طبخة الحل السياسي قد ٱن أوانها بعد تهيئة كل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية – والطبخة كما تراها الدول بعين مصالحها وليس بالضرورة بما يتطابق مع مصلحة السوريين كلياً – وبالتالي فإن هذا التفسير المختلف عليه يجعل عملية المضي في تطبيق هذه القرارات رهن بتوافق دولي يدفع إلى الحل السياسي وفق رؤية موحدة على طريق الانتقال السياسي الذي حددت خطواته تلك القرارات الدولية، وفق قوله.

 وقال إن القرارات الدولية جميعها الصادرة عن مجلس الأمن لها الشرعية القانونية والدولية في كافة نزاعات العالم التي تتناولها تلك القرارات ، ولكن المشكلة ليس في شرعيتها ، وإنما في قابليتها للتطبيق والتنفيذ، ضاربا بمثال القضية الفلسطينية  التي صدرت في حقها مئات القرارات الدولية ، ولكنها بقيت حبيسة أدراج مجلس الأمن رغم صدورها الشرعي بإجماع دولي في الكثير منها ، وبالتأكيد فإن عرقلة أو منع تنفيذها ناجم عن الولايات المتحدة الأمريكية رغم وجود قرارات صوتت معها ، ولكن إحتضانها الكامل ودعمها للكيان الصهيوني منع تنفيذ تلك القرارات . 

وأضاف” ولا شك فإن المتغيرات الدولية والإقليمية ، واشتداد النزاع والمنافسة بين الدول الكبرى في العالم أو في منطقة من مناطق النزاع يقود إلى إهمال القضايا التي قد تكون رئيسية في مرحلة ما ، وتصبح ليست أولوية في اهتمام الدول في مرحلة أخرى، هذا على صعيد الدول ومدى اهتمامها بأي قضية من القضايا في العالم .. أما ما يخص القضية السورية والقرارات المرتبطة بها فإنها تبقى اليوم المستند والسند الوحيد في يد المعارضة من أجل الحل السياسي في سورية ، ولا بديل أمامها إلا التمسك بها ، والعمل من أجل إبقاء حضور القضية السورية في الأروقة السياسية الدولية ، والقيام بكافة النشاطات واللقاءات والندوات .. من أجل حث الدول للضغط من أجل تفعيل المسار السياسي والعمل على دفع الأطراف السورية للسير بخطوات جدية ووفق جدول زمني على طريق الانتقال السياسي، خاصةً وأن الأوضاع الكارثية في سوريا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، واستمرار وجود كيانات الأمر الواقع بفصائلها وسلاحها المنفلت ، ووجود قوات أجنبية ومليشيات خارجية، وتعاضد كل ذلك مع أزمات المنطقة والحرب الأخيرة في غزة ولبنان.

واعتبر محدثنا أن استمرار الجمود والعطالة في الملف السوري بدون حل سياسي قد يؤدي إلى خروج الملف السوري عن السيطرة والتحكم إلى مسارات لا يمكن التكهن بها أو ضبطها ، بما يهدد المنطقة والسلم الدولي .