الاختفاء القسري أداة الأنظمة الاستبدادية لترهيب المعارضة وتخويفها

802

منذ عقود تلجأ الأنظمة الاوتوقراطية والمستبدة، إلى الاعتقال التعسفي والاختطاف والإخفاء القسري لمعارضيها، فتلجأ إلى هذه الطريقة لترهيب المعارضة وتخويفها وتعرّض سلطات تابعة للدولة وجهات فاعلة غير تابعة للدولة، مثل جماعات المعارضة المسلحة، الأشخاص لهذه الطريقة لسحق اصواتهم، وتعزيز سلطتها، وبث الذعر داخل المجتمعات، في ظل الإفلات من العقاب في معظم الأحيان.

وفي ظل انعدام المحاسبة على هكذا تصرفات تمس من إنسانية الانسان، تكلفت السنوات الأخيرة هذه الظاهرة حول العالم وفي سوريا على وجه الخصوص لاعتبار النزاع القائم، وقد عاثت المنظومة التي يقودها بشار الأسد فساداً من حيث قتل الأصوات الحرة وتهجيرها واخفاؤها، وسنوات منذ انطلاق الثورة التي تم تسليحها وإخراجها عن مسارها وأهدافها فٌقد مئات الآلاف من السوريين الذين وقفوا في وجه النظام، علماً أن الاختفاء القسري طريقة مورست على السوريين منذ قبل 2011.

ويتساءل السوريون عن مصير أبنائهم الذين لايعرفون شيئاً عنهم، أحياءً كانوا أو أموات”، هذه التراجيديا التي تعيشها تقريباً كل أسرة سورية لم تجد بعد طريقها إلى الحل من قبل المجتمع الدولي الذي يعرف جيداً ما عاشه الشعب السوري من تنكيل وهرسلة وتجويع وتخويف وتقتيل لمطالبته بالحرية والكرامة التي يدافع عنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وتحدث الحقوقي والمحامي، خالد الحويج، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن عدم وجود آلية ملزمة في الحالة السورية فيما يتعلق بمسألة الاختفاء القسري لسبب واضح وجوهري إلا وأنه وجب التوضيح بأن سوريا لاتعد طرفاً في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006 وبالتالي فإن الحكومة السورية تقوم بممارسة سياسة الاختفاء القسري بشكل ممنهج وكسياسة دولة حيال الأشخاص سواء كانوا من المعارضين أو العامة وعلى الرغم أن تلك الأفعال تعد من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية للمنهجية المتبعة الواسعة النطاق وبانها موجهة ضد المدنيين وعلم الأشخاص القائمين ومن ضمن سياسة الدولة والأوامر والإشراف وكذلك الصلة بين تلك الجرائم والأفعال واسعة النطاق .

 

ولفت إلى أن قرار مجلس الأمن 2139 الصادر في فبراير/2014 والذي ورد فيه في الفقرة 11 بأنه :

يدين بشدة الاحتجاز التعسفي للمدنيين وتعذيبهم في سوريا ولا سيما في السجون ومرافق الاحتجاز، فضلاً عن عمليات الخطف، والاختطاف، والاختفاء القسري، يطالب بـالإنهاء الفوري لهذه الممارسات، وإطلاق سراح جميع الأشخاص المحتجزين بصورة تعسفية بدءً بالنساء والأطفال، وكذلك المرضى والجرحى وكبار السن، بما يشمل موظفي الأمم المتحدة والصحفيين .

وتابع” اقتصرت معظم الآليات المنشأة من قبل الأمم المتحدة على عمليات غير ملزمة للحكومة السورية التي لا تسمح لها بالدخول الى الأراضي السورية من أجل البحث والتقصي فضلاً عن عدم وجود آليات المحاسبة كالمحكمة الجنائية الدولية لعدم انشائها في الحالة السورية بسبب الفيتو من مجلس الامن وكذلك الآليات الأممية مثل الآلية المحايدة المستقلة والتي تختص فقط بتجميع الادلة المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة ومنها جرائم الاختفاء القسري ويدور للبعض بأن المؤسسة الاممية الجديدة الخاصة بالمفقودين في سوريا أنشأتها الجمعية العامة في الأمم المتحدة في 29 يونيو 2023 بموجب القرار 77/301 لها صلاحية أو إلزام فهي الأخرى لاتمتلك أي شيء من الإلزام للحكومة السورية ومهمتها توضيح مصير جميع المفقودين في الجمهورية العربية السورية وأماكن وجودهم، وثانياً تقديم الدعم الكافي للضحايا والناجين والناجيات وأسر المفقودين، وهذه المؤسسة تهتم بالبحث عن المفقودين السوريين وغير السوريين على الأرض السورية والسوريين أثناء الهجرة في دول الهجرة على “مشاركة الضحايا والناجين والناجيات وأسر المفقودين وتمثيلهم بشكل كامل ودمج تلك المنظمات بما فيها المنظمات النسوية”.

واعتبر أن تحديد الجهات الفاعلة التي لديها معلومات هامة عن المفقودين في سوريا وإبرام اتفاقات تعاون معها لتبادل هذه المعلومات أمر مهم، لافتا إلى أهمية تصميم نظام لإدارة المعلومات والبيانات لحفظها وتصنيفها بشكل آمن، بما في ذلك إعداد سجل خاص بالمفقودين واعتماد أنظمة وإجراءات ملائمة لتسجيل حالات المفقودين وتحليل المعلومات والبيانات المتاحة، بما في ذلك إجراء تحليل سياقي للاحداث، من أجل إثراء خطط واستراتيجيات البحث.

وشدد على ضرورة تصميم خطة بحث شاملة، بالتنسيق مع الجهات الفاعلة المعنية, وخاصة أسر المفقودين تقوم على النهج المرتكز على الضحية ومعنى ذلك أن المرتكز على الناجين أن الضحايا والناجين من الجرائم ضد الإنسانية سيعانون من ضرر وصدمة هائلة، ويهدف إلى وضع حقوق ووكالة كل ضحية وناجية في مقدمة جميع الإجراءات ويضمن معاملتهم بكرامة واحترام ودعمهم لاتخاذ قرارات مستنيرة فيما يتعلق بالحصول على الحماية والدعم والعدالة والانتصاف بناءً على احتياجاتهم.

وأضاف” أخيراً فإن هناك لبس يقع فيه الجميع وعدم التفريق بين الاعتقال والاختفاء فان سوريا هي طرف بذلك في بحث حالات الاعتقال التعسفي أمام الفريق العامل بالاعتقال التعسفي كون سوريا طرف أساسي وبالتالي فإن صلاحية وولاية هذا الفريق بمطالبة الحكومة السورية ووفق ما التزمت به بالاجابة والتفسير عن مصير أي شخص قد تم اعتقاله تعسفيا ويرتب ما تم اختفائه بعد الاعتقال وكذلك هو يشير إلى اي جهة قامت بتلك الاعمال وهو يرتب مسؤولية على الدولة المعنية وهي ملزمة بالاجابة على السؤال الذي يتم توجيهه لها وتبرير ماورد في المطالبة ووفق الاصول المتبعة ضمن آلية هذا الفريق مع الدول وبالتالي فإن عدم استجابة تلك الدول في الرد أو عدم التبرير فان ذلك سيعرضها إلى وصم تلك الدولة ووفق البيانات المعطاة إلى ماهو أبعد ويعطي المبررات والحجج لاتخاذ إجراءات فيما بعد وتحفيز مجلس الامن والجمعية العمومية للاضطلاع بدورهما بذلك وهنا لن تستطيع الدول الوقوف في وجه تلك المسألة باعتبارها وقائع حقيقية وسجل دولة قامت بعدم التعاون ويعطي أسباباً لفرض قرارات وعقوبات وهنا نلاحظ أن المنظمات السورية واصحاب العلاقة لم تطرق هذا الباب وهو ما نلاحظه في ضعف عمليات الابلاغ في حالات الاحتجاز خلافا للقانون والذي ينقلب إلى حالات اختفاء، وأن التقارير الأممية تشير إلى أن الإبلاغ أمام الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي منذ عام 2011 إلى عام 2020 هي 13 حالة وكذلك الابلاغات أمام الفريق المعني بالاختفاء القسري رغم أن سوريا غير ملتزمة بالنظر إلى حالة سوريا فانه وبالرغم من تصريحات وأقوال بوجود أعداد كبيرة من المغيبين والمختفين قسريا في سوريا إلا أنه لم يتم سوى تسجيل 485 حالة فقط وهذا العدد منذ بداية 2012 ولغاية 7-8-2020 تلقاها هذا الفريق ( يرجى الرجوع الى بيانات الفريق العامل بالاختفاء القسري) رقم التقرير A/HRC/45/13 مما يجعل البيانات التي يتم التصريح بها غير دقيقة ولاتستند الى المصداقية كونها غير معتمدة أو يتم الابلاغ بشأنها وتبقى ضمن الأخبار الصحفية والاستهلاك الإعلامي مسألة الفقدان في الحالة السورية يريد النظام السوري اخضاعها للقانون الوطني السوري في قانون الأحوال الشخصية السوري وجود القضاء الوطني أي القضاء السوري والذي لم يشر إلى وجود المختفي وإنما ورد في القوانين السورية كلمة المفقود وحدد الأوضاع القانونية للشخص المفقود ولعائلته وميز بين المفقود والغائب وكيفية التعامل في كلتا الحالتين حيث تمت معالجة تلك الحالة في قانون الأحوال الشخصية السوري الصادر سنة 1953 قيام الضحايا ممن تنطبق عليهم شروط الادعاء ضمن صلاحية الولاية العالمية للقوانين الاجنبية إلى تبني فكرة الادعاء بمن تسبب بحالات الفقدان والاختفاء ومسؤولية الأشخاص الذين ثبتت مشاركتهم بذلك وهي تخضع لاعتبارات قانونية شكلية وموضوعية منها الصفة والمصلحة وبعض قوانين تلك الدول تتطلب اشتراطات معينة وهو الخيار الوحيد لناحية الملاحقة والمحاسبة”.

وخلص إلى القول” عانت مسألة الإختفاء القسري والاحتجاز خلافاً للقانون في سوريا من ضعف التوعية والتمكين في فهم الأطر القانونية الناظمة والإلتزامات الموجودة والاكتفاء بالمناصرة فقط دون توعية المجتمع بتلك المسالة”.