الغوطة الشرقية “الخاصرة الرخوة” للنظام السوري

28

-الكرامة برس-وكالات – منذ سنوات، تشكل الغوطة الشرقية الخاصرة الرخوة للنظام السوري، مع صمود الفصائل المعارضة فيها وقدرتها، رغم الحصار المحكم، على استهداف العاصمة، ما يرجح وفق محللين، توجه دمشق للحسم العسكري في المنطقة بعد انتصارات على جبهات أخرى.

وتحظى هذه المنطقة المحاصرة بشكل محكم منذ 2013، بأهمية مزدوجة لدى الفصائل المعارضة لأنها آخر أبرز معاقلها، لدى القوات الحكومية التي تسعى لضمان أمن دمشق، بعدما استعادت السيطرة على أكثر من نصف مساحة سوريا.

وتكثف القوات الحكومية قصف بلدات ومدن في الغوطة الشرقية منذ أسبوع، رداً على هجوم لفصائل جهادية وإسلامية على مواقعها قرب مدينة حرستا، وتدور معارك عنيفة بين الطرفين.

ويقول مدير أبحاث الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس إن “استمرار مقاومة الفصائل في الغوطة الشرقية بات مسألة محرجة وعبئاً كبيراً على نظام الأسد، لإنه يقدم نفسه المنتصر في الحرب ويأمل في إقناع المجتمع الدولي بأنه يواجه معارضةً لا تذكر موزعة على جيوب” في مناطق محدودة.

واستعادت قوات النظام تدريجياً منذ 2015 زمام المبادرة ميدانياً بعدما ألحقت سلسلة هزائم بالفصائل وتنظيم داعش في آن معاً، ولعب التدخل العسكري الروسي الى جانبها دوراً حاسماً في ذلك، وغالباً ما تنفذ الطائرات الروسية غارات على بلدات ومدن الغوطة الشرقية.

ويوضح مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في تصريحات أن “الغوطة الشرقية هي فعلاً الخاصرة الرخوة للنظام، لأن الفصائل الموجودة فيها قوية وتهدد دمشق بشكل مباشر”.

وحسب لانديس: “لا تزال فصائل الغوطة قادرة على شن هجمات على دمشق نفسها، معكرة صفو هدوء العاصمة”.

وتسيطر الفصائل المعارضة على أكثر من مئة كيلومتر مربع من الغوطة الشرقية، ويعيش في المناطق المحاصرة، وفق الأمم المتحدة، نحو 400 ألف شخص.

وأوقعت الغارات الكثيفة والقصف الذي يستهدفها آلاف القتلى والجرحى منذ اندلاع النزاع في 2011، حسب المرصد.

ورغم ذلك لا تزال الفصائل المعارضة قادرة على استهداف دمشق بالقذائف التي حصدت مئات الضحايا أيضاً خلال سنوات، وإن تراجعت وتيرتها مع استرجاع النظام مناطق واسعة في ريف دمشق، ونجاحه في عزل الفصائل.

وبعد الإقرار اتفاق خفض التوتر الذي يشمل الغوطة الشرقية، تراجعت وتيرة القتال والقصف لفترات محددة، قبل أن يتعرض الاتفاق لانتهاكات كبرى آخرها قبل أسبوع.

وتسبب الحصار أيضاً في سوء تغذية حاد، ونقص في الخدمات الطبية الأولية، وتحذر منظمات دولية بانتظام من مأساة إنسانية حقيقية في المنطقة.

ورغم تفاقم معاناة المدنيين المحاصرين، لا يزال لدى الفصائل المعارضة والإسلامية “حاضنة شعبية، إذ أن الآلاف من المقاتلين فيها من أهالي المنطقة” بحسب عبد الرحمن.

ويعد جيش الإسلام الفصيل المعارض الأقوى في المنطقة، ويسيطر على الجزء الأكبر منها، ويشمل مدينة دوما ومحيطها وبلدات النشابية، ومسرابا وسواها، ويعد هذا الفصيل شريكاً في اتفاق خفض التوتر، وهو ممثل على طاولة المفاوضات في جنيف.

ويسيطر فيلق الرحمن ثاني أكبر الفصائل على ما يسمى بالقطاع الأوسط الذي يضم مدناً عدة أبرزها عربين وحمورية ومديراً، ولهيئة تحرير الشام النصرة سابقاً، وجود محدود في هذا القطاع يقتصر على بعض المقرات.

وتنفرد حركة أحرار الشام الاسلامية من جهتها بالسيطرة على مدينة حرستا ومحيطها على أطراف الغوطة الشرقية من جهة دمشق، وتخوض منذ أسبوع الى جانب هيئة تحرير الشام معارك عنيفة ضد قوات النظام تمكنت خلالها من حصار إدارة المركبات، القاعدة الوحيدة للجيش في الغوطة الشرقية.

ويتوقع المحلل المتخصص في الشأن السوري في مؤسسة “سنتشوري” للأبحاث سام هيلر في تصريحات أن “يصعّد النظام عملياته لرد هجوم الفصائل واستعادة تلك المنقطة، مهما كلفه الأمر من قوات وتعزيزات”.

وتحدثت وسائل إعلام سورية في اليومين الأخيرين عن تعزيزات للجيش وصلت الى المنطقة للمشاركة في القتال.

ويتحدث لانديس عن إعادة تموضع القوات السورية للقتال في حماة والغوطة الشرقية بعد هزيمة داعش في شمال وشرق سوريا.

وإذا كان مسار الأمور يتوجه وفق هيلر: “نحو حسم عسكري لصالح النظام في مناطق سيطرة فيلق الرحمن، وأحرار الشام وهيئة تحرير الشام”، فإن واقع الحال مختلف في مناطق سيطرة جيش الإسلام.

ويمثل هذا الفصيل “قوة عسكرية لا يستهان بها ويسيطر على كتلة سكنية كبيرة من الصعب على النظام هضمها” بحسب هيلر.

كما أن من شأن “انخراطه في محادثات جادة مع الجانب الروسي، أن يؤدي إلى حل تفاوضي، يبقيه في مكانه بعد تقديم تنازلات” معينة.

ويشكل إبعاد خطر الفصائل عن دمشق أولوية للنظام السوري، ما قد يكون دفعه الى الموافقة “مؤقتاً” على اتفاق خفض التوتر الذي يتوقع لانديس أن “يتلاشى” تدريجياً في الأسابيع المقبلة.

ويقول: “حتى الآن، فضّل الأسد تجويع الغوطة وقصفها بدل إطلاق هجوم مكلف”.

وأدت “سياسة التجويع” إلى استسلام مناطق عدة في ريف دمشق وغيرها من المحافظات خلال السنوات الأخيرة.

ويتوقع لانديس “زيادة الضغوط” على فصائل الغوطة الشرقية لدفعها إما الى الاستسلام أو الموافقة على مصالحة أو الترحيل إلى إدلب.

المصدر: الكرامة برس