المخرجة والممثلة السورية ليلى عوض: الوضع السوري معقد جداً.. وبعض أطراف المعارضة استكرشت من الثورة واستغلتها لكسب الثروة

68

تشهد سورية تحركات كثيرة على مستوى عالٍ للتفاوض حول فكرة تشكيل مجلس عسكري ترفضه بعض أطراف المعارضة وتعتبره محسوبا على النظام، ومع غياب أفق حل سياسي حقيقي دخلت البلاد في نفق مظلم يصعب التكهن بتبعاته ونهاياته.

وتُحمّل المخرجة والممثلة السورية المعارضة ليلى عوض، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي مسؤولية المأساة التي تعيشها سورية، لافتة إلى أن فكرة تشكيل مجلس عسكري يتنافى ومبادئ الثورة التي قامت لإنهاء الحكم العسكري في البلد.

 

س- بعد عشر سنوات من الحرب المستعرة، هل ترين حلا في الأفق، ومن يعطل التسوية السياسية في سورية؟

ج: في حقيقة الأمر لو أرادت أمريكا وروسيا إيجاد حل لإنهاء الصراع الدائر منذ عشر سنين لأوجدته منذ بدايته ولكن كل الأطراف الدولية المتدخّلة في هذا الصراع  (أمريكا وروسيا وإيران وتركيا) لها مصالح في استمرار هذا الصراع المقيت، كما استغل النظام عامل الوقت واستنزاف طاقة الطرف الآخر أي المعارضة، واشترى مواقف  كثيرة لصالحه، وكثير من المعارضة والفصائل أعادت ما استولت عليه من مناطق ومحافظات وسلمتها من فترة ليست ببعيدة دون مقاومة.

-النظام له المصلحة الكبرى في ذلك وكلهم يعملون على إبقاء بشار الأسد.. للأسف لا أرى حلاً قريباً في الأفق، بل أرى تململا من الوضع بشكل عام دولياً ولكن لا أحد يعنيه الموضوع لكي يقوم بحسمه.. بالنسبة لهم، وضعوا أيديهم على البترول، وأضحت كل ثروات سورية مُقسَّمة بين هذه الدولة أوتلك، في حين يعيش الملايين من السوريين في المخيمات والعراء، وأصبح أكثر من 6 ملايين سوري لاجئين في أوروبا وأمريكا ومصر..وأمام هذه الكوارث أعتقد أن البلد ذاهب إلى التقسيم للأسف، ولو أني لا أتمنى ذلك نهائياً. وفي المحصلة يصب كل ذلك في  مصلحة إسرائيل.

س- ما تعليقك على أداء المعارضة السورية في الداخل والخارج..  هل أنت راضية كسورية عن طريقة أدائها؟

ج: بالتأكيد غير راضية عن أداء المعارضة في الخارج، والمعارضة التي بقيت في الداخل هي ليست معارضة، ولو كانت معارضة حقيقية لما استطاعت البقاء في الداخل!! المعارضة الداخلية صنعها النظام والتعددية الحزبية المزعومة في الداخل قامت بموافقة النظام، والمعارضة الخارجية اخترقها النظام بكم لابأس به من الشخصيات الموجودة بمكوناتها للأسف.

-الغالبية منهم -وليس الكل- كان هدفهم مصالحهم الشخصية وما ادخروه من أموال كسبوها في هذه المرحلة الصعبة، خلال السنوات العشر التي مرت على الشعب السوري.. كان من واجبهم أن يكونوا أشد إخلاصاً لسورية وللشعب السوري، ولكن للأسف كانوا يتبعون أجندات من يموّلهم من الدول الراعية لهكذا صراع فتاك بسورية. 

– أيضا لا ننسى الجماعات الجهادية وركوبها موجة الثورة وسرقتها من الشرفاء الذين أطلقوا شرارتها ودفعوا الأثمان الباهظة، وسيطرة “الإخوان المسلمين” على ما سُمى بدايةً “المجلس الوطني” ومن ثم “الإئتلاف” وهذا ما أدى إلى زعزعة ثقة المجتمع الدولي- على ما أعتقد- بفعل ما تحتويه المعارضة من مكونات، وكلنا يعرف ولاء حزب “الإخوان المسلمين” لتركيا، لكونها الدولة الداعمة له وللجماعات المتطرفة، وهذا شيء مؤسف للغاية، حيث ساعدت المعارضة في بروز وتقوية الجماعات المتطرفة على الأرض. وكان النظام قد شجع على ذلك ليقول: إنها الجماعات الإرهابية المتطرفة !! وكل شيء حذر منه النظام في العلن وفعله خفيةً لاستمرار بقائه، أكدت عليه المعارضة وفي المقدمة جماعة “الإخوان” المدفوعة بالدعم التركي- وليس كل المعارضة طبعاً- وفي المقابل الشرفاء إما استشهدوا أو حُيِّدوا أو تم إقصاؤهم عن ساحة القتال أو ساحة التشاور.

س- ألا يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية تشريد جيل كامل من السوريين وتجويعهم؟.. ولماذا برأيك فشل في إجبار النظام على قبول الحل على أساس القرارات الأممية ومن بينها2254؟

ج: نعم بالتأكيد يتحمّل المجتمع الدولي مسؤولية تشريد جيل بأكمله من السوريين وتجويعه، ولا أحد له مصلحة جدية في إنهاء الصراع في سورية.. كل دولة وضعت يدها على ما تريد من ثروات البلد.. في البداية كانوا يتصارعون على الثروات.. من يضع يده على ماذا، وفيما بعد تقاسموا ثروات سورية ومناطقها.. ولا ننسى أن روسيا والصين كانتا دائماً وراء تعطيل أي قرار باستخدام الفيتو، وبالنسبة للقرار 2254 لم يجدوا من طرف المعارضة موقفا واضحا وحازما لا من المجلس الوطني سابقاً ولا من الائتلاف الذي ناب عن سابقه، في حين استطاع النظام شرذمة المعارضة وحرفها عن أهدافها للأسف، وهو قطعاً لايريد انتقالا سياسيا ويلعب على عامل الوقت حتى قبل فترة حكم بشار، أي منذ فترة حافظ أسد وتعامله مع ملف السلام فيما مضى.. النظام من أجل البقاء والحفاظ على السلطة أعطى روسيا وإيران مفاتح ثروات سورية، وأصبحت الغلبة لروسيا على الأراضي السورية برغم وجود صراع لم يعد خفيا بين روسيا وإيران لاقتسام مناطق النفوذ..

 

-يريد النظام أن يقوم هو بتغيير الدستور وتحت إشرافه بعيدا عن رأي المعارضة لأنه في الواقع هو من أستطاع أن يخترقها، وهو يريد دائماً أن يكون المسيطر على كل شيء له علاقة بالسلطة،إلا أن الأمور لم تعد تحت سيطرته بل هو من ينفذ ما يريده الذين آزروه كروسيا وإيران بالإضافة إلى الصين.

س- راج مؤخرا حديث حول تشكيل مجلس عسكري يتكون من ضباط سوريين لم تتلوث أياديهم بالدم السوري.. ماذا يمكن أن يقدم برأيك هذا الجسم الجديد ولماذا ترفضه بعض أطياف المعارضة؟

ج: أنا مع أي حل يُؤدي أو يأخذ سورية إلى الخلاص.. لست خبيرة في الشؤون العسكرية ولكن من خلال قراءاتي واهتماماتي بالشأن السياسي أرى أن هذا الطرح هو مقترح من طرف النظام لتكون له يد بشكل أو بآخر في فرض السيطرة على مقررات ومستجدات ما سيحدث في الشأن السوري.. ولكن لم تقم الثورة ليبقى حكم العسكر على رقاب هذا الشعب العزيز والكريم الذي لايستحق أن يحدث له ماحدث من تشريد وخراب وتدمير من أجل أن يبقى النظام سيفا مسلطا على رؤوسنا !! ..كذلك لايستحق هذا الشعب الأبي أن يُحكم من قبل جماعات”جهادية” ظلامية حاقدة.

نحن خرجنا وكل من عارض بشار ونظامه، من أجل سورية حرة مدنية ومستقلة ذات سيادة وتعددية حزبية وديمقراطية يتساوى فيها كل أبناء المجتمع ولهم حقوق وعليهم واجبات وليس لنعود الى التخلف وقطع الرقاب وسبي النساء والمتاجرة بالأطفال وتجنيدهم، لقد تم تجنيد الأطفال ليس من قبل المعارضة فقط تم ذلك أيضا من قبل كل الأطراف المتنازعة للأسف..

 وإذا كان المجلس المقترح سيأخذ بسورية إلى شاطئ الأمان فأنا معه لأن الوضع السوري معقد جداً للأسف الشديد. 

-بعض أطياف المعارضة يرفضونه لأن لديهم إحساسا –على ما يبدو- بأنه حلّ من قبل النظام ولايقبلون بذلك، وربما البعض الآخر لايريد أن تحل المعضلة السورية أصلا، بحكم استفادته من استمرار الأوضاع والمخيمات وما وراءها من منافع مادية  !! 

س- حلمك بسورية كيف ترسمينه؟؟

ج: ما زلت أحلم بسورية ديمقراطية تعددية، برغم كل المآسي، مؤمنة بغد أفضل برغم أنه يبدو بعيدا إلى حدٍ ما..

نحن الشعب السوري، بما في ذلك المعارضة، نختلف كثيراً عن الشعب المصري سياسياً، ويلزمنا الكثير من المراس السياسي والحنكة.. هم يسبقوننا بمراحل كبيرة وولاؤهم لوطنهم وليس لأحد، هذه حقيقة ويجب أن يعترف المعارضون السوريون بذلك وبما ينقصهم لخدمة وطنهم الأم .. صحيح هم دفعوا أثمانا باهظة من حياتهم عندما اعتقلهم النظام ولكن أضاعوا علينا وعلى سورية فرصة كبيرة ومهمة في تاريخ سورية.. طبعاً ليس كلهم، ولكن الغالبية للأسف.