الأسد يهوِّل عشية «جنيف 3» ويعلن انطلاق «تحرير حلب»
في حين تستعد الأطراف السورية للذهاب إلى مفاوضات “جنيف 3″، بعد غدٍ، وبعد تلقي النظام السوري خسائر كبيرة من قبل جبهة النصرة وحلفائها جنوب حلب، أعلنت دمشق أمس، فيما يشبه التهويل، انطلاق عملية عسكرية روسية – سورية جوية لتحرير حلب، المقسمة بين المعارضة والنظام.
قبل أيام قليلة من انطلاق مؤتمر «جنيف 3»، يبدو أن النظام السوري يحاول تخويف خصومه، بالتهويل بشن عملية عسكرية كبيرة بمدينة حلب، المدينة الثانية في البلاد، والمقسومة بين النظام والمعارضة.
في هذا السياق، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، إن الجيش السوري يستعد بمساعدة الطيران الحربي الروسي لإعادة السيطرة على حلب.
وقال المعلم خلال لقائه وفدا برلمانيا من مجلس الدوما الروسي في العاصمة دمشق: «نستعد مع شركائنا الروس لعملية تحرير حلب، ومحاصرة كل المجموعات المسلحة التي لم تلتزم بالمصالحة وتعكف على انتهاك الهدنة ووقف الأعمال القتالية».
وأضاف، وفق بيان لوزارة الخارجية السورية، أن «السوريين واثقون من أن التعاون العسكري والعمل المشترك بين الشعبين الروسي والسوري سوف يتكللان بالنجاح ويفتحان الطريق أمام التحرك لاحقا نحو دير الزور شرق البلاد». وأعرب المعلم، قبيل استقباله المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا عن أسفه حيال «الاستفزازات» التي تصدر عن المجموعات المسلحة في الآونة الأخيرة في حلب وريف دمشق.
اشتباكات عنيفة
وقتل 35 عنصرا من قوات النظام والفصائل المقاتلة خلال 24 ساعة من الاشتباكات العنيفة بين الطرفين في ريف حلب الجنوبي، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد في بريد الكتروني عن «معارك عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها وحزب الله اللبناني من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وبينها جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سورية) من جهة أخرى، على محاور عدة في ريف حلب الجنوبي».
وأضاف أن «19 مقاتلا على الأقل من الفصائل قتلوا جراء القصف والاشتباكات في الـ 24 ساعة الفائتة، مقابل 16 آخرين على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها».
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس، إن «الاشتباكات جاءت إثر هجوم شنته الفصائل المقاتلة، وعلى رأسها جبهة النصرة، في محاولة للاستيلاء على مناطق في ريف حلب الجنوبي، أبرزها بلدتا خان طومان والحاضر، كانت قوات النظام استعادت السيطرة عليها بدعم جوي روسي» قبل نهاية العام. وشنت قوات النظام هجوما واسعا في ريف حلب الجنوبي في أكتوبر، وتمكنت من التقدم والسيطرة على قرى وبلدات بدعم جوي من موسكو، التي باشرت حملة جوية مساندة لدمشق في 30 سبتمبر.
ويسري في سورية منذ 27 فبراير وقف للأعمال القتالية في مناطق عدة بموجب اتفاق روسي – أميركي تدعمه الأمم المتحدة. ويستثني الاتفاق مناطق سيطرة تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة». ورغم استثناء جبهة النصرة من الاتفاق، يؤكد عبدالرحمن أن مناطق سيطرتها في ريف حلب الجنوبي شهدت هدوءا متقطعا منذ سريان الهدنة.
حي الشيخ مقصود
في غضون ذلك، تواصل الفصائل المقاتلة، وبينها «فيلق الشام» وحركة «أحرار الشام»، المتحالفة مع جبهة النصرة، استهداف حي الشيخ مقصود ذي الغالبية الكردية في مدينة حلب، فيما لا يزال اتفاق وقف الأعمال القتالية صامدا في بقية أحياء المدينة.
ووفق المرصد، تستهدف الفصائل المقاتلة حي الشيخ مقصود منذ هجوم قوات النظام الواسع في ريف حلب الشمالي في فبراير الماضي، والذي استغله المقاتلون الاكراد للتقدم في المنطقة وسيطروا على بلدات مهمة.
وأعلنت «غرفة عمليات حلب»، التي تضم الفصائل المقاتلة في المدينة، أمس الأول، وفق المرصد، استعدادها «لتأمين إخلاء وعبور آمن لأهلنا من سكان حي الشيخ مقصود، والتعهد بتأمين وصول آمن إلى مناطق خالية من الاشتباكات»، بعد اتهامها «وحدات حماية الشعب» الكردية باستخدام المدنيين «كدروع بشرية».
«داعش»
إلى ذلك، قتل 24 من «داعش» بينهم 3 قياديين و٨ مدنيين بينهم امرأة في غارة استهدفت مدينة الرقة السوري عاصمة «دولة الخلافة».
واعتبرت مسؤولة في المعارضة السورية في مقابلة نشرت أمس، أن اتفاق وقف الأعمال القتالية في سورية «على وشك الانهيار»، وذلك قبل أيام من استئناف مفاوضات السلام في جنيف.
وقالت بسمة قضماني، العضو في وفد الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة السورية في مقابلة مع صحيفة «جورنال دو ديمانش»، إنه «في الأيام العشرة الاخيرة شهدنا تدهورا خطيرا جدا، ووقف إطلاق النار على وشك الانهيار»، مضيفة ان «استخدام البراميل المتفجرة استؤنف»، واعتبرت ان «المهمة الاميركية الروسية لمراقبة وقف اطلاق النار عاجزة».
وأضافت: «تم توجيه ضربة للمعارضة، هذا امر مؤكد»، حيث ان روسيا «هاجمت طرق إمداد كتائب المعارضة المعتدلة على الميدان حتى بدء سريان اتفاق وقف الاعمال القتالية في فبراير» الماضي.
وذكرت أن انسحاب القوات الروسية، الذي أعلن في منتصف مارس، «تؤشر لمن يدعمون بشار (الاسد) ان هذه المساعدة لن تعود بلا حدود»، لكنها لاحظت أن «الصعوبة كلها تكمن في معرفة ما اذا كانت روسيا ستتمكن من إملاء بنود التفاوض على دمشق».
ووفق خريطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة، من المقرر أن تؤدي هذه المفاوضات إلى اقامة جهاز انتقالي بحلول الصيف، ثم تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون 12 شهرا التي تلي ذلك.
وقالت قضماني: «نحن نتمسك بوجوب تقرير سلطة انتقالية بسلطات كاملة، بما فيها سلطات الرئيس (بشار) الاسد، في وقت لا يتحدث فيه النظام الا عن حكومة وحدة وطنية مع بعض المعارضين»، مضيفة ان «لا أحد يعرف كيف ستتم المصالحة بين الرؤيتين».
وأضافت أن الرئيس الأميركي باراك أوباما «ترك الروس يستحوذون على جميع أوراق اللعبة، انه لا يملك الارادة السياسية، في الوقت الذي تملك فيه الولايات المتحدة الإمكانيات للانخراط أكثر» في العملية.
المصدر:الجريدة