الصراع عربي ـ فارسيٌ و{الطائفية» مؤامرة مستجدة
المفترض أنه بات معروفًا ومفهومًا، أن هذه المذابح التي تمزق سوريا واليمن والعراق بدوافع مذهبية وطائفية خسيسة لا تخدم إلَّا الذين دأبوا على تدمير الفكرة العربية والانتماء العربي القومي تسديدًا لحسابات قديمة يعود بها البعض إلى مراحل «القادسية»، حيث ألحق العرب بالفرس هزيمة تاريخية لا تزال تدفع المتعصبين منهم إلى الانتقام، رغم أن تلك المعركة الحاسمة قد جاءت إليهم بالإسلام العظيم، وخلصتهم من المعتقدات المُنْحرفة ومن عبادة النيران ومن الشعوذات البائسة المتخلفة.
حتى الآن، وحتى في إيران، الدولة المسلمة، فإنَّ هناك – وهذا ثابت وحوله دراسات موضوعية كثيرة – من يحتقر العرب ويعتبرهم أمة همجية، وأنه لا إنجازات حضارية لها إطلاقا ولا في أي مجال من المجالات، وذلك مع أن القرآن الكريم عربي، ولغته ولغة صلات المسلمين عربية، ومع أن الرسول محمدا عليه الصلاة والسلام عربي، وعليا بن أبي طالب عربي، وكذلك العباس وجعفر بن أبي طالب، والحسين بن علي، وجعفر (الصادق) بن محمد الباقر، ومع أنَّ فاطمة «بضعة رسول الله» عربية.. «ونهج البلاغة» عربي.
كان يجب بناء على هذا كله ألَّا يكون هناك كل هذا العداء الجاهلي من قبل بعض الإيرانيين، ومن بينهم بعض المعممين بالعمائم السود، التي ينتسب أصحابها إلى الحسين بن علي بن أبي طالب وإلى فاطمة الزهراء، للعرب كأمة التي ينتسب إليها السنة والشيعة على حدٍّ سواء، وكل هذا مع أن الذي «أفْتى» لإسماعيل الصفوي بـ«ولاية الفقيه» هو الشيخ علي بن الحسين عبد العالي العاملي من قرية «كرك نوح» بالقرب من مدينة بلعبك البقاعية اللبنانية، والذي هو عربي بالطبع، وهكذا فإنه لا يمكن فهم هذا العداء للأمة العربية إلَّا على أنه تسديد لحسابات قديمة وثارات تدفع أهل هذا العصر من الفرس الإيرانيين إلى كل هذه المحاولات الدؤوبة لتدمير هذه الأمة، ومنعها من النهوض لأخذ موقعها في المسيرة التاريخية الراهنة كما أخذته في التاريخ القديم. إن معظم العرب، إنْ ليس كلهم، قد رحبوا بانتصار الثورة الخمينية في فبراير (شباط) عام 1979، انطلاقًا من أنها خلصتهم من الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان مهووسًا باستعادة «أمجاد» فارس القديمة، والذي كرس كل جهده لمواجهة الوحدة العربية ومقاومة الفكرة القومية العربية والادعاء بإمداد حدود «إمبراطوريته» الفارسية الجديدة عبر الخليج الذي أصرَّ على أنه فارسي، والذي هو من احتل الجزر الإماراتية الثلاث، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، ومن سخَّر كل جهده ووظف كل إمكانيات بلاده واستعان مع الغرب الاستعماري لمواجهة حركة التحرر العربي.
لكن هذه الثورة وهذه الحقيقة، قد خيبت كل آمال معظم المراهنين عليها، ليس لأنها اصطدمت مع صدام حسين وخاضت حرب الثمانية أعوام مع العراق، بل لأنها بادرت ابتداءً ببدايات ثمانينات القرن الماضي بتحويل الشيعة العرب في العراق وفي بعض دول الخليج العربي، الذي سنبقى نصر على أنه عربي، إلى جاليات فارسية، أو إيرانية إذا أراد البعض، وهذا إلى جانب استهداف السنة العرب استهدافًا منهجيًا لتهميشهم حتى في أوطانهم كبلاد الرافدين وسوريا ولبنان.. واليمن حيث كل هذا الذي يجري الآن، وحيث حوَّلت «حوثيي» المذهب الزيدي، السمح المتسامح، الذي يعتبره البعض مذهبًا شافعيَّا – أشعريًا إلى تابعٍ لـ«الولي الفقيه» في طهران، وهذا هو ما حصل بالنسبة لـ«العلويين» السوريين الذين تمكن نظام حافظ الأسد، المستمر مع ابنه بشار، من اختطافهم تحت وطأة التخويف من أشقائهم السنة العرب ومن «داعش» و«النصرة» وباقي التنظيمات الإرهابية المدانة والمرفوضة وتحويلهم وتحويل أبنائهم إلى وقود رخيص لهذه الحرب القذرة التي لم يستفد منها إلَّا فاسدو العائلة «الأسدية» وبعض تجار الحروب من متساقطي حزب البعث، ومن الذين دأبوا على الحصول على الثروات الطائلة على حساب دماء أبناء الشعب السوري من كل الأعراق ومن كل الطوائف.
بادرت إيران، بعد انتصار الثورة الخمينية مباشرة، إلى توظيف كل جهودها وكل إمكانياتها، وعلى حساب لقمة عيش فقراء الشعب الإيراني، لتحويل الشيعة العرب إلى جاليات إيرانية في بلدانهم وأوطانهم العربية، كما بادرت وبالتوازي مع هذا إلى تحويل الطوائف الأخرى، التي اختلفت مبكرًا مع المذهب الجعفري الأثني عشري، والتي ليس لها أي علاقة بحكاية «الولي» الفقيه ولا بالإمام الغائب ولا بـ«عودته»، إلى «شيعة» جعفريين اثني عشريين كالطائفة العلوية، وأيضا كالطائفة الإسماعيلية التي تعتبر مدينة السلمية السورية مركزها التاريخي الذي انطلق منه عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية.
والمشكلة هنا أن السنة العرب وبعض المدافعين عن السنة العرب، من رجال دين وقادة أحزاب وسياسيين بعضهم في مواقع المسؤولية، وكتاب وإعلاميين، لم يدركوا هذه الحقيقة وبدل أن يعيدوا الصراع، هذا إذا كان لا بد من هذا الصراع، من صراعٍ طائفي ومذهبي بغيض إلى صراع فارسي – عربي، أو عربي – إيرانيّ، أخذوا يصبون الحَبَّ في الطاحونة الإيرانية، وأخذوا يتعاملون مع مواطنيهم العرب من أبناء المذهب الشيعي الكريم على أنهم جاليات فارسية، وهذا في حقيقة الأمر هو ما كان ينتظره المتربعون على كراسي الحكم في طهران ومعهم المرجعيات التي ليس من بينها السيد علي السيستاني ولا بعض كبار المرجعيات اللبنانية والعراقية.
إن المعروف أنَّ نظام بشار الأسد بتخطيط ودعم من إيران وروسيا قد بادر إلى إطلاق الكذبة الثانية، بعد كذبة أنه يواجه إرهابا وليس معارضة سياسية عاقلة وراشدة ومعتدلة، التي هي أنَّه الحامي لكل الطوائف والمذاهب السورية وكل الأقليات العرقية المهددة بالتصفية وبالاقتلاع وبالتهجير ليس من الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية المعروفة، وإنما من قبل السنة. وحقيقة، إنه نجح في هذه المناورة الخبيثة فسارعت إيران إلى استثمار كل هذه المستجدات، كما كانت استثمرت مستجدات العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003، وحوَّلت القلة القليلة من الشيعة السوريين وأتباع الطائفة العلوية إلى جالية فارسية محمية ليس بهذا النظام الذي غدا متأرجحًا وآيلاً للسقوط، وإنما بالألوية والفيالق «الشعوبية» المستقدمة من كل حدْب وصوب وبـ«حزب الله» الذي حوَّل مناطق البقاع اللبناني وبعض مناطق الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية أيضًا إلى أحياء تشبه أحياء المدن الإيرانية.
ربما أنه غير معروف أن العلويين في سوريا لم يدَّعوا في أي يوم من الأيام أنهم جزء من المذهب الجعفري الاثني عشري الذي غدا حاكما في إيران بعد ثورة 1979، وربما أنه غير معروف أنهم لم يُظْهِروا قبل انتصار هذه الثورة أي تعاطف مع إيران وأي تعاطف مع مرجعياتها.. لقد بدأ هذا كله بعد توجه حافظ الأسد نحو طهران الخمينية وبعد دعم ومساندة الإيرانيين وبكل وضوح وعلى رؤوس الأشهاد في حرب الثمانية أعوام العراقية – الإيرانية والحقيقة التي يجب الآن قولها والتي يجب أن تُعْرف هي أنَّ أبناء هذه الطائفة التي أنجبت المجاهد الكبير صالح العلي كان الناشطون منهم منخرطين في الأحزاب القومية، كحزب البعث وكالحزب السوري القومي، وفي الأحزاب «التقديمية» كالحزب الشيوعي، وأنَّ صراعاتهم وخلافاتهم بين بعضهم بعضًا ومع الآخرين كانت تتم على هذا الأساس، فهم لم يعرفوا الطائفية إلَّا بعد ما يسمى ثورة الثامن من مارس (آذار) عام 1963 وبعد حركة 23 فبراير عام 1966، وبالطبع بعد انقلاب حافظ الأسد على رفاقه في عام 1970.
وهكذا، وبالنتيجة، فإن المشكلة تكمن في أن طهران الخمينية قد تمكنت من تحويل العرب الشيعة إلى جالية فارسية أو جالية إيرانية، وإن مصيبة المصائب أنَّ بعض العرب السنة أخذوا يتعاملون مع أشقائهم في العروبة على هذا الأساس، فكان هذا بمثابة استجابة قاتلة للمخططات الإيرانية مما يستدعي تحركًا سريعًا لإفهام هؤلاء الأشقاء فعلاً أن المذهب الشيعي مذهب عربي أساسًا، وأن له كل التقدير وكل الاحترام بعيدًا عن التبعية لإيران وعن التدخلات الإيرانية.
حتى الآن، وحتى في إيران، الدولة المسلمة، فإنَّ هناك – وهذا ثابت وحوله دراسات موضوعية كثيرة – من يحتقر العرب ويعتبرهم أمة همجية، وأنه لا إنجازات حضارية لها إطلاقا ولا في أي مجال من المجالات، وذلك مع أن القرآن الكريم عربي، ولغته ولغة صلات المسلمين عربية، ومع أن الرسول محمدا عليه الصلاة والسلام عربي، وعليا بن أبي طالب عربي، وكذلك العباس وجعفر بن أبي طالب، والحسين بن علي، وجعفر (الصادق) بن محمد الباقر، ومع أنَّ فاطمة «بضعة رسول الله» عربية.. «ونهج البلاغة» عربي.
كان يجب بناء على هذا كله ألَّا يكون هناك كل هذا العداء الجاهلي من قبل بعض الإيرانيين، ومن بينهم بعض المعممين بالعمائم السود، التي ينتسب أصحابها إلى الحسين بن علي بن أبي طالب وإلى فاطمة الزهراء، للعرب كأمة التي ينتسب إليها السنة والشيعة على حدٍّ سواء، وكل هذا مع أن الذي «أفْتى» لإسماعيل الصفوي بـ«ولاية الفقيه» هو الشيخ علي بن الحسين عبد العالي العاملي من قرية «كرك نوح» بالقرب من مدينة بلعبك البقاعية اللبنانية، والذي هو عربي بالطبع، وهكذا فإنه لا يمكن فهم هذا العداء للأمة العربية إلَّا على أنه تسديد لحسابات قديمة وثارات تدفع أهل هذا العصر من الفرس الإيرانيين إلى كل هذه المحاولات الدؤوبة لتدمير هذه الأمة، ومنعها من النهوض لأخذ موقعها في المسيرة التاريخية الراهنة كما أخذته في التاريخ القديم. إن معظم العرب، إنْ ليس كلهم، قد رحبوا بانتصار الثورة الخمينية في فبراير (شباط) عام 1979، انطلاقًا من أنها خلصتهم من الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان مهووسًا باستعادة «أمجاد» فارس القديمة، والذي كرس كل جهده لمواجهة الوحدة العربية ومقاومة الفكرة القومية العربية والادعاء بإمداد حدود «إمبراطوريته» الفارسية الجديدة عبر الخليج الذي أصرَّ على أنه فارسي، والذي هو من احتل الجزر الإماراتية الثلاث، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، ومن سخَّر كل جهده ووظف كل إمكانيات بلاده واستعان مع الغرب الاستعماري لمواجهة حركة التحرر العربي.
لكن هذه الثورة وهذه الحقيقة، قد خيبت كل آمال معظم المراهنين عليها، ليس لأنها اصطدمت مع صدام حسين وخاضت حرب الثمانية أعوام مع العراق، بل لأنها بادرت ابتداءً ببدايات ثمانينات القرن الماضي بتحويل الشيعة العرب في العراق وفي بعض دول الخليج العربي، الذي سنبقى نصر على أنه عربي، إلى جاليات فارسية، أو إيرانية إذا أراد البعض، وهذا إلى جانب استهداف السنة العرب استهدافًا منهجيًا لتهميشهم حتى في أوطانهم كبلاد الرافدين وسوريا ولبنان.. واليمن حيث كل هذا الذي يجري الآن، وحيث حوَّلت «حوثيي» المذهب الزيدي، السمح المتسامح، الذي يعتبره البعض مذهبًا شافعيَّا – أشعريًا إلى تابعٍ لـ«الولي الفقيه» في طهران، وهذا هو ما حصل بالنسبة لـ«العلويين» السوريين الذين تمكن نظام حافظ الأسد، المستمر مع ابنه بشار، من اختطافهم تحت وطأة التخويف من أشقائهم السنة العرب ومن «داعش» و«النصرة» وباقي التنظيمات الإرهابية المدانة والمرفوضة وتحويلهم وتحويل أبنائهم إلى وقود رخيص لهذه الحرب القذرة التي لم يستفد منها إلَّا فاسدو العائلة «الأسدية» وبعض تجار الحروب من متساقطي حزب البعث، ومن الذين دأبوا على الحصول على الثروات الطائلة على حساب دماء أبناء الشعب السوري من كل الأعراق ومن كل الطوائف.
بادرت إيران، بعد انتصار الثورة الخمينية مباشرة، إلى توظيف كل جهودها وكل إمكانياتها، وعلى حساب لقمة عيش فقراء الشعب الإيراني، لتحويل الشيعة العرب إلى جاليات إيرانية في بلدانهم وأوطانهم العربية، كما بادرت وبالتوازي مع هذا إلى تحويل الطوائف الأخرى، التي اختلفت مبكرًا مع المذهب الجعفري الأثني عشري، والتي ليس لها أي علاقة بحكاية «الولي» الفقيه ولا بالإمام الغائب ولا بـ«عودته»، إلى «شيعة» جعفريين اثني عشريين كالطائفة العلوية، وأيضا كالطائفة الإسماعيلية التي تعتبر مدينة السلمية السورية مركزها التاريخي الذي انطلق منه عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية.
والمشكلة هنا أن السنة العرب وبعض المدافعين عن السنة العرب، من رجال دين وقادة أحزاب وسياسيين بعضهم في مواقع المسؤولية، وكتاب وإعلاميين، لم يدركوا هذه الحقيقة وبدل أن يعيدوا الصراع، هذا إذا كان لا بد من هذا الصراع، من صراعٍ طائفي ومذهبي بغيض إلى صراع فارسي – عربي، أو عربي – إيرانيّ، أخذوا يصبون الحَبَّ في الطاحونة الإيرانية، وأخذوا يتعاملون مع مواطنيهم العرب من أبناء المذهب الشيعي الكريم على أنهم جاليات فارسية، وهذا في حقيقة الأمر هو ما كان ينتظره المتربعون على كراسي الحكم في طهران ومعهم المرجعيات التي ليس من بينها السيد علي السيستاني ولا بعض كبار المرجعيات اللبنانية والعراقية.
إن المعروف أنَّ نظام بشار الأسد بتخطيط ودعم من إيران وروسيا قد بادر إلى إطلاق الكذبة الثانية، بعد كذبة أنه يواجه إرهابا وليس معارضة سياسية عاقلة وراشدة ومعتدلة، التي هي أنَّه الحامي لكل الطوائف والمذاهب السورية وكل الأقليات العرقية المهددة بالتصفية وبالاقتلاع وبالتهجير ليس من الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية المعروفة، وإنما من قبل السنة. وحقيقة، إنه نجح في هذه المناورة الخبيثة فسارعت إيران إلى استثمار كل هذه المستجدات، كما كانت استثمرت مستجدات العراق بعد الغزو الأميركي في عام 2003، وحوَّلت القلة القليلة من الشيعة السوريين وأتباع الطائفة العلوية إلى جالية فارسية محمية ليس بهذا النظام الذي غدا متأرجحًا وآيلاً للسقوط، وإنما بالألوية والفيالق «الشعوبية» المستقدمة من كل حدْب وصوب وبـ«حزب الله» الذي حوَّل مناطق البقاع اللبناني وبعض مناطق الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية أيضًا إلى أحياء تشبه أحياء المدن الإيرانية.
ربما أنه غير معروف أن العلويين في سوريا لم يدَّعوا في أي يوم من الأيام أنهم جزء من المذهب الجعفري الاثني عشري الذي غدا حاكما في إيران بعد ثورة 1979، وربما أنه غير معروف أنهم لم يُظْهِروا قبل انتصار هذه الثورة أي تعاطف مع إيران وأي تعاطف مع مرجعياتها.. لقد بدأ هذا كله بعد توجه حافظ الأسد نحو طهران الخمينية وبعد دعم ومساندة الإيرانيين وبكل وضوح وعلى رؤوس الأشهاد في حرب الثمانية أعوام العراقية – الإيرانية والحقيقة التي يجب الآن قولها والتي يجب أن تُعْرف هي أنَّ أبناء هذه الطائفة التي أنجبت المجاهد الكبير صالح العلي كان الناشطون منهم منخرطين في الأحزاب القومية، كحزب البعث وكالحزب السوري القومي، وفي الأحزاب «التقديمية» كالحزب الشيوعي، وأنَّ صراعاتهم وخلافاتهم بين بعضهم بعضًا ومع الآخرين كانت تتم على هذا الأساس، فهم لم يعرفوا الطائفية إلَّا بعد ما يسمى ثورة الثامن من مارس (آذار) عام 1963 وبعد حركة 23 فبراير عام 1966، وبالطبع بعد انقلاب حافظ الأسد على رفاقه في عام 1970.
وهكذا، وبالنتيجة، فإن المشكلة تكمن في أن طهران الخمينية قد تمكنت من تحويل العرب الشيعة إلى جالية فارسية أو جالية إيرانية، وإن مصيبة المصائب أنَّ بعض العرب السنة أخذوا يتعاملون مع أشقائهم في العروبة على هذا الأساس، فكان هذا بمثابة استجابة قاتلة للمخططات الإيرانية مما يستدعي تحركًا سريعًا لإفهام هؤلاء الأشقاء فعلاً أن المذهب الشيعي مذهب عربي أساسًا، وأن له كل التقدير وكل الاحترام بعيدًا عن التبعية لإيران وعن التدخلات الإيرانية.
صالح القلاب
المصدر : لشرق الاوسط