الأكراد وحلفاؤهم الغربيون يشرفون على خطوط الجبهة الأمامية في الرقة واشتباكات عنيفة بين عناصر تنظيم «الدولة» و«سوريا الديمقراطية» في ريف المدينة

36

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان امس الاثنين بأن اشتباكات عنيفة تدور بين عناصر من تنظيم «الدولة» و»قوات سوريا الديمقراطية» في منطقة سلوك الواقعة بريف الرقة الشمالي الشرقي.
وأوضح المرصد في بيان أن الاشتباكات اندلعت إثر هجوم مباغت نفذه عناصر التنظيم على البلدة في محاولة لفتح جبهة قتال جديدة وتشتيت «قوات سوريا الديمقراطية» التي تدور اشتباكات بينها وبين التنظيم في محيط منطقة تل السمن.
وعلى سطح احد المنازل في ريف الرقة الشمالي، يراقب عسكري من التحالف الدولي بمنظاره المعارك القريبة ويتلقى قادة أكراد عبر اجهزة اللاسلكي اتصالات من مقاتليهم على الأرض تتيح ابلاغ الطائرات بمواقع الجهاديين.
في قرية الحرية، التي تبعد اقل من كيلومترين عن قرية الهيشة حيث تركزت الاشتباكات يوم الجمعة الماضي، يتخذ قادة أكراد من قوات سوريا الديمقراطية وعسكريون من التحالف الدولي من احد المنازل الاسمنتية مركزاً للإشراف على سير المعارك.
تختلط الاصوات على اجهزة اللاسلكي بين اتصالات المقاتلين على الأرض واوامر القادة الموجهة اليهم لتنسيق الهجوم على الهيشة التي نجحت قوات سوريا الديمقراطية في وقت لاحق من مساء الجمعة بالسيطرة عليها. يراقب أحد عسكريي التحالف والى جانبه زميلان له اعمدة الدخان التي ترتفع من القرية المحاطة بارض خضراء.
وامام المنزل يقف عنصران من التحالف بالقرب من عربتين عسكريتين، وآخرون يحملون سلاحهم في بهو المنزل حيث شجرة توت عتيقة، في حين لا تنفك الطائرات الحربية عن التحليق في الاجواء. تتغير ملامح عسكريي التحالف فور رؤيتهم لفريق، فيطلبون عدم التقاط الصور ومغادرة المكان فوراً.
وفي فناء منزل آخر تدار منه ايضاً العمليات، يتحدث القيادي في قوات سوريا الديمقراطية احمد عثمان عن التنسيق الدقيق بين القوات على الأرض وطائرات التحالف الدولي في هذا الهجوم الذي أطلق قبل عشرة ايام لطرد تنظيم «الدولة» من الرقة ابرز معاقله في سوريا.
ويقول عثمان بلحيته السوداء الخفيفة باللغة الكردية «القوات التي تتقدم على الأرض تعطينا الاحداثيات كونها قريبة من الاهداف»، مضيفاً «يحسب المقاتلون المسافات بينهم وبين المرتزقة ويكشفون مصدر النيران، ثم يرسلون لنا الاحداثيات ونحن بدورنا نبلغ قوات التحالف بها ليتم ضربها».

«الطائرات تكشف المنطقة»

الامر ذاته ينطبق على سيارات الجهاديين المفخخة، اذ يقول عثمان «أحياناً نتصدى لها بأسلحتنا واحيانا نعلم بمكان سيارة مفخخة ويقصفها طيران التحالف بعد ابلاغه بإحداثيات الهدف».
وليس بعيداً عنه تحمل القيادية في وحدات حماية المرأة الكردية روجدا فلات حاسوباً لوحياً تظهر عليه خريطة المعركة الدائرة ويحيط بها قياديون آخرون.
وبعد تحديد الاهداف، تحمل فلات المنظار لتراقب ما يجري والى جانبها يجلس مقاتل وضع على رأسه شالًا كردياً تقليدياً اسود اللون عليه زهور ملونة يتحدث عبر جهاز لاسلكي. ويشارك حوالي خمسين مستشاراً وخبيراً عسكرياً امريكياً في غرفة عمليات معركة الرقة، وفق «قوات سوريا الديمقراطية».
ورداً على سؤال، أوضح المكتب الإعلامي للتحالف انه «كجزء من التزام التحالف بتقديم الاستشارة والمؤازرة ومرافقة قوات سوريا الديمقراطية، يُطلب منا تقديم المساعدة في تخطيط العمليات وتنسيق الغارات الجوية وتنظيم تحركات القوات فضلاً عن التدريب وتأمين المعدات لقوات سوريا الديمقراطية لعزل الرقة».
تعبر عربات قوات سوريا الديمقراطية الطرق الصحراوية مسرعة باتجاه الخطوط الامامية.
وعلى سطح مدرسة في قرية الحرية، اشار القيادي في قوات سوريا الديمقراطية عكيد كوباني إلى قرية الهيشة ليشرح كيف يتقدم زملاؤه على الأرض لاقتحام القرية برغم قذائف الهاون التي يطلقها الجهاديون. ويقول «رفاقنا يتحضرون للهجوم والمرتزقة يقصفون قذائف الهاون، لكن الطائرات تكشف المنطقة الآن».
ويوضح «في معركة تحرير الرقة لا يتم استخدام الأسلحة الثقيلة، بل نعتمد بشكل كبير على الأسلحة الفردية وقصف طيران التحالف».

«العلم الأبيض»

ويكمن «الخطر الاكبر»، على حد قوله، في «وجود مدنيين يستخدمهم داعش دروعاً بشرية».
وتسببت ضربة جوية للتحالف الدولي في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر بمقتل 20 مدنياً على الاقل في قرية الهيشة، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان. الامر الذي نفته قوات سوريا الديمقراطية، فيما اكد التحالف انه يحقق بالأمر.
على الطريق إلى قرية الحرية، يقف رجلان باللباس العربي امام منزل رفع على سطحه علم أبيض للإشارة لطائرات التحالف بوجود مدنيين، وليس ببعيد عنهما منازل اخرى دمرتها الغارات بالكامل.
وفي مخيم مؤقت للمدنيين الفارين من المعارك عند اطراف بلدة عين عيسى، تروي عمشة (38 عاماً) وهي تتكئ ولا تظهر سوى عينيها من خلف حجاب لفته على وجهها «الضرب دائماً على مكان يتواجد فيه داعش (…) وداعش يختبئ حتى بين الأطفال». وتضيف «أطفالنا يخافون كثيراً من الطيران، لدينا طفلة صغيرة كل ما رأت طائرة تصرخ (طيارة طيارة) وتركض لتختبئ».
وفي هذا المخيم الذي تجمع فيه آلاف النازحين في ظروف صعبة، أطفال يلعبون بعجلات سيارات قديمة ونساء يجلبن المياه وأخريات يحضرنّ الطعام. وتروي غادة وهي في العشرينيات من العمر وهي ترضع طفلتها «كان داعش يضع السيارات المفخخة بين منازلنا كي لا يراها الطيران». وتضيف «كنا نخاف كثيراً حين يأتي الطيران»، اما الجهاديون فكانوا «يقولون لنا انهم يموتون فما المشكلة اذا مات المدنيون ايضا معهم».
الى ذلك قالت القوات المسلحة التركية امس الاثنين إن طائرات حربية تركية قصفت 15 هدفاً في منطقة الباب بشمال سوريا يوم الأحد في عملية مع قوات المعارضة السورية لطرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من المنطقة.
وقال الجيش في بيان إن عشرة مواقع دفاعية ومراكز قيادة ومخزناً للذخيرة لتنظيم «الدولة» دُمرت في الغارات .وقُتل تسعة من مقاتلي المعارضة السورية خلال اشتباكات في المنطقة.