المرصد السوري يدعو إلى الالتزام بقوانين حماية حقوق الطفل وتوقف الفصائل الموالية لتركيا عن غسل أدمغة الأطفال وتجنيدهم عسكرياً في صفوفها
لا تزال جميع شرائح المجتمع السوري تدفع ثمن السياسات التي فرضت كأمر واقع في مختلف المناطق السورية، بغض النظر عن الجهات المسيطرة منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011.
ومن أبرز ضحايا تلك السياسات، هم فئة الأطفال دون سن 18، نظراً لتحول الساحة السورية إلى ساحة صراع بين الدول المتحاربة ضمن الجغرافية السورية، ولا سيما في الشمال السوري، ومحاولة كل جهة تجنيد الأطفال في المعارك الدائرة، بعد غسل أدمغتهم بشتى الوسائل، في اختراق صارخ لمواثيق حقوق الطفل في سوريا.
بعيداً عن الإعلام، تعمل الفصائل الموالية لتركيا منذ زمن بعيد على تجنيد الأطفال، ضمن صفوف “الجيش الوطني”، بعد استقطابهم وغسل أدمغتهم وإغرائهم مادياَ، مستغلة الحالة المعيشية في المنطقة.
ومن خلال ذلك وبرغبتهم يعلنون الأطفال التحاقهم بدورات تدريبية عسكرية، ليبلغ عدد الأطفال المجندين المئات، في خطوة لا تختلف عن الطريقة التي اتبعها تنظيم “الدولة الإسلامية” تحت مسمى “أشبال الخلافة” ولا بقية القوى العسكرية في سورية.
ومن أبرز تلك الفصائل التي تعمل على ترسيخ هذه المفاهيم وتجنيد الأطفال هي “جيش الإسلام” و”الجبهة الشامية” والفيلق الثالث” و”جيش الشرقية” و”فرقة السلطان مراد”، بينما أكثر المناطق التي استهدف فيها الأطفال لتجنيدهم، هي المخيمات في ريفي حلب وإدلب ضمن مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام”، وذلك بعد أن هرب هؤلاء الأطفال من مناطقهم خوفاً من آلة الحرب.
وقام “جيش الإسلام” بحملات تجنيد منذ نزوح أهالي الغوطة الشرقية إلى مناطق في الشمال السوري، خلال عام 2018، لإنشاء ما تسمى بـ “أشبال الإسلام”، لذا قام بفتح دورة تدريبية خاصة للأطفال في عام 2021، في قرية كوبالية التابعة لناحية شيراوا، وبلغ عدد الأطفال المنتسبين لهذه الدورة أكثر من 150 طفل، حيث تم تخريجهم على شكل دفعات متتالية، بهدف المشاركة في الأعمال القتالية.
أما في مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” بدأت حملات تجنيد الأطفال، تزامنا مع الحملات العسكرية في المنطقة ما بين عامي 2019- 2022، تحت شعارات مختلفة من بينها ” جاهد بنفسك” و”انفروا خفاقاً وثقالاً”، استهدفت أطفال ضمن مخيمات النزوح الواقعة على الحدود السورية التركية بريف إدلب.
كما تقوم “هيئة تحرير الشام” بتقديم تسهيلات للانضمام، ولا سيما عن طريق المغريات المادية، ودفع رواتب بقدر 1500 ليرة تركية، إلى جانب العمل على تحمل تكاليف الدراسية كدفع الأقساط إضافة للعلاج الصحي، كخطوة لجذب الأطفال إلى صفوفها، وكسب ولائهم من خلال المغريات المقدمة، في إطار استغلال الواقع المعيشي الصعب.
وتتفاوت أعداد الأطفال المجندين في صفوف الفصائل ما بين فصيل وآخر، إذ لا إحصاءات دقيقة وذلك لغياب دور المنظمات الحقوقية والإنسانية في المنطقة، لمتابعة قضية الأطفال في الحرب، ما أفسح المجال أمام عمليات التجنيد بشكل عشوائي بعيداً عن القانون.
وأدى انتساب الأطفال للفصائل، إلى تحملهم تعب وجهد جسدي ونفسي، من خلال إخضاعهم لدورات عسكرية، تعتبر جريمة بحق الطفولة، وبدلاً من التزامهم بالمقاعد الدراسية، والعمل على حمايتهم من آلة الحرب، وتوفير بيئة مناسبة لهم، عملت الفصائل الموالية لتركية على استغلال الواقع الفوضوي الذي عم الشمال السوري، إلى جانب استغلال الواقع الاقتصادي المتردي وتدهور الحالة المعيشية لدى غالبية العوائل، والعمل على دفع أبنائها إلى الالتحاق بصفوف فصائل “الجيش الوطني” مقابل مغريات مادية.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، وانطلاقاً من دورة كمؤسسة حقوقية وحرصاً منه على حقوق الطفل، يحث الجهات المسيطرة في شمال غرب سوريا على تجنب تجنيد الأطفال دون سن الـ 18، وعدم زجهم في الأعمال القتالية والالتزام بقوانين حماية حقوق الطفل في الحروب، والعمل على توفير بيئة مناسبة تحميهم من الصراعات والحرب الدائرة في سوريا على مدار الأعوام الماضية.