القوات النظامية «تقضم» مناطق المعارضة بريف اللاذقية لتأمين حزام أمني غربًا
هاجمت قوات المعارضة السورية، أمس، مواقع في ريف اللاذقية كانت القوات الحكومية استعادت السيطرة عليها قبل أسبوع، في محاولة من المعارضة لمنع قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد من قطع منافذ الإمداد بين ريف اللاذقية الشرقي، وأرياف جسر الشغور في محافظة إدلب في شمال البلاد، قبل أن تتمكن قوات النظام من صد الهجمات.
وتسعى القوات الحكومية، منذ الأسبوع الماضي، إلى قضم مناطق سيطرة المعارضة بريف اللاذقية، والسيطرة على التلال المرتفعة، بهدف «دفع قوات المعارضة إلى العمق شرقا وإنشاء حزام آمن يؤمن مناطق واسعة في ريف اللاذقية»، معقل النظام السوري، كما قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط». وأشار إلى أن هجمات النظام التي تشارك فيها قوات من جيشه مدعومة بمقاتلي «الدفاع الوطني» تأتي «ضمن مخطط لقضم الشمال على مراحل، وتشمل أيضا عمليات عسكرية يجري التحضير لها في ريف حماه الشمالي».
وأعلن المرصد السوري، أمس، أن القوات الحكومية السورية والجماعات المسلحة المتحالفة معها صدت هجوما على قرية دورين ذات الأهمية الاستراتيجية للطرفين في غرب سوريا، والتي تبعد 30 كيلومترا عن ساحل المتوسط، مشيرا إلى مقتل 50 مقاتلا من الطرفين، مشيرا إلى أن «جبهة النصرة» تمكنت من استعادة أجزاء من دورين، فيما «لا تزال قوات النظام تسيطر على أعلى الهضبة المشرفة على منطقة سلمى». وأشار إلى أن مسلحي المعارضة دخلوا دورين ليل الأربعاء، لكنهم أجبروا على التراجع إلى أطرافها.
وتداولت صفحات معارضة في «فيسبوك» بيانا عن الفصائل المعارضة المشاركة في العملية، قالت فيه إن عناصرها نفذت عملا «نوعيا» ضد القوات النظامية المتركزة في قرية وجبل دورين، مما أدى إلى مقتل وإصابة أعداد «كبيرة» منهم، لينسحب بعدها مقاتلو المعارضة من القرية. وقال ناشطون إن الهجوم يأتي ضمن عملية «لبيك يا الله» التي أطلقتها المعارضة مطلع الشهر الحالي، لتعزيز سيطرتها على الريف الشرقي الشمالي لمحافظة اللاذقية وربطه بجسر الشغور في محافظة إدلب، وصولا إلى الريف الشمالي والغربي لحماه، وانتهاء بمطار حماه العسكري في وسط البلاد.
وقال الناطق الإعلامي باسم حركة أحرار الشام علي الحفاوي إن عدة فصائل شاركت في العملية، بينها «حركة أحرار الشام» التابعة لـ«الجبهة الإسلامية»، و«جبهة النصرة» والفرقة اﻷولى الساحلية التابعة للجيش الحر، وحركة أنصار الدين، مشيرا في تصريحات لـ«مكتب أخبار سوريا» إلى أن عناصرها شنت قصفا «عنيفا» على القرية بالأسلحة الثقيلة، قبل الانسحاب منها.
وفي المقابل، تحدثت صفحات موالية للنظام في «فيسبوك» عن تسلل نفذته قوات المعارضة إلى دورين تزامنا مع قصف القرية بقذائف الهاون ليصلوا إلى جامع دورين. وأوضحت صفحة «اللاذقية» التي يديرها موالون للنظام أن الاشتباكات العنيفة استمرت أكثر من أربع ساعات، قبل أن تخف وتيرة المعارك مع انسحاب مقاتلي المعارضة إلى الخلف، مشيرة إلى أن القوات النظامية استعادت السيطرة بالكامل على كل النقاط بعد الهجوم العنيف على أطراف قرية دورين ظهر أمس.
وقال رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام يسعى للسيطرة على بلدة سلمى، التي تحتضن العدد الأكبر من المشافي الميدانية العائدة لقوات المعارضة في جبل التركمان، كما يهدف إلى «قطع إمداد المعارضة بين جبل الأكراد وأرياف جسر الشغور» الحدودية مع تركيا، علما بأن مدينة جسر الشغور لا تزال خاضعة لسيطرة النظام.. وبذلك «يحاول النظام تكوين حزام أمني يمنع المعارضة من التسلل إلى معقله في الغرب، ويؤمن خط إمداداته من اللاذقية باتجاه جسر الشغور».
وأشار إلى أن الأهمية الاستراتيجية لبلدة سلمى التي باتت قوات النظام تشرف عليها ناريا من تلال دورين، أنها «مدخل عمق جبل الأكراد، مما يجعل جبل التركمان أيضا تحت نيران قوات النظام، ويمنع تحركات المقاتلين المعارضين ويعوقها».
ووسط تواصل الاشتباكات بين الطرفين في أنحاء من ريف اللاذقية الشمالي، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أن «الجيش نفذ عملية نوعية ضد المسلحين في قرى الزويك ومرج شيلي وجب قبطو وكتف الرمان وسلمى ووطا الخان والكرت بريف اللاذقية الشمالي»، مشيرة إلى «استهداف تجمعات للمسلحين في طيسيا وعلى محور جبل الشياح». كما أشارت الوكالة إلى عمليات نفذتها وحدات نظامية في ريف جسر الشغور في ريف إدلب المتصل بريف اللاذقية، استهدفت مقاتلين معارضين في قرى الناجية وعين الباردة وجفتلك حاج حمود والطيبات.
وكانت القوات الحكومية استعادت السيطرة على دورين قبل أسبوع، في هجوم هو الأول لها في منطقة ريف اللاذقية منذ استعادت السيطرة على كسب والتلال الاستراتيجية المشرفة على الساحل السوري، خلال الصيف الماضي.
وتقع دورين في منطقة ساحلية تشرف على المناطق المحيطة بها، وتعتبر السيطرة عليها أولوية بالنسبة إلى القوات الحكومية التي تسعى إلى تعزيز سيطرتها على الأراضي الممتدة إلى الشمال من العاصمة دمشق وحتى حمص وحماه وإلى الغرب في اتجاه ساحل المتوسط.
وتعد منطقة جبل الأكراد معقل مقاتلي المعارضة الرئيسي في محافظة اللاذقية التي تتحدر منها عائلة الرئيس السوري بشار الأسد. وكان رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية خالد خوجة زار مناطق سيطرة مقاتلي المعارضة في ريف اللاذقية في 26 يناير (كانون الثاني) الماضي، مطلعا على سير المعارك العسكرية.
المصدر : الشرق الأوسط