التصعيد في درعا يثير قلقا من موجة نزوح جديدة نحو الأردن

إذا استمر المتمردون في إحراز تقدم في درعا، فقد تمنح روسيا وإيران دعما كاملا للحكومة السورية لعملية عسكرية كبيرة تشمل الدعم الجوي.

تراقب عمّان والمجتمع الدولي التصعيد العسكري في درعا الذي يثير قلقا من موجة نزوح جديدة نحو الأردن المثقل بالأزمات والذي يستضيف نازحين سوريين كانوا قد فروا إليه منذ بدء الحرب في 2011.

وتحولت درعا خلال الأيام الماضية إلى ساحة جديدة للقتال بين النظام والمعارضة، بعد هدوء نسبي استمر لأشهر.

ويرى مراقبون أن هناك تساؤلات عن مسببات التصعيد تفرض نفسها. فإما أن قوى غربية أو إسرائيل من مصلحتهما إثارة هذه الجبهة بعد أن فقدت بشكل شبه تام تحكّمها بالملف في الشمال، أو أن إيران أو روسيا تريدان بقاء هذه الجبهة ساخنة لاعتبارات جيوسياسية بعد أن صعّدت إسرائيل من هجماتها على الأهداف الإيرانية في سوريا وأعلنت الولايات المتحدة أنها تتعامل مع الأردن كنقطة انطلاق أساسية في استراتيجية إعادة الانتشار في المنطقة.

وأعلنت وزارة الداخلية الأردنية السبت إغلاق معبر جابر الحدودي مع سوريا، مرجعة ذلك إلى “تطورات الأوضاع الأمنية في الجانب السوري”، وهو القرار الذي جاء قبيل بدء تشغيل كامل للمعبر، كان من المقرر أن يتم صباح الأحد.

ويرتبط الأردن وسوريا بمعبرين حدوديين رئيسيين، هما “الجمرك القديم” و”نصيب” اللذان يقابلهما “الرمثا” و”جابر” على الترتيب من الجانب الأردني، وقبل اندلاع الأزمة السورية عام 2011، كانت تنشط عبرهما الحركة التجارية وسفر الأفراد.

ودعا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون السبت إلى ضرورة حماية المدنيين في محافظة درعا.

وشدد بيدرسون في بيان على “وجوب التمسك بمبدأ حماية المدنيين والقانون الإنساني الدولي”، مذكرا بـ”الرسائل التي تلقاها من أهالي درعا بعدم رغبتهم في مغادرة منازلهم”.

وتشهد درعا أزمة منذ الخامس والعشرين من يونيو الماضي، بدأت عندما طالبت القوات السورية المتمردين بتسليم الأسلحة الخفيفة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في عام 2018، لكن المعارضين رفضوا هذا، ما دفع القوات السورية إلى محاصرة المدينة في محاولة للضغط على المتمردين لتقديم أسلحتهم.

ومن المتوقع أن تجري محادثات لوقف إطلاق نار جديد بين المتمردين ودمشق يهدف إلى تعزيز مواقفهم ضد بعضهم البعض. وبحسب مراقبين لن يتم ذلك دون استمرار كلا الجانبين في استخدام القوة العسكرية لتحسين فرص التفاوض، مع سعي سوريا للحصول على دعم روسي وإيراني لشن حملة عسكرية أكثر شمولا في درعا.

ويرى هؤلاء المراقبون أنه إذا استمر المتمردون في إحراز تقدم في درعا، فقد تمنح روسيا وإيران دعما كاملا للحكومة السورية لعملية عسكرية كبيرة تشمل الدعم الجوي.

ومن شأن مثل هذه العملية أن تتسبب في وقوع إصابات واسعة النطاق في صفوف المدنيين وتدفع طوفانا جديدا من السوريين إلى الأردن، وهو ما سيجبر الدول الأخرى على زيادة مساعداتها لجار سوريا الجنوبي، الذي يستضيف 655 ألف لاجئ سوري.

لكن رامي الشاعر المستشار في وزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين استبعد حدوث المزيد من التصعيد  قائلا “أود أن أطمئن الجميع بأنه وعلى الرغم من الاحتكاك العسكري الذي جرى خلال اليومين الماضيين وتسبب في وقوع بعض الضحايا من الطرفين، إلا أن الوضع الآن قد أصبح تحت السيطرة بالكامل، ولن تدور أيّ عمليات قتالية في درعا بعد اليوم. لن تسمح روسيا ومجموعة أستانا والمجتمع الدولي بذلك”.

وأضاف “أعتقد أن القيادة في دمشق قد أصبحت تدرك ذلك، ولم يعد لديها خيار سوى اللجوء إلى الوسطاء بغية التوصل إلى اتفاق يرضي كافة الأطراف لحل القضايا المتنازع عليها”.

في المقابل حذر رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان من احتمال سيطرة  قوات المعارضة على درعا.

وقال عبدالرحمن، في تصريح لـ”العرب”، “كل من يعتقد أن النظام هو المسيطر على محافظة درعا واهم وانكشف ذلك خلال ساعات، فالمسلحون المعارضون الذين أجروا تسويات في محافظة درعا تمكنوا من طرد النظام من نحو 15 بلدة وقرية في المحافظة خلال ساعات وأسروا أكثر من أربعين عنصرا من قوات النظام”.

وأضاف “الطرف الوحيد القادر على فرض حل في درعا هو روسيا ولكن وجود ميليشيات إيرانية أو مقاتلين ضمن ما يعرف بالجيش العربي السوري يحصلون على رواتبهم من القوات الإيرانية أو الحرس الثوري الإيراني يعيق أيّ رؤية روسية للحل في الجنوب السوري”.

وتابع “الفرقة الرابعة ومعها ميليشيات إيران هما اللتان تعيقان أيّ حل، وإذا انفجرت الأمور في درعا أعتقد أنه لا النظام ولا غير النظام قادرَيْن على ضبط الأمور لأن النظام سيفقد بسهولة السيطرة على غالبية محافظة درعا، وأعتقد أن الطائرات الروسية التي تدخلت سابقا لن تتدخل الآن من أجل حماية النظام الذي سيفشل عسكريا على الأرض”.

ويحذر مراقبون من فشل محادثات وقف إطلاق النار وتمكن المعارضين من صد القوات السورية في درعا، لافتين إلى أن الاضطرابات ستنتشر في جميع أنحاء سوريا، حيث من المحتمل أن يشن المسلحون هجمات من محافظة إدلب.

 

المصدر: العرب

 

 

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.