المرصد السوري لحقوق الإنسان: “الإتش بوز”.. القاتل الصامت في شمال سوريا
جريمة تلو الأخرى تُرتكب في عدة مناطق شمالي غربي سوريا مؤخراً، كان آخرها قيام شخص بقتل أخيه وزجته وأولاده الخمسة رميا بالرصاص بعد أن اقتحم منزلهم في منطقة الراعي بريف حلب الشمالي، وهي منطقة تخضع لسيطرة فصائل “الجيش الوطني السوري” الموالية لتركيا.
وتناقلت عدة مواقع محلية الخبر، مشيرة إلى أن المقتول هو قيادي في إحدى هذه الفصائل، وكان قد سجن أخاه “القاتل” بسبب تعاطيه المخدرات.
والمادة، التي تعرف في سوريا بـ”الإتش بوز” أو “الآيس” أو “الكريستال”، هي الاسم المتداول للمادة العلمية المعروفة عالميا ب”الكريستال ميثامفيتامين”، والتي تعد إحدى أخطر المواد المخدرة التي انتشرت خلال العامين الماضيين في عموم سوريا.
يقول مؤسس المركز السوري لمكافحة المخدرات حسن جنيد لـ”ارفع صوتك” إن المركز أجرى إحصائيات في شمال غربي سوريا، وتبين خلالها أن نحو 30 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 يتعاطون المخدرات، موضحا أن نسبة التعاطي تزداد في شمالي حلب تحديدا، إضافة إلى مخيمات النزوح.
ويضيف جنيد أن “الارتفاع المتزايد في انتشار المخدرات شمال غرب سوريا بات يؤدي إلى تصاعد أعمال العنف والسلوك الإجرامي. ومن بين جرائم هذه الظاهرة، أقدم شخص على قتل وجرح ثلاثة مدنيين بإطلاق الرصاص عليهم أثناء مرورهم بقربه”.
وحسب مؤسس المركز السوري لمكافحة المخدرات، فإن الحصيلة كانت مرشحة للارتفاع، إذ “لولا التدخل السريع للسكان والشرطة لكان أجهز على عدد أكبر من المدنيين بكل دم بارد، وأثبتت التقارير الأولية بعد ذلك أن المجرم متعاطٍ للمخدرات الأمر الذي أثر على إدراكه وسلوكه”.
ويؤكد جنيد وجود من سماهم أشخاص فاسدين تابعين للمعارضة المسلحة متورطين في تهريب المخدرات من مناطق سيطرة النظام السوري ومناطق قوات سوريا الديمقراطية، حيث تنتشر مادة “الاتش بوز”، إلى مناطق الشمال السوري عن طريق المعابر بعد أن “يتم نقلها من إيران المكان الرئيسي لتصنيعها، في حين تتولى المليشيات الإيرانية عملية التوزيع”، كما يقول.
وتنتشر عدة مواد مخدرة إضافة إلى “الاتش بوز”، كالكبتاجون والحشيش والمواد اللاصقة التي يتعاطاها الأطفال.
لكن انتشار ” الاتش بوز” بات واضحا بكثافة خلال الفترة الأخيرة، حيث بلغ سعر الغرام الواحد لهذه المادة المخدرة وفقا للمركز السوري لمكافحة المخدرات حوالي 600 ليرة تركية (العملة المتداولة شمالي غربي سوريا)، أي ما يعادل 30 إلى 35 دولار أميركيا.
ويقول جنيد إن المركز السوري يعمل على مكافحة المخدرات في شمال غرب سوريا عن طريق حملات التوعية التي تستهدف الشباب في المخيمات والجامعات والمدارس، لكن في ظل غياب المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة، تصبح مهمة المركز أكثر صعوبة لاسيما أنه يعمل بطاقات شبابية محدودة وبتمويل فردي مما يجعل عمله غير مكتمل.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قال في تقرير نشره في سبتمبر الماضي إن مخدر “الاتش بوز” يتم تصنيعه ضمن معامل خاصة بالميليشيات الإيرانية في دير الزور، وتحديداً في كل من المعامل الموجود بمدينتي الميادين والبوكمال شرقي المحافظة، بعد أن يتم استيراد المادة الأصلية للمخدرة وهي “الكريستال ميث” من إيران.
وتعد سوريا وفق وكالة الصحافة الفرنسية المصدر الأبرز لمادة الكبتاجون منذ ما قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، وقد جعل النزاع تصنيعها أكثر رواجا واستخداما.
وأقر مجلس النواب الأميركي قبل أيام، ضمن قانون ميزانية الدفاع الأميركية لعام 2023، مشروعا لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات المرتبطة بالنظام السوري.
المصدر: ارفع صوتك