الشهر 107 من مشاركة الروس العسكرية: عودة الدوريات المشتركة مع الأتراك شمال شرق البلاد في ظل اجتماعات مستمرة معهم بما يخص طريق M4.. و30 غارة على مواقع التنظيم
استكملت القوات الروسية الشهر 107 من مشاركتها العسكرية على الأراضي السورية، وشهد الشهر الثامن من العام التاسع سلسلة من التدخلات الروسية على الصعيد العسكري والمدني، بدوره، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان أبرز التحركات الروسية في سورية خلال الشهر 107.
ففي شمال غرب سورية، وتحديداً ضمن منطقة “بوتين-أردوغان”، لم يرصد المرصد السوري لحقوق الإنسان أي غارة جوية من قبل المقاتلات الحربية الروسية على المنطقة، لكن في 19 آب، عقدت المخابرات والجيش التركي اجتماعين منفصلين مع نظيرهما الروسي داخل النقطة الروسية في بلدة الترنبة بريف إدلب الشرقي.
وتناولت الاجتماعات الاستعدادات لفتح معبر على الطريق M4، الذي يربط بين محافظتي حلب واللاذقية، وهو آخر عقدة طرق عامة تربط غرب سوريا بشرقها، وفي تفاصيل، دخلت 4 سيارات تابعة للمخابرات والجيش التركي إلى داخل مناطق النظام وعادت قبل الظهر وأجرت جولة على الطريق M4 باتجاه ريف اللاذقية الشمالي، وقالت مصادر المرصد السوري أن السيارات كانت تقل وفداً من الضباط الروس الذين قاموا بإجراء استطلاع للطريق الدولي.
وفي 26 آب، عقد اجتماع ثلاثي ضم كل من الوفد التركي والروسي والإيراني في مدينة سراقب بريف إدلب الخاضعة لسيطرة قوات النظام، ووفقا للمعلومات التي حصل عليها المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد ناقش الوفد الروسي والتركي افتتاح الطرقات السريعة في شمال سورية “m4” وتأمين الطريق إضافة إلى تأمين حماية إضافية لطريق “m5” حلب-دمشق، وطرح المجتمعون مخططات عدة لإقناع السوريين وتهيئة الظروف لافتتاح الطرقات والمعابر التجارية بين مناطق سيطرة الفصائل والنظام، بعد تطورات أحداث افتتاح معبر أبو الزندين، ورفض السكان لفتح أي معبر أو طريق مع النظام.
وبالانتقال إلى شمال شرق البلاد، استأنف الجانبين الروسي والتركي تسيير الدوريات المشتركة بعد توقفها منذ 21 أيلول من العام 2023، حيث رصد المرصد السوري تسيير دوريتين اثنتين، الأولى بتاريخ 22 آب، حين سيّرت القوات الروسية مع نظيرتها التركية، دورية عسكرية مشتركة، في ريف الدرباسية الغربي، مؤلفة من 4 مدرعات عسكرية لكل طرف، وجابت في قرى شيري ودليك وملك وعباس وتعلك وبركة وعالية وظهر العرب وحاجز الكسرى بريف أبو راسين الشمالي، في جولة تفقدية استطلاعية.
والثانية بتاريخ 26 آب، حين سيّرت القوات الروسية ونظيرتها التركية دورية عسكرية مشتركة في ريف عين العرب (كوباني) شرقي حلب، مؤلفة من 8 عربات برفقة مروحيتين روسيتين، حيث تجولت الدورية بدءاً من قرية غريب وصولاً إلى قرية خانه شرقي عين العرب.
وفي سياق منفصل، شهد التاسع من آب عودة الوفد الروسي إلى مطار حميميم العسكري قادماً من مطار القامشلي في ريف الحسكة بعد فشل الاجتماع الذي ضم قائد القوات الروسية وضباط روس مع ممثلين عن قوات سوريا الديمقراطية والذي كان يهدف لفك الحصار الذي فرضته قوات سوريا الديمقراطية على المربعين الأمنيين في مدينتي الحسكة والقامشلي.
وفي 12 آب، توجه وفد روسي يضم عدداً من الضباط عبر عربتين عسكريتين إلى المربع الأمني في مدينة الحسكة، قادم من مطار القامشلي، للقاء محافظ الحسكة وقادة عسكريين من قوات النظام، لمناقشة آلية تهدئة الأوضاع مع قوات سوريا الديمقراطية وفك الحصار عن المربعين الأمنيين في القامشلي والحسكة.
وفي 13 آب، توجه وفد روسي يضم ضباط وجنود من مطار حميميم إلى مطار القامشلي في ريف الحسكة بالتزامن مع تحليق طيران مروحي في أجواء المطار بهدف عقد اجتماع جديد مع ضباط وقادة عسكريين من قوات النظام وممثلين عن قوات سوريا الديمقراطية، لبحث موضوع التوتر القائم مع الأخيرة ولرفع الحصار المفروض على المربعين الأمنيين في مدينتي القامشلي والحسكة.
وفي إطار استغلال حاجة المواطنين وإظهاراً لإنسانيتها إعلامياً، وزع مركز المصالحة الروسي مساعدات في درعا جاءت تفاصيلها وفق الآتي:
-2 آب، وزع مركز المصالحة الروسي مساعدات إنسانية على الأهالي في قرية عالقين في ريف درعا الشمالي، وتضمنت المساعدات 150 سلة غذائية وزعت على العائلات في القرية سعياً من الجانب الروسي لاستمالة المدنيين وكسب حاضنة شعبية في درعا، كما وزع المركز أيضاً 150 سلة غذائية أخرى على الأهالي في ضاحية تشرين بمدينة اللاذقية.
وبالانتقال إلى البادية، استمرت الطائرات الحربية بتنفيذ الضربات الجوية على مناطق انتشار تنظيم “الدولة الإسلامية” بمناطق متفرقة من بادية حماة وحمص ودير الزور والرقة، حيث شنت أكثر من 30 غارة، دون معلومات عن تسببها بخسائر بشرية في صفوف التنظيم.
وجاءت تفاصيل الضربات وفق الآتي:
-18 آب، نفذت المقاتلات الحربية الروسية غارات جوية جديدة في عمق البادية السورية، بعد اختراقها أجواء منطقة الـ55 كيلومتر، وتركزت الغارات على استهداف مواقع انتشار تنظيم “الدولة الإسلامية” في وادي الوعر ووداي المياه في بادية حمص.
-22 آب، نفذت المقاتلات الحربية الروسية ضربات جوية جديدة ضد مواقع انتشار خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” في البادية السورية، وتركزت الضربات على مواقع في باديتي الرصافة بريف الرقة وتدمر بريف حمص الشرقي.
-23 آب، نفذت 3 مقاتلات حربية روسية غارات جوية في مناطق يتوراى فيها عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية في البادية السورية، وتركزت الغارات على مواقع في بادية تدمر بريف حمص الشرقي.
-28 آب، شنت المقاتلات الحربية الروسية غارات جوية على مواقع يتوارى ضمنها خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” في البادية السورية التي تنطلق منها عمليات مباغتة ضد مواقع قوات النظام، وتركزت الضربات الجوية على مواقع في باديتي الرصافة بريف الرقة وتدمر بريف حمص الشرقي.
وبذلك، فإن حصيلة الخسائر البشرية بالقصف الروسي بلغت 21208 منذ الـ 30 من أيلول / سبتمبر من العام 2015 حتى 30 من تموز/يوليو من العام 2024:: 8729 مواطن مدني هم، 2121 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و1327 مواطنة فوق سن الثامنة عشر، و5281 رجلاً وفتى، إضافة لـ 6217 عنصر من تنظيم “الدولة الإسلامية”، و6262 مقاتل من الفصائل المقاتلة والإسلامية وهيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية.
المرصد السوري لحقوق الإنسان كان رصد استخدام روسيا خلال ضرباتها الجوية لمادة “الثراميت” – “Thermite”، والتي تتألف من بودرة الألمنيوم وأكسيد الحديد، وتتسبب في حروق لكونها تواصل اشتعالها لنحو 180 ثانية، حيث أن هذه المادة تتواجد داخل القنابل التي استخدمتها الطائرات الروسية خلال الأسابيع الأخيرة في قصف الأراضي السورية، وهي قنابل عنقودية حارقة من نوع “”RBK-500 ZAB 2.5 SM”” تزن نحو 500 كلغ، تلقى من الطائرات العسكرية، وتحمل قنيبلات صغيرة الحجم مضادة للأفراد والآليات، من نوع ((AO 2.5 RTM)) يصل عددها ما بين 50 – 110 قنيبلة، محشوة بمادة “Thermite”، التي تتشظى منها عند استخدامها في القصف، بحيث يبلغ مدى القنبلة المضادة للأفراد والآليات من 20 – 30 متر.
شهر آخر يمر ولا يزال الشعب السوري يعاني ويلات التدخل الروسي الذي يبدو وكأنه انتقام ضد السوريين لخروجهم على النظام الذي ارتكب الويلات بحق شعبه. وفي وقت تتغير فيه خريطة التحالفات وتوازنات القوى، باتت روسيا الرابح الأكبر في سلسلة الفوضى بعد أن نجحت في استعادة سيطرة “النظام” على نحو ثُلُثي البلاد بعد أن كان “النظام” فقد السيطرة على أغلب أراضيها. ومع التبدلات المستمرة في موازين القوى واستعادة قوات النظام السيطرة على مساحات واسعة من سورية، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مناشداته للمجتمع الدولي للضغط على روسيا لوقف عدوانها على المدنيين السوريين، إضافة إلى الضغط من أجل التوصل لحل سياسي ينهي الأزمة السورية، دون حل يلوح في الأفق لوقف آلة القتل التي انطلقت لتسفك دماء آلاف السوريين وتشرد الملايين غيرهم داخليا وخارجيا.