الحزب التركستاني صديق جبهة النصرة…7 آلاف مقاتل قدموا لسوريا بتسهيلات من السلطات التركية وذاع صيتهم في الشراسة وزاحموا السوريين بأرزاقهم واستولوا على الكثير منها
الحزب الإسلامي التركستاني أو ما يعرف بـ “التركستان”، هم مقاتلون من المسلمين الإيغور، جهاديون قدموا من موطنهم في الصين، بأعداد قليلة مع عوائلهم إلى سوريا تحت راية “الجهاد”، في أواخر العام 2013، ليستقرُّوا بداية في جبال الساحل والريف الغربي لإدلب، ضمن مناطق حدودية مع تركيا، وبدأ توافدهم إلى الأراضي السورية يزداد مع بداية عام 2014، واستمر تدفقهم برفقة عوائلهم طيلة هذا العام، حيث شاركوا حينها وبنفس العام في معارك ضد قوات النظام وحلفائها، إلى جانب مقاتلين “جهاديين آخرين: من جنسيات خليجية وشمال أفريقية وآسيوية وغربية، الأمر الذي أكسبهم صيتاً ونفوذاً قوياً لما أظهروه من تمرُّس وخبرة في القتال، وإدارة المعارك، وبعد أقل من عام على ظهورهم وانتشارهم بكثرة، تم الإعلان عن تشكيل “الحزب الإسلامي التركستاني” في أواخر عام 2014، بقيادة (عبد الحق التركستاني)، إذ رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان بدء التركستان أول معركة رسمية باسمهم الصريح، وهي ((معركة مدينة جسر الشغور)) في نيسان من عام 2015، والتي اكتسبت خلالها الصيت الأكبر بعد مساهمتها الكبرى بالسيطرة على المدينة وقرى وبلدات بريفها برفقة بقية الفصائل، حيث لعب التركستان خلال المعارك هذه دور رأس الحربة عبر العمليات الانتحارية من تفجير مفخخات وتفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة وقتل منهم الكثير خلال هذه المعارك، لذلك تعتبر مدينة جسر الشغور ذات قيمة رمزية للتركستان الذي نصبوا رايتهم في وسط المدينة منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا.
المقاتلون التركستان استمروا بالدخول إلى الأراضي السورية بكثرة عبر تركيا، حتى مطلع العام الـ 2016، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، وصل عدد مقاتلي الحزب الإسلامي التركستاني وفق إحصائية لنشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى نحو 7000 مقاتل، كما انضم لهم عدد كبير من السوريين، ممن كانوا مقاتلين سابقين بفصيل “جند الأقصى” ومقاتلين من حلفايا بريف حماة وغيرهم، فضلاً عن كتيبة الغرباء المنضوية تحت راية التركستان، وهم مقاتلون من الجنسية الفلسطينية، فيما رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، انتشار التركستان في مناطق ممتدة من مدينة جسر الشغور وريفها الغربي حتى جبلي التركمان والأكراد في ريف اللاذقية الشمالي بالإضافة لسهل الغاب، تشمل مناطق حدودية مع لواء اسكندرون، حيث كانت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) أقدمت على إعطاء التركستان عدداً من القرى كانت جبهة النصرة قد سيطرت عليها سابقاً، إما من قوات النظام أو الفصائل العاملة في المنطقة، حيث قدمت هذه القرى كـ “عربون صداقة” بين التركستان والهيئة بذلك الوقت، فيما باتت تعتبر كثير من المناطق بمستوطنات للتركستان كالـ الزنبقي وكترين وشندريش وتحتوي على معسكرات تدريب “قتالي وعقائدي للأطفال واليافعين للاستمرار على خطى الآباء والمضي قدماً في الجهاد”، وتعد قريتي الزنبقي وكترين الجبليتين آمنة بالنسبة للتركستان إذ يقيهم قربها ووقوعها ضمن المنطقة الحدودية مع تركيا من الضربات الجوية والاستهدافات، على النقيض من ذلك تقع شندريش قرب معسكرات أخرى للتركستان كسد الشغر الذي تعرض لعشرات الاستهدافات الجوية من قبل طائرات النظام السوري والطائرات الروسية.
المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد تفضيل التركستان في بدايات دخولهم إلى الأراضي السورية، الانعزال وحدهم ضمن مناطق لا يتواجد بها سواهم، لأسباب عدة، منها اختلاف الثقافات والعادات والتقاليد، إلا أن الحال تبدل مع مرور الوقت ومع ازدياد أعدادهم بشكل كبير، حيث بات التركستان يشاركون السوريين ضمن مناطقهم ويختلطون بهم، كقرى كان يقطنها مواطنون من الطائفة العلوية إبان سيطرة قوات النظام عليها، وباتت الآن تحت سيطرة التركستان كاشتبرق وغيرها، بالإضافة لقرى حلوز والعالية والغسانية وكفردين والجميلية وكاورغو، التي تخضع لسيطرتهم مع سيطرة تحرير الشام، كما أقدم مقاتلون من التركستان على مصاهرة عوائل سورية ضمن مناطق سيطرتهم والزواج من مواطنات سوريات، إلا أن الكثير من الزيجات هذه فشلت بسبب اختلاف اللغة والثقافة بشكل كبير، كذلك لم يكتفِ التركستان في التوغل أكثر ضمن الأراضي السورية، بل عمدوا إلى مزاحمة السوريين في أرزاقهم وأراضيهم، حيث أكدت المصادر الموثوقة للمرصد السوري أن التركستان نشطوا في التجارة والزراعة وبيع المحاصيل الزراعية بعد السيطرة عليها، سواء من أهالي اضطروا للنزوح إبان المعارك في ريف جسر الشغور وجبال الساحل وغيرها، أو من الخلال الاستيلاء عليها عليها بفتاوى من الشريك الرئيسي وهو هيئة تحرير الشام، فأصبحت التجارة وبيع المحاصيل أحد مصادر الدخل والدعم المادي للتركستان في المنطقة، فضلاً عن “الغنائم” التي استولوا عليها من معارك سابقة في سهل الغاب وجبال اللاذقية والريف الغربي لإدلب، وكان آخرها “غنائم” كفريا والفوعة اللتين كان يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية وجرى تهجيرهم بموجب اتفاق دولي.
المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد كذلك سيطرة التركستان على الآلاف من المحاصيل الزراعية كأشجار الزيتون والحمضيات، التي تشتهر بها المنطقة، فضلاً عن مئات المنازل والمحال التجارية التي يعمدون لتأجيرها مقابل مبالغ مادية بالتعاون مع هيئة تحرير الشام، بالإضافة لتربية المواشي والمتاجرة بها ومحطات المحروقات والوقود ومعاصر مادة الزيتون في مواسمها، وتلقى مناطق تواجد التركستان استياءاً شعبياً من مزاحمة المدنيين في أرزاقهم والتدخل في شؤونهم، وعلى وجه الخصوص من الحواجز التي تنتشر في ريف جسر الشغور الغربي وتمنع المدنيين من اقتطاع الخشب والحطب، مطلقين النار على أي محاول لذلك، بينما يتفنن عناصر التركستان باقتطاع الأشجار والأخشاب من المناطق ذاتها لاستخدامها في التدفئة أو بيعها في الأسواق.
كذلك لم تقتصر شراكة التركستان وهيئة تحرير الشام على تقاسم الغنائم واقتسام المناطق فقط، بل رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان مشاركة الحزب الإسلامي التركستاني هيئة تحرير الشام في كثير من الاقتتالات الداخلية، مع فصائل أخرى عاملة في المنطقة والتي جرت العام الفائت والعام الجاري، حيث جاءت مشاركة التركستان عبر تدخلات مباشرة كما جرى في اقتتالات عدة أبرزها تلك الأخيرة التي جرت في الشمال الإدلبي بمناطق حدودية في زردنا ورام حمدان وحزانو، في الاقتتال بين “جبهة تحرير سوريا” آنذاك وبين هيئة تحرير الشام، أو عبر تدخلات غير مباشرة كتأمين الدفاعات لهيئة تحرير الشام من خلال حماية جسر الشغور وريفها من تمدد الاقتتالات التي جرت بين أحرار الشام وهيئة تحرير الشام العام الفائت، وعلى الرغم من وقوفها في جانب تحرير الشام إلا أنه لم يجري أي توتر رسمي أو مباشر بين التركستان والفصائل الأخرى، كما رصد المرصد السوري تجسد التقارب والشراكة بين الهيئة والتركستان في الزيارات المتكررة لقادة وشرعي وأمنيي الطرفين، كزيارة الجهادي المصري أبو اليقظان لجبال الساحل متكلماً بلغة الإيغور وموجهاً رسالة للتركستان في الشهر الفائت من العام الجاري، كما زار القائد العام لهيئة تحرير الشام الجولاني محاور ريف اللاذقية برفقة قادة التركستان كتعزيز وتوطيد للعلاقات بينهما، فضلاً عن زيارة الشرعي السابق عبدالله المحيسني الذي سبق له وتغنى بالحزب الإسلامي التركستاني.
أما العلاقة الأقوى والأمتن للحزب الإسلامي التركستاني تجلت مع السلطات والمخابرات التركية، بعد أن سهلت الأخيرة عملية قدوم التركستان إلى الأراضي السورية، والتي تمت عبر الأراضي التركية وبتنسيق بينهم، فضلاً عن الدعم التي تقدمه السلطات التركية لهم مادياً ومعنوياً، بالإضافة لتواجدهم ضمن مناطق حدودية مع تركيا بجبال الساحل وغرب إدلب، فيما بالمقابل يعمد التركستان لحماية الأرتال التركية ضمن سهل الغاب وجبال الساحل وريف إدلب الغربي، حيث ترافق الأرتال بآليات مزودة برشاشات متوسطة وعناصر كثر، كما يعمل التركستان على حماية بعض من النقاط التركية الاثني عشر المخصصة للمراقبة، كالحلوز والزيتونة واشتبرق بجبل التركمان وريف جسر الشغور، ويمتلك الحزب الإسلامي التركستاني عدد كبير من الأسلحة الثقيلة من مدرعات ودبابات ومنصات إطلاق للصواريخ.
أيضاً رصد المرصد السوري توزع السلاح الثقيل للتركستان حتى الآن، ضمن مواقع تقع ضمن المنطقة العازلة التي جرى الاتفاق عليها عقب اتفاق تركي – روسي، ويبعد تواجد التركستان برفقة سلاحهم الثقيل أقل من 10 كلم عن مناطق ومواقع قوات النظام في الطيبات ومعسكر الشغر وكفريدين ومحيط الناجية ومحاور بريف اللاذقية الشمالي، بالإضافة لسهل الغاب وتحديداً ضمن ما يعرف بـ مباقر السرمانية، ويعمد التركستان إلى استهداف مواقع قوات النظام وحلفائها وتنفيذ عمليات “انغماسية” بين الحين والآخر في محاور ريف اللاذقية الشمالي الشرقي وسهل الغاب، ويشاركها في هذه العمليات مقاتلون من التركمان وجنسيات آسيوية أخرى كفرسان الإيمان وكتيبة جبل الإسلام وأنصار الإسلام، الأمر الذي شكل معضلة تراوحت بين تبعية التركستان للأتراك، وبين خرقها للاتفاق الذي أبرمته تركيا مع روسيا بما يخص الهدنة، والمنطقة منزوعة السلاح المفترضة، حيث لم تجري أي عملية سحب علنية من قبل التركستان لسلاحها الثقيل بل عمدت إلى إخفائه بخنادق مغطاة من الأولى رفقة فصائل أخرى بمحاور بريف اللاذقية الشمالي الشرقي.