الإدارة الكردية تراهن على إنهاء «الحصار» الاقتصادي
تقول الإدارة التي يقودها الأكراد في شمال شرقي سورية إن ممراً برياً جديداً إلى غرب البلاد الخاضع لسيطرة الحكومة يمثّل انفراجة اقتصادية لمنطقتهم التي يديرونها بأنفسهم والتي «تحاصرها» أطراف معادية.
وحذّر عبدالكريم صاروخان رئيس الإدارة التي يقودها الأكراد من أن تركيا تجازف بإشعال حرب جديدة في الشمال حيث تعهدت أنقرة ومقاتلو المعارضة السورية المتحالفون معها بالزحف على مدينة منبج التي تسيطر عليها جماعات متحالفة مع الأكراد. والجماعات الكردية السورية وحلفاؤها أحد اللاعبين الرئيسيين في الصراع بشمال البلاد، وأدى نفوذها المتزايد إلى تدخل عسكري تركي مباشر. وتعتبر أنقرة الجماعات التركية مصدر تهديد لأمنها القومي.
وعلى رغم العداء التاريخي مع الحكومة المركزية السورية فإن علاقات تلك الجماعات معها أقل توتراً. فقد ابتعدت عن مواجهتها في الحرب المستمرة منذ ست سنوات ويقول منتقدوها إنها تعاونت من حين إلى آخر ضد أعداء مشتركين وبخاصة فصائل المعارضة التي تحارب الرئيس بشار الأسد. وتنفي «وحدات حماية الشعب» الكردية ذلك.
وتسارعت وتيرة الحرب في شمال سورية في الأسابيع الأخيرة بعدما بدأ الجيش السوري، بدعم من روسيا، حملة على تنظيم «داعش» في ريف حلب. وفي الأسبوع الحالي وصل الجيش النظامي إلى أراض تقع تحت نفوذ الجماعات الكردية للمرة الأولى منذ بدايات الصراع.
وقال صاروخان في مقابلة مع «رويترز»: «فتح ممر بيننا وبين حلب ستكون له تأثيرات إيجابية كبيرة… كأنه بمثابة الشريان الذي يغذّي جزءاً من هذا الجسم». وينطوي هذا على احتمال إعطاء دفعة كبيرة لمنطقة فيها أراض زراعية غنية وحقول نفطية. وتتاخم المنطقة السورية التي يديرها الأكراد تركيا من الشمال وإقليم كردستان العراق من الشرق. وتعادي أنقرة وحكومة كردستان العراق على حد سواء «وحدات حماية الشعب» الكردية وهي الفصيل الكردي السوري الرئيسي. وتعتبر تركيا «وحدات حماية الشعب» امتداداً لـ «حزب العمال الكردستاني» الذي يقود تمرداً انفصالياً في تركيا.
وقال صاروخان إن تقدم الحكومة السورية أخيراً في المناطق الريفية إلى الشرق من حلب أدى إلى توترات مع «وحدات حماية الشعب» في بعض المناطق. ولدى سؤاله عما إذا كانت هناك اتصالات مع دمشق في شأن التجارة، أجاب أن ليس هناك شيء من هذا القبيل وأن الحديث عن ذلك سابق لأوانه. لكنه رأى احتمال ممارسة التجارة مع جهات خاصة في حلب وحمص ومدن أخرى تسيطر عليها الحكومة.
وأضاف صاروخان الذي يقود الإدارة الأكبر بين ثلاث إدارات كردية في شمال سورية: «توقعاتنا أن نستطيع أن نتفاهم مع الجميع في المحافظات الأخرى».
ويحتاج سكان شمال شرقي سورية وهم من الأكراد والعرب وجماعات أخرى إلى الأدوية ومواد البناء على وجه الخصوص لإعادة إعمار ما دمره الصراع بين «وحدات حماية الشعب» و «داعش». ومن الممكن أن يبيع شمال شرقي سورية بدوره فائض الإنتاج الزراعي لأجزاء أخرى من البلاد وإن كان صاروخان قال إن شح الأمطار هناك لن يؤدي إلى وجود فائض من القمح لبيعه هذا الموسم. وأضاف أن فائض إنتاج النفط يبحث عن «مخارج وطرق ومعابر» إلى أجزاء أخرى من سورية، ووصف المنطقة بأنها «المنبع الذي غذّى سورية على مدى ٦٥ عاماً»، مشيراً إلى أن من الممكن أن يتعاون الجانبان في هذا الصدد.
وقال صاروخان إن بينما يخضع النفط لحماية «وحدات حماية الشعب» الكردية فإنه مورد وطني ينبغي أن يتم تحديد وضعه في تسوية نهائية للأزمة السورية.
ويسعى «حزب الاتحاد الديموقراطي»، وهو الحزب الكردي الرئيسي في سورية، وحلفاؤه إلى تعزيز الإدارة الكردية في شمال سورية من خلال إنشاء نظام جديد للحكم ويقولون إنهم لا يسعون إلى إقامة دولة مستقلة. وقال صاروخان إن تركيا تخشى ما وصفه بـ «النموذج الديموقراطي» الذي طبّق في شمال سورية وتحاول منعه. وأضاف أنه بينما تريد الإدارة التي يقودها الأكراد التعامل مع تركيا باعتبارها جارة فإن أنقرة توجه التهديدات وتحتل أراضي سورية. وزاد: «أظن أنه إذا استمرت تركيا على هذا المنوال ستكون بداية حرب أخرى جديدة على الأراضي السورية وفي شمالها».
المصدر: الحياة