استهداف الحشد الشعبي.. هل تستمر إسرائيل في الضغط على إيران عبر العراق؟
راجت أنباء عن استهداف جديد لقوات الحشد الشعبي العراقية الاثنين، يُعتقد أن إسرائيل تقف خلفه، وهو ما يضاف إلى سلسلة هجمات في الأشهر الماضية، تهدف إلى تقويض التأثير الإيراني، وتنقل المعركة مع طهران إلى ساحة جديدة.
نقل عدد من وسائل الإعلام العربية والإسرائيلية أنباء عن غارات إسرائيلية، فجر الاثنين، استهدفت ما يُعتقد أنها قاعدة لقوات الحشد الشعبي المدعومة إيرانياً، على الحدود العراقية السورية.
استهدافٌ ليس الأول من نوعه، بعد مجموعة من الاستهدافات خلال الفترة الماضية، تشير كلها إلى أن إسرائيل كثّفت مواجهتها لطهران، ونقلت معركتها معها إلى العراق أيضاً، ضد الحشد الشعبي خصوصاً، بعد سنوات من الضربات الجوية التي استهدفت مخازن وقوات تابعة لها في سوريا.
تضارب أنباء
نقلت وكالة العهد العراقية المقربة من “حركة عصائب أهل الحق”، عن مصدر عراقي لم تسمّه، قوله إن الغارات جرت باستخدام “طائرات مسيرة مجهولة الهوية”، واستهدفت مواقع يعتقد أنها مملوكة لما يسمى “حركة الإبدال” التابعة لقوات الحشد الشعبي، متحدثاً عن قتلى وجرحى في الهجوم.
لكن الوكالة ذاتها، عادت لتنقل بعد ساعات، عن كمال الحسناوي، نائب رئيس “حركة الإبدال” قوله إن مقاتليه “تمكنوا من إسقاط الطائرات”، وإن “القصف لم يوقع أي شهيد”، وكانت الخسائر “مادية فقط في بعض المواقع”.
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسقوط “ما لا يقل عن 18 قتيلاً”، في الهجوم الذي قال إنه حدث منتصف ليل الأحد-الاثنين واستهدف “مركز الإمام علي” في منطقة البوكمال السورية.
بدورها، قالت صحيفة The Times of Israel إن إسرائيل تعتقد أن قاعدة الإمام المستهدفة، “تشكل عنصراً مهماً فيما يخص جهود إيران لتطوير “جسر بريّ” يسهل عملية نقل الأسلحة والمقاتلين عبر العراق وسوريا ولبنان”.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية ذاتها عن مسؤول سوري لم تسمّه، قوله إن “إسرائيل كانت خلف الهجوم”، وإنه تم باستخدام “أربعة صواريخ”، دون أن توقع أية خسائر في الأرواح، لأن القاعدة كانت قد أُخليت قبل الغارات.
ولم تعلّق السلطات الإسرائيلية على الهجوم والاتهامات، غير أن الصحيفة الإسرائيلية لم تستبعد أن يكون الهجوم تم بطائرات إسرائيلية، قائلة إن تل أبيب “تعهدت بالاستمرار في إضعاف إيران طالما استمرت الأخيرة في تطوير أسلحة تهدد الدولة اليهودية”.
العراق جبهة جديدة
سبق لإسرائيل أن أعلنت تنفيذ مئات الهجمات الجوية على أهداف تقول إنها تابعة لإيران في سوريا خلال السنوات الماضية.
لكنها لم تعترف رسمياً بتنفيذ أي من الهجمات التي استهدفت العراق مؤخراً، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمّح، في أغسطس/آب الماضي، إلى تنفيذ جيشه هذه الهجمات عندما قال “ليس لإيران حصانة في أي مكان”.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، نقلت عن مسؤولين أمريكيين قولهم، الشهر الماضي، إن إسرائيل نفّذت هجمات عدة على مخازن ذخيرة لجماعات تدعمها إيران في العراق، خلال الأشهر الأخيرة.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى وقوع “4 هجمات على مستودعات الأسلحة في الأشهر الثلاثة الماضية في العراق، 3 منها استهدفت قوات الحشد الشعبي”.
بدورها، كانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قالت إن المسؤولين الإسرائيليين يرون اليوم أن العراق حليف إيران الأساسي، أصبح التهديد الرئيسي في المنطقة خلال السنوات الماضية، وأن الهدف الأساسي من الضربات سواء في سوريا أو العراق هو منع إيران من ترسيخ حضور عسكري دائم، ومنع تدفق أسلحتها إلى “وكلائها في المنطقة”.
ويبدو أن العراق والمليشيات العراقية باتت الساحة الجديدة لاستهداف إيران في المنطقة، بعد أن “اضطرّت تل أبيب إلى الانتظار سنوات عدة من أجل الحصول على موافقة أمريكية لمهاجمة المليشيات التي تديرها إيران في العراق”، حسب تصريح سابق لمستشار نائب الرئيس العراقي سابقاً محمد بولوف علي لـشبكة TRT.
وتأتي الهجمات الإسرائيلية بعد أشهر قليلة من إعلان واشنطن عزمها سحب قواتها من سوريا، إذ تدرك إسرائيل أن سحب القوات الأمريكية سيعزز نفوذ إيران والقوات الحليفة لها في سوريا، ما يزيد من المخاطر المحتملة على الأمن الإسرائيلي، حسب تحليل لـوكالة الأناضول.
غير أن توسيع الاستهداف ليشمل مواقع عراقية، يمكن أن يؤدي إلى ردود أفعال من الحشد الشعبي، قد تصل إلى حد استهداف مصالح ومنشآت مدنية وعسكرية أمريكية في العراق، الأمر الذي قد يدفع واشنطن إلى سحب ما تبقى من قواتها في العراق أيضاً.
أمرٌ إن حدث سيعزز النفوذ الإيراني بشكل أكبر في المنطقة، وهو ما لا تريده تل أبيب، لذلك لا يستبعد أن تخفف إسرائيل من هجماتها على مواقع الحشد الشعبي في العراق، على الأقل في المرحلة الراهنة، مع احتمالات توجيه ضربات في فترات زمنية متباعدة، وهو الأرجح، حسب تحليل الأناضول.
المصدر: trt