الغارات تنهك الدفاع المدني في حلب… والأسد متمسك باستعادة المدينة

35

يعمل عناصر الدفاع المدني في إحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة الجمعة من دون توقف لرفع الأنقاض إثر غارات كثيفة من الطائرات الروسية والسورية عشية محادثات أميركية – روسية في لوزان بحضور قوى إقليمية في مسعى جديد إلى إنهاء النزاع الدموي، في وقت أكد الرئيس السوري بشار الأسد أنه مصمم على استعادة كامل حلب شمال البلاد.

وشن الطيران السوري وحليفه الروسي ليلاً عشرات الغارات المكثفة على الأحياء الشرقية التي تخضع لسيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: «تستهدف ضربات جوية مكثفة مناطق تقع في الأحياء الشرقية لمدينة حلب منذ فجر اليوم وحتى الآن» من دون أن يتمكن من إعطاء حصيلة للضحايا بعد.

وتتعرض الأحياء الشرقية في مدينة حلب منذ ثلاثة أسابيع لهجوم من قوات النظام بدعم جوي روسي، كما تشن الطائرات الحربية السورية والروسية منذ أربعة أيام غارات عنيفة عليها استهدفت مناطق سكنية وأوقعت عشرات الضحايا.

وقال الناطق باسم الدفاع المدني أو «الخوذ البيضاء» إبراهيم أبو الليث لوكالة فرانس برس: «التصعيد قوي جداً وكان لدينا عمل كثير خلال هذه الفترة. لم تنم فرق الدفاع المدني منذ أربعة أيام بسبب القصف على الأحياء الشرقية». وأضاف: «حتى الآليات تعبت».

وتعمل فرق الدفاع المدني صباح الجمعة، وفق أبو الليث، على رفع الأنقاض وإنقاذ السكان ممن تعرضت أحياؤهم للقصف الجوي.

وتستهدف عشرات الغارات الجوية منذ فجر الجمعة حوالى أحياء عدة في الجهة الشرقية بينها بستان القصر والميسر وطريق الباب وبستان الباشا والسكري، وفق «المرصد».

ويترافق القصف الجوي، وفق «المرصد»، مع اشتباكات عنيفة في محاور حلب القديمة وبستان الباشا (وسط).

وتدور منذ 22 أيلول (سبتمبر) اشتباكات على محاور عدة. وترد الفصائل المعارضة على الهجوم والقصف الجوي بإطلاق قذائف على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام. ووثق «المرصد» السوري منذ بدء الهجوم مقتل أكثر من 370 شخصاً بينهم 68 طفلاً في القصف الروسي والسوري على الأحياء الشرقية. كما قتل نتيجة قذائف الفصائل المعارضة 68 شخصاً في الأحياء الغربية.

ووفق «المرصد» فإن «كثافة الغارات تظهر نية الروس باستعادة الأحياء الشرقية بأي ثمن».

وأعلن الجيش الروسي الخميس استعداده لضمان «انسحاب آمن» للمسلحين المعارضين من الأحياء الشرقية حلب مع أسلحتهم في خطوة سبقت محادثات حول سورية بعد سلسلة إخفاقات. ويرى محللون أن هذا الاقتراح هو مناورة من أجل تخفيف الضغط والتظاهر بتقديم بدائل ديبلوماسية. ويقول الخبير في الشؤون السورية توما بييريه: «ليس هناك تغيير في الإستراتيجية الروسية إذ يبقى الهدف إنهاء وجود المسلحين في حلب».

وفشل مجلس الأمن الدولي نهاية الأسبوع الماضي في تمرير قرارين، أحدهما روسي والثاني فرنسي، حول حلب، ما أبرز الانقسام بين روسيا والدول الغربية، وصعد التوتر بينهما. وتشكل مدينة حلب الجبهة الأبرز في النزاع السوري والأكثر تضرراً منذ اندلاعه العام 2011، وتعد حالياً محور المحادثات الدولية حول سورية، إذ إن من شأن أي تغيير في ميزان القوى فيها أن يقلب مسار الحرب التي تسببت بمقتل أكثر من 300 ألف شخص وتهجير الملايين وتدمير البنى التحتية.

وقال «المرصد» أمس إن أماكن في منطقة مشفى بحي الصاخور في مدينة حلب «تعرضت لقصف صاروخي من الطائرات الحربية، ما أسفر عن سقوط جرحى ومعلومات مؤكدة عن شهداء، فيما اندلعت نيران في مكان القصف. وقتل سائق سيارة إسعاف وأصيب إثنان آخران كانا معه بجروح، نتيجة قصف للطائرات الحربية على مناطق في حي الشعار بمدينة حلب، كذلك قصفت قوات النظام مناطق في حيي مساكن هنانو والحيدرية بالتزامن مع غارة للطيران الحربي على مناطق في حي طريق الباب ما أسفر عن سقوط جرحى».

وتستمر «الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جانب آخر، في القسم الشمالي من الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وسط تقدم لقوات النظام وسيطرتها على مناطق بين حي مساكن هنانو ومناشر البريج، وترافقت الاشتباكات مع قصف مكثف لقوات النظام على مناطق الاشتباكات»، وفق «المرصد».

وفي مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، قال الأسد إن استعادة حلب ستشكل «منطلقاً للتحرك إلى مناطق أخرى وتحريرها من الإرهابيين».

ورداً على سؤال حول الخطوة المقبلة وإمكانية قطع الصلة بين تركيا وإدلب (شمال غرب)، قال الأسد: «لا يمكن قطع تلك الصلة لأن إدلب محاذية لتركيا (…) وينبغي أن نستمر في تنظيف هذه المنطقة ودفع الإرهابيين إلى تركيا كي يعودوا من حيث أتوا أو قتلهم».

ويسيطر تحالف «جيش الفتح» وهو عبارة عن فصائل إسلامية على رأسها «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطهم بتنظيم القاعدة)، على كامل محافظة إدلب. وغالباً ما يتم إرسال مقاتلي المعارضة ممن يرفضون التسوية مع النظام إثر اتفاقات في مناطق معينة إلى محافظة إدلب.

وهذا ما حصل الخميس في بلدتي قدسيا والهامة قرب دمشق، حيث خرج إثر اتفاق مع الحكومة السورية أكثر من 1200 شخص هم مقاتلون مع عائلاتهم. ووصل هؤلاء، وفق مراسل فرانس برس، إلى محافظة إدلب.

وأضاف الأسد: «ينبغي الاستمرار في تطهير هذه المنطقة ودحر الإرهابيين إلى تركيا ليعودوا من حيث أتوا أو لقتلهم. ليس هناك خيار آخر. حلب ستكون نقطة انطلاق مهمة جداً للقيام بهذه الخطوة.»

وقال الأسد إن تحركات تركيا شمال سورية تمثل غزواً وتتنافى مع القانون الدولي، مشيراً إلى أن الحرب الدائرة في بلاده الآن هي صراع بين روسيا والغرب.

 

المصدر : الحياة