السوريون يهتمّون بالغذاء والكهرباء أكثر من خطاب الأسد

8

2411956_146780_asad

استمر القتال في أنحاء سوريا الاثنين بما في ذلك قتال على مسافة أميال قليلة من المكان الذي كشف فيه الرئيس بشار الأسد عن “خطة سلام” قال سوريون مؤيدون ومعارضون إنها لن تؤدي إلى إنهاء الانتفاضة المستمرة منذ 21 شهرا.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اشتباكات اندلعت قرب الطريق المؤدي إلى المطار الدولي بالمدينة بعد ساعات من الخطاب الذي ألقاه الأسد أمام أنصاره في دار الأوبرا بدمشق أمس الأحد وهو أول خطاب علني له منذ أشهر.

وقال المرصد إن المدفعية استهدفت حي عقربا على بعد خمسة كيلومترات من دار الأوبرا.

وأضاف أن القتال استمر طوال الليل وحتى الصباح حول العاصمة وفي محافظتي إدلب وحلب في الشمال.

وذكر أبو فيصل وهو نشط تحدث عبر الإنترنت من بلدة طيبة الإمام في حماة إن بلدتي حلفايا وطيبة الإمام وسط سوريا تعرضتا للقصف الجوي والمدفعي.

وقال “كل أربع أو خمس دقائق نسمع انفجار صاروخ.. لا نستطيع إخراج أي مصابين لأننا محاصرون أساسا بسبب القصف”، مضيفا أن الكثير من المدنيين لاذوا بالفرار.

وتقع بلدة طيبة الإمام عند مدخل للطريق الرئيسي الذي يربط بين الشمال والجنوب في سوريا قرب مدينة حماة وسط البلاد.

وتفرض الحكومة قيودا على دخول وسائل الإعلام الدولية ومن ثم لا يتسنى التحقق من التقارير الواردة من سوريا.

وقال سكان في دمشق إن الخطاب الذي لم يقدم فيه الأسد أي تنازلات لمعارضيه قوبل بإطلاق نار احتفالي في الأحياء المؤيدة للرئيس. لكن حتى في هذه الأحياء لا يرى البعض أي علامات على قرب تحقق السلام.

وقالت علياء وهي من سكان جنوب دمشق وتؤيد الأسد إن الخطاب كان بليغا لكنه خال من المضمون.

وأضافت “أتفق مع الأفكار لكن الكلمات هي بالفعل مجرد كلمات إلى أن يتخد بعض الإجراءات. يتعين عليه فعل شيء. لكن حتى إذا فعل ذلك فكل شيء يقترحه الآن فات أوانه والمعارضون لن يتوقفوا”.

وفي حي المزة الراقي والذي شهد عدة هجمات تفجيرية قال معارض للأسد إن الناس لديهم شواغل أهم من الاستماع لخطاب تلفزيوني. وأضاف “هنا لا أحد يهتم بهذا الخطاب.. فهم يهتمون بالغذاء والكهرباء”.

وقال آخر إن أشخاصا قليلين تابعوا الخطاب وإن حملة الأسد القمعية لن تتوقف. وأضاف “العمليات العسكرية ستستمر بكامل طاقتها وسيبقى (الأسد)”.

وقالت فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا إن خطاب الأسد الأول له على الملأ منذ يونيو/حزيران أظهر أنه فقد إحساسه بالواقع، بعد الاضطرابات التي تقول الامم المتحدة إنها أودت بحياة أكثر من 60 ألف شخص.

واتهم رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان الرئيس السوري الاثنين بإدارة “إرهاب دولة”.

وتضمنت الخطة التي وصفها الأسد بأنها مبادرة سلام جديدة اقتراحا بأن يوقف الجيش إطلاق النار شريطة أن توقف المعارضة عملياتها أولا، ودعا السوريين إلى حراك وطني من أجل حرب للدفاع عن الوطن ضد ما وصفها بأنها “دمى رسمها الغرب وصنعها وكتب نصوص أدوارها”.

وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي دعا الإثنين إلى عقد اجتماع خاص للحكومة “لوضع الآليات اللازمة للبرنامج الوطني الذي أعلنه السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته الأحد لحل الأزمة في سوريا”.

وقال جورج صبرا نائب رئيس الائتلاف الوطني المعارض ان خطة السلام المفترضة “لا تستحق أن تسمى مبادرة”.

وأضاف “لا يوجد شيء له قيمة في هذا الخطاب.. هو فقط تكرار ممل للأفكار والطروحات السابقة ولا تستحق أن تسمى مبادرة.. هذا إعلان استمرار الحرب ضد الشعب السوري”.

ورفضت الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا الخطاب وانضمت إليهما فرنسا الاثنين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو “إن خطاب بشار الأسد لهو دليل آخر على مدى انفصاله عن الواقع لتبرير قمعه للشعب السوري”.

ودافعت إيران الحليف الأساسي للأسد عن خطابه وقالت إنه يعرض “عملية سياسية شاملة” لإنهاء الصراع.

وقال وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في بيان “هذه الخطة ترفض العنف والإرهاب وأي تدخل خارجي” في سوريا.

ولم يصدر رد فوري عن موسكو التي عملت كحامية أساسية للأسد على الساحة الدبلوماسية. ويقع الأحد والإثنين ضمن عطلة عيد الميلاد عند الأرثوذكس حيث تكون المقار الحكومية في روسيا هادئة بالأساس.

وعرض التلفزيون السوري الحكومي لقطات لمواكب سيارات في الشوارع الرئيسية في دمشق. ولوح أناس بالعلم السوري من نوافذ سياراتهم وتحدى البعض البرد والمطر ليسير إلى جانب المواكب.

وقال رجل يرتدي سترة مموهة للتلفزيون الحكومي إن خطاب الأسد كان خطاب منتصر يحترم الجنود السوريين “الشهداء” مضيفا أن السترة العسكرية التي يرتديها تخص شقيقه الذي لقي حتفه في القتال مع المعارضة.

وبعد ستة أشهر من التقدم يسيطر المعارضون الآن على مساحات واسعة من شمال سوريا وشرقها وعلى أغلب معابرها الحدودية مع تركيا وعدة ضواح تشكل قوسا على أطراف دمشق.

لكن وجود قوات الأسد لا يزال راسخا في العاصمة، كما تسيطر هذه القوات على اغلب مناطق جنوب غرب البلاد المكتظة بالسكان وساحل البحر المتوسط والطريق السريع الرئيسي بين الشمال والجنوب وقواعد عسكرية في أنحاء البلاد. ويمكن لطائراته الهليكوبتر والمقاتلة ضرب المناطق التي يسيطر عليها المعارضون.

وصارت الحرب الأهلية السورية الآن أطول وأعنف الصراعات الناجمة عن الانتفاضات التي اجتاحت عددا من الدول العربية في العامين الماضيين. ويهدد الصراع السوري بالانتشار في المنطقة.

ووصلت طائرات شحن عسكرية أميركية تحمل عتادا وأفرادا إلى قاعدة انجرليك الجوية في تركيا الاثنين في إطار نشر حلف شمال الأطلسي صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ لتعزيز الأمن على الحدود بين تركيا وسوريا والتي يبلغ طولها 900 كيلومتر.

وغادرت بطاريتان هولنديتان لصواريخ باتريوت قاعدة عسكرية في هولندا متجهتين إلى تركيا.

وتسلم الجيش اللبناني الأحد 200 مركبة مدرعة في إطار حزمة مساعدات عسكرية أميركية لمساعدة لبنان على حماية نفسه من الاضطرابات التي تشهدها جارته سوريا.

وتراقب إسرائيل الوضع بحذر من مرتفعات الجولان التي احتلتها من سوريا في حرب 1967 والتي كانت هادئة في الغالب على مدى عقود قبل الانتفاضة المناهضة للأسد.

وأبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حكومته الأحد بأن إسرائيل ستعزز سياجها المقام على طول خط الهدنة في مرتفعات الجولان لمنع دخول الجهاديين الذين قال إنهم طردوا قوات الأسد من الجانب السوري.

 

الشرق الاوسط