المشروع الإيراني في سوريا جزءًا من المخططات العدوانية الموجهة للمنطقة 

263

يخشى السوريون من صعوبة خروج إيران من سوريا بعد كل هذه السنوات التي سندت فيها النظام ومنعته من السقوط، برفقة أذرعها على غرار حزب الله اللبناني، فقد بان بالكاشف مؤخرا خطورة هذا التمدد الفارسي في سورية، فلم تعد تسيطر فقط على مناطق معينة وتضع النظام أمام الأمر الواقع فحسب، بل تعدى الأمر إلى التعيينات والتحكم في قرارات دمشق والضغط عليها.
وتذهب بعض التحليلات إلى أن دمشق باعت خيرات البلاد وثرواتها إلى إيران مقابل ثمن الحماية والبقاء في الحكم.

وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن التغييرات التى تقوم بها الميليشيات الإيرانية في سورية، حيث  سحب حزب الله العديد من مقاتليه في دمشق، وتم نقلهم إلى لبنان أو إلى مناطق حدودية بين البلدين، فيما عزز الوحدات المرابطة في الداخل السوري بمقاتلين سوريين مرتزقة”.
وتؤكد هذه المعطيات نوايا إيران لمزيد البقاء واستحالة الخروج من سورية إلا بعد استعادة ما خسرته في الحرب وتحقيق كل المآرب والمطامع هناك.
وتعتبر سورية نقطة مهمة ومركز من “محور المقاومة” الإيراني، وهو ماكشفته الحرب.

وأكد محمد علي الصايغ، عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية وعضو اللجنة الدستورية، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، أن الصراع الدولي والإقليمي بالأساس صراع مصالح، والصراع في المنطقة في كافة مشاريع الدول هو صراع نفوذ، مضيفا”  أي دولة قويه في المنطقة والعالم ، لا يمكن أن تغلق بابها أمام قوتها، وتحصر نفسها في حدودها، إذ لا بد أن تفتش عن مناطق نفوذ لها ليكون لديها أوراق لعب تلعبها في مواجهة المشاريع أو السياسات الأخرى في هذا العالم، وأن يكون لها حضور في السياسات الدولية ، للدفاع عن نفسها، والاستثمار لخدمة مصالحها”
وتابع” من هذا المنطلق كان التدخل الإيراني بأذرعه في سورية وغيرها، ومن هذا المنطلق أيضاً هناك شهية تركية لتوسيع نفوذها في المنطقة، ولكل من المشروعين الظروف المشجعة، والظروف المانعة لتقدمه في هذا السبيل سواءً ظروف دولية أو إقليمية أو حتى داخلية، من هذا المنظور تدخلت إيران وذراعها حزب الله في سورية”.
وأشار الصايغ إلى أنه حتى يكون هناك دخول سلس لأي من المشاريع العابرة للحدود لا بد أن تغلف مشروعها بطابع ديني، أو بطابع يحرك المشاعر ضد المشروع الوجودي للمنطقة المتمثل بالعدو العنصري الصهيوني، “وفي رفع شعار أو راية القدس في سبيل إعطاء مشروعية ظاهرية لتدخلها لكن مشروعها بالأصل ليس له علاقة بتلك الشعارات ولا تلك الرايات وهو مشروع يقوم على الاستثمار في العديد من المسائل وعلى رأسها حضورها في الصراع الإقليمي والدولي وحتى المشروع التركي لا يختلف أيضا عن ذلك، فهو يحاول أن يحاكي النوازع الدينية بإعادة مشروع العثمانية، ويعلن أيضاً تمسكه بالقدس في ذات السياق”
وأردف” التدخل الإيراني في سورية، وسورية لها موقع جيو-سياسي هام، زاد وسيزيد الوضع تعقيداً بالتأكيد، ومثلما لها طموحاتها في النفوذ  هناك دول كثيرة تنافسها من أجل هذا النفوذ  إذ أن تداخل الدول الإقليمية والدولية على الأرض السورية بالتأكيد سيضاعف من تعقيدات الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومن هنا نجد اليوم خمسة احتلالات على الأرض السورية تتغير علاقاتها وفقاً لتغير الظروف  فمنها منافسته تقتضي إنهاء الوجود الإيراني ومنها في مرحلة ما يكون هناك توافق وصفقات مصالح بينهما لكن التوافق في ظل الصراع على سورية يبقى مؤقتاً ويتغير مع تغير الظروف والمناخات والمصالح التي تتعدل في السياسات تبعاً لذلك، هذا الصراع الذي يقوم بين الدول النافذة في سورية كل دولة منها تحاول تحجيم الأخرى في سبيل الحصول على ” كعكة ” افضل وأكبر في هذا النفوذ”.
وتطرق إلى أنه من ذلك المنطلق تم التركيز  على أهمية الحل السياسي والانتقال السياسي على أساس القرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 2254 / 2015 كخطوة في تغيير السياسات السورية ومقدمة لإخراج كافة الاحتلالات والميليشيات الخارجية من الأراضي السورية” ولذلك فإن إخراج إيران مرتبط بالصراع على سورية ومرتبط بالمشاريع الكبرى للدول العظمى وفيما أن كان وجودها يصب في خدمة هذه المشاريع في سورية والمنطقة أم أن وجودها يشكل مانعا جزئياً أو كلياً للمخططات المعدة للمنطقة وخاصة من قبل أمريكا ومن ورائها الصهيونية العالمية”.
وأردف”ما يجري اليوم في غزة ولبنان جزء من مخططات قد تمتد لأبعد من غزة ولبنان، المشكلة ليست في الدول ومشاريعها وإنما في ارتباطات انظمتنا وارتهانها وإزعانها للخارج وقبل ذلك غياب وعدم وجود مشروع لنا كأمة ودول”.

ويعتقد المحلل السياسي وائل علوان، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الإيديولوجيا المذهبية والطائفية والإثنية توضع كغطاء لمشاريع سياسية حيث يكون دافع الفاعل السياسي مصالحه فقط حيث يحتاج مشروعه السياسي إلى حوامل  وأدوات أمنية واقتصادية وعسكرية وأدوات ناعمة وخشنة والغطاء يكون عبر الأفكار والأدبيات والسرديات الفكرية أو الفلسفية وحتى التاريخية، معتبرا أن هناك مشروع كبير عابر للحدود يتمثل في المشروع الإيراني وهو  سياسي بامتياز، لديه حلفاء محليون في الدول التي يعبر عبره اقليميا ودوليا، ارتباطا أو امتدادا من الفراغ وهو العالم العربي .
ولفت إلى أن الحلفاء الإقليميين يعملون بجو الفوضى لاعتبارهم أجسام ما دون الدولة” وهؤلاء يعملون فقط في الفوضى وتستغلهم إيران في مساعيها،  ومشروع تصدير الثورة وهو جزء من المشروع السياسي الإيراني يعتمد على مكونات ما دون الدولة الذين يستطيعون العمل في الصراع، فمثلا تحالف إيران مع حركة حماس وهي سنية ليست شيعية وهي ما دون الدولة، وهو مايريده المشروع الفارسي تحديدا”.
وأفاد بأن المشروع الإيراني يعمل على فكرة الفوضى وهو الأصل الموجود في سوريا، حيث تدعم طهران فكرة استمرار الصراع لتخدم نفسها بالسيطرة  ونشر المخدرات والتمكن أكثر من البلد المنهار والذي تسوده الفوضى.