المرصد السوري لحقوق الإنسان يدين الانتهاكات المستمرة بحق أهالي عفرين ويطالب بتحرك تركي ودولي عاجل
يتابع المرصد السوري لحقوق الإنسان ويرصد بشكل مستمر الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا بحق السكان الأصليين في مدينة عفرين. هذه الفصائل، التي تعمل تحت الحماية المباشرة من تركيا، تواصل تنفيذ سلسلة من الجرائم ضد المدنيين، بما في ذلك القتل، الاعتقالات التعسفية، والاستيلاء على الممتلكات. وتركز هذه الانتهاكات بشكل خاص على استهداف من تبقى من سكان عفرين، الذين يواجهون الآن أسوأ أشكال القمع والترهيب.
لقد أدت العملية العسكرية التركية، المعروفة باسم “غصن الزيتون”، إلى تهجير الآلاف من أهالي عفرين، واستيلاء الفصائل المسلحة على منازلهم ومحلاتهم التجارية ومزارعهم. ومع استمرار تعامي أنظار المجتمع الدولي تحولت المدينة إلى مسرح لانتهاكات ممنهجة تهدف إلى تغيير تركيبتها السكانية وطمس الهوية الكردية التاريخية للمنطقة. وبدلاً من السماح للنازحين بالعودة إلى ديارهم، قامت الفصائل ببيع وتأجير ممتلكات الأهالي الذين هجروا قسراً، بينما تستولي على عائدات هذه الممتلكات بشكل غير قانوني.
وتشمل هذه الانتهاكات فرض إتاوات مالية على السكان المحليين، الذين يُجبرون على دفع مبالغ كبيرة للفصائل المسلحة للسماح لهم بجني محاصيلهم الزراعية. كما تتعمد الفصائل الاستيلاء على الأراضي الزراعية وقطع الأشجار بشكل ممنهج لتحقيق أرباح مالية، وهو ما يلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد الزراعي في المنطقة ويعمق معاناة المزارعين المحليين. هذه الفصائل لا تكتفي بفرض الإتاوات، بل تفرض أيضاً سيطرتها على الموارد الطبيعية، مما يجعل السكان رهائن لأهوائها.
وفي واحدة من بين سلسلة طويلة من الانتهاكات، تعرضت 8 سيدات على الأقل لإطلاق نار من قبل عناصر فصيل “السلطان سليمان شاه” بقيادة المدعو “أبو عمشة”، وذلك خلال تظاهرة سلمية في قرية كاخرة. وأسفرت هذه الجريمة عن إصابات خطيرة بين السيدات، ما استدعى نقلهن إلى مركز طبي لتلقي العلاج. وفي أعقاب هذه الحادثة، فرضت الفصائل حظراً للتجوال في القرية، وقطعت الاتصالات عن سكانها، بينما شنت حملة اعتقالات عشوائية طالت العديد من المواطنين.
وتتواصل هذه الجرائم في مختلف أنحاء عفرين، حيث يفرض فصيل “فرقة الحمزة” إتاوات مالية على المزارعين في منطقة معبطلي، إذ يُجبر الأهالي على دفع مبلغ 8 دولارات عن كل شجرة زيتون تعود لأشخاص مغتربين عن قراهم. في قرى باسوطة وبرج عبدالو في ناحية شيراوا، يطالب السكان بدفع 10 دولارات عن كل شجرة زيتون، وتُفرض عقوبات قاسية على من يرفض الدفع. كما تمتد هذه الانتهاكات إلى قرى بربنه، كوليا فوقاني، كوليا تحتاني، وكفرشيله، حيث تُجبر العائلات على دفع مبالغ إضافية تحت التهديد والترهيب.
الفصائل المسلحة التي تنشط في عفرين وتشترك في ارتكاب هذه الانتهاكات الجسيمة تشمل: نور الدين الزنكي، مغاوير الشرقية، فرقة المعتصم، فرقة الحمزة، السلطان سليمان شاه، ملكشاه، أحرار الشرقية، محمد الفاتح، حرس الحدود، السلطان مراد، فيلق المجد، جيش النخبة، أحرار الشام، جيش الشرقية، جيش الإسلام، صقور حيان، الفرقة التاسعة، فيلق الشام، رجال الحرب، الفرقة 112، صقور الشمال، السمرقند.
جميع هذه الفصائل تستمد دعمها من تركيا، وتواصل تنفيذ انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، تشمل الاعتقالات القسرية، السطو على الممتلكات، وفرض الإتاوات على المواطنين الذين بقوا في مدينتهم متمسكين بها رغم الظروف الصعبة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان يعبر عن استيائه العميق من التغيير الديموغرافي القسري الذي تقوده تركيا في عفرين، والذي يهدف إلى طمس الهوية الكردية التاريخية للمدينة. إن هذه السياسات تنتهك كافة القوانين الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، وتُعد جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي للمنطقة لصالح الفصائل الموالية لتركيا.
ورغم المناشدات المتكررة التي وجهها المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، لم يكن هناك أي تحرك فعلي لوقف هذه الانتهاكات. إن استمرار الصمت الدولي يُعد بمثابة تواطؤ مع هذه الجرائم التي تُرتكب في عفرين.
المرصد يجدد دعوته إلى المجتمع الدولي للتحرك الفوري، واتخاذ خطوات حازمة لوقف هذه الجرائم، ومحاسبة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية.
المرصد السوري لحقوق الإنسان يؤكد أن ما يحدث في عفرين هو جريمة ضد الإنسانية، ويجب أن تكون هناك محاسبة فورية لكل من تورط في هذه الانتهاكات. كما يطالب بعودة المهجرين قسراً إلى ديارهم، واستعادة حقوقهم المسلوبة، وضمان حماية المدنيين الذين لا يزالون في عفرين من هذه الانتهاكات المستمرة.
ختاماً، يؤكد المرصد على ضرورة أن يكون هناك تحرك تركي زدولي عاجل لإنقاذ ما تبقى من سكان عفرين، ووضع حد لانتهاكات الفصائل المدعومة من تركيا، التي باتت تهدد النسيج الاجتماعي والتاريخي لهذه المدينة السورية العريقة، وتعد تركيا هي المسؤولة عن وقف هذه الانتهاكات كونها هي سلطة الاحتلال في تلك المنطقة وهي من تدعم الفصائل وتوفر لهم الحماية الكاملة.