السوريون حاملو الجنسية التركية غير ملزمين بالتوقيع على تنازل عن عقاراتهم

48

لم تمنح التصريحات التركية الرسمية وتعميم الإدارة الوطنية للعقارات السوريين الحاصلين على الجنسية التركية الطمأنة بشأن ملكيتهم العقارية، بعد إلزام دائرة الطابو، في الآونة الأخيرة، السوريين المجنسين على التوقيع على وثيقة التنازل عن الملكية لخزينة الدولة خلال نقل ملكيتهم “إن تطلّب الأمر”، ما أوقف شراء السوريين الحاصلين على الجنسية التركية، أو جنسيات أُخرى، العقارات في تركيا، ريثما يصدر قانوناً يلغي قانون عام 1927 وقرار مجلس الوزراء لعام 1966 اللذين يمنعان تملك السوريين “المعاملة بالمثل” التي أعادت تركيا إحياءها من جديد.

وكشفت مصادر خاصة لـ”العربي الجديد” أن العاصمة أنقرة شهدت، الأربعاء الفائت، اجتماعاً ضم ممثلين عن وزارات الداخلية والخارجية والبيئة والإسكان وممثلين عن إدارة العقارات “مديرية الطابو”، للبت بـ”مشكلة تملك السوريين الحاصلين على جنسية أخرى، سواء تركية أو غير تركية.

وتؤكد المصادر أن الاجتماع خلص إلى أن السوري الحاصل على الجنسية التركية حصراً له كامل حقوق المواطن التركي “ليست لدينا مواطنة منقوصة أو درجة ثانية”، لذا، لن يتم إلزام السوري التركي بالتوقيع على التنازل، وله كامل الحق بالتملك، “ولكن بالنسبة للسوريين الحاصلين على جنسيات أخرى، غير تركية، لم يبت بأمرهم بعد”.

وقف مصادرة أملاك السوريين في تركيا خلال أسبوعين

وبينت المصادر أن نص التنازل “أوافق على مصادرة الدولة أملاكي بتركيا، ونقلها إلى أملاك خزينة الدولة” سيتم توقف العمل به “خلال أسبوعين حينما يصل تعميم الوزارات المجتمعة إلى مديرية الطابو”.

وأشار إلى أنه توضع إشارة على ملكية أي شخص مولود في سورية، ولو كانت لديه جنسية أخرى، ريثما يتم التأكد أنه غير سوري، فترفع الإشارة.

لورثة السوري حق رفع دعوى لتثبيت ملكية العقار التركي

وحول حق السوري الحامل لأي جنسية غير تركية، أو ورثته، بالتصرف بعقاره قبل مصادرته لصالح خزينة الدولة، بحال الوفاة وعدم وجود ورثة أتراك، تؤكد المصادر نفسها أن للمالك أو ورثته الحق برفع دعوى وتوكيل محام بغضون عام من الوفاة أو قرار نزع الملكية، لبيع العقار والتصرف بأمواله “وإن لم يتم رفع دعوى وتوكيل محام، تؤول المصادرة لخزينة الدولة”.

الأمر الذي أكده القانوني التركي خليل أرسلان بقوله: بعد اجتماع أمس، تم التأكيد أن الحاصلين على الجنسية التركية مستثنون من قرار احتمالية مصادرة عقارات المنحدرين من أصول سورية. إذ إنه لا فرق أبداً أمام القانون بين الشخص الحاصل على الجنسية التركية لاحقاً، ولو كان من أصول سورية، وبين المواطن تركيّ المولد. ولا يمكن التفريق بين الحاصل على الجنسية التركية لاحقاً، وبين المواطنين الأتراك الآخرين أو ممارسة التمييز ضدهم في التعامل.

نصيحة للسوريين بتأجيل شراء وبيع عقاراتهم في تركيا

ونصح القانوني التركي السوريين الذين يحملون جنسية غير تركية “بتأجيل عمليات شراء العقارات وبيعها” إذ لم تصدر قرارات أو تظهر أية أفكار إيجابية أيضاً بهذا الخصوص، مؤكداً أن ما تمخّض عن اجتماع أمس، أو ما يمكن أن تبلغ به مديرية الطابو، “لا يعد بمثابة تغيير قانوني. بل يعني أنه لن يتم الاستفسار عن أصل المواطن التركي خلال إجراء المعاملات ذات الصلة، ولن تُولى أهمية لهذا التفصيل”.

خطوة ناقصة

لم تبدد التصريحات التركية مخاوف السوريين الحاصلين على جنسيات جديدة، إذ لم تزل عمليات بيع وشراء العقارات متوقفة، بحسب ما يؤكد صاحب شركة “شام” بمنطقة بيلوك دوزو حسين علي.

وأكد لـ”العربي الجديد” شلل علميات البيع والشراء:”3 مشترين سوريين انسحبوا بعد اتفاق الشراء الأسبوع الماضي بمنطقة إسينيورت” ولكن حركة البيع والشراء “بشكل عام” لم تزل نشطة من قبل العراقيين والإيرانيين، ودخل الهنود حديثاً على تملك العقارات، ولكن، بحسب مدير شركة الخدمات العقارية علي، فإن السوريين “فقدوا الثقة بكلام الشركات وحتى الطابو، ويريدون قرارات قبل المجازفة بالشراء”.

تركيا بصدد إلغاء إلزام السوريين بالتوقيع على سند التعهد العقاري

من جهته، يؤكد رئيس تجمع المحامين السوريين بتركيا غزوان قرنفل أن تركيا بصدد إلغاء عملية إلزام السوريين المجنسين بالتوقيع على سند التعهد، الذي تم سابقاً إلزامهم بالتوقيع عليه خلال عملية الفراغ في الطابو”، لكن العمل لا يزال مستمراً بوجوب الحصول على موافقة من أنقرة على عمليات شراء تلك العقارات أو بيعها بالنسبة للسوريين المجنسين”.

ويضيف قرنفل لـ”العربي الجديد” أن الإجراء التركي هو نصف خطوة بالاتجاه الصحيح، لكنها غير كافية، لأن إلغاء التوقيع على سند التعهد المومأ إليه لا يلغي مفاعيل القانون وإمكانية تطبيقه بأي وقت، وهو أيضاً لا يبعث الطمأنينة الكافية على المركز القانوني الذي يتملك السوري المجنس بموجبه

ويلفت قرنفل إلى أن ما رشح عن اجتماع  الإدارة الوطنية للعقارات هو تصريح أو قرار إداري، ولا يرقى لتعطيل تنفيذ قانون فيما لو أرادت أي جهة تركية تنفيذه، لو تبدلت ادارة مؤسسة الطابو أو تغير مدير أو غيره. فهذه الخطوة ناقصة، خصوصا أن لا مؤشرات أخرى تعزز أهميتها، بمعنى إبقاء الموافقة المسبقة “إن كنت مواطنا كامل الحقوق فلماذا علي أن أحصل على إذن مسبق قبل بيع أو شراء العقار؟ ألست تركياً؟” .

ويشير القانوني السوري الحاصل على الجنسية التركية إلى أنه إن لم يصدر قانون أو مرسوم تشريعي يلغي القانون السابق، أو لا يكون لقانون عام 1927 أي مفاعيل بالنسبة للمواطنين الأتراك من أصول سورية أو المجنسين الجنسية التركية أو غيرها، فلن تكون هناك طمأنة ولا شراء للعقارات والمجازفة بمدخرات العمر.

تهديد مصادرة الملكية

تشير مديرة شركة “يارا غرب” للخدمات في إسطنبول يارا دادا إلى “توقف كامل لشراء السوريين العقارات، بل وزيادة بيع من اشترى سابقاً”، لأن عدم صدور قانون “واضح وصريح” يضع ممتلكات السوريين الحاصلين على الجنسية غير السورية بموقع الخطر، خاصة السوريين الحاصلين على جنسيات عالمية غير تركية، “حتى نتائج اجتماع أمس لم تطاولهم”.

في المقابل، يؤكد رئيس مجلس إدارة شركة امتلاك العقارية عبد الله حماد لـ”العربي الجديد” توقف السوريين عن شراء العقارات منذ بدأت مديرية الطابو إلزامهم بالتوقيع على ورقة التنازل ومصادرة الدولة الممتلكات، بحال سقوط الجنسية أو الوفاة وعدم وجود وريث تركي: “نحن نصحنا جميع المراجعين بعدم الشراء الآن” رغم أن ذلك ليس في صالحنا كشركة لديها مشاريع وعقارات.

وتوقع حماد أن “تصوّب الحكومة التركية هذا اللبس خلال أسبوعين”، ولكن للسوريين الحاصلين على الجنسية التركية فقط، وغيرهم، أي السوريين الذين لديهم جنسيات عالمية، فلم يزل وضعهم غائماً “وهم كانوا أكثر الشراة”، إذ شهدت السنوات الماضية تهافت سوريين أوروبيين وأميركيين على العقارات التركية.

وحول نسبة السوريين الحاصلين على الجنسية وترتيبهم ضمن أوائل الشراة، يقول رئيس مجلس إدارة الشركة إنه من الصعب إحصاء السوريين، عدداً وموقعاً، لأنهم يشترون بصفتهم أتراكاً، ومعظمهم، من خارج تركيا، يشترون بمشروعات آجلة لا تسلم إلا بعد عام أو عامين، ما يؤجل تسجيل الملكية بالطابو بأسمائهم وجنسياتهم.

أفق غائم.

تزيد توقعات مختصين بتراجع نشاط قطاع العقارات بتركيا”قريباً”، بعد فورة الأشهر السابقة من العام الجاري، والتي وصلت، بحسب بيانات مديرية الطابو والمسح العقاري، إلى مبيع  1.5 مليون عقار منذ مطلع 2021.

ويؤكد بدر الدين مارديني، مدير مبيعات بشركة عقارات بإسطنبول، أن ما يقال عن اضطراب سياسي وتراجع سعر صرف الليرة سيؤثر على حركة البيع والشراء وتراجع نشاط القطاع، ولكن قرارا جديدا بدأ تطبيقه في العشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، يمكن أن ينسف كل الجهود والترويج الذي شهده قطاع العقارات.

ويوضح مارديني، خلال تصريح لـ”العربي الجديد”، أن القرار الجديد ألزم البائع والمشتري باختيار شركات تقييم أسعار العقارات من دوائر الطابو، حبث قد تكون الشركة من منطقة أو ولاية أخرى، الأمر الذي يكسر أسعار العقارات عن سعر السوق، وهو ما يهدد، مع الأسباب الأخرى، بجمود قطاع العقارات

 

 

 

المصدر: العربي الجديد