الجندرما التركية تستقبل السوريين بالسرقة والتعذيب والقتل
أصبحت تركيا إحدى أبرز الدول التي لجأ إليها السوريون للهروب من جحيم الحرب التي انطلقت عام 2011، من خلال عبور الحدود المشتركة بين البلدين بطرق شرعية وغير شرعية، دون أي صعوبات تذكر.
لكن في بدايات نوفمبر 2015، أغلقت تركيا حدودها البرية أمام السوريين، من خلال نشرها فرق عسكرية على كامل الشريط الحدودي الممتد من مناطق ريف اللاذقية مروراً بريفي إدلب وحلب ووصولاً إلى ريف الحسكة، بالإضافة إلى بناء جدار اسمنتي لمنع اللاجئين من دخول أراضيها.
المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يحظى بمصداقية دولية وحقوقية عالية، وفي تقرير توثيقي له، أكد أنّه، ورغم تشديد تركيا على حدودها، إلا أن السوريين ما زالوا حتى يومنا هذا يحاولون الوصول إلى تركيا بطرق غير شرعية، عبر مهربين يكونون في غالب الأحيان من أبناء القُرى والبلدات الملاصقة للأراضي التركية، وعلى معرفة تامة بالطرق وسلوكها.
وخلال السنوات الأخيرة تصاعدت حالات القنص والقتل من قِبل “الجندرما” التركية بحق الفارين من ويلات الحرب والذين قرروا دخول الأراضي التركية عبر مهربين لا يكترثون لمخاطر ومصاعب هذه الطرق التي أصبحت غالبيتها مرصودة بقناصات حرارية بالإضافة لوجود عشرات الدوريات العسكرية التي تراقب الشريط فضلاً عن الجدار الإسمنتي الضخم المبني على الجزء الأكبر من الحدود، كما تنشط حالات اختلاس لأموال الأهالي “تشليح” والاحتيال عليهم، وذلك بسبب طمع وجشع المهربين بأموال الهاربين من ويلات الحرب بعد أن جمعوا أموال اللجوء من أقربائهم أو عن طريق بيع ممتلكات خاصة.
وفي كثير من الأحيان بين مطرقة الجندرما التركية وسندان المهربين الذين لا يدخرون فرصة للانقضاض على فريستهم، وكثرت حالات التحرش الجنسي بحق الفتيات اللواتي يحاولن الوصول إلى تركيا بهدف الزواج أو الدراسة، حيث يستغل المهرب عدم وجود معيل أو قريب لهن.
ووثق المرصد حالات مأساوية عدّة، قال إنها لا تُجسّد سوى 1% من معاناة السوريين خلال عبورهم الطرقات الغير الشرعية نحو الأراضي التركية، حيث يتعرضوا لعمليات نصب واحتيال بأساليب متنوعة، فضلاً عن عشرات حالات التحرش بحق الفتيات، والتي لا تخرج على الإعلام في غالب الأحيان بسبب عادات وتقاليد المجتمع بالتكتم عن تلك الحوادث، على اعتبارها تؤثر على سمعة الفتاة على حدّ وصف الأهالي، وأن الموضوع يندرج ضمن قضايا الشرف وما إلى ذلك.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى، لاتزال قوات حرس الحدود التركي “الجندرما” تنتهك المعايير الإنسانية والأخلاقية بحق اللاجئين على حدودها فمن سلم من رصاصاتهم على الشريط الحدودي لاقى مصيره من الضرب والإهانة داخل الحدود بعد الاعتقال، ففي غالب الأحيان يتعرضون لإطلاق نار مباشر من قبل “الجندرما” التركية عند اكتشاف أمرهم أثناء محاولتهم الدخول إلى الأراضي التركية، أما الذين يجري اعتقالهم فيتم ضربهم وإجبارهم على القيام بأعمال شاقة كوضع متارس ترابية على نقاطهم، وتنظيف الحمامات، ومن ثم يقومون بإجبار الجميع بالبصم على أوراق عودتهم إلى سورية، لاكتشاف أمرهم في حال كرروا محاولتهم لدخول تركيا.
وبحسب توثيقات المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغ تعداد المدنيين السوريين الذين استشهدوا برصاص قوات “الجندرما” منذ انطلاق الثورة السورية 461 مدنيا، من بينهم 82 طفلا دون الثامنة عشر، و44 مواطنة فوق سن الـ18.
وقال المرصد في ختام تقريره التوثيقي، إن المجتمع الدولي الذي يتشدق بقيم الحرية والعدالة، لو كان حاضراً منذ البداية، ولو أنه كان جاداً في تحمل مسؤولياته الأخلاقية، لكان قد عمل على مساعدة أبناء الشعب السوري في الوصول إلى ما يصبو إليه، في بناء دولة الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة، فالشعب السوري الذي انتفض في بداية حراكه لم يكن يطالب بأكثر من الحرية والكرامة، وإذ بالمجتمع الدولي ومن خلال ضخه وإنفاقه للمال السياسي يحول ثورة ذات قيم سامية، إلى حرب مدمرة بين المجتمع الدولي وتنظيمات متطرفة على حساب الشعب السوري، وسهل لها أن تنتشر بهذا الحجم، حتى تقضي على كل أحلام الشعب السوري.
المصدر: جريدة احوال التركية – المرصد السوري لحقوق الانسان