المرصد السوري: لن نقبل استغلال الأطفال كأدوات ودروع حرب في سورية

768

الأطفال كغيرهم من الفئات التي تطالها آلة العنف والقتل والاستهداف الهمجي في سورية، بل كانوا الأكثر تضررا من بشاعة ما عاشته البلاد، وقد ذاقوا الجوع ومرارة العطش وآلام الأمراض والاوبئة، وناموا عراة حفاة في خيام بلاستيكية وعانوا البرد القارس والحرارة القاتلة، وتعرضوا لأبشع أنواع العنف والاستغلال.

ويأتي 20 نوفمبر ترجمة لجهود دولية لفرض توفير الحماية والدفاع للأطفال وحقوقهم لمنع قمعهم واستغلالهم ورقة صراع، لكن هذه السياسة فشلت في منطقة الصراعات على غرار سورية التي عاش فيها الأطفال طيلة سنوات الصراع ظروفا عصيبة ومأساوية، ووثق المرصد السوري لحقوق الانسان منذ مطلع العام الجاري مقتل 295طفلا على يد مختلف أطراف الصراع في مختلف مناطق السيطرة.

وكان عام 2016، بمثابة النكبة التي عاشها الأطفال حيث قتل 3583 بريئا، وسجلت السنوات الأخرى أيضا مجازر بحق الأطفال على يد مختلف أطراف الصراع ليبلغ العدد الإجمالي حسب إحصائيات المرصد السوري حوالي 23،877 طفلا منذ بداية الصراع عام 2011 إلى غاية 2022، ما يترجم الإجرام الذي حصل بحق اليافعين الذين كانوا أدوات حرب حقيقية أمام مرأى العالم ومسمعه.

يبدو أن اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة تاريخ 20 نوفمبر للتذكير بحقوق الأطفال ويوما عالميا لهم منذ عام 1954 سيتحول في سورية التي شهدت أكبر حروب القرن الحالي إلى ذكرى مأساوية نُذكر فيها بأعداد الضحايا والشهداء وندعو فيها الى مداواة المرضى منهم الذين حوصروا في وطن تنكر لهم وحرمهم من الحق في الحياة بل وضعهم في خانة “الإرهابيين“.

لم تكن هذه الفئة ضحية الفقر والجوع والسلاح فقط بل كانوا ضحايا التجنيد في سورية على يد الفصائل المسلحة والتنظيمات المتطرفة وقد شاهد العالم على غرار مدة الحرب كيف استغل تنظيم الدولة الإسلامية داعش هؤلاء اليافعين في حربه وكيف استغل الفتيات في ما يعرف بجهاد النكاح وغيرها من الانتهاكات الفظيعة التي مست الأطفال بشكل بشع ومرضي.

هذا إضافة إلى تزويج الطفلات المبكر والقسري للتخلص من مسؤولياتهن في توفير الاكل والشرب واللبس، وقد وثقت تقارير حقوقية وإعلامية قصصا بشعة لحفلات بتت أمهات في عمر صغير كان من المفترض أن يكن فيه في مقاعد الدراسة ليصبحن اليوم ضحايا لأفة الجهل والأمية.

ولا ننسى ان عشرات الأطفال يلقى بهم يوميا في القمامة للتخلص منهم في مختلف المناطق نتيجة علاقات غير قانونية أو لأسباب أخرى كالجوع وعدم التمكن من توفير الحليب والحفاظ وغيرها من أساسيات الخدج والوضع.

وقائع مأساوية موجعة تنتهك فيها الحرمة الجسدية للأطفال وتزوج فيها الطفلات قسريا، وقائع تبين بشاعة ما تعيشه هذه الفئة في هذا النزاع المسلح الذي تتداخل فيه أطراف عديدة مما يُصعبُ مهام تحديد المسؤوليات ومحاسبة الجناة دوليا في محاكم مختصة، فمل منطقة في سورية تخضع لسيطرة جهة ما تتفنن في تقتيل الأطفال والنساء فهم أدوات حرب حقيقية بهم يمكن الضغط لبلوغ هدف معين، وقد بينت حوادث اختطاف الأطفال السنوات الأخيرة وطلب الفدية مقابل اعادتهم بآلاف الدولارات بشاعة استغلال هذه الفئة كدروع للحرب.

المؤلم أن مختلف اللقاءات والمؤتمرات التي استقبلتها عديد دول العالم ونظمتها على مدار سنوات لم تتناول قضية الأطفال وما يتعرضون له من تنكيل وانتهاك مزدوج من المجتمع والسلطة وحتى الأهل أحيانا، ولم يأخذ أي طرف مسؤولية تهميش الأطفال محمل الجد لاعتبارهم مستقبل البلد وحاضرها.

الجدير بذكره أن حوالي 12 مليون طفل سوري بحاجة للمساعدات الإنسانية، وفق اليونيسيف، فيما تهدد حياة الآلاف منهن الأوبئة في ظل استمرار وجودهم في المخيمات وعدم انتهاء الحرب المسعورة التي أكلت الأخضر واليابس.

ويذكر المرصد السوري بأن حماية الأطفال ومساعدتهم في إيصال صوتهم للمجتمع الدولي والإقليمي لتحسين الوضع ومراعاة وضعهم الاجتماعي والاقتصادي هدفه ومسؤوليته، ويعتبر أنه حان الوقت للنظر بكل جدية في قضية الأطفال الذين غادروا مقاعد الدراسة إجبارا لا اختيارا، ويدعو إلى أهمية تكثيف الزيارات لأطفال المخيمات للوقوف على ذلك الواقع المأساوي الذي يتطلب تظافر مختلف الجهود لتجاوزه.

ويذكر المرصد المجتمع الدولي بإعادة النظر في قضية مخيم أطفال الهول والعمل جديا لمساعدة هؤلاء الأطفال سيما وأنهم ضحايا فكر متطرف وعنيف وجب مكافحته بالعمل والمعرفة والنصح.

ويؤكد المرصد أنه وجب وضع استراتيجية دولية لإعادة هؤلاء الأطفال لبلدانهم ومتابعتهم نفسيا لتجاوز المحن التي ابتلوا بها دون يقين ومعرفة.

ويؤكد المرصد بأنه برغم امضاء سورية الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأطفال منذ عقود من الزمن إلا أن الواقع الميداني يتنافى ومحتوى القوانين الدولية، وبقيت مجرد حبرا على ورق خاصة بعد تشعب الصراع وانتشار العنف والفوضى والسلاح.

ويدعو المرصد السوري إلى تجيبي الأطفال عن كل الصراعات السياسية والعسكرية والتسريع في محاكمة مرتكبي جرائم الانتهاكات التي مست الطفولة.

ويطالب بالالتزام بقوانين حماية حقوق الطفل وتوقف الفصائل عن غسل أدمغة الأطفال وتجنيدهم عسكريا وايديولوجيا.

ويتعامل المرصد السوري لحقوق الإنسان بدورهم مع كل الأطفال ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة والجوع والفقر والتهميش في كل أنحاء العالم.