المختفون قسرا…مأساة ضريبة الحرية…نقاوم ولا نستسلم
لم يكن يتوقعٌ السوريون أن يكون هذا المصير من المآسي والألم حين هبوا بشكل سلمي للمطالبة بالحرية والعيش بكرامة ضمن دولة ديمقراطية تضمن أبسط حقوقهم المدنية، حيث حُولت ثورتهم إلى أكبر حروب القرن الحالي بعد تسليحها وأسلمتها وإخراجها عن سياقها ومطالبها المشروعة.
فلم يسلم أي شخص في سورية من معاناة الاختفاء القسري والاعتقال والمعاناة في ظلّ وضع لا تُحترم فيه حقوق الإنسان ولا حريته ولا يتم الاكتراث بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان..
وأُستشهد عشرات الآلاف وسُجن آخرون وأُخفي الآلاف دون معرفة مصيرهم إلى اليوم، ولا تزال قضية المختفيين قسريا غامضة ولم تشهد أي تطورات من شأنها أن تطفئ لهيب الأهالي المكتوين بنار الحُرقة على أبنائهم في مصيرهم المجهول.
ويؤكد المرصد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن ملف المغيّبين قسريا هو أكثر الملفات تعقيدا وتأثيرا في مسار حل الأزمة، لكنه قوبل بالإهمال من قبل أغلب المنظمات الحقوقية محليا ودوليا، حيث تسعى بعض الأطراف إلى مزيد ردمه بين الرفوف حتى لا تكشف حقائق صادمة.
ويُذكّر بأن انعدام وجود آليات دولية لملف المختفيين جعله ثانويا ودفه بإضاعة الحقائق.
ولاننسى أن الاختفاء القسري والاعتقال يعتبران آلية ينتهزها النظام السوري لتخويف الشعب ومنعه من التظاهر والاحتجاج ضده، وبرغم كل ما نص عليه قانون قيصر الذي تهدف عقوباته بموجب الأمر التنفيذي رقم 13894 إلى الدفع بالمساءلة القانونية لدمشق واطرافها ضد أعمال العنف والتدمير التي أُرتكبت وتسببت في مقتل مئات الآلاف من المدنيين واعتقال الآلاف تعسفيا والزج بهم وراء القضبان المجهولة التي لا يعرف أي طرف عنها شيء، ورغم الشكايات من قبل منظمات حقوق الإنسان في سوريا وخارجها إلا أن المحاسبة على جرائم التعذيب لم تجد طريقها إلى اليوم ولم يحاكم النظام على قتله الأبرياء في سجونه التي لم تقدر المنظمات الدولية على الضغط بالشكل المطلوب نتيجة الفيتو والدعم الروسي وحتى الإيراني الذي أبعد المساءلة بل منعها.
يجب أن يعرف المجتمع الدولي أن النظام السوري يعتمد أسلوب التعذيب لانتزاع الاعترافات وإدانة المعتقلين خاصة من لا يملك أدلة مادية تدينهم، علاوة على سياسة التخويف والانتقام من كل المعارضين والناشطين ، كلها أساليب ينتهجها هذا النظام الشوفيني لقمع المعارضة.
وتقول إحصائياتنا إنّ أكثر من 105 آلاف معتقل قضوا تحت التعذيب داخل سجون النظام منذ 2011، ويقدر وجود نحو 200 ألف مفقود في سورية، نصفهم تقريبا في سجون النظام.
وفي اليوم الدولي للاختفاء القسري ، يجدد المرصد السوري لحقوق الانسان تأكيده بأنه لا حل في سوريا دون إيجاد الحلول للملفات المرتبطة بالجانب الإنساني كالمعتقلين والمختفين والمغيبين قسرا.
ويدعو المرصد إلى وضع آلية دولية لمعرفة خبايا هذا الملف وكشف الحقائق التي طمستها منظومة النظام لعدم اطلاع المجتمع الدولي على حقيقة ما عاشه هؤلاء المغيبون قسريا.
ويناشد الهيئات الأممية بالتقصير لمعرفة مصير هؤلاء ضحايا الصوت القوي من أجل الحرية.
ويؤكد المرصد أن الاحتجاز التعسفي للسوريين يخالف الاتفاقيات الدولية والمواثيق التي تنخرط فيها سوريا ويهمشها النظام الذي بنى نفسه وقوته على القمع والاستغلال والقتل والتعذيب.
ويُذكر بأن استمرار الفوضى في سوريا رهين تعنت النظام وقوته الأمنية والعسكرية المنتهكة لحق البقاء والسارقة للحياة.
ويؤكد المرصد السوري أن تبني الأمم المتحدة العام الفارط قرارا لإنشاء مؤسسة مستقلة تحت رعايتها تُعنى بالمفقودين والمخفيين قسريا في سوريا، أمر مهم إذا وجد طريقه نحو التنفيذ الحقيقي بمعية المنظمات التي تعمل في إطار هذا الملف وتوثّق ولديها داتا عملية قد تساعد الجهات الأممية في الوصول إلى الهدف.