التعفيش…ثقافة حاملي السلاح على الأراضي السورية

6

يتواصل التعفيش داخل الأراضي السورية، فمع كل سيطرة جديدة لطرف عسكري، يأتي التعفيش كأول ظاهرة تطغى على ما جرى السيطرة عليه من ممتلكات، حتى بات التعفيش ثقافة، استشرت داخل نفوس حاملي السلاح، وباتت المبررات تتلاحق لتخفف من وقع استياء المدنيين من هذا الأمر الذي بات أول ما تشهده المدن أو البلدات أو القرى المسيطر عليها، إذ رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان قيام مقاتلين من فصائل إسلامية عاملة في إدلب، بعملية نهب وتعفيش للممتلكات المتبقية في بلدتي الفوعة وكفريا، واللتين أجلي سكانهما عنها نحو محافظة حلب، باتفاق روسي – تركي، جرى تنفيذه والانتهاء منه يوم أمس الجمعة الـ 20 من تموز / يوليو من العام 2018، حيث جرت عمليات تعفيش للآليات والجرارات الزراعية والسيارات الخاصة وممتلكات المنازل، من قبل عناصر في فصائل إسلامية، وجرى نقلها لمناطق أخرى من محافظة إدلب، فيما رصد المرصد السوري مفارقة 6 مقاتلين على الأقل للحياة، جراء انفجار ألغام بهم في الفوعة وكفريا، اللتين كانا يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية، وجرى إجلاؤهم بناء على اتفاق روسي – تركي، ونقلهم إلى مراكز إيواء في حلب.

ظاهرة التعفيش في الفوعة وكفريا من قبل فصائل، لم تكن الأولى خلال الفترة الفائتة، كما أنها لم تقتصر على الفصائل في إدلب فقط، إذ رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ أسابيع الفائتة، تحوَّل “جيش الوطن” إلى جراد يلتهم كل ما في طريقه، ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عملية تعفيش واسعة طالت ممتلكات مواطنين في القرى والبلدات الواقعة في ريف درعا، حيث تزامن النهب والتعفيش هذا، مع رصد عدسات آلات التصوير في وسائل إعلام النظام ومواليه ما أسمته “بطولات جيش الوطن وجولات سهيل الحسن”، بحيث تعامت هذه العدسات عن رصد عمليات السرقة والنهب والتعفيش، التي جرت ولا تزال مستمرة، على مرأى القوات الروسية التي وضعت نفسها ضامناً لـ “الأمن والاستقرار” في مناطق تطبيق اتفاقها بريف درعا، وعلم المرصد السوري حينها من أهالي في المنطقة، أن قوات النظام سرقت الغالبية الساحقة من منازل ريف محافظة درعا، بحيث عمدت لسرقة الأدوات المنزلية والأثاث والأغطية والسيارات والمواشي، لحد وصول الأمر إلى مساومة قوات النظام لأهالي على ممتلكاتهم، حيث جرت عملية تخيير بعض المدنيين بعد توسل الأخير أن يتركوا ممتلكاتهم، إذ جرى تخييرهم بين نهب سياراتهم أو نهب مواشيهم، كما جرت عمليات سرقة لمنازل المواطنين خلال تواجد قاطني المنزل بداخله، ما أثار سخط واستياء الأهالي في محافظة درعا من هذه التصرفات ومن تعامي الروس عن الجراد الذي لم يرحم حوران وأهلها، بدعوة إعادتها إلى “حضن الوطن”.

وسبق تعفيش محافظة درعا بفترة زمنية قاربت الأشهر، عمليات نهب وسرقة في منطقة عفرين، والتي لا تزال مستمرة إلى الآن، حيث شاركت معظم الفصائل والتشكيلات العسكرية فيها، ضمن مدينة عفرين، بالإضافة لعمليات السرقة التي جرت في الريف، وطالت السرقات التي لم ينفذها إلا قلة من مقاتلي الفصائل، المواد الغذائية والسيارات والآليات الزراعية والأجهزة الإلكترونية ومولدات الكهرباء والممتلكات العامة والخاصة في المدينة، منذ السيطرة على مدينة عفرين في الـ 18 من آذار / مارس من العام 2018، إذ أكد أهالي للمرصد السوري أن النهب والتعفيش طال كل ما يوجد في منازل المدنيين وكل ما يوجد في المنشآت والمرافق العامة، وأكد أهالي أنه جرى نهب أجهزتهم الخلوية والسيارات والجرارات الزراعية والدراجات النارية والأجهزة الإلكترونية، ونهب منازلها بكامل محتوياتها من أجهزة وآليات ومؤونة، إضافة لعملية بيع للمساعدات الإنسانية بأسعار باهظة إلى التجار وأصحاب المحال التجارية، الذين يعمدون أيضاً لبيعها بأسعار مضاعفة عن الأسعار التي جرى شراء المواد الغذائية فيها إلى المواطنين، كما تواصل قوات عملية “غصن الزيتون” قطعها للكهرباء والمياه عن معظم منطقة عفرين، إلى أن وصل الأمر إلى الاتجار بالمعتقلين والاستيلاء على منازل ومزارع ومحال تجارية وممتلكات دون أي رادع، حتى من القوات التركية التي تتواجد كقوة رئيسية في المنطقة