“التحالف الدولي” في عام 2020: عشرات الحملات الأمنية برفقة قسد وضخ متواصل للتعزيزات واستهدافات للإيرانيين والجهاديين.. وعام جديد بدون إجابة حول مصير المختطفين من قبل “الدولة الإسلامية”

223

مع إتمام التحالف الدولي 75 شهرا على بدء مهامه في سورية، باتت الأمور أكثر استقرارا في شمال شرق سوريا بعد أن استقرت خريطة التحالفات ومناطق السيطرة والنفوذ، وعمد التحالف خلال عام 2020 إلى زيادة انخراطه على مسرح التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية، من خلال المشاركة في عمليات المداهمة التي تنفذها قوات سوريا الديمقراطية ضمن محاولات القضاء على خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” في مناطق نفوذها، ناهيك عن استمرار ضخ المساعدات اللوجستية والعسكرية واستقدام التعزيزات إلى مناطق نفوذ “قسد”، بالإضافة لاستهداف الجهاديين وملاحقة التنظيم شمال وشمال غرب سورية، فضلاً عن استهدافه للقوات الإيرانية والمليشيات الموالية لها. المرصد السوري لحقوق الإنسان عكف بدوره على مراقبة كل ما يجري من تطورات ورصد جميع عمليات وتحركات التحالف خلال الفترة الممتدة من 23 كانون الأول/ديسمبر 2019، وحتى 23 من الشهر الجاري.

نحو 1450 شاحنة وآلية خلال 12 شهر.. ضخ متواصل للتعزيزات العسكرية واللوجستية نحو القواعد شمال شرق سوريا

واصل التحالف الدولي تعزيز تواجده شمال شرق البلاد خلال العام 2020، عبر استقدامه لمئات الشاحنات بشكل دوري إلى قواعده المنتشرة في المنطقة، وأحصى المرصد السوري خلال 12 شهراً، دخول نحو 1450 شاحنة وآلية محملة بمعدات لوجستية وعسكرية على دفعات، بمعدل أكثر من 120 آلية خلال الشهر الواحد، هذه الأرتال دخلت جميعها عبر معبري الوليد وسيمالكا الحدودية قادمة من إقليم كردستان العراق، نحو قواعد التحالف سواء في الحسكة كـ تل بيدر والشدادي وتل براك ورميلان، أو في دير الزور كقواعد كونيكو والعمر.

في حين خلقت عملية خروج رتل عسكري تابع للقوات الأميركية من الأراضي السورية نحو إقليم كردستان العراق بتاريخ 14 تشرين الثاني، حالة من التخبط والإرباك في المنطقة، ولاسيما مع اعتراف المبعوث الأميركي إلى سورية جيمس جيفري بكذبه على الرئيس الأميركي السابق دولاند ترامب بما يتعلق بتعداد القوات الأميركية المتواجدة في سوريا.

بالإضافة لذلك، تقوم قوات التحالف بتدريبات عسكرية بشكل دوري رفقة قوات سوريا الديمقراطية، حيث تجري عمليات تدريب مقاتلين من قسد على استخدام أسلحة متوسطة وثقيلة ضمن قواعد التحالف، وفي هذا السياق كان التحالف أنشأ مطلع العام مركز لتدريب وحدات حماية المرأة في حقل العمر النفطي في ريف دير الزور على الضفة الشرقية لنهر الفرات، بهدف تدريب الوحدات على كيفية استخدام الطائرات المسيرة.

عشرات الحملات الأمنية بالتعاون مع قسد تسفر عن اعتقال ومقتل أكثر من 120 من عناصر وقادة التنظيم

على الرغم من أن الإعلان الفعلي لهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” جرى في مارس/آذار من العام الماضي، فإن ما انتهى فعلا هو سيطرة التنظيم على الأرض في شمال شرق سوريا، إلا أن وجود التنظيم والمتعاطفين له وخلاياه لم ينته بعد، حيث لا تزال الخلايا التابعة للتنظيم في مختلف مناطق نفوذ “قسد” تسعى إلى تنفيذ عملياتها من اغتيالات وتفجيرات، في إطار الفوضى الأمنية المنتشرة في تلك المناطق.

وأحصى المرصد السوري على مدار العام 2020 مشاركة التحالف الدولي في عشرات العمليات الأمنية إلى جانب قسد، وتمثلت المشاركة بمداهمات وإنزال جوي شرقي الفرات غالبيتهم في دير الزور، وأسفرت العمليات تلك عن اعتقال 113 شخص بتهم “الانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية” بينهم قيادات من التنظيم، كما تمكنت قسد والتحالف من قتل 8 من خلايا التنظيم بينهم قادة سابقين، فيما يشير المرصد السوري إلى قسد اعتقلت العشرات بدعم من التحالف لأسباب مجهولة حتى اللحظة.

31 قتيلاً في 9 استهدافات جوية على مواقع وشخصيات من “المجموعات الجهادية” في كل من حلب وإدلب

شهدت الفترة من أواخر شهر أيار إلى منتصف تشرين الأول من العام الحالي 2020، تصاعداً في عمليات التحالف الدولي ضد التنظيمات الجهادية المتواجدة بكثرة في مناطق بإدلب وحلب وعلى رأسها تنظيم “حراس الدين”، ووفقاً لما رصده المرصد السوري فقد بلغ إجمالي هذه الضربات في إدلب وحلب خلال هذه الفترة 9، أدت إلى مقتل واستشهاد 31 شخص، هم 6 مدنيين بينهم طفل و25 من قيادات وعناصر جهادية، حيث كان بداية التصعيد بتاريخ 21 من شهر أيار، حين قامت طائرة مسيرة تابعة لـ”التحالف الدولي” بقصف سيارة على طريق الشيخ إسكان في ريف جنديرس شمال غرب حلب، مما أسفر عن مقتل قيادي سابق في تنظيم “الدولة الإسلامية”، والذي كان يتواجد باستمرار بين مناطق إدلب وناحية جنديرس بريف عفرين، كما احتجزت القوات التركية شخص أصيب في الحادث ذاته.

وشهد شهري حزيران وتموز 2020 ذروة الاستهداف، حيث قامت قوات التحالف بتنفيذ أربع عمليات خلال الشهرين استهدفت من خلالها الفصائل الجهادية، فقد رصد المرصد السوري في 14 حزيران، استهداف طائرة بدون طيار تابعة لقوات التحالف لسيارة يستقلها قياديان عسكريان يتبعان لتنظيم “حراس الدين”، وهما المسؤول العسكري العام لتنظيم “حراس الدين” أردني الجنسية، ومسئول يمني الجنسية يعمل في جيش البادية التابع للتنظيم، ما أسفر بدوره عن قتلهما قرب مسجد شعيب في مدينة إدلب، وعقبها بأيام وتحديداً بتاريخ 20 من حزيران وثق المرصد السوري مقتل قيادي بارز في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية” جراء استهداف دراجته النارية بطائرة بدون طيار بالقرب من مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي.

وفي شهر تموز، رصد المرصد السوري بتاريخ الـ 18 منه، استهداف طائرة مسيرة تابعة للتحالف الدولي سوق لـ”بيع المحروقات” الخاص بشركة “وتد” للمحروقات التابعة لـ”تحرير الشام” في بلدة سرمدا الواقعة بريف إدلب الشمالي، حيث جرى استهداف السوق بعدة ضربات من قبل الطيران المذخر، ما أدى لأضرار مادية، كذلك تم رصد استهداف في الـ 31 من الشهر ذاته من قبل طائرة مسيرة تابعة للتحالف الدولي للشركة ذاتها بثلاثة صواريخ، ما أدى لنشوب حرائق ضخمة في مكان الاستهداف ببلدة سرمدا.

وتواصلت عمليات استهداف الفصائل الجهادية وقياداتها من قبل قوات التحالف الدولي، حيث قتلت طائراتها المذخرة بتاريخ الـ 13 من شهر آب، قيادي جهادي من الجنسية الأوزبكية في محيط مدينة سرمدا الواقعة عند الحدود مع لواء اسكندرون شمالي إدلب يدعى “أبو يحيى” يعمل كـ”مدرب عسكري” مستقل لصالح الفصائل الجهادية، ومؤخراً عمل لصالح تنظيم “حراس الدين” المتهم بولائه لتنظيم “القاعدة” المصنف عالمياً كتنظيم إرهابي.

وفي تاريخ الـ 14 من أيلول، استهدفت طائرة مذخرة تابعة لـ”التحالف الدولي” سيارة قيادي تونسي الجنسية من تنظيم “حراس الدين” في حي القصور بمدينة إدلب، ما أدى لمقتله وذلك باستخدام صواريخ “نينجا” التي تطلقها قوات “التحالف الدولي” في عمليات الاغتيال الجوية باستخدام الطائرات المسيرة.

والمستهدف هو أحد قيادات هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة” سابقا، قبل فصله من “النصرة” على خلفية مجزرة “قلب لوزة” في العام 2015، حيث يعتبر الجهادي التونسي مسؤولا عن المجزرة التي راح ضحيتها 20 مواطنا في جبل السماق التي يقطنه مواطنون من الموحدين الدروز بريف إدلب، وبعد فصله تنقل عمل ضمن عدة فصائل جهادية، كان آخرها تنظيم “حراس الدين”، ويلاحق الجهادي التونسي سمعة سيئة وسط التنظيمات الجهادية وعلى رأسها هيئة تحرير الشام.

يذكر أنه جهادي من “تنظيم القاعدة”، حارب سنوات في أفغانستان قبل قدومه إلى سورية، تزامنا مع تشكيل “جبهة النصرة”.

وفي يوم 22 من أيلول، استهدفت طائرة مذخرة تابعة لـ”التحالف الدولي” مأدبة عشاء لمجموعات جهادية في قرية جكارة بريف سلقين قرب الحدود السورية-التركية، أسفرت عن مقتل نحو 22 شخص، هم 5 مدنيين، و17 من قيادات وعناصر جهادية منشقة عن هيئة تحرير الشام وعلى وفاق مع تنظيم “حراس الدين” بما يتعلق برفض الاتفاقات الروسية – التركية ضمن ما يعرف بمنطقة “بوتين – أردوغان”.

ومن ضمن قتلى الجهاديين 11 من القيادات السابقة في تحرير الشام بينهم 5 من جنسيات غير سورية، كما أن أحد القتلى كان قيادي في تنظيم “الدولة الإسلامية” قبل أن ينضم للهيئة في وقت لاحق، ممن قتلوا جميعاً باستهداف طيران مسير أميركي للمأدبة.

أما آخر الاستهدافات، فكان بتاريخ 15 تشرين الأول، حيث جرى استهداف سيارة على طريق بلدة عرب سعيد غربي مدينة إدلب، ما أدى إلى مقتل جهاديين اثنين، مصري ومغربي وطفل كان برفقتهما، واحترقت الجثث بشكل شبه كامل.

على صعيد منفصل، أشار المرصد السوري في 14 تشرين الثاني/نوفمبر، إلى استهداف صاروخي من قبل التحالف على مواقع وتمركزات للميليشيات الموالية لإيران في منطقة السكة الواقعة بأطراف البوكمال شرقي دير الزور، الأمر الذي أدى إلى مقتل 6 من الميليشيات بالإضافة لتدمير آليات لهم، كما قصفت طائرات “التحالف الدولي” مواقع لقوات النظام والمسلحين الموالين لها في بلدة القورية على ضفة نهر الفرات بتاريخ 25 تشرين الأول، بعد أن استهدفت قوات النظام بالرشاشات الثقيلة وقذائف “أربيجي”، نقطة لـ”قوات الدفاع الذاتي” التابع لـ”قسد” في بلدة الطيانة شرقي دير الزور.

المختطفين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية”.. تجاهل مستمر دون حل في الأفق

رغم انقضاء 21 شهراً على الإعلان الرسمي للتحالف الدولي بالقضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” كقوة مسيطرة شرق نهر الفرات، وبرغم التطورات التي جرت على مدار الشهر الماضي، فإن الصمت يتواصل من قبل التحالف وقوات سوريا الديمقراطية حول قضية المختطفين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية” دون تقديمها أي إجابة عن مصير آلاف المختطفين وعن نتائج التحقيق مع آلاف العناصر من التنظيم ممن اعتقلتهم قسد والتحالف شرق الفرات، حيث تتواصل المخاوف على حياة ومصير المختطفين ومنهم الأب باولو داولوليو والمطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، وعبد الله الخليل وصحفي بريطاني وصحفي سكاي نيوز وصحفيين آخرين، إضافة لمئات المختطفين من أبناء منطقة عين العرب (كوباني) وعفرين، بالإضافة لأبناء دير الزور.

2020.. عام جديد يمر دون تحقيق واقعي شفاف في مجازر يشتبه في مسؤولية التحالف عنها

على الرغم من جهود ومناشدات المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الأشهر الماضية لكل الجهات الدولية والتحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية، فإنه لم يتم إعلان نتائج التحقيقات مع معتقلي تنظيم “الدولة الإسلامية” والكشف عن مصير آلاف المختطفين. وكان “المرصد السوري” سبق وأن طالب المجتمع الدولي بالتحقيق في معلومات عن مقتل 200 شخص من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية وعوائلهم من النساء والأطفال، في مجزرة ارتكبتها طائرات التحالف الدولي بقصف مخيم “الباغوز”، في 21 مارس/آذار من العام الماضي.

ووفقا للمعلومات التي حصل عليها “المرصد السوري” آنذاك، فقد جرى دفن الجثث الـ200 فجر ذلك اليوم، دون معلومات عما إذا كان التحالف الدولي كان على علم بوجود أطفال ونساء من عوائل التنظيم داخل المخيم أم لا. وعلى الرغم من كل تلك المناشدات، فإنها لم تلق صدى حتى الآن من قبل تلك الأطراف المسؤولة، وعلى هذا، يجدد المرصد السوري لحقوق الإنسان مناشداته لكافة الأطراف المسؤولة لإعلان الحقائق الكاملة ومحاسبة المسؤولين عن أي مجازر أو انتهاكات جرت على مدار تلك الفترة التي شارك فيها التحالف الدولي في الأزمة السورية، والتي تخطت خمس سنوات كاملة.

إن المرصد السوري لحقوق الإنسان وإذ يقدم رصدا وافيا لما جرى من تطورات فيما يتعلق بعمل قوات التحالف في سوريا، فإنه يؤكد أنه كان ممكنا تجنب الخسارة الفادحة في أرواح المدنيين السوريين إذا لم يكن التحالف الدولي قد صم آذانه عن دعوات “المرصد” لتحييد المدنيين عن عملياته العسكرية، حيث إن وجود عنصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” أو من المجموعات الجهادية الأخرى في منطقة مدنية، لا يبرر بأي شكل من الأشكال قصف المنطقة وإزهاق أرواح المدنيين فيها. كما يطالب “المرصد السوري” قادة التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية، بإعلان نتائج التحقيقات مع معتقلي تنظيم “الدولة الإسلامية” والكشف عن مصير آلاف المختطفين.

كذلك، لا بد أن تعي الأطراف المنخرطة في الأزمة السورية أن الموارد النفطية وموارد الغاز التي يسيطر عليها التحالف الدولي الآن ليست ملكا لأحد سوى الشعب السوري، وبالتالي فإن الأطراف المعنية ملزمة بضرورة الحفاظ على تلك الموارد وضمان عدم سرقتها أو الاستيلاء عليها بأي شكل من الأشكال، حيث إنها ليست ملكا لـ”النظام” أو إيران أو أي طرف سوى الشعب السوري الذي عانى الويلات على مدار تسع أعوام من الأزمة، ويحذر “المرصد السوري” من تداعيات إساءة استغلال تلك الموارد أو الاستيلاء عليها وحرمان السوريين منها.

للاطﻼع على النسخة عالية الدقة من اﻹنفوجرافيك :